أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - تعال














المزيد.....

تعال


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 22:03
المحور: حقوق الانسان
    


تعال لي ..تعال وأخذ غفوة في هذه الليلة فوق وسادتي اليمين أو الشمال لن أتعب من حمل رأسك على ذراعي فكل أحمالك سأحملها على ظهري وعلى رأسي وعلى ذراعي ستموت ثم ستحيى من جديد , تعال أنا المُنقذ وأنا المُخلص لك من كل أتعابك ستنال نظراتي وسأجعلك تغيبُ في عيوني وتصحو كما تصحو الشمسُ على كوكبك الترابي.. وسترتاح في عيوني ..تعال يا ولدي تعال يا أبني لن أعاملك معاملة القيان أو العبيد ولن تكون أمك أو أختك أو أبنتك جاريةً من الجواري..أنت ابني وأنا أبوك الذي يبحثُ عنك ..تعال سأعوضك من يوم فقدت أبيك وغاب في غياهب الأرض وسأرحمه برحمتي ..اقترب مني ولا تخف من أمك أو أبيك..أنا لا آكل أولادي ..أنا لا أطردهم من رحمتي ..تعال كل الساعات المتبقية هذا اليوم قد خصصتها لك وحدك..تعال يا ولدي تعال يا ابني وكل الناس أبنائي..تعال يا مسكين إنك لم ترد حوضي من يوم ولدتك أمك ..مسكينٌ أنت يا إنسان لم تعرف أنني أبيك الوحيد وأمي هي أمك ..تعال يا مُتعب ويا خائف ويا مرهق..تعال يا ولد ولا تستمع لأحدٍ غيري..أنت أدخلتني في قلبك وأنا لن أخرج منه حتى تخرج أنت..تعال يا مسكين تعال يا حزين ويا خائفٌ من العتمة والظلام والليل الطويل.

لا تبكي ..لا أطيق صراخ الناس وعويلهم ..لا تبكي انهض من بين الأموات وستراني أمامك أو التفت خلفك لتراني أُصمت وأنصت لصوت السماء في سمتٍ مُطبق على الكون..تعال يا أبني..تعال يا وجعي ويا ألمي..أهلاً بك في الدنيا الجديدة ..قصتك الطويلة مع الفرح قد انتهت حدودها عند حدودي ..تعال أنا الوطن والدنيا الجديدة..

تعال يا أبتي واسقط على جسدي كسقوط الرذاذ وكسقوط المطر واسطع بنورك كسطوع الشمس التي تدفئني ولا تحرقني ..منذ زمنٍ وأنا أتمنى أن أموت وأحيا فأنا أموتُ في كل يوم ولا أحيا ومنذ زمن وأنا أتمنى بأن أزرع نفسي في داخلك كشجرة تفاحٍ لبنانية أو ياسمينة دمشقية ..أنا يا أبتي قادم أنا حاضر أنا جاهز ..يا أبتي لاموا على وطني وعلى أرضي وعلى مصدر رزقي ..حكموا بالسيف مدينتي وأمي وشقيقتي ..وضعوا في رأسي صداع الأخت والشقيقة ..رغم كل ذلك لم تتغير عاداتي فما زالت عادتي اليومية تأتيني حين أبحثُ عن في حنايا القلب الدامغ بالأحزان ..تعال واحمل عني النير الذي قسم ظهري إلى ضفة شرقية وضفة أخرى غربية ..سرقوا مني سنيني ..رقتي وحناني ما زالت تكبر في داخلي كأمنا الرءوم وما زلتُ ولدا حساساً جدا وعاطفياً جدا فما زال قلبي كبير أبكي لأتفه الأسباب ولا أحد يرى دموعي لأنها عبارة عن نزفٍ بسيط في داخلي ..ويقشعرُ بدني دون سببٍ حين أشعر بوجودك هنا في إحدى زوايا المنزل المطل على بحيرة طبرية التي سيشربها الدجال أو شربها مع إخوته يأجوج ومأجوج ومعجوج ..تعال أصبح الجرح كبيرا يمتدُ من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر..تعال ..أربعون عاماً وما زلتُ في دفاتر النسيان..أربعين عاماً على مولدي وأنا أجلدُ كل يوم بالتراب وبالطوب وبالحفريات وبالأعمال الشاقة ..شبقوني من خاصرتي ومن المرأة التي لم تظهر على الطريق التي أقفُ عليها كل صباح..كنتُ أذوبُ من بعادك عني وها أنت تناديني ..كنتُ أموت من الشوق ومن الحنين ومن شدة الفراق..كنتُ وما زلتُ أذوب مثل شموع الشباب في بلادي وما زال قلبي مثل قلب العذراء لم تفتحه امرأة ولم تنم به غانية أو مدللة حين تطل بسحنتها السمراء من أرض الخليج إلى أرض النخل الطيب في الناصرة أو أشجار بيت لحم أو رام ألله .
ما زال الحنين يكبرُ في داخلي كل يومٍ حين تُقربني منك أكثر..ومع كل ذلك ما زال عندي بعض الذكريات وكأنها قصة حبٍ فات عليها زمن بعيد..وباقي العقائد كانت العزول ما بيني وبين حضنك الدافئ ..يا أبتي ما زلتُ طفلاً يزور قبر أبيه ويبكي عليه دون أن يشعر أحد بوجوده ..إن أبي تحت التراب وأنا فوق التراب وأنت فوق السماء..قل لي من سيبكي معي في مشاهدي اليومية والدرامية والتي أصبحت قصة أدرامية يتسابقُ عليها المخرجون والمنتجون..قل لي أين المصير.

الزمن بيني وبينك ودرب الحياة طويل ..وكل شيء يشغل بالي ..وكل أفكاري من خيالي وكل شيء يشغل بالي وما زالت مشاهدُ الطفولة في قلبي أو على بالي..وكل كلمة وكل فكرة .

وحين أغمض عيوني أشكو من شدة الألم وحين أعيش كل يوم قصة صبرٍ جديدة أشعرُ أنك خلفي أو أمامي أشاهدك في مشاهد أدرامية يصعبُ تصويرها أو إخراجها أو تمثيلها.
ومع كل ذلك فإن قسوة الحياة لم تعلمنِ قسوتها..وبعد أن اعتقدتُ أن الزمان قهرني بالأحزان أخيراً وجدتك يا أبتي الذي يحبني وستنساني الأحزان والدموع والانفعالات لأنك ستبكي من أجلي وستقهر من أجلي وستُعذب نفسك من أجلي وهذا كله حين أشعر بك تلمسُ شغاف قلبي.
وأصبح حولي كثيراً من الأحباب والعشاق ليس فيهم قريبٌ من قريبٍ أو بعيد كلهم ظهروا بظهورك في حياتي وإن غبت عني سيغيبون وكما قال فرويد: حين يكون الأمر متعلقٌ بالطفولة لابدُ أن يحتاج الطفلُ إلى أبٍ يحميه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناس السكرانه
- السعادة السائلة
- خيانة سحرية
- بيت خالته
- بين أسامة بن المنقذ ودون كيشوت
- بلغوا عني
- حديث الإفك الثاني
- نعمة النسيان
- أنا رجل على البَرَكه
- الازدواجية أو تجزئة الاسلام
- اللمسة الذهبية
- ازدواجية الفكر الاسلامي1
- الاسلام ضدنا جميعاً
- فيلسوف من الشرق
- النزعة المسيحية
- من المسجد إلى الكنيسة
- لم أفكر بذلك
- العنف ضد الآخر
- أعياد ميلاد الزعماء العرب
- أنا على دين المحبة والمساواة


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - تعال