أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عزيز باكوش - الحمير..حرة في شارع الحسن الثاني -صور حية-














المزيد.....

الحمير..حرة في شارع الحسن الثاني -صور حية-


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 22:50
المحور: كتابات ساخرة
    


يحتل الحمار هذا الكائن الأليف المدوجن، سليل الحصان وآل البغلية مرتبة الشرف بفاس ، ليس لكونه أقدم وسيلة نقل عرفته البشرية على الإطلاق ، بل لان جغرافية فاس وتضاريسها الشاقة المعقدة العتيقة التي تقطع الأنفاس كل صعود ،تحتاج الى الحمير في كل شيء ، فالحاجة الماسة للمواطنين والحرفيين لنقل وتخزين البضائع والمنتوجات الجلدية والمعدنية من المعامل والمشاغل تحت أرضية الى المصانع والمحنيات المظلمة عبر مدارج الطالعات الصغرى وأختها الكبرى بتفريعاتها المتاهية ،في ظل أزمة فضاء ، أمر في جوهره يحتاج الى قوة بلهاء تحمل أضعاف وزنها ، لا ترفض طلبا، وليس في أجندتها تمرد أو عصيان ، وللحمير الفاسية المستقدمة من الاحواز هذه الخاصية على ما يبدو ، لذلك، تصل أحيانا درجة التفضيل عن الكائن البشري ، فإذا أنت تذمرت من ركلة حمار بزنقة تتفرع عن ضريح المولى إدريس في فاس البالي ، فأنت بذلك تكشف عن هويتك البرانية ، وتعلن عن نفسك ذاك الغريب العابر ، والعازف عن بخور المدينة العلمية وتعاويذها وكرامات أوليائها ، مرتبة الشرف هذه احتلها الحمار، ذلك حيوان المستأنس ، الرفيق الدائم للإنسان،حامل المشقة، في وهادها وتضاريسها الوعرة ، وما يزال ، لم يتمرد ، ولم يتقاعس في أداء دوره القديم في الطاعة البلهاء منذ تدجينه أول التاريخ من غير ثورة ولا تمرد أو عصيان. أشا...شا..أرا...را.. لذلك ، وبالرغم من إطلاق اسم الراحل الحسن الثاني على أطول وأحدث وأرقى شارع بفاس وسط العاصمة العلمية فان سمات البدونة ونظرية الوفاء للتاريخ " الحميري " التي تكرس الطابع التقليدي للمدينة ظلت حاضرة بقوة من دون أن تجد ضميرا حيا يرسم علامة قف أو يحدد علامات التمدن الفاصلة ، ويضع حدا أحمر فارقا بين المدينة والقرية ،بين التمدن والبدونة . ولأن الحمار رقم أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة العليمية على مر العصور ، فان كاميرا السياح الهواة والمحترفين على حد سواء لا تخطئ الهدف إذ رصدت بكل الحقيقة حمارا آدمي الخطوات ، وهو يقوم بجولة سياحية غداة افتتاح فعاليات اليوم الأول من الموسيقى الروحية بفاس . حدث فريد ، يزكي مدارج النفس الحيوانية ليرقيها الى مدارج الانسان ، في وقت تشهد مدينة فاس تقاطر وفود من السياح الأجانب من كل الجنسيات والأعراق بشكل مكثف بتزامن مع الدورة 16 من الموسيقى الروحية . وإذا كان من المؤكد إن هذا الحراك السياحي سيسهم في تنمية القطاع السياحي بالمدينة العلمية مثلما سيرفع أعداد المرشدين السياحيين المزيفين الذين يضطرون أثناء كل إرشاد الى طلب هدية حتى ولوكانت قلم حبر جاف. فانه ليس من المؤكد أن تندثر معه أنماط تقليدية بالية باتت فولكلورا مرغوبا فيه يستمتع أولاد سيدنا عيسى ويستوثقون غباءنا بالتقاط الصور حية من واقعنا وعرضها حال عودتهم على أثير السماوات المفتوحة . عندما يتأمل الفرد منا مشهد سائح أجنبي في السبعين يتمسك بيدي زوجته السبعينية الأنيقة بحرارة وهما يسيران في شارع الحسن الثاني توحدهما النظرة الى الحمير في أرقى شوارع المملكة، فثمة حاجة نحتاج الى فهمها ؟؟؟؟ هو تعايش وتساكن مع الحمير يحتاج الى أكثر من مساحة تأمل ؟؟؟؟
أما المتقاعد عندنا فلا شك سيتذكر بأسى كبير لعنة التقاعد في وطنه حيث يقضي سنوات بعد إنهائه الخدمة مثل "الحمار" في تسوية معاشه قانونيا ، وقد يقضي نحبه والوثائق طور المعالجة. وإذا كان السياحة" التقاعدية " إذا جاز التعبير هي السمة المهيمنة على القطاع في الظرف الراهن، فان سؤالا كبيرا عريضا طويلا يفرض نفسه ، متى تضطلع الشرطة السياحية بواجبها في الأمن السياحي وتزيح أشكال القبح من تسول وتسكع وتصعلك وتحيمارييت ..؟ متى يجرؤ متقاعدونا على الاستمتاع بمعاشهم ليس من أجل القيام برحلات سياحية تشمل ربوع الوطن كي لا نقول خارجه، بل اختزال بيروقراطية مريضة سادت وتكرست تهم معاش كريم وفق شروط قانونية مرنة وبلا تعقيدات.
في موضوع ذي صلة يتجلى مفهوم التحضر Urbanisation " في الانتقال من نمط عيش القرية إلى نمط المدينة مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار ما قد يترتب عن ذلك من تغير في خصائص السكان القرويين إن على صعيد تركيبة العادات والتقاليد حيث ينطوي مفهوم التحضر على أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية ترافق عملية الانتقال أو تليها بعد حين، وهو أي التمدن نقيض عملية البدونة التي حولت بعض أطراف المدن الى تجمعات قروية بكل تقاليدها وعاداتها وسلوكياتها .
لكن المتتبع اليقظ لواقعنا المغربي سيجد نفسه " بصدد نموذجين متضادين متناقضين من القيم والسلوكيات وأشكال التنظيم وأنماط الفعل والتأثير والتدبير، نموذج "التحضر والذي يؤكد مركزية المدينة وهيمنتها، بكل ما يعنيه ذلك من نشر وانتشار للقيم الحضرية واكتساحها للمجال" ، ونموذج البدونة الذي تستحيل معه المدينة كفضاء إلى مجرد حاضنة لإعادة تفريخ وإنتاج نفس القيم والعلاقات القروية" وفق ما جاء في دراسة لعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر . بقيت الإشارة الى أن الإحصائيات الأخيرة لقطاع السياحة تفيد بأن عدد السياح الذين زاروا المغرب خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أبريل 2010 بلغ حوالي 39 ر2 مليون مسافر، مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة 11 بالمائة مقارنة مع المستوى المسجل خلال السنة الماضية. وتبعا لهذا التطور ، لا يعرف فيما إذا كانت دينامية الحمير بالمغرب قد عرفت بدورها تطورا مماثلا من حيث حرية الحركة وحرية النفوق في شوارع مدنه أيضا .



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف خاص ب -بيداغوجيا الإدماج- حوار مع روجيرز كزافيي
- الصباغة أنواع أيها السيد المدير ؟
- للشباب والأطفال نصيب في مهرجان الموسيقى الروحية بفاس
- فاس.... والكل في فاس2
- فاس.... والكل في فاس1
- فضاء الابداع للسينما والمسرح بفاس النشأة والتطور
- بيان حقيقة من شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا
- الموت قدر الكائن
- شبكة الكفاءات المغربية تنتفض ضد رئيسها
- ملتقى تازة الدولي للفنون المشهدية يشعل شمعته الأولى
- جمالية التأويل وفاجعة القبض على المعنى في أقصوصة - المنصب ال ...
- خرجات ميدانية وجلسات استماع لكن.....؟
- جمنزياد فاس في دورته الثالثة يستكشف أبطال الغد
- حراك الإعلام العربي تعزيز المحتوى لتطوير الأداء
- منزل مدير جريدة - وجدة سيتي - الالكترونية بجوار إقامة الوالي ...
- تتويج مزدوج لمسرحية- ناكر لحسان- في الدورة السادسة لمهرجان ف ...
- مقدمات أولية لفهم -ثقافة الإشاعة-
- جنان المنشية بفاس الاحتقار الكبير
- الاكشاك لحملة الشهادات العليا المعطلين ولذوي الحاجات الصعبة ...
- قرار الاستغناء عن ثلاث مسؤولين حهويين يثير ارتباكا كبيرا بمؤ ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عزيز باكوش - الحمير..حرة في شارع الحسن الثاني -صور حية-