أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عذري مازغ - يوميات مغارة الموت: إضراب 1990















المزيد.....

يوميات مغارة الموت: إضراب 1990


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:28
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


بدأت سنة 1990 حامية الوطيس منذ بدايتها، وكان المكتب النقابي السابق الذي كان يشكله العمال من حفظة القرآن قد ترك تشرذما بين صفوف العمال كما كثرت الإنتقادات والإنقسامات بين العمال، دخلت على الخط الكونفدرالية الديموقراطية للشغل التي كان أمينها العام آنذاك في السجن بسبب تصريح أدلى به لإحدى الجرائد الإسبانية حول نظام الحكم بالمغرب، كانت الكونفدرالية تلوح من حين لآخر بالإضراب العام، وكان صداه مسموعا عند العمال بيد أن الإتحاد المغربي للشغل الذي كان يؤطر عمال المنجم، وعلى الرغم من هزيمته في إضراب 89 إلا أنه لازال يحتفظ بتماسكه بفضل التراكمات النضالية التاريخية التي تربطه بالعمال، بل إن الرتوشات التي مسته إثر الهزيمة لم تمس سوى بعض الشباب المتحمسين للإضراب العام متسلحين بالنقد الجديد للتجربة النقابية بالمنجم باعتبار نضالات العمال فيه اكتست ما تسميه الكونفدرالية بالنضالات الخبزية، حيث بدأت دخولها بانتقادات لاذعة لمكتب نقابة الإتحاد المغربي للشغل من منطلق تسفيه الإضرابات الطويلة الغير محدودة والتي كانت بحق تنهك العمال اقتصاديا أكثر من المكاسب التي يحصدونها، كانت استراتيجية الرفاق في الكونفدرالية هي استغلال حالة الوهن التي يعرفها مكتب الإتحاد المغربي للشغل ودس عناصر منهم من العمال الذين لم يعلنوا بعد انتماءهم للكونفدرالية قصد الهيمنة على مكتب الإتحاد ومن ثمة التنسيق معهم لخوض معارك سياسية لاخبزية، من جهة أخرى كانت عناصر جماعة العدل والإحسان تنسق في الخفاء بين المكتبين، ففي تيغزى حيث توجد الإدارة المركزية للمنجم تعلن بعض عناصرها هناك أنها تنتمي فعليا للكونفدرالية، بينما في المناجم فهي تنتمي إلى الإتحاد لاستحالة تواجدها متميزة في إطار معين، وفي مجلس الأسرة الذي يعقدونه كل جمعة عند أحدهم في المنزل يتم التخطيط لكل شيء، وبالفعل كان لهم الطريق إلى مبتغاهم، وبالتالي تمكنوا من السيطرة على مكتب الإتحاد المغربي للشغل، وارتاح العمال للكاتب العام الجديد الذي كانت تتوفر فيه شروط النزاهة حيث سيدخل فاتح ماي، عيد الشغل، ويلقي وزير التشغيل خطابه التقليدي معلنا زيادة في الأجور بنسبة 10 في المئة في القطاع الخاص والشبه عمومي، زيادة لذوي الحد الأدنى للأجور وهو ما اعتبرته إدارة الشركة بأن العمال غير معنيين بتلك الزيادة من منطلق أن مدخولهم السنوي يفوق الحد الأدنى للأجور، وهو ما لم يكن صحيحا إذا اعتبرنا الأجر الصافي للعامل والذي لا يتجاوز 6 دراهم للساعة، لكن الشركة عمدت إلى احتساب الأجور التي تدخل في إطار التعويضات الإجتماعية، والحقيقة أنها كانت تحتاج إلى توقف العمل لأن أسعار المواد المستخرجة كانت تعرف نزولا حادا في الأسواق، خصوصا مادة الرصاص، وكان من أثار تسييس العمل النقابي أن العمال بدأوا الآن يستوعبون لغة الأرقام التي كانت سبيلا مقتعا لتبني استراتيجية نضالية مختلفة عن سياسة الإضرابات المارطونية، اثرها دخل العمال في إضرابات متقطعة، بدا أيضا التنسيق بين النقابتين متعثرا من البداية من حيث رفضهما بيان مشترك، وكان الإتفاق أن تعلن كل نقابة على حدة ببيانها، لكن أن تحتفظ بالجو العام للتنسيق، وبعد مرور وقت من الخوض في تلك الإضرابات المتقطعة، بدا الوضع مستفزا للشركة بالشكل الذي دفعها هي بمبادلة الإستفزاز بمثله برفضها الحوار واعتمادها أسلوب تشغيل الفوج الجديد من العمال غير الرسميين، كانت إحدى النقابات الصفراء التي أتت بها الشركة تحاول تأطير هؤلاء العمال تحت إغراء ترسيمهم في الشغل، وأثناء الإضراب كانت تدفعهم للشغل، وهو ما سيدفع مكتب الإتحاد المغربي للشغل بالمبادرة بمنع هؤلاء العمال من الشغل، كانت حجة المكتب في ذلك أن هؤلاء العمال، مضى على وقتهم في العمل مدة فاقت النصاب القانوني لترسيهم وهم والحالة هذه يخضعون إلى قانون البروتوكول العام الذي يلغي العقدة الفردية (كانت الشركة قد وظفت هؤلاء تحت بند العقدة الفردية كما أشرت سابقا) وبالإستناد أيضا إلى قانون المناجم الذي ينص على أن أي عامل مضى أكثر من ثلاثة أشهر في العمل داخل المناجم المركزية يحصل على الترسيم وبذلك فإن هؤلاء العمال هم مرسمون بقوة القانون، وهكذا سينضاف إلى الملف المطلبي نقطة ترسيم أكثر من 200 عامل جديد. كان رد فعل الشركة هو طرد المكتب النقابي الإتحادي كما كان رد فعل العمال هو إغلاق المنجم ببناء خيمة قرب المصعد ومنع الإقتراب منه حتى على فرق الصيانة والدخول في إضراب غير محدود تسبب في خصائر فادحة قدرت حينها ب 66 مليون سنتيم خلال شهرين ونصف من الإضراب بسبب ارتفاع منسوب المياه في الأنفاق (تم إغراق نفق 12 و11 عن آخره بسبب تعطل مضخات الماء) . انفردت إذن نقابة الإتحاد المغربي للشغل وتعثر التنسيق مع الكونفدرالية، التي كانت منذ البداية ضد هذا الشكل النضالي كما ضل إثره الفعل النقابي على الفعل السياسي في ذلك الإضراب حيث اكتفى رفاق الكونفدرالية بحساب الخسائر التي سيتغمدها العمال بسبب الإضراب كما ربحت نقابة الإتحاد المغربي للشغل إلتفافا كليا للعمال حولها. بعد ذلك بقليل، أعلنت الكونفدرالية الديموقراطية للشغل إضرابا وطنيا عاما، وبادرت الحكومة المغربية بفتح ما سمته الحوار الإجتماعي تفاديا للإضراب، وبالفعل اجتمعت النقابات مع الحكومة، وسجل غياب الكونفدرالية، وسجل مكتب الإتحاد المغربي للشغل بمناجم جبل عوام أكبر انتصار له في ذلك الوقت، من نتائجه ترسيم جميع العمال المياومين، إقرار الزيادة التي أعلنها وزير الشغل في فاتح ماي ومطالب أخرى، وكتعبير من العمال لنضجهم السياسي عمدوا إلى العمل بشكل رمزي يوم الإضراب الوطني الذي أعلنته الكونفدرالية، رمزيا لأن يومها كان المنجم غارقا بالمياه، وكانت حنكة المكتب المحلي في شخص كاتبه العام وهو من عناصر العدل والإحسان،يومها، أن يعمل العمال كعربون الولاء السياسي للحكومة، كانت السياسة منبوذة عند العمال، وهم غالبا يتكلمون في إضراباتهم على أنهم يطالبون بحقوقهم فقط، يعرفون أن هذا الذي يستخرجونه من الشركة هو مصدر غنى أرباب العمل، كما أنهم يعرفون أن الإضرابات الطويلة تنهك الشركة كما تنهكهم هم أيضا، فالعملية في معطياتها الحسابية ليست سياسية بل صراع اقتصادي، وللتعبير عن ذلك كانوا يلجأون إلى وضع بعض الملصقات في باب المنجم أو في الخيمة التي بها يعتصمون في إضرابهم، بعض صور الملك وصور بعض أفراد أسرته كتعبير منهم على أن إضرابهم ليس سياسيا، وربما كانت العادة في ذلك مرتبطة تاريخيا بنضالات العمال ضد الإستعمار الفرنسي، فالنضال حينها كان سياسيا حيث كان بعض الوطنيون من العمال قد فجروا خزان الأسلحة بمنطقة جبل عوام واختطاف سيارة جيب وما إلى ذلك،لكن استمرار النضالات العمالية في بدايات الإستقلال وحتى منتصف السبعينات كان يتخلله قمع وحشي من طرف السلطات الأمنية، كان ذلك متزامنا مع حملة النظام آنذاك في القضاء على ما تبقى من جيش التحرير وقد مست الإعتقالات الكثير من العمال ، وطبيعي جدا أن العمال في تلك الفترة كان يرتبط نضالهم بنضال حركة التحرر الوطني، بينما الأجيال التالية كانت تنزع إلى تفريغ النضال النقابي من محتواه السياسي ليبدو أنه نضال ضد الشركة وليس ضد الملك، فالفهم العامي للسياسة أو السياسي في الذاكرة الشعبية عند المغاربة، وربما حتى حدود الساعة، تعني الوقوف ضد النظام، لذلك لا تخلوا الكثير من الإحتجاجات الشعبية أو الإضرابات العمالية من حمل صور لرموز النظام. قلت بأن حنكة الكاتب المحلي لنقابة الإتحاد المغربي للشغل قضت أن يعمل العمال ولو رمزيا في ذلك اليوم، لكن وعلى الرغم من ذلك كانت القلة القليلة من المقربين للكاتب هو من نزلوا للعمل في يوم الإضراب العام، كان أغلب العمال واعون بأن الحكومة آنذاك رضخت للحوار الإجتماعي وحل بعض المشاكل العالقة لكسر الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية ومنها طبعا مشاكل مناجم جبل عوام الذي تمت فيها الإستجابة لمجمل نقط الملف المطلبي: زيادة في الأجور، ترسيم العمال المياومون وتأكيد قانون أن التعاقد الجماعي يلغي التعاقدات الفردية التي تبرمها الشركة مع العمال الجدد، إضافة إلى بعض التعويضات الإجتماعية. وكان المكسب الأهم هو وحدة صف العمال بل إن عناصر «نقابة الشيفان» نقابة الأطر التقنية التابعة للإتحاد العام للشغالين (تابعة لحزب الإستقلال) قد التحقت هي الأخرى بصفوف الإتحاد المغربي للشغل (تحالفت البرجوازية الصغيرة مع العمال) كما حسم الأمر مع بعض النقابات الصفراء التي زرعت لتأطير العمال المناوئين للإضراب (ظهير حق الشغل لمن أراد العمل أثناء الإضراب) حيث التحق ممثليها بصف العمال مع ما صاحب ذلك من أعذار قدموها كتوبة على خيانة الصف العمالي، وكان قبول هؤلاء صعبا من طرف العمال.
يتبع



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات مغارة الموت: تداعيات الأزمة
- يوميات مغارة الموت: تجربة الحلم
- سفر الخروج.. إلى أين ؟-2-
- سفر الخروج .. الخروج إلى أين؟
- حكايا من المهجر -لاموخنيرا-
- أوهام ماوراء المتوسط: -الحريك-
- أمة التستر
- أوهام ما بعد المتوسط 2
- أوهام ما وراء المتوسط
- سبحة الضفادع
- الحكومة المغربية وقضايا الهجرة
- تداعيات الرحيل
- مذكرات عبور: بوابة ابني نصر
- مذكرات عبور
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين 2
- في التناقض: ماهو حرام على انجلز حلال على أنور نجم الدين
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2
- رسالة غرام، وجحيم المدرسة القروية
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 3


المزيد.....




- النسخة الألكترونية من العدد 1793 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- “حالًا استعلم” .. رابط الاستعلام عن وضعية منحة البطالة في ال ...
- مكافأة مع مع القبض لبعض الموظفين .. بشرى سارة.. مواعيد صرف م ...
- “زيادة فورية 20.000 دينار“ موعد صرف رواتب المتقاعدين 2024 با ...
- تبليسي.. طلاب الجامعات يتظاهرون ضد قانون العملاء الأجانب في ...
- غوغل تسرح 28 موظفا بعد اعتصامات احتجاجا على عقد مع إسرائيل
- “الوكالة الوطنية للتشغيل minha.anem.dz“ كيفية الاستعلام عن و ...
- نقابة الصحفيين بتونس تطعن في حكم بسجن الصحفي محمد بوغلاب
- HERE.. رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر 2024 بالاسم وكلمة ...
- خبر حزين لبعض الموظفين.. مش هتقبض الـ6 آلاف جنيه لو أنت منهم ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عذري مازغ - يوميات مغارة الموت: إضراب 1990