أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - حَسَدْ















المزيد.....

حَسَدْ


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 14:02
المحور: الادب والفن
    



- مـاءً أُريـد ... ، قَطْـراً .. ، وَلَـوْ ..
من خلف السحابِ يأتيكَ صوتٌ :" أمامكَ ما تَرومْ ،
- حاشايَ ! لنْ أشربَ من نبعِ الغدر وغِدران الجحـود !
"لا بُدَّ للزهرةِ أن تَبلُغَ العُلى ، أو تتفاءَلَ بالندى !
فالغيمُ لا يترجّلْ "
تقولُ الفلاة :" قد أضعتَ الطريق ! ما الذي جاءَ بكَ إلى هنا ؟!"
- حادينا أَوْصَلَنَا ها هنا ..
"لماذا لم تتزَوّد بـ Navisystem أو بوصلة ، على الأقل ؟" تسألُ الفلاة
- قالوا لنا حاديكم هذا ، إتبعوه ! فهـو بوصلتكم !
" عَمَّ تبحثُ ، في براري الحلم ، جِئتَ ؟ "
.......................
.....................
" لماذا صَدّقتَ ؟ " تسألُ الفلاة ،
- جُبِلتُ على الطيبةِ وكُرْهِ الكذب !
مُستغربةً ، تقولُ الفلاةُ :" كائنٌ خرافيٌّ ،
من العصر الحجريِّ ، أَنتَ !!"
- أنا إبنُ أبي ، وليسَ " أَبيه "!!
وملحُ هذي الأرضُ أُمّي ! يا سيدتي !




حينَ يجفُّ الضياءُ ، يَنسَرِبُ في التيهِ .. فَيسقطُ فَحمُ الله ، تنطفيء كلُّ الألوان ، فَتَفغَـرُ الحواسُّ ،
تصرخُ بما لا تَدري من الإيقاعاتِ .. بِـدءاً من ولادة الصمتِ .. حتى رُقادِه .. بأنغامٍ وهواجِسَ ..
لاعلاقةَ لهـا بمهارةِ العازفِ ، بلْ بحالةِ " آلةِ العزفِ وأوتارها ، مشدودةً كانتْ ، أم مُنسَرِحَةً ... "
تَتَحَـزَّمُ بالصمتِ ، تُحاولُ العودةَ إلى ما قبلِ ظهورِ اللغةِ ، وبِـدءِ الزَيفِ ..
ستنسِفُ ألغامَ اللغـةِ ، كـي تتحاشى الفَصاحةَ ، ألاعيبَ التَوريَةِ ، وتَهويماتِ المجـاز .. فالوقتُ ، وقتُ الجدِّ ،
لا مجالَ فيه للهزَلِ والتَفَكُّهِ ... إلاّ مُخاتلةَ الصدفةِ كي تنجـو بجلدكَ ...
كَفاكَ تنتَظرُها (الصدفَة) بصورةٍ منُتَظِمَة !!
ودونماَ قَصدٍ منكَ ، ستَنفَتِحُ ستائرُ النسيان ِ، وسيستقبِلُكَ ( النسيانُ) بممحاته الحنون ، يمسحُ عن قلبكَ كَدَمات الذِكرى ،
ويغفرُ لكَ أَحزانََكَ ... فَتهرَبُ من دهاليزِ الذاكرةِ أَبخِرَةُ الماضي .. قبلَ أن " تحتَرِفَ " الغربةَ و"تستوطنَ " الضياعَ مُتظاهراً أَنكَ سائح ...
يومَ فَتحتَ بابَ الرمادِ فسقطتَ في بئرٍ مـن الحمّى ...
إذا كان الزمن يتكفَّلُ ، حقاً ، بإشفاءِ جروحِ الماضي .. فمنْ أَينَ أَينَعَتْ جِراحاتُنا ، حتى
إكتَسَتْ شفاهُها بالشوك ؟!
::::::::::::::::::::::
.. قُلنا وكَتَبْنا ، على كلِّ درجاتِ السُلّم الموسيقي ونَغَماته ، حتى بَلَتْ عَتباتُـه ( السلم ) فصارت نَغَماتُه نشازاً كورالياً من كثرةِ الترديد ..
ولم يتبدّلْ شيء !!
نحنُ أَرامِلُ الفَرَحِ !
مُدُنٌ نزَفَتنا ذاتَ زمنٍ ، وتقيأتنا ذاتَ ضحىً مُشمِسٍ ... فَتَرَكَتْ فينا خوفاً غامضاً ، ظلَّ ينمو فـي أحشائنا ، له طعمُ الخطيئة ..
جُرحَ الزمانِ غَدَوْنا ... مُتغرّبونَ صِرنا ،
نتكيءُ على أرواحنا بصمتٍ مديـدٍ ،
مُـدنٌ ضَيَّعتْ يَقينَها .. تأريخَها وأساطيرَهـا ، فَغَدَتْ مثل بَغيٍ بلا ذاكرةٍ ، بلا قلبٍ ..
يمتلكها مَنْ يُريـدُ أنْ يسفَحَ فيها ماءَ فحولَتهِ !
فَرُحنا نَنْزِفُ خلفَ أَقنِعتِنا البهيجة ...
بعدَ أنْ رَحلنا كَمَـداً ، إعشوشَبَ الحنينُ ، حتى تَفَضّضَتْ أَوداجُهُ !
وغَدَونا أطفالاً نَقْرَعُ أبوابَ الذكرى ،.. صَيَّرنا رَجعَ صدى صرخةِ أَيـوبَ* .. نصباً من مرمرٍ !
شَبَقُه ، يصولُ بدَمِنا ، فَنَتَعَثّرُ بِظِلٍّ مُفتَرَضٍ ..
::::::::::::::::::::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::

طريدةَ "عيونِ السلطانِ " صِرتَ ... دَلَفتَ إلى خَرِبةٍ ، شاخَ فيها الزمنُ ، تُعمي الموشورَ وتُجَنِّنٌ إبرةَ البَوْصَلة ...
تَمشي على هُدُبِ الهاجسِ ، كـي لا تتعثَّرَ ، فتُزعجَ " صُرمايَةَ " الخَرِبَـة ، سَكينَتَها ..
ظُلمَةٌ مُطبِقةٌ ، تُقيمُ فيها الصراصِرَ عُرساً من صَفيرٍ يستولِدُ الوحشةَ ..
مُثخناً بوطنٍ ، منفيَّاً إليه ..
ستظلُّ تَنـوءُ بِجُثَّـةِ وطنٍ تتدلّـى من عُنُقِكَ .. وستنطوي على نفسِكَ ، كَمَـنْ يحتضنُ جُرحَـهُ ..
ستُسنِدُ ظهركَ للحائط ، فتزوركَ زَخَّـةٌ عابرةٌ من غفوٍ ..
إيّاكَ أنْ تخلعَ حذاءكَ أو جواربكَ ، حتى لا تتزحلقَ في المنام بدمكَ ... !
وفيما تُنصِتُ لآلامٍ تَناسَيتَها في زحمةِ "العيش".. وتُطَرّزُ العتمةَ بدمعاتٍ سِرّية ، يَلسعُكَ جسم باردٌ .. لا تَراه ...
مُتَوَجِّساً ، تَمُـدُّ يدكَ نحوه ، ولا تزالُ تُرهِفُ السمعَ ، للتأكُّدِ منْ أنَّ أَحَـداً ، مِمّن يُطاردونكَ ، لم يهتدِ إلى مَخبئك .
بأصابعكَ سَتَراه أَملَسَ ، صامتاً .. ستَحتَضِنُهُ ، لتَتعرَّفَ على تفصيلاته .. تُقَرِّبُ أُذنَك
منه ، فلا تسمع فحيحاً في صدره ...
إذن ، هو ليس بمدّخنٍ ، تقولُ لنفسِكَ ، ولا تَصدِرُ خَرخشة عن رئتين هَدَّهما النيكوتين والربو ..!
يا له من محظوظ !!
تتسلَّقُ أناملُكَ إلى أعلى ، سترى أنَّ لـه وجهاً أملساً كالقوري ( إبريق الشاي )
.. كمْ هو محظوظٌ !! لأنه لا يحتاجُ لحلاقة ذقنه مرة كلَّ يومينِ ، على الأقَل !ْ
تروحُ تُجري سياحةً في تضاريسِه ..
ها هو بدونِ نظّارةٍ طبية ، تَترُكُ حفرتينِ عندَ مَنبَتِ الأَنف ...
عيناه بِلا رموشٍ ، أو أَجفانٍ تشبهانِ عَدَساتِ التصويرِ..
أُذناهُ عاديتان ، سوى أنَّ الصِوان خالٍ من منفذٍ ... فوراً يقفزُ إلى ذهنكَ الصَمَمُ ، الذي أصابَ بتهوفن ...
لا بُـدَّ أنـه كان سعيداً ، إذْ تخلَّصَ من سماع التُرَّهات وتَفاهاتِ المحيط ..
أُخدودٌ صغيرٌ حولَ الفم ، لنْ يكبر ، ولن تُعَمِّقه تجاعيد السنون ..
تُطَوِّقُـهُ بيمينكَ ، فيعتريكَ شعورٌ بالحَسَدِ إزاءه ، لأنـه لا يُعاقِرُ ثنائيـِّّةَ النسيان
والذكرى .. أو غيرهـا من الثنائيات !!
عندَ الصدرِ ينتهي ...! إذن هو بلا رجلين .. وبالتالي لا يُعاني من ركبتينِ معطوبتين !!
يا لسعادته !!
وقبلَ ذلكَ ، لا بطنَ له ، فلا يشعر بالجوع أو التخمة ، ولا يعرفُ ما هي القُرحـة ،
ولا يفقه معنى أَن يأخذَ تسعَ حبّاتٍ في الصباح وخمساً في الليلِ ، كلَّ يوم ..
ولا يخاف أنْ يَصيرَ لـه كرشٌ قبيحٌ !

والله ! لولا الحياءُ ، لَقُلْتُ ما شَتَّتَ المَلَلا !
.......................
هو لا يحتاج أَنْ يُشغِلَ نفسَهُ بالتأريخ ولا بـ"نهايته" ، التي إنتهتْ !
ولا حاجةَ به لأَنْ يَنْقَلِبَ إلى لقيطٍ فِكريٍّ ، يَنْزَلِـقُ على ظهورِ مَنْ رَفَعوه ، فإنزوى تِذكارهم في ظلامِ الحاضِرِ ..
ولا حاجَـةَ به للخَجَلِ من الشهداء !!
هو ليسَ بحاجةٍ لمُراجَعةِ "دوّامةِ " سارتر ** وغيرها ..

يكتفي بوجوده الساكن ، هكذا !!
:::::::::::::::::::::::::::
يا هذا من أين أتيتَ ؟
عفواً ، لماذا عافَكَ أَهلوكَ ؟! أَتُراهم نَسَوْكَ ؟
أَم كانوا ، مثلنا ، نَجَوا بجلودهم ؟! فبقيتَ ساهراً على أطلالهم ها هنا ؟؟
أنتَ الغريبُ " اللا أَحَـدَ " هنـا .. لـنْ تستطيعَ الهَرَبَ ...
كيفَ تهرَبُ من أشياءَ تسكُنُكَ ..!
كُلَّما حاولتَ الهرَبَ منها ، ستجدُ نفسَكَ وحيداً معها .. ستنفردُ بكَ .. هِيَ ..

أَمّـا أنـا ، سأظلُّ أطوي حقولَ الليلِ ، خارجَ كوكبِ الخوفِ .. أجلسُ ، حيثُ أُريد ..
أتأمَّـلُ قوافِلَ زمانـي ..
............................
فعِمْ مساءً ، ولا تَبْتَئِسْ من حَسَدي لصِفاتِكَ !!
طابَتْ وحشتُكَ ، سميرَ الظُلمَـةِ !!










ـــــــــــــــــــ
* "العهد القديم" ، إصحاح 42
** مسرحيةٌ لسارتر ، تقولُ أنَّ قتلَ "الطاغية" لايعني ، دوماً الخلاصَ من الأوضاع والظروف التي أدّتْ إلى خلقِ الطاغيةِ ..
فالأخيرُ ، هو في نهايةِ المطاف ، نتاجُ شعبٍ مُتَخَلِّفٍ وظروفٍ سياسيةٍ سيئة .. وأَنَّ تصفيته فقط ، لا تعني
إلاَّ إستبداله بآخر . لأنَّ " أيَّاً كان " الذي يحلُّ محلّه ، سيجدُ نفسه مضطراً للتصرُّفِ بالأسلوبِ نفسه...
"لا يُغَيِّرُ الله ما بقومٍ ، حتى يُغَيِّروا ما بأنفسهم "!! أي الظروف والمعطيات ... إلـخ





#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمعةُ أُمي ، دَمعةُ أَبي
- يوغا
- هاجِرْ
- مَنْ نحنُ ؟!
- نُثار (5)
- شبَّاك
- سلاماً أيُها الأَرَقُ
- نُثار ( 4 )
- أَسئلةٌ حَيْرى
- نُثار ( 3 )
- نُثار ( 2 )
- نُثار ( 1 )
- ...ومن العشقِ ما قَتَلْ
- شذراتٌ من دفاترَ ضاعت / عفريتٌ من جنِّ سُليمان !
- من دون عنوان
- ما هو !
- تهويمات
- أهِيَ خطيئتي ؟!
- بغداد
- إنْ شاءَ الله !


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - حَسَدْ