أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير زعبيه - ايران الثورة .. كنت هناك : ( 2 ) ذلك الثوري صاحب قاموس الممكن














المزيد.....

ايران الثورة .. كنت هناك : ( 2 ) ذلك الثوري صاحب قاموس الممكن


بشير زعبيه

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 13:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كأنما كان يدرك أن موتا ما أو قتلا ما سيان سيكون بانتظاره عند هذا المنعطف أو على ذاك الرصيف بمحاذاة الحائط ولن تشفع له التفاتاته الحذرة وتغيير اتجاه مساره المفاجئ كلما اتجه قاصدا مكانا ما , كأنما كان يدرك باختصار أن ثمة موتا يلاحقه وها قد تمكن منه في مشهد قتل جماعي توارت ذكراه بين ركام وتفاصيل ما حفلت به الأعوام الأولى لانتصار الثورة الشعبية في إيران من اغتيال واغتيال مضاد .
هو (حجة الإسلام ) محمد منتظري كما كان ينادى , أو ( أبو أحمد ) كما كان يخاطبه القريبون منه , نجل رجل الدين المعروف وأحد من عرفوا بقادة الثورة الإيرانية آية الله حسين منتظري الذي توفى قبل أسابيع .
كان محمد منتظري من أبرز الشخصيات التي تعرفت عليها من بين من عرفوا بقربهم من قيادة الثورة وحركتها في ذلك الوقت, ثوري كما كان يلخص نفسه , لا بد لكل من عرفه والتقاه أن يلحظ تواضعه وأداءه النشط , وإيقاعه السريع وحرصه الملفت على إنجاز ما يتخذ في شأنه من قرار , مغامر ؟ ربما ، أليس هو الذي توجه إلى جنوب لبنان على رأس مجموعة من (الثوريين) لـيحارب الإسرائيليين ؟! ليطلق عليه بعض الذين لم يفهموا شخصيته لقب ( آية الله رينغو) تشبيها براعي البقر (الكاوبوي) , وقد روى مرة كيف غامر بحياته خلال فترة العمل الثوري ضد نظام الشاه , حدثني عن ذلك وهو يطمئنني حين أخبرته بأنني أعاني من مشكل إداري أو قانوني يتعلق بمدة إقامتي بإيران مقترحا عليّ معالجة الموضوع بطريقته الخاصة وعندما رفضت ذلك ذكّرني بمغامراته تلك فقلت له : يا أخي أنت كنت تعد لثورة آنذاك , أما أنا فأريد الآن العودة إلى بلادي ولن يتطلب الأمر لا ثورة ولا انقلابا , فقط معالجة إدارية , ختم أو توقيع مسئول ليس أكثر ! كل شيء ممكن إذا أراده , وما قد يراه الآخرون صعبا يندرج لديه في قاموس المتاح , سمعته مرة يقول (( سنصدر غدا جريدة..)) قلت : كيف يمكن أن تصدر جريدة في أربع وعشرين ساعة , ألا يحتاج الأمر إدارة وطاقما مهنيا وترتيبات طباعة و.. و.. ؟ ردّ بلهجة فيها شيء من السخرية والإشفاق : " أنا (ثوري) ولست ( بقروتي) وغدا ستقرأ الجريدة " ثم أخذ الهاتف وأجرى سلسلة من المكالمات , وترجم لي ما فهمت انه رتب الأمر , وأن (الثوريين) سيتولون أمر المطبعة وأن هؤلاء الشباب الذين كانوا يرافقونه سينجزون المادة الصحفية , وبإشارة منه باشر الجميع في لحظة العمل , التقط أحدهم جهاز الهاتف وربط سماعته بجهاز تسجيل ثم شرع في إجراء عديد المكالمات والأحاديث المطولة ليتناوب على تفريغها وإعدادها صحفيا عدد من الشباب الآخرين فيما انكب اثنان غيرهما على تخطيط ورسم بعض الصفحات ، تركت الجميع يعمل ولم أر الرجل ليومين تقريبا وحين التقيته بعدها وجدت بجانبه رزمة من الجرائد ولم أكن بحاجة وأنا أقرأ عنوان إحداها ليخبرني أنه قد أصدر العدد الأول من جريدته , لكنه ردد عبارته تلك وهو ينظر لي مبتسما (( قلت لك أنا ثوري ولست بقروتيا !) , لذلك سنجد في سيرته الذاتية أنه أسس خلال العام الذي عاشه بعد الثور مطبوعة اسمها ( الشهيد) .. كان محمد منتظري وهو يعمل يعطيك إحساسا بأنه يمارس الثورة أوكأنه شخصيا مسئولا على استمرار هذه الثورة بعنفوانها الذي سبق سقوط الشاه بأيام , كيف لا وهو الذي دفع ثمن ثوريته سنوات من عمره سجنا وعذابا ونفيا إبَّان حكم الشاه وحين انتصرت الثورة كان من أوائل المؤسسين للحرس الثوري مكلفا نفسه حارسا لهذه الثورة , لكنه مع ذلك ومع ما قد يبدو للآخرين في تصرفاته من حماس واندفاع كان حذرا جدا حتى ليبدو لك وأنت ترافقه مبالغا في هذا الحذر , إذ كان باختصار يشعرك أينما حل ّبأنه سيكون بعد قليل هدفا لبندقية مصوبة أو قنبلة مهيأة في مناخ صار فيه (الاغتيال) مفردة يومية دارجة على لسان الناس أو خبرا في الصحف والإذاعات , وفي أحيان عديدة لم تعد تعرف مَن يغتال مَن ! في إحدى المناسبات دعاني إلى مرافقته في زيارة سريعة إلى مدينته أصفهان ولم أسأله حينها عن سبب هذه الدعوة إذ وجدت فيها فرصة لزيارة هذه المدينة التي تغزل هو كثيرا في جمالها وقرأنا كثيرا عن بساتينها ومعمارها وسحر الشرق فيها , ولم أفكر ما إذا كانت تلك الزيارة تدخل في برنامج أجندة عمله الثوري , وهناك قصد على الفور شارعا بعينه ثم توقف فجأة ودخل أحد البيوت مقفلا الباب دون أن يدعوني إلى الدخول ما جعلني أقف حائرا ولا خيار أمامي إلا الانتظار , ولم تمض دقائق معدودة حتى خرج من الباب رجل غير مرتب الهندام إذ تبدو البذلة التي يرتديها أكبر من حجمه بشكل فاضح حتى إن كفيه غاصا داخل أيدي سترته ولم يعد يظهر منهما سوى أطراف أصابعه , تجاهل الرجل وجودي وحين أعطاني بظهره التفت إليّ وطلب بحركة من رأسه أن أتبعه لأدرك وأنا أقترب منه أنه متنكرٌ وقد تخلص من عباءة الشيخ وعمامته واستبدل العوينات التي كان يضعها ثم همس لي وهو يلاحظ اندهاشي " أنا الآن الدكتور كمال" ..
في أحد أيام شهر يونيو 1981 كان ( أبو أحمد) أو الدكتور (كمال) أو محمد منتظري على موعد مع ذلك الـ ( أحد ما ) الذي لم يكن هذه المرة رصاصا مصوبا يتوقعه عند أول انعطافة شارع أو رصيف , لكنه كان مشهدا جحيميا وكرنفال دم , في لحظة واحدة دوى صوت الانفجار الرهيب وانهار مبنى الحزب الجمهوري الإسلامي على من فيه ليهلك تحت أنقاضه أكثر من سبعين شخصا بينهم قيادات دينية وأسماء بارزة في الثورة الإيرانية التي لم تقفل آنذاك عامها الثاني بعد , وعرفت أن محمد منتظري كان ضمن الذين هلكوا , وعرفت أنه كان صادقا في حدسه وأن القدر قد غلب الحذر .



#بشير_زعبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايران الثورة.. كنت هناك: (1) حكاية الرجل الثاني
- مليارات القلق
- قصة قصيرة : سيجارة
- الأشجار لا تموت دائما واقفة
- العرب وايران..صناعة العداوة
- الخيبة.. أو (رياضة الكراهية)
- الرهان علي الوقت الضائع
- - صناعة الجوع -
- كان هذا هو الموجز
- كم يلزم من الوقت ليتغيروا ؟!
- أنظر حولك وتفاءل !
- أبعد من اختلاف .. أقرب الى فتنة
- 2700 ليتر من المياه لصناعة قميص واحد !! ..حروب تخفي الحروب
- دائرة
- من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
- الصديق الذي قتلته -النشرة-
- قصة قصيرة :الأجندة
- قصة قصيرة


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير زعبيه - ايران الثورة .. كنت هناك : ( 2 ) ذلك الثوري صاحب قاموس الممكن