أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - الإناركية .. في ميزان العقل والدين!؟















المزيد.....

الإناركية .. في ميزان العقل والدين!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 3034 - 2010 / 6 / 14 - 11:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأناركية أو الفوضوية أو اللاسلطوية هي فكرة طوباوية حالمة مثلها مثل "الشيوعية" و"الليبرالية المتطرفة المطلقة" ومثلها مثل فكرة الدولة الدينية الشمولية الفاضلة والكاملة(!!؟؟) فهي فكرة تعبر عن تطلع وشوق الإنسان للحرية المطلقة وإلى العدالة الكاملة والمساواة التامة بين البشر .. فكل هذه الأفكار "الشاعرية" الحالمة تعكس الرغية في التغيير الجذري للحياة البشرية "التقليدية" القائمة وإقامة حياة بشرية جديدة عادلة وفاضلة حرة وسعيدة فرارا ً من الواقع البشري المر المليئ بالجرائم والنقائص والمظالم والإضطهاد والشرور! .. إلا أن الأحلام والخيالات الطوباوية شئ والواقع البشري بالقوانين "الطبيعية" و"الفطرية" التي تحكمه شئ آخر! .. فتطلعاتنا وأحلامنا وأفكارنا الشاعرية والمثالية والنموذجية الجميلة ليس بوسعها أن تبدل عالم البشر .. البشر كما خلقهم الله بهذه الكيفية "الناقصة" والعجيبة التي تجمع بين المتناقضات المتدافعة ! .. بين الخير والشر وبين العدل والظلم وبين الحرية والعبودية وبين النظام والفوضى وبين الفضيلة والرذيلة! .. فبعض الشيوعيين والفوضويين وأشباههم يعتقدون أنه بمجرد القضاء على الدولة والدين والظلم الإجتماعي سيختفي الشر من على الأرض ويموت الشيطان وتنتهي الجرائم !.. فالإنسان الشرير في إعتقادهم هو نتاج مجتمع شرير وظالم بالضرورة! .. والحقيقة أن الإنسان الشرير والمتسلط كالإنسان الخير والمتسامح سيظل موجودا ً حتى في أطهر المجتمعات الشيوعية والفوضوية المثالية المفترضة ! .. فسيظل التنافس على القوة والمال والمكانة والعلو والقيادة وعلى الجمال والنساء والسيادة قائما ً بين الرجال إلى يوم القيامة! .. وسيظل الصراع بين الخير والشر وبين العدل والظلم وبين التحرر والتسلط وبين الفضيلة والرذيلة إلى يوم الدين! .. فليس بوسعنا أن نغير هذا العالم البشري "التقليدي" القائم تغييرا ً جذريا ً! .. هذا العالم الذي أراده الله تعالى بهذه الكيفية لحكمة وغاية أسمى من فهم وحكم البشر – فهمها من فهمها وجهلها من جهلها! - ولا الله تعالى طلب منا أو كلفنا بتغيير هذا العالم بشكل إنقلابي جذري كامل وبالتالي خلق عالم آخر نموذجي جديد غيره ليحل محله هنا في الدنيا وفوق هذه الأرض!! .. ولكن "الله" طلب منا تحسين وإصلاح هذا العالم البشري "القديم" و"التقليدي" وتجميله بقدر الإمكان من خلال مقاومة الظلم والشر والتسط والرذيلة فيه والحد منها بقدر المستطاع وإلى أقل حد ممكن وتغليب عناصر الخير والعدل والتحرر والفضيلة فيه بقدر الأمكان وإلى أكبر قدر ممكن! .. وهذا هو مقتضى خلافة الإنسان لله في إدارة الحياة فوق كوكب الأرض وتنظيمها وتجميلها حتى يرث الله الأرض ومن عليها ويأتي بنفسه للحكم بين عباده بالعدل وإقامة الحياة المثالية المطلقة والكاملة حيث النعيم الأبدي لمن نجحوا في الإختبار الدنيوي والجحيم الأبدي لمن سقطوا في هذا الإختبار الكبير والخطير! .. وهذا جزء من عقيدتنا الإسلامية كمسلمين.
هل لمثل هذه الأفكار والنظريات والمذاهب الطوباية الحالمة أية فائدة!؟
هذه الأفكار الكمالية والأحلام المثالية تظل جميلة وملهبة للمشاعر والخيال مادامت في مقام المثال أما عند إرادة إنزالها للواقع وتطبيقها فإنها تصبح أفكاراً ضارة معطلة لنمو الحياة الفردية والإجتماعية الطبيعية بل وأثبتت التجارب العملية والتاريخية أنها عند الإصرار على تطبيقها حرفيا ً تتحول إلى غطاء خادع يتلحفه القادة الطغاة والأشرار لبسط سيطرتهم على المجتمعات وتنفيذ جرائهم الشريرة ضد الإنسانية تحت هذا الغطاء الخادع !! .. ومع إعتقادي الجازم بعدم واقعية مثل هذه الأفكار والمذاهب البشرية الفلسفية المثالية الحالمة وعدم قدرتها على إصلاح الواقع البشري الفعلي حتى ولو من خلال محاولة فرض نفسها بالقوة الفوقية التعسفية فإن مثل هذه الأفكار الطوباوية المثالية الحالمة لها دواعي كما لها فوائد!.. فأما دواعيها فهو شوق البشر العميق والفطري لحياة آخرى غير هذه الحياة الناقصة والمليئة بالمظالم والمآسي والألام ! .. حياة أخرى جديدة عادلة و كاملة وفاضلة وحرة وسعيدة! .. وأما فوائدها فيكفي أن إثارتها لقضايا الظلم والإستبداد والقهر والإستعباد والتذكير بمعاناة البشر الدائمة تحت مظلة الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية والسياسية القاصرة والظالمة وغير الإنسانية ودعوتها للتخلص من هذه الأوضاع برمتها بشكل جذري ونهائي وإنقلابي وتاريخي يؤدي في المحصلة النهائية ومن خلال الجدل الإجتماعي العام إلى تغيير وتحسين وإصلاح هذه الأوضاع نحو الأحسن وبما يخفف من معاناة البشر ويقلل من المظالم! .. فإنتشار الفكر الشيوعي والإشتراكي في أوروبا مثلا ً بين النخب المثقفة أدى بالنهاية والمحصلة لتحسين ظروف العمال بشكل كبير والحد من شرور الرأسمالية الأنانية الجشعة بل وإيجاد نظم للتكافل والضمان الإجتماعي في أوروبا حسن كثيرا ً من أحوال البشر وقلل من معاناتهم المادية والإنسانية إلى حد كبير! .. فهذه هي الفائدة الكبيرة والعملية والوحيدة لمثل هذه الأفكار المثالية الجذرية وهذه المذاهب الطوباوية الحالمة أي الدفع والرفع في إتجاه التحسين المستمر للوضع القائم أما محاولة تطبيقها بالقوة ومن خلال الإستيلاء على السلطة ومحاولة فرضها بقوة الدولة والقانون فهذا هو الشر العظيم والفساد العميم ! .. فإن مثل هذه المحاولات السلطوية التعسفية لفرض مثل الأفكار المثالية "النموذجية" الجذرية الحالمة بالقوة فضلا ً عن أنها لن تؤدي إلى تحقيق هذه الأحلام الطوباوية بالفعل في وقع البشر فإنها ستؤدي إلى مظالم أشر وأعتى من تلك التي ماقامت هذه المذاهب أصلا ً إلا لمحاربتها !!! .. وهذا ما حصل في كل التجارب الإشتراكية الشمولية الفاشلة التي كان ضررها أكبر من نفعها بكثير في المجتمعات التي ألقاها حظها العاثر أو قدرها المحتوم في قبضة أنصار مثل هذه الأفكار الجذرية الثورية والمذاهب الإجتماعية الطوباوية كما حدث في بلادي ليبيا في ظل "النظام الثوري" الذي أصر على تطبيق ما أسماه بـ(النظام الجماهيري البديع!؟) فكانت عاقبة ذلك التطبيق لتلك الأفكار الطوباوية الفوضى والتخلف وإنتشار المظالم والغوغائية والفساد في كل أنحاء البلاد !.. فضلا ً عن شر الإستبداد الشمولي المطلق!!.
ولكن ومن باب الإنصاف والموضوعية فإن "الأناركية" كفلسفة لاسلطوية تحررية وكمذهب إشتراكي تظل أرحم وأفضل هذه المذاهب "الطوباوية" الحالمة على الإطلاق مادامت متمسكة بالمبدأ الأساسي فيها وهو اللاسلطوية وعلى المدخل اللاسلطوي اللافوقي للتغيير الإجتماعي والسياسي والإقتصادي المنشود حيث يقوم المنهج التطبيقي التغيري لهذا المذهب في بناء المجتمع "الأناركي" الاشتراكي الحر السعيد على مبدأ الإقناع والإقتناع الذاتي وعلى القبول الطوعي للناس بالإنخراط الذاتي الفردي في هذا المجتمع النموذجي الإشتراكي أو الشيوعي (اللاسلطوي اللاحكومي اللارأسمالي) فليس هناك ثمة "زعيم/قائد/ ضرورة" يقود حركة حزبية سلطوية ثورية إنقلابية تقوم بتأطير الناس وتنظيمهم – غصبا ً عنهم - عن طريق السلطة وقوة الدولة والقوانين "الثورية" الإلزامية تحت شعار "جر الناس إلى الجنة بالسلاسل!!" ..بل الناس – في الفكرة "الأناركية" - هم من يقومون بالدخول طواعية في هذا المجتمع النموذجي الجديد بإرادتهم التعاقدية الحرة حيث لا دولة ولا سلطة ولا قيادة سياسية ولا حكومة !!!.. ومع قناعتنا أن هذا غير ممكن وغير عملي ومخالف لطبائع البشر وقوانين الواقع البشري وآلية عمل المجتمعات الإنسانية ومع قناعتنا من حتمية تسرب العناصر السلطوية الشيطانية في صورة ملائكة لا سلطوية في مثل هذه الكيانات والحركات والمجتمعات اللاسلطوية إذا تم تطبيقها بالفعل في أي مكان من العالم وبالتالي الإستحواذ عليها وإدارة هذه التجمعات الوليدة وهذه المجتمعات والكيمونات الجديدة بما يحقق أغراض وغايات هؤلاء "السلطويين" المتسربلين بمسوح ملائكة النظام اللاسلطوي"الأناركي"!!! .. إلا أن هذا المذهب المعادي للسلطوية من الأساس والرافض لفرض أفكاره بقوة الدولة والبوليس يظل أهون المخاطر وأفضل مثل هذه المذاهب الفلسفية "الطوباوية" على الإطلاق .. ومع ذلك تظل مثل هذه المذاهب التغييرية الجذرية الثورية الطوباوية والحالمة هي أخطر أنواع الجلابيب الفضفاضة التي يمكن أن يرتديها القادة السلطويون المتعطشون للسلطة والمجد الشخصي بغرض تحقيق أغراضهم الفردية وأحلامهم الشخصية بإسم سلطة الجماهير أو الديموقراطية الشعبية أو الشيوعية أو الإشتراكية أوالعدالة الإجتماعية أو ربما حتى "الأناركية" الفوضوية اللاحكومية! .. من يدري !!؟ .. فلطالما حكم القادة الطغاة المتجبرون جماهير الناس والمجتمعات الإنسانية بطريق الدجل والخداع والتضليل أكثر من حكمها بطريق القوة والإرهاب!؟.
سليم نصر الرقعي
راجع مقالتي (الأناركية..محاولة للفهم!؟) هنا : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=218427








#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأناركية .. محاولة للفهم !؟
- من هو المثقف وماهو دوره ؟ وماهي الثقافة!؟
- زمن العجز العربي وغياب الديموقراطية !؟
- نحو دولة إسلامية -ليبراليه- لا شموليه -توتاليتاريه-!؟
- في السياسة .. أرباب متفرقون خيرٌ من رب واحد قهار!؟
- ماهو سر تضارب الأنباء حول صحة المقرحي!؟
- أكشن!..القذافي والسيناريو القادم لثاني مره!؟
- لمه وليست قمه !!؟؟
- ماهي مفاجآت القذافي في قمة سرت!؟
- العقيد .. وقمة الفشل العربي الأكيد !؟
- المقرحي .. هل هو مريض بالسرطان بالفعل!؟
- المحاصصة الطائفية والقبلية أفضل من الشموليه!؟
- أمريكا تعتذر للناقة الليبية الحلوب !؟
- لو مات -مبارك- غدا ً فجأة ً ماذا سيحصل!؟
- ليبيا هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في العالم !!؟
- الفكر وأثره في السلوك الديكتاتوري !؟
- الفقر عيب وألف ألف عيب !!؟
- التوريث الجاري مطلب إمريكي وقد يتم بمباركة الإسلاميين!؟
- هل يمكن تصور ديموقراطية في مجتمع قبلي أو طائفي !؟
- مصادرة رواية -الزعيم يحلق شعره- قمع وغباء!؟


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - الإناركية .. في ميزان العقل والدين!؟