أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر 5















المزيد.....

الرواية : مَطهر 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:16
المحور: الادب والفن
    


كأني بالقدس صدىً لنفير الآخرة ، المُنبعث من الشام .
مُطمَئِناً ، أسوّغ لأوراق كناشي هذا ، روايَة َ ما شَهِدته بنفسي من تلك الواقعة ، العجيبة ، التي طرأتْ ثمة في الحيّ الإسلاميّ ، وفي اليوم التالي لوصولنا للمدينة المُقدّسة. ولكن عليّ التنويه ، أولاً ، بأنّ رفيقَ الرحلة الآخر ، التاجر المَقدسي ، هوَ من كانَ معي خلل ذلك اليوم ، المَشهود . لأنّ القاروط كانَ قد قرّر قبلاً مُفارقة صُحبتي ، حينما كنا بعدُ في خان المسافرين ذاك ، ببلدة رفح . قرارُه ، المفاجيء ، جدَّ في صبيحة اليوم ذاته ، المُتعيّن فيه على قافلتنا إكمال طريقها إلى دمشق . لم أدر عندئذٍ أيّ أبالسة مُسخّرَة ، أوْحَتْ للبك بفكرة ركوب البحر مُجدداً ، للإنطلاق إلى عكا . إذ ادّعى أنّ ثمّة سفينة في مَرسى رفح ، مُستعدّة للإقلاع في فجر ذلك اليوم ؛ وأنه لن يُفوّتَ الفرصة ، مُتعلّلاً بضرورة لقاء عبدي باشا ، سريعاً ، بغية تسليمه رسالة العزيز ، الشفهيّة ، الداعيَة لرأب الصَدع في العلاقة التي تربط بينَ الولايتيْن . إلا أني تفكّرتُ بالأمر ملياً ، فيما بعد ، لأتيقن من ثمّ بأنّ القاروط كانَ يَستعجلُ إنهاءَ مهمّته ، المُكلّف بها ، وفي ذهنه مهمّة أخرى ، شخصيّة ، لا تقلّ خطورة وإلحاحاً.
ويعلم الله ، أنّ الرجلَ الداهية ربما أرادَ بذلكَ أن يَسبقني إلى الجبل ، لكي يتفرّغ لإستنباط حيلةٍ ما ، تتيحُ له الحصولَ على الجزء المُفتقد من الكناش ؛ والذي كنتُ قد أودَعتهُ أمانة لدى عبد اللطيف أفندي ، حينما همَمتُ بالسفر إلى مصر بحراً . نعم . إنه كانَ خطأ مني ، فادحاً ، أن أبادلَ البك الثقة قليلاً أو كثيراً ، فألمّحُ له في الليلة تلك ، السابقة ، إلى مَعرفتي بلغز مخطط المسجد الأموي . وعلى أغلب ترجيح ، فإنّ الماكر ما كانَ منه سوى تأويل تلميحي إلى ما يُشبه اليقين . فإنه علّق على معلومتي تلك ، مُستفهماً بخبث : " ولكن ، كيفَ عرَفتَ أنتَ بموضوع المُخطط ، ما دامَ ليسَ مَوجوداً أصلاً في نسخة الكناش ؟ ". وكنتُ قد أجبته ، مُتلعثماً بمفرداتي : " ومن يَجهل أصلاً المعرفة بالمخطط ، والكناش أيضاً ، طالما أنّ الشاملي بنفسه ، سبقَ له أن خبّرَ بخفايا هجوم الأورطات على منزله ؟ ".

خلال نهارات وليالي طريق رحلتنا ، الطويل ، أضحَيتُ صديقا لذاك التاجر العجوز ، المَدعو بالصابونجي ؛ نسبَة ً لمهنته ، المُهتمّة بمشتقات الزيتون . وإذاً ، كانَ كلّ منا على صهوَة جواده ، حينما أشارَ رفيقُ الرحلة هذا إلى الأسوار المُهيبة ، المُترائية عن بعد قائلاً لي بفخر : " هوَ ذا بيتُ المَقدِس ". وعلى إيقاع ذلك القول ، الطنان ، مَضينا بلا إبطاء نحوَ تلك الجهة الغربية من المدينة ، المَفتوحة على السهل الواسع ؛ أينَ الأرباض الكثيرة ، المُخضوضرة ، المَشكوكة بشذرات القرى والمزارع والكروم ، المُتألقة . فما أن وصلنا حذاء السور ، حتى طالعنا بابه الغربيّ ، المُنيف ، المُزدوج القوس ؛ وكانَ مَنعوتاً بإسم ملّة المغاربة . بدءاً ، إعتقدتُ أنّ سببَ نعت هذا الباب ، كونه يؤدي لجهة بلاد المغرب الإسلامي ؛ المُمتدّة من مصر إلى مراكش . إلا أنّ مُرافقي ، التاجرُ العجوز ، أوضحَ لي جليّة الأمر : " بل إنّ باب المغاربة ، المُتاخم كما ترى للمسجد الأقصى ، قد حَمَلَ إسمَهُ منذ أيام السلطان صلاح الدين ؛ محرّر القدس الشريف " . ثمّ أضافَ مُبتسماً " وحينما سُئِلَ السلطانُ عن مغزى إسكانه لأولئك الأغراب في هذا المكان ، الشديد الأهميّة ، فإنه أجابَ : " أسكنتُ ثمة من يَثبت في البرّ ويَبطش في البحر ؛ من استأمنه على المسجد العظيم والمدينة المقدّسة "
" أعرني سيفكَ ، يا سيّدي " ، توجّهتُ للتاجر برَجاء وعلى حين غرّة . فما كانَ منه إلا أن لبثَ مَبهوتاً فيّ ، دونما ان يَفهمَ لغزَ طلبي . فعدتُ أقول له بنبرَة جديّة ، وقد أخذني الحَماسُ : " إنّ جدّي الأول ، صلاح الدين ، قد دخلَ مدينتكم فاتحاً إياها بالسيف ". هنا ، تضاحكَ العجوزُ بجذل ، وما عتمَ أن مدّ يده إلى حزامه . فكم كانَ ذهولُ أفراد قافلتنا عظيماً ، حينما صَدَمتهم بمشهدَ هُروعي على ظهر الحصان وبيدي سيفاً مُشهراً ، لكي أقتحمَ مَدخل ذاكَ الباب ، صائحاً بقوّة : " الله أكبر .. ".
ومن النافل هنا التأكيد ، بأني ما كنتُ سأجد الجسارَة في نفسي لِفِعل تلكَ الحركة الحماسيّة ، ( الطائشة ، ولا شكّ ) ، لو كانَ عبد اللطيف أفندي هوَ رفيق رحلتي ، المَقدسيّة . بيْدَ أنها ، على أيّ حال ، لم تكُ هيَ الواقعة ، العجيبة ، التي نوّهتُ بها في مُستهلّ القول . فهذه الواقعة ، كانَ موعدي معها في اليوم التالي ، على الأثر .

فجراً ، اُوقظتُ برفق من لدن مُضيفي ، الصابونجي ، لكي أشاركه فرض الصلاة . وبطبيعة الحال ، فلم يكن ثمة حاجَة لوجود مَصلى في هذه الدار العامِرَة ، المُعتبرَة . إذ أنها مُجاورة للحرم الشريف ، وعلى مَقربة من بابه الأشهر ؛ الذي أعلمَني المُضيف بأمر نسْبَتهِ : " لقد سُمّيَ بباب الطهارة ، لأنّ السلطان صلاح الدين ، الناصر ، أمَرَ بتطهير المكان من صُوَر الإفرنج وصلبانهم " . على ذلك ، رأيتُ أنّ درباً واحداً حَسْب ، ضيّقا ، هوَ ما يَفصل دارُ الصابونجي عن المَسجد الأقصى . هذا الأخير ، كانَ يَتربّعُ مثل ملك على عرشه ؛ بما أنّ عمارته الرائعة ، المُتوَّجَة بقبّة الصخرَة ، الذهبيّة ، كانت مُستلقيَة بوداعة فوق هضبَة سامقة ، يَحفّ بأسوارها كروم الزيتون والتين والعنب .
كانَ فيّ ، ولا غرو ، توقٌ وشوقٌ لإجتلاء مناظر هذا الجامع العظيم ؛ الذي بناهُ أبونا ابراهيم وأسرى إليه نبيّنا محمّد وفتحه الخليفة عمر وحرّره السلطان صلاح الدين . فكأنما مآذنُ الجامع ، الأربع ، ترمزُ لأعلام الإسلام أولئك ، الأربعة. " قد يَجد المرءُ ضالّته في هذا العدد ، المُبارك ، المُقابل لهيكل الكون بأبعادِهِ الأربعة " ، قالَ لي مُضيفي بإلهام . ثمّ أضافَ بُعيدَ هنيهة تأمّل " أو أنه ، ربما ، آية ٌ للأفلاك الأربعة ؛ النار والماء والهواء والتراب . وإنه لمَحض إتفاق ، ولا ريب ، أن تكون المدينة القديمة مُكوّنة من أربعة أحياء "
" إنّ أبوابَ الشام الشريف ، السَبعة ، تقابلُ أيضاً بحَيّزها أفلاكَ السماء ، السَبعة ، وحواسَها المُشاكِلة لها : الشمسُ للنظر ؛ القمرُ للسمع ؛ الزهرة للتلذذ ؛ زحلُ للمُلامَسَة ؛ المُشتري للدَفِع ؛ عطاردُ للشمّ والمرّيخ للحَركة " ، قلتُ بدوري مُلاحِظاً . ولأعترف ، بأني بالمقابل صُدِمتُ لحقيقة ، أنّ الصخرة المُهيمنة عليها القبّة الذهبية ، والتي أسرى منها النبيّ إلى السماء السابعة ؛ هذه الصخرة المُباركة ، لم تكن مُعلّقة في الهواء ، كما كانَ شائعاً على لسان المسلمين ، وإنما كانت مُترسّخة في الأرض الجلمود .
في تلك الآونة ، كنا نتمشى في صحن المسجد القبليّ ، الأكثر اتساعاً والأجلّ عمارة ، في طريقنا إلى صِرْحِهِ . فما أن صرنا داخل المَصلى ، المَفروش بالفصوص والمَسقوف بالجامات المُلوّنة ، حتى إنجذبَ بصري تلقائياً نحوَ المحراب المأثور ، المُتصدّر المكان ، والمُزخرف الإطار بالجَصّ والحَجر والخشب : إنه محرابُ التحرير ، المَنعوت باسم صلاح الدين ؛ طالما أنه هوَ من جَلبَهُ معه من الشام ، تنفيذاً لوصيّة سَلفِهِ ، السلطان الزنكيّ . عندئذٍ ، تذكرتُ ما قرأته في سيرة محرّر القدس ذاك ؛ عندما خاطبَهُ كاتبُهُ من على هذا المنبر نفسه ، مُنشِداً مُفتتح قصيدته المُطنِبَة : " الحمدُ لله ذلّتْ دولة الصُلبِ ، وعُزّ بالكرديّ دينُ المُصطفى العَرَبي " . فما شعرتُ ، إذاك ، إلا والعبرة تترقرقُ في عيني . فحينما تطلّعَ مُرافقي إليّ ، وَجَدتني أردّدُ عفواً جُملة عبد اللطيف أفندي، البليغة : " لقد ولّى زمَنُ القداسة ؛ فاليوم هوَ زمن السياسة ".

غبّ الفطور مُباشرة ً، رافقتُ مُضيفي إلى السوق الكبير ، الكائن في قلب المدينة القديمة ؛ ثمة ، أينَ مَحلّ تجارته . وحينما أقولُ " المدينة القديمة " ، فإني أعني حيّها الإسلاميّ ، تحديداً . أما الأحياء الثلاثة الأخرى ، التي يَسكن في كلّ منها ، على حِدَة ، النصارى واليهودُ والأرمنُ ، فلم يتسنّ لي حظ زيارتها . الحقّ ، فإنّ حيّ المسلمين هذا ، كانَ يَستحقّ التفرّد بالمُعايَنة ؛ ليسَ فقط لأنّ المَسجد الأقصى هوَ نجمُ تبّانِهِ ، الساطِعُ ؛ بل وأيضاً لما كانَ يَحتفي به من أسواق حافلة بالبضائع وحمّامات صقيلة الواجهات ومدارس مثل القصور البديعة . أما المَحلّ التجاريّ ، الذي يترَزقُ منه صاحبُنا الصابونجي ، فكانَ يقعُ بالقرب من الشارع المُستقيم ، المُمتد بين باب العمود شمالاً وبركة السلوان جنوباً ـ والشبيه في طرازه المعماريّ ، الرومانيّ ، بسَمِيّه الدمشقيّ . فحينما جئنا المحلَ ، أدهَشني أنه كانَ مفتوحاً ، عامِراً بعماله وزبائنه ، واسِعاً ومُنظماً كما لو أنه قيساريّة ، حقيقية . في صدر المكان ، كانَ ثمّة حجرة صغيرة ، مُزجّجة الواجهة ، تخدِمُ بصِفتها مقرّ صاحب المَصبَنة هذه . هنا ، عليّ كانَ أن أمكثَ طيلة وقت زيارتي وحتى موعد صلاة الظهر ، وكانَ مُضيفي يطلّ عليّ بين فينة وأخرى مُقترحاً عليّ قدَحاً من شراب الماوَرْد أو كأساً من العِرْقسوس .
بُعيدَ خروجنا من المَصلى ، عبرَ باب السلسلة المُفضي للسوق ، عرّجَ بي صاحبي العجوز على ساحة الحيّ ، الكبرى : " إني مُعتادٌ على تناول غدائي هناك ؛ في مطعم مَشهور بنظافته وأكله المُنوّع ، المُستساغ " ، قالَ لي فيما نحن نشرفُ على المكان . وإذا بأصوات هادِرَة ، تصدى من تلك الناحية ، المَعلومة ، فتجعل بعض الناس حولنا يُهرعون مُهرولين لمُعاينة ما يَجري ثمة . فحينما وصلنا إلى قلب الساحة ، كانَ على ألسنة الخلق ، المُتجمهرين ، حديثٌ أحَدِيّ الجانبِ حسب : " إنهمُ الرجالُ الأعاجمُ ، مرّة أخرى ". من بين فرجات المناكب والرؤوس ، المُتزاحمَة ، أبصرتُ ثلاثة أشخاص ، غريبي الهيئة ، وكانوا آنئذٍ يَصرخون بمفرداتٍ لا تقلّ غرابَة ، مُتداخلة بلغات فارسية وعثمانية وعربية : لقد فهِمتُ أنها كذلك ، ولا غرو ؛ لأني كنتُ اُجيدُ تلك اللغات ، المَشرقيّة.

" وسَيَخرجُ نحوَ باب القمامَة "
هذه الجملة العربية ، التي راحَ يَرطنُ بها أولئكَ الرجالُ ، الأعاجمُ ، أخطأتُ في تأويلها وقتئذٍ . إذ اعتقدتُ أنها إشارة ، تشنعُ على كنيسة القيامَة ؛ والتي كانَ المؤرخون المسلمون يَدعونها " كنيسة القمامَة " . بيْدَ أنه كانَ عليّ ، فيما بعد ، أن أذكرَ لعبد اللطيف أفندي العبارة نفسها ، فيُعلمني بدوره بخطل اعتقادي : " بل هيَ آية من سِفر نحميا التوراتي ، معروفة ، تحمل الرقم 13 " . ولمّا قالَ لي ذلك ، تفكّرتُ بمغزى هذا الرقم ، المَعرَّف أيضاً بطيرَتِهِ ؛ ببرج القلعة ، السرّي ، الذي يُخفي كنز الكنج .
وعلى كلّ حال ، فإنّ تلك الواقعة ، المَشهودَة ، اُجيزَ لها حظ الكمال ، حينما أعقبَ أحدُ أولئك الأغراب ـ الذين يُمكن تشبيههم بالبراهمَة سِحنة ًومَلبَساً ـ قائلاً بصوته الجَهير ، المُنذر : " إنّ العقلَ هوَ الكلّ ، والكلُ مَشهَدُهُ . وإنّ البابَ هوَ وزيرُ العقل ، الأوّل : الشامُ بشارتهُ ؛ وشيرازُ ولادَتهُ ؛ والقدسُ قيامَتهُ ". فحينما طرَقتْ حصاة ذلكَ القول رأسي ، فإنه صارَ يَدورُ ويَدورُ ـ كما في تلك المَرات ؛ التي كانَ فيها يُحاول تقصّي خبَرَ القاتل : " آه ، إنهمُ ولا ريب أولئكَ الأعاجم أنفسهم ، الذين سبقَ لهم أن التقوا القاروط ، هناك في دمشق . إنهمُ من إدعوا آنذاكَ أمامه ، بأنهم حواريّو الباب ؛ وأنّ دليلهم إلى البشارة ، المَنشودة ، كانَ نجمُ العذراء ، المُذنّب ؛ نجمُ ياسمينة ، المسكينة " ، هكذا هَمَستُ في داخلي .
لقد ظلّ نداءُ البشارة ذاك ، المَوسومُ ، يُصفر في أذنيّ طوال طريق عودتي إلى دار مُضيفي ؛ بل وأبعدَ من ذلك ، حتى إيابي في طريقي للشام ، الذي جدَّ في اليوم التالي على الأثر : ويُقال في هذا الشأن ، أنّ الشيطانَ يُطلق صفيراً ، في كلّ مرّةٍ يُعلن فيها عن حُضورهِ .

الآنَ ، وأنا أكتبُ هذه الكلمات في كناشي ، المَنذور للعَدَم ، ما يفتأ صفيرُ الخبر الداهم ، الطازج ، يطنّ في سَمَعي : " إعدام الباب في فارس ". نعم . لقد كانَ مُحقا ، إذاً ، نذيرُ قدومِهِ : ففي مُستهلّ العقد الثاني من هذا القرن ، ولدَ المَدعو بالباب ( واسمه الحقيقي ، علي ) ، في شيراز ببلاد العجم . إنّ سيرَته ، مثلما سبقَ أن عقدنا النقاش حولها ، أنا والأفندي ، لتبرهنَ عن السهولة التي يتحوّل فيها مُريدٌ صوفيّ إلى قطبٍ دَهريّ . فإذ كانَ الباب قد تتلمذ فتىً عليّ على يَدِ الإمام الرشتي ، صاحب السجادة الشيخية ، فإنه سرعانَ ما اشتط في آرائه ؛ فادّعى أولاً أنه المُبشر بظهور المهدي ، المُنتظر ؛ مُستعيناً بإعتقادٍ اسماعيليّ ، عتيق ، يُحتم ان يكونَ للغائب بابٌ أو أساسٌ . ثمّ ما لبثَ الرجل أن دعا أصحابه للمروق علناً عن الدين الاسلامي ، بزعم أنه سيُطهّرهم بنفسه من الآثام ولا حاجة بهم لصلاة أو صيام أو زكاة أو حج . وإلى الأخير ، كانَ على الباب وصَحَبه أن يُنكروا الآخرة أيضاً ـ والعياذ بالله . فصَدَق فيهم مَثلُ الآية ، الكريمة : " وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموتُ ونحيا وما يهلكنا إلا الدهرُ ".
ولكن ، لا أحد يَدري بما هوَ مكتوبٌ في اللوح الإلهيّ ، المحفوط : إنّ تلك الإشارات ، حتى لو صدَقَ بعضها ، أو كلها ؛ فإنها لدليلٌ على قدرة الخالق ، وحكمته في آن ، في تقريب الأضداد بعضها ببعض ، عن طريق بث العلامات المُختلفة المَقاصِد . وبعد ، فإنّ تلكَ البشارَة إن هيَ إلا علامة على غرورنا ، البشريّ ؛ وبغض الطرف ، عما إذا كانَ البابُ سيدفنُ هناك ، في القدس الشريف ـ كما أكّدَ حواريّوه ، المزعومون ، في ذلك اليوم البعيد من أيام العُمْر ، المُندَثر.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية : مَطهر 4
- الرواية : مَطهر 3
- الرواية : مَطهر 2
- الرواية : مَطهر
- الأولى والآخرة : صراط 7
- الأولى والآخرة : صراط 6
- الأولى والآخرة : صراط 5
- الأولى والآخرة : صراط 4
- الأولى والآخرة : صراط 3
- الأولى والآخرة : صراط 2
- الأولى والآخرة : صراط
- الفصل الثالث : مَنأى 9
- الفصل الثالث : مَنأى 8
- الفصل الثالث : مَنأى 7
- الفصل الثالث : مَنأى 6
- الفصل الثالث : مَنأى 5
- الفصل الثالث : مَنأى 4
- الفصل الثالث : مَنأى 3
- الفصل الثالث : مَنأى 2
- الفصل الثالث : مَنأى


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر 5