أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟















المزيد.....

ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 922 - 2004 / 8 / 11 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأبى قناة "الجزيرة" إلا أن تحير المراقبين وتفسد حسابات المحللين. فهذه الفضائية التى تحولت إلى الظاهرة الأبرز فى الساحة الإعلامية العربية سرعان ما اكتسبت مكانة عالمية لم يسبق لوسيلة إعلام عربية أن اقتربت من عشر معشارها، حتى أن أكبر القنوات التليفزيونية العالمية دأبت فى الشهور الأخيرة أن تنقل عن "الجزيرة" الكثير من الأخبار والتقارير التى يمثل كل منها سبقا وانفرادا بلغة الصحافة.
وبدلا من أن يكون هذا التفوق المهنى مبعث فخر وثقة للعرب، على الأقل من زاوية ان "الجزيرة" عربية اللسان وأنها نهضت على أكتاف كفاءات إعلامية عربية، فانه كان "لعنة" عليها. حيث ان البعض استسهل تفسير هذا التفوق الكاسح فى بداية الأمر بإعطاء "الفضل" فيه للإسرائيليين، وكأن العرب لا يمكن أن تكون لهم الريادة فى أى شىء! وقال هؤلاء ان أصابع وعقول إسرائيلية هى التى تحرك كل شىء من خلف ستار فى هذه الفضائية. ودعموا تفسيرهم بتواجد مكتب للجزيرة فى إسرائيل وظهور العديد من الشخصيات الإسرائيلية على شاشتها.
لكن هذا التفسير تحدته أمور كثيرة.. منها سخط الحكومات الإسرائيلية على تلك الفضائية، واتخاذها إجراءات تقييدية غير ودية ضد مراسليها ومكاتبها، ومنها أن هذه القناة لعبت دورا لا يمكن إنكاره فى فضح المخططات الإسرائيلية وحرب الإبادة التى تشنها ضد الشعب الفلسطينى وانتفاضته الباسلة.
وبعد تراجع التفسير "الإسرائيلي" راج تفسير يزعم وجود بصمات للرئيس صدام حسين وكوبونات نفطه – قبل الاحتلال الأمريكي للعراق طبعا - وراء هذه الظاهرة الإعلامية المحيرة. بيد أن هذا التفسير سرعان ما تراجع مع إغلاق مكاتب الجزيرة فى بغداد بتعليمات من وزير الإعلام العراقى الشهير السابق محمد سعيد الصحاف الذى اتهم الجزيرة بأنها تقدم خدماتها الإعلامية لصالح الأمريكيين.
وبعد التفسير "الإسرائيلي" والتفسير "الصدامى" ترددت اتهامات تربط بين الجزيرة وبين أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، والأصولية الإسلامية عموما. لكن هذا الاتهام لم يصمد كثيرا أمام حقيقة أن هذه القناة التليفزيونية يوجد مقرها الرئيسى فى قطر التى تربطها علاقة "تحالف استراتيجى" – إذا استخدمنا اكثر الألفاظ أدبا وتهذيبا – بالولايات المتحدة الأمريكية التى قرر رئيسها ان يضع رأسه برأس "بن لادن"، أو أن يضع "اسامة" فى رأسه. كما أن مقر الجزيرة لا تفصله سوى خمسة دقائق بالسيارة عن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة "تستضيفها" قطر. ولا يمكن لعاقل ان يتصور ان يكون بإمكان حكام قطر – فى ظل تلك الملابسات - تحدى الإدارة الأمريكية.
ومن هنا كان التفسير الرابع، والأكثر شيوعا وقوة، هو ان الجزيرة ليست سوى لعبة إعلامية بالغة الذكاء والدهاء فى يد الأمريكيين.
غير أن السلطات الأمريكية تكفلت بتبديد هذه "النظريات" الأخيرة بهجومها المتكرر على الجزيرة، ولم يجئ هذا الهجوم على لسان صغار كبار أو كبار صغار موظفى الإدارة الأمريكية وإنما تردد على لسان أكبر رءوسها .. جورج بوش الابن شخصيا ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد ووزير خارجيته كولن باول. وعندما حاول الرئيس بوش مخاطبة العالم العربى مباشرة بعد فضيحة سجن أبو غريب تعمدت الإدارة الأمريكية حرمان الجزيرة من "شرف" ظهور "بوش الأبن" على شاشتها!
والملفت للنظر أن وتيرة الهجوم الأمريكى على "الجزيرة" قد تسارعت فى الآونة الأخيرة، حتى وصلت الى الإيعاز للحكومة العراقية المؤقتة بإغلاق مكاتبها فى بغداد لمدة شهر قابل للتجديد.
وهذا الإغلاق الذى لم يراع – من حيث الشكل – التقيد حتى بقانون المطبوعات العراقى الذى يحتم صدور حكم قضائى يسوغ هذا الإجراء واكتفى باللجوء الى فرمان إداري – برره وزير الداخلية فلاح النقيب بأن تلك الفضائية تحولت إلى "لسان حال للإرهاب" ودأبت على "تحريف الواقع السياسى العراقى" على حد قوله.
لكن الملفت للنظر أن قرار وزير الداخلية سبقه هجوم على نفس القناة من رموز سياسية فى حكومة الدكتور اياد علاوى منذ أسابيع، لعل من أبرزها انتقادات وزير الخارجية هوشيار زيبارى وتحريضه على اتخاذ موقف ضدها.
كما أن انتقادات زيبارى سبقتها انتقادات أشد وأعنف وردت على لسان "نظيره" الأمريكى كولن باول.
أما الانتقادات، التى تجاوزت حدود الوقاحة، فقد جاءت على لسان وزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد الذى قال بالنص "إن قناة الجزيرة أقنعت شرائح واسعة من الناس بأننا قوات احتلال وهذا كذب.. واننا نقتل الأبرياء فى العراق .. وهذا كذب".
ولو أن هناك قانونا يحاسب على استغفال الناس والاستهانة بذكاء البشر والتعامل الوقح معهم كما لو كانوا حميرا .. لاستحق رامسفيلد أشد العقوبة لتجاسره على التفوه بهذه الترهات الغبية التى ترى ان وصف قواته فى العراق بأنها قوات احتلال وصف كاذب؟ فإذا لم تكن قوات احتلال فماذا عساها أن تكون.. فرق ترفيه عن الشعب العراقى مثلا ؟! وإذا كان قيام قوات الاحتلال الأمريكية بقتل الأبرياء أكذوبة .. فماذا نصف ضرب الكوفة والنجف وكربلاء والفلوجة والقائم والرمادى وغيرها من المدن... نكرر المدن وليس الثكنات العسكرية .. بالطائرات الحربية. وبماذا نصف ممارسات هذه القوات "الصديقة" فى سجن أبو غريب وغيره ؟!
وإذا كشفت "الجزيرة" النقاب عن النذر اليسير من هذه الممارسات الاستعمارية البربرية.. فمن يكون الكاذب؟!
هذا هو مربط الفرس.. وهذا ما ينقلنا من مسألة "قناة الجزيرة" فى حد ذاتها الى مغزى القرار الأمريكى – الذى تم تنفيذه بيد حكومة العلاوى – بإغلاق مكاتب هذه الفضائية التى حيرت الناس وجعلتهم يضربون أخماسا فى أسداس.
بهذا الصدد يربط بعض المحللين بين هذا القرار وبين "رغبتين" ضغطتا بإلحاح على حكومة إياد علاوى لتنفيذه:
الرغبة الأولى "أمريكية" .. وهى رغبة لم تحاول ان تكون خفية أو مغلفة، بل هى رغبة علنية وترددت مرارا وتكرارا على لسان اكبر المسئولين الأمريكيين كما قلنا سابقا.
الرغبة الثانية "خليجية" .. حيث يرى بعض هؤلاء المحللين صلة بين توقيت قرار إغلاق مكاتب الجزيرة فى بغداد وبين توقيت جولة رئيس الحكومة العراقية المؤقتة اياد علاوى فى الدول الخليجية – التى توجد مشاكل متكررة بين بعضها وبين هذه الفضائية والتى مارست ضغوطا شديدة على علاوى لحثه على إغلاق "الجزيرة" فى بغداد، وشفعت هذه الضغوط بالتلويح بتقديم مساعدات مالية فلكية فى إطار ما يسمى بإعادة أعمار العراق.
والى جانب "الرغبتين الساميتين" المشار إليهما يربط محللون آخرون بين ذات القرار وبين اتساع نطاق المواجهات الدامية داخل العراق بين المقاومة العراقية وبين قوات الاحتلال الأمريكية وذيولها العراقية حاليا.
ويرى هؤلاء أوجه تشابه بين ظروف إغلاق مكاتب الجزيرة الآن فى ظل هذه المواجهات الدامية الواسعة وبين ملابسات حصار الفضائيات العربية العاملة فى بغداد عشية دخول قوات الاحتلال الى العاصمة العراقية.
ويحذر المحللون أنفسهم من ان تكون هذه الحملة على "الجزيرة" مقدمة لحملة أوسع ضد الفضائيات العربية عموما، تمهد الطريق لعملية عسكرية واسعة النطاق ضد المقاومة الوطنية العراقية. وهى عملية مرشحة لان تكون أشبه بعملية إبادة وأن تستخدم فيها تكتيكات قذرة وأسلحة محظورة بعد ان فقدت قوات الاحتلال أعصابها تحت وطأة المفاجآت المتتالية التى تعرضت لها فى هذا البلد الذى صور لها صلفها وعملاؤها أنه سيستقبلها بالورود، فإذا به يستقبلها بما تستحق كقوات احتلال استعمارية .
وهذه الحملة الأمريكية الأصل، و"العلاوية" الأسم، ضد قناة الجزيرة، والمرشحة لأن تمتد ضد وسائل الإعلام الاخرى المؤثرة، تسقط هذا الوهم الكبير الذى روجه "المارينز الأمريكيين والعرب" عن ان الغزو الأمريكى للعراق يستهدف "تحرير" الشعب العراقى والدفاع عن الحريات والديموقراطية فى بلاد الرافدين. وصدق البعض هذا الوهم بعد أن صدرت فى بغداد سلسلة من الصحف والمجلات، واستشهد هؤلاء بتلك الظاهرة لبيع هذا الوهم الكبير لكل العرب حيث تغنى الكثيرون بازدهار حرية الصحافة فى العراق فى ظل وجود القوات الأمريكية!
وبالفعل فان قوات الاحتلال، وزعانفها، سمحت بصدور هذه الصحف والمجلات.. لكن طالما كانت ملتزمة بالنص وعدم الترويج للمقاومة.
والدليل على ذلك هو مصادرة الصحف التى خرجت عن الخط، ومنها على سبيل المثال مجلة "الحوزة الناطقة" لتيار مقتدى الصدر.
والدليل أيضا استشهاد ثمانية صحفيين على الأقل منذ الغزو الأمريكى للعراق واعتقال اكثر من أربعين صحفيا وتعرض بعضهم للتعذيب.
وفى ظل سقوط هذه الأوهام التى زعمت أن الاستعمار يمكن أن يجلب الديموقراطية على ظهور دبابات الاحتلال، وبصرف النظر عن تقييمنا لظاهرة قناة "الجزيرة" وحقيقة مضمون سياسيتها الاعلامية.. فان إغلاق مكاتبها فى بغداد يجب أن يحث القوى الديموقراطية فى العالم على اليقظة والتنبه لحقيقة ان تكون هذه الخطوة مقدمة لجريمة كبرى على وشك الوقوع فى العراق ويراد تغييب الكاميرات والعيون والآذان عن رصدها ونقلها للعالم.
كما ان هذه الخطوة تستوجب استنفار كل المنظمات والهيئات العربية والعالمية المعنية بشئون الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية وحشد قواها للتنديد بهذا القرار الأمريكى الأصل، العلاوى الأسم، الذى يمثل اعتداء على حق العالم فى المعرفة، وعدوانا على مهنية قناة "الجزيرة" وغيرها من وسائل الإعلام فى تغطية المشهد العراقى.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزمة يوليو .. مجرد -خريطة طريق- لمنظمة التجارة العالمية
- !بلد المليون شهيد .. ومعتقل
- ثقافة البازار.. أقوي من مدافع آيات الله
- مـجمــوعـة الـ 15 تستـعـد لإحيــاء روح بانــدونــج
- النـكــوص الـديمقــراطي
- مؤتمر طهران يفتح النار على منظمة التجارة العالمية
- حكاية الصحفيين مع وزارة نظيف.. وكل حكومة
- صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين
- لماذا هذا التلذذ بحبس الصحفيين؟!
- الـــوفــــد
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل
- مهرجان »كان« السينمائي أهم من قمة تونس العربية
- يحيا العدل.. الأمريكي !
- اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ما هى الجريمة الكبرى التى تستدعى إطفاء أنوار العراق؟