أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - مقطع من نص / بباب موزع التموين















المزيد.....

مقطع من نص / بباب موزع التموين


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 3032 - 2010 / 6 / 12 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


بباب موزع التموين


ألا ليت ربي يقلب الكون بغتة وينشؤه حالا لأنظر مايجري
فأما يزيد الرزق لي أو يميتني ويمحو اسمي المسطور من دفتر الدهر
عمر الخيام
"الرباعيات"

أحب أن أحيا عراقيا
وأنسى لقمة سقطت من فمي
بباب موزع التموين!

يالطول النهارات!؟
كم بالطوابير أوقفتنا
إلى أن أمستْ خيوطا أرجلنا!؟

ياللمساءات
التي بعدما عددتنا
نسيتنا
وتاهت بين النجوم!؟

وأي طعم للطحين كان
تحت لسان من المرارت!؟

عبر السنوات
والجبال
والغيوم
كم رفعتُ
أيها الطاعم الكاسي إليكَ
قرقعة القدور الفارغة!؟
لكن أخفضتني يداك الطويلتان
يداك المشعرتان المحلقتان في الآفاق

في أي أرض لاتدور كنا وقفنا طويلا ولاندري!؟
أرض السواد أم ....

لاأحب أن أفكر بمايمكن أن يقال
بعد مئة سنة من اليوم :
آه..
لقد تعذب العراقيون قبل مئة عام
أكثر مماينبغي
ذلَّ الشعب بباب موزع التموين
أكثر مما توقعته الأقدار
بينما ثرواته تحت تراب نعاله زعفران!!

يقتل البعير العطش
وسنامه يفيض بالنفط يمنة ويسرة
يفطس الجنود
وتحت خوذهم دنانير بلارصيد !

- إلى متى ياإلهي
يذبل جمال الفتيات في محفظات الجنود!؟
وخصلات من شعورهن
رهن أيدي العرفاء المتيبسة
والإجازات
إذا لوح بها من بعيد
من قلم السرية
في باب النظام
من وراء العارضة الخشبية
من أمام الضابط الجهول !؟

تعرق الأيدي على الزناد
ولاجهات
وهل أتى عدو!؟

كان يأتي الصديق وقلبه مترع بالشموس والرغبات
وأكتافه سلال ملآى بأرزاق سومر

من الأصلاب والأرحام
أيها القادمون من الأصلاب والأرحام
من هناءة الحب في الرافدين
بعد عشرة..مئة..مئتين
لو تعلمون
كم انغلقت على أفواهنا سموات الوطن!؟:
ألرغيف الذي يضع عليه
ضابط المخابرات إمضاءه
يؤكل
الذي لايختم في مديرية الجوازات
يبرد ويتعفن
بينما الذي لايصير طينا
مثل أسف عشتار
فبرمشة عين يمسي رمادا

تحت كل دالية ولود ومعصرة
لابد من أمل أخير
لكي نعبر به أسوار أوروك ذات الحظائر
عبر معنا...
مديح الليالي التي طوتها ماسورة وشرارة
عبرت نجمة الصبح
التي من كثرة مابردتْ في صحوننا
إقشعرت جلودنا من برد السموات

هكذا..هكذا
إنتهينا إلى لقمة
سيدونها المؤرخون
وهم يعلقون في عروات ستراتهم
أجراس المجاعات

هكذا ..هكذا
ألرسامون آلهة الألوان ورسم المصائر
كيف يتفننون
إذا لم يجعلوا نيرانها
تصطفق تحت قلوبنا
بحيث لن يجد الجياع بعدها
مايودعون به سنواتهم
التي جاءت من أجلها آلات الحصاد

- أيها الطاعم الكاسي
إن كان تقوَّسَ مثل اضلاعي عليكَ
أرني جسر الناصرية الذي شيدته شركة انكَليزية
وافتتح في عهد الزعيم
إن كان تقوس مثل أضلاعي عليك
فمرت دروعك ومدافعك..إلى أين!؟
جسر منثورة عليه النجوم نثرا
وتحته غرقى
وبينهما دموع الأمهات
والآباء يصفقون الراح بالراح

- أيها الطاعم الكاسي : أرني
وأنا أحنو على ظلالك المتراقصة بين قدميك
أين صبتْ أنابيب نفطك الخام والمصفى!؟

عباراتك الشعرية المغلفة بسليفون شهقاتنا
ودموع أمهاتنا في المستشفيات
كيف صغتها شموسا لأناشيدك!؟
هباتك إلى المرتزقة..
يااااه..كم فيك من هبات!؟
رشاك إلى دهاقنة سياسة
ملوك
قوادين
رؤساء وزارة
سحرة ماكرين
فنانات
راقصات..إلخ
إنني أرفعك أيها الطاعم الكاسي
أخفضك
أنفد فيك صبرك
أخفقك
أخرج زبدتك
إنني أرثي لحياتنا فيك
رافعا مع الندابات في معابد سومر
صواني شموع لاتطفئها ريح
إنني أركض في شوارعك
مجنونا من شدة الهول فيك
أكسر تماثيلك أبول على جدارياتك
...
لكنني أتفائل مع المتفائلين
أضحك مع الضاحكين
وكلما سألني صديق عن الوقت
عن الزوال..أقول:
أحب أن أحيا عراقيا

وكما يفعل المشاعيون
أينما أمد يدي في البستان الكبير
أقطف رغيفا بالسكر والسمسم
ومن النهرين أشرب كأسا لبنا عسلا

ماذا أريد أكثر من ينبوع أشرب منه
يصلني بآخر
إلى أن يرتوي عطش البساتين في دمي!؟

وحيثما يأتي الموت
أكنْ طليقَ يديه
حتى يأتي الكروب الكبير
بمشفريه يمسكني يمتص رحيقي!

(شقيقنا) العاشر جوعنا
كما تقول هدى ساخرة
خرج في نزهة
سارق الحصص التموينية
عجبتُ كيف رآه سارق الحصص التموينية
ولم يلمحه البعثيون في الزقاق المجاور !؟

كل شيء
أدرجوا في تقاريرهم كل شيء
لكن هل رسموا وجها لجوعنا!؟
من دخل
خرج
أحب امرأة في الطوابير
تزوج
طلق
مات
صحا بين نيران راجمتين صفيقتين
من شتم( الرئيس!!) سليل النبيين
كما يقول المؤذن الكذاب
لكن هل رسموا وجها لجوعنا!؟

ضاحكا
باكيا
ساخطا
هازئا
شاتما كل بعثي على وجه البسيطة
حتى الذين يدعون بأنهم بعثيون يساريون!

أخرج في صباح الضباط المطفأ بنجوم الظهيرة
من دور الأرامل والأيتام بالناصرية
أدخل في الطوابير
أخرج بالنخيل الناقص
خطوة واحدة ويصل
إلى الفاو جريحا
ثم ينهار على الجروف
بالسعف الذي كان يمكن
ان تأخذ منه كل مرضعة
مايجعل الوطن يولد تحت نجمة السعد
بالفواكه والخضار الذابلة
تحت إبط إله من الفخار لفحته شمس الباقلاء
إله كأنه خارج للتو من ترجمة جديدة
عن الآكادية لطه باقر
أخرج وعلى فمي المتيبس تنعقد
صرخة عبد القادر الجيلي في راحة الخلق!

من بين كل ذاك البلاء الشاسع
أرفع الحصة التموينية إلى فوق
إلى سموات بلادي
بأيدي العراقيين المضروبة بفاقة:
3 كيلوغرام رز مستورد
بعد فطام شلب العمارة عن أرضه الأم!
2 كيلو غرام سكر مر علقم
علبة سمن صغيرة
كتب عليها من الجانبين :
سينزلق العراق عما قريب إلى الهاوية!

عصورا غابرة
نسيت بباب موزع التموين
عصورا غابرة
إحترق نخيلك ياعراق
وغلالك شخصتْ على رؤوسها
أما الجريمة فماثلة ومدوخة!

نسخة دمي المحفوظة في مكتبة آشور بانيبال
لاتشبه الآخرى
وأنا أضرب يدي في الطحين
فتطفر آلهة إلى زقورة
هربا من البعوض والهاونات

إذا كنتَ نسيتَ ياعراق
فأنا مازلت أذكر :
كلما رفعت رأسي من الكتب
لمحت زوجة الأسير
ابنة موزع التموين
على شهواتها
تحلُّ شعرها على شهواتها
فتتعثر بأسياخ النافذة
أحلامها
وتطل على أب
لايزن الطوابير بالقسط
فيطيل أمد الحصار
ببيضتين ونصف كيلو عدس
مقطع من نص
2003-2004



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي مستعد للتنازل عن منصبه لتحقيق مصلحة البلاد !
- الصدقات الجديدة لل (PRT) توزع على سكنة (حي التنك) بالناصرية!
- صدقات جديدة لل (PRT) توزع على سكنة (حي التنك) بالناصرية!
- المرجعية الدينية وفشل السياسيين العراقيين!
- الشاعر والكاتب طارق حربي في حوار عن العراق والشعر والمنفى
- أربعة (سيناريوهات) غير مقبولة!
- من وحي العيد الوطني النرويجي!
- من المحاصصة الطائفية إلى المحاصصة الانتخابية الرقمية !
- أزمة تشكيل الحكومة..إلى أين!؟
- مساهمة في ملف (الهوية الوطنية العراقية)
- مؤتمرات الارهاب وتأخر تشكيل الحكومة!
- العراق يمر بمأزق سياسي..ماالعمل!؟
- أيها الوطن
- حجرٌ ملَبَّدٌ بالغيوم
- ذباح العراقيين يقلد أوسمة!
- إتلاف الأطعمة الفاسدة في الناصرية..إلى متى..!؟
- لا لجعفر الصدر كمرشح تسوية بديلا عن المالكي!
- نتائج الانتخابات وتغليب المصلحة الوطنية العليا
- ماهذا الغموض..ماالذي يجري!؟
- تحولات في المشهد السياسي العراقي


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حربي - مقطع من نص / بباب موزع التموين