أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميس الكريدي - عندما يصبح التدين مظهرا














المزيد.....

عندما يصبح التدين مظهرا


ميس الكريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 00:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نظرت إلى يده التي لوح بها مرارا أمامي برمز ديني معلق على المعصم, وهو يعطيني بطاقة عليها رقم العيادة خاصته , دخل علينا يتحدث بالتلفون المحمول , ولم أدرك أنه الطبيب إلا بعد أن قرأت البطاقة التي منحني إياها , كنت منشغلة تماما بسؤال يراودني منذ وقت إذا تهالكت الطبقة الوسطى بأطبائها ومحاميها ومعلميها ومثقفيها فمن الذي سينهض بنا..
أن استدعاء الرموز الدينية في أماكن كالمدارس والجامعات,أصبح مشهدا متكررا مع الأسف هذه الأيام , ومن المعروف , ان هذه الظاهرة بدأت تأخذ تموضعا واضحا في النصف الأخير من الثمانينيات واستمرت بالتصاعد تبعا لظروف المناطق وقبولها التدريجي إلى أن أصبحت حاضرة بشكل لافت جدا حيث تم ضخّ خطاب أسلامي متشدد يركّز على حرمان الناس من ممارسة الأشياء العادية الحياتية اليومية.و مع ذلك فإن الأمانة تقتضي أن نعترف أن الموضوع لا يخص التشدد الإسلامي وحده مع انه تم التركيز عليه بفعل عدد من الفتاوي السلفية وتحريم الألعاب وألوان الرياضة والفنون, والانشغال بحروب على البناطيل, فكان ذلك الخطاب المتشدد بذرةً أساسية لتنفير الناس من جماليات الحياة. أصبح الدين شكلاً، وبات من يلتزم بشروط شكلية في لبسه يعتبر صاحب دين دون الانشغال بمتابعة مسار حياته العامة على صعيد المعاملة وإحقاق الحق , والتعاطي مع قيم الحياة كالصدق والأمانة لأنهم افترضوها فيه بسبب التزامه الظاهري. لكن في الطرف المقابل يجب أن نعترف بأن هذه الظاهرة يقابلها تشدد عند باقي المذاهب والأديان تبثها ردود الأفعال غير العلمية والتعبير عن انتماءات عميقة ينكر تعصبها الحوار البناء ولا يقوده.كذلك الايحاءات والرموز, والالتفاف المبني على تلك المشتركات وحدها وأحيانا إنكار ورفض الآخر إذا كان ممكنا
يتحول الدين فينا فجأة إلى رموز شكلية وأيقونات تتعلق بها يوما بعد يوم كافة المذاهب والأديان, والأكثر دهشة أن ينخرط في هذا من يجب أن نعول عليهم في حماية المستقبل وبنائه وارتكازاته الصحيحة,يتحول الإيمان المفترض إلى علامات ومظاهر , حقيقة لا أعرف كيف تصل الأمور بنا لهذا الحد, وماذا تعني تلك التعريفات والهويات الدينية المراد التشهير بها كضرورة, أحتار في سبب تصاعدها ,وهل تنتمي فعلا إلى حرية الاعتقاد , هل هذا هو المطلوب منها ؟ إثبات حقوقنا فيها أم انها أصبحت هي ذاتها مشكلة تقودنا إلى خانة بعيدة جدا عن حالة هذا الحق وإحساسنا به واحترامه من أجلنا ومن أجل كل الشركاء في الوطن والإنسانية, وبعد التفكير توصلت إلى عدة نقاط تدفع لمثل هذه السلوكيات ربما أصيب في بعضها وربما أخطأ في كثير منها وانا أفردها الآن للنقاش , وأخص بهذا السؤال المحير من يمارسون هذه الشكلنة للتدين
1- المد السلفي الكبير كرد فعل على هزيمة المشاريع العلمانية.
2- الرغبة في التقرب من أبناء الدين أو الملة من أجل تعاطف يؤدي إلى مكاسب معينة .
3- من أجل الزواج خاصة في ظل الوضع الاجتماعي والديني الذي يرفض الزواج بين الديانات والمذاهب, أو يقيده بشروط صعبة.
4- شعور بالرفض من قبل الآخر لذلك يبحث الأفراد عن حالة تواصل مع أبناء الملة والدين الواحد.
5- عدم الثقة بالتجمعات التي يفترض أن يجتمع الناس من خلالها سواء مؤسسات أو جمعيات وافتراض النزاهة عند الأكثر تدينا.
6- إحياء التعصب و النعرات الطائفية نتيجة ظروف راهنة سياسية واجتماعية ,وثقافية.
7- شغل الشارع بجزئيات الاختلاف لضمان تخلفه وتراجعه وسهولة القبض عليه كما حصل في العراق مثلا.
8- تراجع الطبقة الوسطى ودورها في المساهمة بنهضة المجتمع , وانشغالها بهموم من نوع آخر نتيجة عوامل متعددة كالفقر والبطالة.
إن حالة الشكلنة أو المظاهر التي يراد بها إبراز حالة تدين بدرجة معينة يمكن ان تناقش من محورين رئيسين اولهما :
أن يكون هذا الشخص متعصبا لحد يجعله يصر بكل ما أوتي من قوة على إثبات هويته الدينية التي يؤمن بها كهوية انتماء لا يعلى عليها, وعندها لن يكون منتجا في المجتمع لأنه رافض وكاره للأخر ويحاول إثبات براءته منه بتلك الشكليات, وأي قبول أو تعاطي مع الآخر سيكون إجباريا هو في قرارة نفسه لا يريده , ولكنه قد لا يجرؤ في ظروف ومناخ معين إعلان رغبته وطموحاته الحقيقية, ولكنه بالتأكيد سيفعلها عندما يكون قادرا ولو على جزء منها, أي أن الصدور تغلي وعلى سطحها برودة خطيرة بهذا الرعب الذي تخفيه.
اما المحور الثاني , فهو أن يكون المتمسكون بتلك المظهرة يحاولون إثبات ما لا يملكون و لإيجاد منفذ لقلوب الناس والتستر على عوالمهم الحقيقية بهذه الستارة التي لا عمق لها في القلب لكنه ضرورية جدا لحجب عين المجتمع واستمالتها.
الواقع قد تقودنا السوداوية إلى دق ناقوس الخطر لهذا الجيشان المتستر بأقنعته المختلفة , ونكون امام رايات تحتشد جموعها لتعيدنا لعصر مضى ,أو تعيد صياغة الماضي بدون أمجاد بل فقط بظلاميات , ولذلك فإن الأعلام التي حملناها منذ الاستقلال وبكل ذاكرة الوطن من انتصارات وانتكاسات وعقبات وأزمات هي ذاكرتنا الجماعية التي تدفعني اليوم لكتابة ما أكتب , لا لكل الرموز عندما تجفل الطير على الأغصان لا لكل الطقوس عندما تدفع باتجاه اصطفافات لا تدفعنا خطوة إلى الأمام في نهضة ما زلنا نأمل بها لبلد هي أمنا وأهلنا ولها وحدها انتماءنا.



#ميس_الكريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نحن علمانيون ..أين اليسار وأين اليمين؟


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميس الكريدي - عندما يصبح التدين مظهرا