أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - دولة تنتجها المفاوضات باختلالاتها لن تكون دولة فلسطينية















المزيد.....

دولة تنتجها المفاوضات باختلالاتها لن تكون دولة فلسطينية


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3032 - 2010 / 6 / 12 - 14:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين جولات المفاوضات غير المباشرة الجارية الآن، لم يتوان العديد من الزعامات الصهيونية عن إعادة التأكيد على أن "القدس ستبقى موحدة" تحت السيادة الإسرائيلية، وأنها خارج تجميد الاستيطان، أي أنها خارج إطار التفاوض؛ مباشرا كان أم غير مباشر، لذلك فإن إجراءات هدم منازل الفلسطينيين بهدف تهويد الأحياء الفلسطينية في شرق المدينة سوف تستمر. وبحسب بنيامين نتانياهو، فإنه لا يمكن تحقيق الازدهار في مدينة مقسّمة، ولا يمكن تقسيم أو تجميد مدينة مزدهرة، وكل هذا استنادا إلى مزاعم توراتية، يُعاد الآن وفي كل حين تكرارها، في استعادة لمزاعم "الدولة اليهودية وعاصمتها الأبدية". هذا في الوقت الذي كان وزير دفاعه إيهود باراك وأمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (12/5) يدعو إلى تقصير أمد المفاوضات غير المباشرة، وهو كغيره من وزراء الائتلاف الحكومي، يدعو إلى الانتقال السريع إلى المفاوضات المباشرة، نظرا إلى أن معظم القضايا وبعد 15 سنة من المفاوضات باتت معروفة.!

وإذ دعا باراك حكومته إلى التقدم بمبادرة سياسية بعيدة المدى، تُحدث تقدما في المسيرة السياسية ، فلكونه يدرك أن التشدّد اليميني المتطرف إزاء التسوية السياسية وقضاياها الست، هو ما يعيق تقدمها بالأساس. لذا هو يقترح "رسم حدود لإسرائيل وفق اعتبارات أمنية وديموغرافية، تكون في أحد جانبيها لمصلحة أغلبية يهودية صلبة على مدى أجيال، وفي الجانب الثاني: دولة فلسطينية تتمتع بحياة سياسية وحزبية"!. وضمن هذا "التقسيم" المشروط باستحداث تسوية سياسية؛ بقاء الكتل الاستيطانية كجزء من دولة إسرائيل اليهودية، وحل مشكلة اللاجئين في إطار الدولة الفلسطينية، على أن يكون توقيع التسوية إيذانا بـ "نهاية الصراع ونهاية المطالب"، كما بات يرى العديد من زعامات الأحزاب الإسرائيلية، بمن فيهم رئيس الكيان شمعون بيريز. على أن يُترك موضوع القدس لإمكانية التوصل لاتفاق بشأنها في التسوية النهائية.

إن مفهوم "التسوية النهائية" الإسرائيلي، يتعدى الاستجابة الفلسطينية للمطالب الإسرائيلية، باتجاه أن يعلن الفلسطينيون نهاية الصراع ونهاية مطالبهم من إسرائيل؛ وهذا بحد ذاته نوع من استسلام غير مشروط لأمر واقع احتلالي وإحلالي، بغض النظر عن مسألة إقامة دولة واحدة أو دولتين غير متكافئتين أو متعادلتين، في القوة وفي السيادة، داخل النطاق التاريخي للأرض الفلسطينية. وحتى في ظل الموافقة الإسرائيلية على "تقسيم أرض إسرائيل الكاملة"، فإن دولة واحدة هي إسرائيل، هي التي ستتولى أمر السيطرة الأمنية والهيمنة السيادية على الأرض؛ كل الأرض. وما الكيان الآخر (الفلسطيني) في واقع الأمر، سوى ديكور دولة تحت الاحتلال، لا كيان دولة من أولى شروط إعلانها أو قيامها على الأرض، إنجاز وإعلان تحررها الوطني بإنهاء الاحتلال، وتعيين حدود سيادية لها؛ حدود متواصلة مع جيرانها من الدول الأخرى، لا مع محيطها الاحتلالي فقط.

وهنا.. لا بد من طرح تساؤل يشترط في الإجابة عنه أن تكون واضحة وقاطعة: ماذا يريد الفلسطينيون من الدولة، إذا ما استمر الاحتلال يتحكم في مداخل ومخارج النطاق السيادي لهذه الدولة، وحتى أنه يشترط التحكم بأعداد العائدين إليها من الخارج، حين يصرح أنه سيسمح لعدد محدود جدا من اللاجئين بالعودة إلى مناطق يعتبرها اللاجئون من المقيمين فيها مناطق لجوء، وليست وطنا نهائيا لهم، حالهم حال اللاجئين في مناطق الشتات الخارجي. وهل دولة كهذه بإمكانها إرضاء نوازع التحرر الوطني وتحقيق أحد المآلات الأساسية للوطنية الفلسطينية كوحدة متكاملة، يُعاد تجسيدها فوق تراب الوطن الفلسطيني؟.

في المقابل، ماذا يريد الإسرائيليون، من الدولة التي يمكنهم الموافقة عليها، وسط ما يعتبرونها "أرض إسرائيل الكاملة"؛ دون تواصل جغرافي مع الأردن من جهة الضفة الغربية، وفي الغد دون تواصل جغرافي مع مصر كذلك، في حال جرى تبادل أراض، وأمكن التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن التسوية النهائية لحل إقليمي، تشارك فيه كل من مصر والأردن، بحسب مشروع غيورا آيلند مستشار الأمن القومي الإسرائيلي سابقا؟.

هذه الأسئلة وغيرها، ربما كانت أو قد تكون هي فحوى المفاوضات المباشرة، وحجر الرحى فيها، لذلك يجري استبعادها، أو على الأقل المماطلة في الوصول إليها؛ سواء عبر المفاوضات غير المباشرة، أو عبر تخريب التفاوض من الأساس، وإفشال المفاوضات كلما اقترب أوانها وأوان استحقاقاتها، وتضييقها وتضييق قضاياها وحصرها بقضايا الأمن أولا وأخيرا. لذلك فإن ما هو مطلوب لم يعد تحقيق شعار "الدولتين"، وفي الواقع العملي هناك دولة واحدة على الأرض التاريخية الفلسطينية، هي الدولة الإسرائيلية التي جسّد قيامها قرار التقسيم ووعد بلفور، ليجري إعلانها في العام 1948.

وعلى هذا الأساس أصبحنا أمام حقيقة ووجوب وضرورة تجسيد الدولة الأخرى (الفلسطينية)، إذا ما أردنا البدء من لحظة التقسيم؛ أما الحديث عن "حل الدولتين" الذي ما برح يترافق مع جهود التسوية السياسية منذ إقرارها فلسطينيا في أعقاب حرب تشرين أول/أكتوبر عام 1973، عبر البرنامج المرحلي الذي أقرته مؤسسات منظمة التحرير في العام 1974، فهو حديث آخر عن "دولة الضفة والقطاع". وحتى هذه الدولة لم تعد تلبي طموح التسوية النهائية في ظل استمرار الاحتلال وتواصل الاستيطان، ومحاولة الإسرائيليين الهروب من استحقاقات "الدولة المتواصلة جغرافيا"، بقطع تواصلها مع الأردن من ناحية الغور، أو الالتفاف عليها من جهة مصر، وهذا تحديدا ما سوف يبقيها مجرد جزيرة، أو جزر معزولة عن كل ما يحيط بها سوى المحيط الإسرائيلي، بتبعيتها له سياسيا واقتصاديا وتجاريا وسياديا، رغم الحديث اليوم عن مقاطعة إنتاج المستوطنات والطلب من العمال الفلسطينيين التوقف عن العمل فيها، دون أن يكون هناك بدائل جدية وحقيقية، وهذا يفترض وجود خطط استراتيجية تقطع مع الاحتلال وترفض كل موبقاته، دون أدنى ربط أو ارتباط معه.

إن رهان التسوية الراهن، عبر أشكال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، وحتى تلك التي تجري بالواسطة مع حركة "حماس" أو مع غيرها من المفاوضين؛ رسميين وغير رسميين، عبر الدول الكبرى، وخاصة دول الرباعية الدولية؛ هذا الرهان الخاسر بالتأكيد، وفي مطلق الأحوال، لا يعتمد مسارا منطقيا وطبيعيا لتسوية تنهي الاحتلال أولا، لما يُفترض أنها أرض الدولة الموعودة، أما أن يجري اعتماد مسار معاكس، كمن يضع العربة أمام الحصان، ليبحث أولا في "تأسيس الدولة" ولو في عشرات الكانتونات المنفصلة، والتي لا ينظمها سوى عقد الاحتلال واستمراره، واستمرار عصيّه الغليظة فوق رؤوس الفلسطينيين، بالإضافة إلى عصي المستوطنين، خاصة لجهة مواصلة استراتيجية "جباية الثمن"؛ كل هذا لا ولن يفضي في ظل الوضع الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي القائم إلى قيام دولة فلسطينية، وإن قام شكل من أشكال الدولة أو الدويلة المقيّدة بشروط مجحفة، ففي ظل ارتهانها لاستراتيجيات الدولة الكولونيالية المهيمنة بتحالفاتها الخارجية، المقنّعة احتلالها وتواصله بالموافقة على "دولة ذات حدود مؤقتة/دائمة" تعمل على تأبيدها انطلاقا من طاولة المفاوضات، بعد أن رأينا كيف يجري تجسيد معالم لها على الأرض.

وما دام جوهر القضية الوطنية الفلسطينية كنتاج طبيعي لوجود مسألة يهودية نشأت بالأساس في أوروبا، هو أوسع مدى ونطاقا من مدى ونطاق احتلال العام 1967 للضفة الغربية وقطاع غزة وما تبقّى من القدس، فإن هذا الجوهر سيبقى يحتّم معالجات أوسع نطاقا، تطال قضية اللاجئين كل اللاجئين، كما تطال قضية أولئك الذين بقوا منزرعين في أرض وطنهم، ربطا بعودتهم هم أنفسهم إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها، كما هجّر أشقاء لهم من اللاجئين داخل الوطن وخارجه؛ هي قضية أكبر من دولة، ونطاقها يفيض على الدولتين، بل هي قضية أرض تاريخية، رغم مرور 62 عاما على اغتصابها، تبقى هي ذاتها الأرض التاريخية التي ينبغي الإبقاء على تمثلها والتعاطي معها كقضية تحرر وطني، وتبلور إرادة أصحابها وتمسكهم بهويتها، كونها الوطن التاريخي للدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية، على اختلاف مكوناتها المواطنية، ومسرحها فلسطين/ كل فلسطين التاريخية. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى مبادرة الاستاذ طلال أبو غزالة الداعية إلى إطلاق حركة فكرية ترمي إلى إعادة المهجرين اليهود المقيمين في فلسطين حاليا إلى أوطانهم الأصلية. وذلك على أساس تطبيق مقاربة "المماثلة"، أي بما أنه مثلما يطالب الفلسطينيون بالعودة إلى وطنهم الأصلي فلسطين، يحق لليهود، بل ينبغي المطالبة بحقهم في العودة إلى أوطانهم الأصلية التي جاءوا منها. وهذا يتطلب نضالا جادا ودؤوبا، وعلى كافة الأصعدة والنطاقات المحلية والعربية والإقليمية والدولية، يواصل نضالات الحركة الوطنية الفلسطينية منذ بدايات القرن الماضي، بكافة أشكال المقاومة، ويتجاوز سلبياتها ويعيد انتظامها وفق برنامج كفاحي واحد، يوحّد قواها على أسس جبهوية، وهذا دونه إعادة توحيد الأداة الكفاحية للشعب الفلسطيني، ومواصلة برامج التربية للأجيال القادمة على قاعدة البرنامج الإستراتيجي للكفاح الوطني الفلسطيني.

إن دولة تُمنح طابعا فلسطينيا وتتسمّى كذلك، ولا يجري في إطارها حل قضية اللاجئين، أي قضية عودتهم إلى أرض وطنهم، وإلى ممتلكاتهم التي هجّرتهم منها العصابات الصهيونية، واعتبرت وفق قوانين الاحتلال "أملاك غائبين"، ولا يجري في إطارها حل قضايا المواطنة لكل مواطني البلاد، لن تكون دولة فلسطينية لشعبها.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعافي الاقتصاد من باب العودة إلى السياسة
- نحو مقاربة تعريفية جديدة للقضية الفلسطينية
- في الطبائع المتلونة للاستبداد الآسيوي
- ابتذالات الانقسام الفلسطيني وأضراره الانحطاطية
- اليونان.. نموذجا وضحية أولى للأزمة
- وطن النكبة.. الأرض التاريخية للشعب الفلسطيني
- الفلسطينيون ومأزق التفاوض على المفاوضات!
- مفاوضات لا تعد إلاّ بالفشل
- مفاوضات التقارب وترياق الوعود العرقوبية
- رقابات تفتيش فسطاطية تتناغم و-حسبات- تكميم الأفواه
- تهويد القدس والتصدي لمشاريع أسرلتها
- المقاومات الحلولية والوطن المغيّب
- قناع الترانسفير الجديد والمهمات المتجددة
- ستارت 2 : آمال التوقيع ومنغّصات المصادقة
- حتى توراتيا لم يكن هناك -قدس يهودية موحدة-
- حذار لعنة تديين الصراع
- ماذا بعد فشل مباحثات -انعدام الثقة- الأميركية - الإسرائيلية؟
- فلسطينية الأرض ومحددات الصراع على هويتها
- عالم يتغيّر وقمم لا تبدّل ولا تغيّر
- بلدوزر الاستيطان الاسرائيلي حين يرسم حدود التفاوض وتعقيداته


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - دولة تنتجها المفاوضات باختلالاتها لن تكون دولة فلسطينية