أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه















المزيد.....

أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3029 - 2010 / 6 / 9 - 16:04
المحور: الادب والفن
    




ككل الاطفال احببتُ الطيور

كنت اراقبها من نافذة غرفتي تتراقص على الاغصان الخضراء مرددة الحان الحرية و الحب

كان الربيع يلف الكون بسحر ازهاره واريجها و كانت كل الاحلام تُزهر احلامي و تتردد الحانا عذبة في الفضاءالرحب

كنت ارى الوجوه باسمة و الرضا يرتسم على كل العيون ..

وكان حلول الليل سريعاً

لف الظلام الكون و أختفت الطيور بعيدا و عم الصمت

مع الليل غزى الثلج الراوابي و سطوح المنازل و سد الابواب التي كانت ذات فجر مفتوحة لمعانقة الشمس الرقيقة

تسلل البرد الى القلوب و سكننا الخوف ، خوفٌ من سيف الشتاء القاسي و من الحلم بالانعتاق من أسر الثلوج

كنت و أمي نعيش في ببيت صغير عند التلة في اطراف المدينة ، كانت امي تخفي بالقبو طائرا صغيرا في قفص ذهبي اللون اهدتنيه قائلةً :
- تعلمي الطيران صغيرتي و ان كان دون ذلك الموت فالكون لم يخلق للمستكينين

حملت طائري بين يدي و غردنا معا. في غفلة من العالم تعلمنا أسرارا محروسة في عقر بيوت الكهان . تعلمنا كيف نكسر الجليد و نبحث عن ماهية الاشياء . كبرنا مع الزمن و أتقنّا كل لغات البشر. صنعت بمعيتهِ اجنحة و وقفت بهيكل آلهة اجدادي . اغمضت عيوني و تمنيت. كانت أمنياتي بسيطه . قال طائري قبل ان يودعني :

- ها أني قد منحتك من روحي أجنحة ستحملك إليه. حياتك واحدة فلا تفقديها في الوقوف ببابه و الرهبة من مقابلته. سأكون معك فثقي بنفسك و بي

دخلت غرفة كبيرة. جدرانها بيضاء. بها أناس كثيرون ينتظرون ، يتسائلون ... يصيحون "إنما نحن الصادقون ، نحن أصحاب النعيم الابدي و انتم أيها الآخرون أهل الجحيم و اللعنة الربانية ". لكن لا أحد منهم يتجرأ على فتح الباب و الدخول.

يناديهم منادٍ من وراء الباب أن هلموا يا عبادي إن كنتم صادقين فيرتعدون و يتقهقرون و لما يسكن الصدى يعودون للتساؤل و الصياح و الشجار من جديد.

كنتُ الطفلة الوحيدة بينهم و كانت غرفتهم تخنقني ، كنتُ ابحث عن أرض الاحلام التي طالما وعدتني جدتي بأخذي إليها. خُيل لي اني سمعت صوتها فدفعتهم و فتحت الباب و دلفت هرعاً أليها. كان المكان جميلاً و كنت أسير على السحاب . كان ابيض ناعم كالحرير . حولي كانت تلمع قناديل ذهبية. و كان الصوت المدوى يتردد في كل مكان أن هلمّي ، كنتُ ابحث عن الطريق . تذكرت قارورةً علّقتها أمي بحزامي . امسكتها و فتحتها و تشممتها.

إنه الماء القدسي الذي باركته بحبها و حنانها

شربته كله و إنتظرت أن يستبين السبيل . ناداني منادٍ بأن رب الارباب سيقابلني . أمسكت أجنحتي بغيرة و خوف من فقدها في حين حملتني اليه فراشات نورانية. وقفت بين يديه وَجِلة. بدا لي في البدء شيخاً وقوراً تُلامس لحيته الارض . يلبس رداءاً من حرير ابيض و يمسك صولجاناً من ذهب. يجلس على كرسي عظيم يحمله ملائكة لا يكفون عن التسبيح باسمه و الدعاء له بدوام النعمة و الملك. قال

- لكل البشر الذين إمتلكوا الجرأة و التحدي امنح بركاتي و أُحقق الأحلام

- اريد ان تكون اجنحتي حقيقية. اريد المعرفة و الحكمة. اريد ان أصير إلاهة

- رويدك يا فتاة. انا امنح كلمات فقط كلمات و عليك انت جعلها تتحقق كما

فعلنا دوما الانسان و أنا منذ وجدنا معا على ذلك الكوكب الازرق

قلت بنفسي إن هذا الرب الذي قاد البشر عبر التاريخ بكل محنه و مآسيه سيسخر مني ، لكني سأحاول الثبات ..

لبست أجنحتي و أوصلتها بجسدي و أمرتها أن تكون حقيقية فكانت. حركتها فرفرفت و أحسست أني لم اعد اقف على قدمي بل أطير مع الفراشات التي تحف برب الارباب. قلت بنفسي "إنني إنسان قادر على صنع كل شيء فقط بإرادتي و إيماني بذاتي فما دور هذا الإلاه ؟". تسائلت هل أن كل هذا الشك الذي زرعته أمي بعقلي له ما يدعمه !!؟؟

حين رأى إغراقي في الافكار سألني عما يشغلني . فقلت له أنه الإلاه و انه يعلم ما تخفيه نفسي ..... ضحك و قال لي

- كيف لي أن أعلم و أنا سجين قصري هنا في هذه السماء السابعة التي صنعتموها و جعلتم دونها جنونا و ملائكة و ابوابا محكمة الاغلاق

إبتسمتُ و قلت :

- نتقاتل نحن البشر لإرضائك . يُكفِّر بعضنا بعضا و تُسفك دمائنا و نُردد أنك الأعلم و الأقدر مِنّا جميعاً رغم أنك تنتحي جانباً متفرجاً كأنكَ عاجزاً عن نُصرة مريديك مُطمناً إيّاهم بصحة وجودك. أَخبِرْني :

- أيكما كان الاول : أنت الرب أم الانسان ؟ أيكما الخالق ؟

- لما كانوا وحيدين و مسكونين بالخوف صنعوا من الطين تمثالاً على شكلهم و من روحهم منحوه الحياة و على اقدامه سكبوا دماءاً ساخنه ثم صنعوا على قمم الجبال العالية و في سموات إفترضوها قصورا أسكنوه فيها.

دَوَّنوا احلامهم صحائف مقدسة و إختلفت النصوص مع إختلاف الأهواء و المطامع و رُفِعَ السيف و دُكَّتْ الرقاب تقديساً لإسمي و تكريما لملكوتي فسقى الدم القاني الزهر الذي احمر خجلا من غباء البشر

- ستنزل معي إليهم و تُخبرهم الحقيقة ثم تتنازل لهم عن العرش . ستقول لهم أن الاجداد خلقوك من العدم و منحوك القوة و كل المجد

- لن يصدقوني . سيقولون اني مُدَّعٍ و سيذبحونني قُرباناً على الهيكل و يواصلون التسبيح لي . لم ينظروا يوماً لوجهي ليروا الوهم الذي رسموه في اعماقهم . ستسيل دماءاً أخرى و تضيع الحقيقة من جديد . لقدد مللتُ يا صغيره و أُريد أن أكون ما أنا عليه حقيقة

ثم وقف ساخطاً .. فإذا به قصير القامة نحيف. تحرك لينزل الدرج فتعثر بطرف جلبابه و سقط . اسرعت الفراشات النورانية لتنجده . فإذا بي في حظرة طفل يبكي بحرقة و قد سقط القناع .

حرَّكْتُ أجنحتي ببطئ لأتأكد من ثباتها ثم قفزت في الفضاء الرحب و حملتني الرياح و حلَّقت

كان الكون رحبا و الدنيا حلوةٌ زاهيه ، تكسَّرت كل الأغلال و رقصَ قلبي لكلمات الرب .

و في البعيد رايت الربيع ينساب كالأحلام يملأ الدنيا أريجا و بين الاغصان الخضراء و الازهار اليانعة بدأت تتراقص طيور صغيرة ناشرة اجنحتها الشفّافةُ القوية بثباتٍ و عزم

حلّقتُ طولاً حتى شعرت بأعياء فتمددتُ على سرير أبيض في غرفة بيضاء .

فتحتُ عيوني لأجدُتني امام طبيب يشتدُ على يدي و يبتسم .

ثَبَّتَ نظارته على انفه الأفطس الكبير ثم قال :

- ها أن العملية قد نجحت و ها أنها قد عادت إلينا. دعوا الصغيره تحلم ، فسجننا محكم الأغلاق ...



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شفير الهاوية [الجزء 3 و الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 3 الاخير ]
- شفير الهاوية [الجزء 2]
- شفير الهاوية [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 6 ] 
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 3]
- ضحايا [ الجزء 5]
- ضحايا [ الجزء 4 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 2 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 3]
- ضحايا [الجزء 2 ]
- ضحايا [الجزء 1 ]
- الذكورة البدائية و السوط المقدس
- عندما تؤمن النساء بأمجاد -ذكورة- مقدسة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - أحلام رهن الأعتقال / الإله يتعثّر بجلبابه