من خمس جدي يفتحون الفضائيات

محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 11:16
المحور: كتابات ساخرة
    

ان عراق اليوم ، عراق عظيم. فليس مثله من بلد تستطيع ان تكون ثريا جدا وانت تعيش في ظلاله حتى انك تنابز بيل غيتس والملك السعودي ورئيس بروناي.ماعليك الا ان تبذل جهدا يسيرا في تنفيذ مشروعك الكبيروهو بالتالي لايتطلب جهدا استثنائيا، انه فقط يتطلب الآتي:
لحية طويلة غير مصبوغة بالحناء.
مسبحة سوداء طويلة .
جبة بنية او سوداء لها فتحة يبان منها السروال الابيض.
عمامة بيضاء مكوية بشكل جيد.
رسم دائرة بنية صغيرة منتصف الجبهة ليعرف الرائي انك كثير الصلاة.
استئجار بيت طيني متواضع البنيان وليكن ذو غرفة واحدة ليس بها بها سوى فرشة ومخدة وثيرة وفي الزاوية منها خزانة بدرجين فارغة الا من بعض الوريقات المتناثرة.
نظارات طبية تستعمل في الاوقات الاستثنائية مع كتاب ضخم له غلاف يذهب الابصار بلونه الذهبي عنوانه العلم عند ربي.
اترون؟ انه ليس بالامر العسير. وما ان تبدأ في التنفيذ حتى يأتيك الرجال من كل حدب وصوب يقدمون اليك خمس جدهم وخمس زوجاتهم وامهاتهم ومن استقرب منهم الى يوم الدين. وربما ستتعب قليلا في موسم الحج اذ سيكون منزلك مزدحما بالمؤمنين الذين يريدون تأدية الفريضة التي لاتقبل الا اذا دفعوا "المقسوم". وسترى انك خلال ثلاث مواسم متتالية للحج تصبح من اثرياء العراق وتبدأ بترشيح نفسك للبرلمان باسم مستعار وربما ستصبح رئيس اقليم العراق اذا احسنت اجادة اللعبة مع جارتك المصون.
ولكنك طموح ياهذا فلا كرسي الرئاسة يغذي طموحك ولا عضوية البرلمان ترضي ما انت باغ له، انك تريد تحقيق خطوة ابعد.. ابعد من ذلك بكثير: فضائية تبث خطبك وتصريحاتك ومدى حبك للمؤمنين وضآلة نفسك امام الاله تبرعك السخي لفرش ارضية الحوزة بسجاد ناصع الحمار- اي احمر قان – وثريات ليس بمثلها في كازينوهات لاس فيجاس.
وتستغل فرصة الظهيرة حيث لامراجعين الى مقرك المتواضع وتطلب من السكرتيرة التي لاتظهر الى العامة ابدا ان تحضر الالة الحاسبة وورقة وقلما وتحسب تكاليف المشروع المزمع تنفيذه ان شاء الله.
لقد بذلت السكرتيرة خلال الاسابيع الماضية جهدا منقطع النظير لجمع المعلومات المتعلقة بتنفيذ المشروع وهاهي جاهزة الان حيث قدمتها لرئيسها وهي تتخيل احد المذيعين يجري معها لقاءا حول شؤون الساعة والاحداث المتتالية في العراق العظيم.
طلب الرئيس منها ان تحسب بدقة وتجمع الارقام بعد ذلك:
5 ملايين دولار امريكي ايجار المحطة من الاقمار الصناعية الامريكية المنتشرة في سماء الكون الواسعة.
500 ألف دولار ايجار الموقع الارضي لبناء المكاتب الرئيسية.
100 الف دولار للطاقة الكهربائية المصروفة.
4 ملايين دولار لشراء الكاميرات ومكبرات الصوت ووسائل الانارة وغيرها من وسائل التقنية الحديثة الخاصة باستديوهات التسجيل الصوتي والمرئي.
تحديد عدد المذيعين والمذيعات والمحررين والمحررات والمخرجين والمخرجات ومهندسي الصوت والمهندسات وعمال التنظيف والعاملات ورجال الحماية والحاميات وتخصيص مليون دولار رواتب تصرف لهم سنويا.
ولا تنسي بند شراء البرامج والافلام ذات الطابع الاكاديمي البحت وخصوصا سير وحياة السلف الصالح واعلام رجال الدين الاوائل ولابأس ببعض الاغاني والرقصات التي يؤديها ناس النوبة في المناسبات الدينية والاعراس غير الرسمية، ولتخصص لها مليون دولار سنويا.
بند للمصروفات العامة وتشمل اقامة الحفلات الفجائية لضيوف فضائيتنا ولاتنسي التعاقد مع فندق راق بشرط الايقدم الا البيرة بدون كحول كما لاتنسي الاتصال باصحاب وكالات السيارات لشراء سياراتنا الحديثة ولتكن شركات كندية او المانية ولا بأس ان تتصلي بالشركات السويدية فهم بذلوا جهدا كبيرا في استقبال مهاجرينا ولابد من شكرهم على ذلك.
يسكت رئيس الفضائية فجأة بعد ان يوقف التسبيح بمسبحته السوداء ويسأل السكرتيرة برقة: كم عندنا في الخزنة الان يامرة.
تضحك السكرتيرة بغنج ظاهر: لدينا الان 7 ملايين دولار فقط.
صاح الرئيس بغضب: لقد كانت 7 ملايين ونصف دولار امس.
نعم هذا صحيح ولكنك وعدتني باعطائي نصف مليون لشراء اساور وقلادات ذهبية وبخور العود ودشاديش نسائية صينية مطرزة بشرائط بحبات اللؤلؤ والمرجان.. و..
متى حدث ذلك؟
البارحة حين سهرنا معا في هذه الغرفة وكنت متألقا كالبدر اذا طلع
آه، لقد نسيت.. المهم علينا تدبير بقية المبلغ.
بسيطة ايها الرئيس انك لاتعدم الوسيلة في ذلك
كيف يامرة؟؟
خبر صغير في كافة الصحف والاذاعات والمحطات الفضائية.
صاح بها : وماذا بعد؟
الخبر يقول: يعتزم سماحة الشيخ الجليل (....) زيارة المسوؤلين في مدينة قم للتباحث معهم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ضحك الرئيس بقوة جعلته يشرق عدة مرات فيما اسرعت السكرتيرة لاحضار جرعة ماء ووقفت خلفه لتضربه ضربة خفيفة .. خفيفة جدا على ظهره وتهمس في اذنه "غدى شرك يارئيسي الشهم.

#محمد_الرديني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات