أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر 2















المزيد.....

الرواية : مَطهر 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 22:30
المحور: الادب والفن
    





بُعَيْدَ رجوعنا إلى القصر بفترة وجيزة ، دُعيتُ إلى قاعة الطعام ، لكي أتناولَ الغداءَ بمَعيّة مُضيفي . قبلََ ذلكَ ، رأيتني أمتارُ من غذاء الشكّ ، حينما كنتُ مع أحمد بك في طريقنا من الجامع الأزهَر إلى مَدخل حيّ الحسين ؛ أين كانت الكرّوسة ما تفتأ بانتظارنا ثمة. " أكانَ مَحضُ إتفاق ، ذلك اللقاء بالشيخ البرزنجي ؟ " ، قلتُ لنفسي آنئذٍ مُتوَجّساً .
من ناحية أخرى ، كنتُ على يقين بأنّ هذا الشيخ ، بطبيعة الحال ، ليسَ مؤلف كناش " النفحْ الليْلكي في الفتحْ الجَرْمُكي " ؛ الذي تفيدُ التواريخ ، الموثقة، أنه توفيَ في سبعينات القرن الفائت ، الميلادي : وإذ أعمَدُ في تذكرتي هذه ، المُدَوِّنة وقائعَ العُمر ، إلى الأخذ بالتقويم النصراني ، فلأني أقيمُ الآنَ في جزيرة الأروام ؛ وبالتالي ، لا يَعنيني الأمرُ كثيراً ، طالما أنّ أحداً ، سواي ، لن يَقرأ ما أهدرُهُ هنا من كلماتٍ ، طائشة ، مَخطوطةٍ على حِبْر و وَرَق ، رَصينيْن .
قلنا أنني لبّيتُ دعوة المُضيف ، فتوجّهتُ إلى قاعة الطعام ، الكائنة في الدور الأرضيّ . هذه القاعة ، ينفتحُ بابُها الداخليّ على الصالون ، الرئيس ، فيما الباب الآخر ، الخارجيّ ، كانَ يُفضي لباحة الدار ، المُرَخمَة . وكانَ من الممكن للمرء أن يَجتلي من نوافذ القاعة ، الوسيعة والوطيئة في آن ، مَناظرَ الباحة تلك ؛ التي تحتفي على طرَفِها بحَديقة مُنمنمَة ، حافلة بأشجار النخيل والتين والتوت ، المُظلِلة أحواضَ زهور الزينة فضلاً عن المَنظرة ، البديعة التصميم والأثاث ، والمُزَجّجَة الجدران . بدَوْري ، كانَ البصرُ يتنقلُ بين تلك المناظر الرائقة الرواء ، المونقة بشمس الظهيرة ، الحادّة ، فيما الفكرُ كانَ لا يَني مُحلقاً في دَيمومة الهواجس والريَب ؛ والتي تمنيتُ لو أنها كانت أوهاماً ، باطلة.

" أرى أنه لم يَعجبَكَ ما قِدِّمَ هنا ، من أصناف الطعام "
خاطبني القاروط من مكانه ثمة ، على الطرف الآخر من المائدة الرَحبَة ، التي تشغلُ نصف مساحة القاعة . وقبل أن يَتسَنى لي فتح فمي للإجابَة ، استطردَ مُضيفي قائلاً بنبرَة مَرحَة : " إنّ رئيسَ طباخي القصر ، الشاميّ الأصل ، سبَقَ لي أن اصطحَبته معي إلى دمشق ، عندما غادرتُ هذا البلد في العام الماضي. ومَعلومكَ ، يا بك ، فلا تقاليدَ تليدة ، راسخة ، لمطبخ أخواننا ، المصريين . سببُ ذلك ، أنّ الطعامَ في هذا البلد ، ومنذ الحِقب السالفة ، كانَ يُباعُ في الدروب والأسواق ، ولا يُعَدّ داخلَ البيوت. إنّ مُدوّني الحوليات العلمية ، الأثرية ، في وقت حملة بونابرته ، كانوا يَشتكون باستمرار من رداءة الطعام المصريّ ، مقارنة ً بما جُبلوا عليه من جودة طعامهم ، الفرنسيّ ". من جهتي ، لحظتُ أنّ عادة البك في التحدّث طوال فترة الغداء ، أو الوجبات الأخرى ، إنما كانت متأثرة أيضاً بأولئك الإفرنج ؛ ممن كانَ لهم، آنئذٍ ، المَقامُ المَرموق في دولة محمد علي باشا. هذا الأخير ، ما أن نطقتُ إسمَهُ في سرّي ، حتى إمتلأ داخلي رَهبَة ًوبلبلة ً: فاليوم مَساءً ، سيكونُ موعدُنا مع سَعادته ؛ هناك ، في قصره بالقلعة. على ذلك ، أردتُ أن أغمُرَ لفحَة وساوسي بمُعين المُجادلة ، الفاتر .
" أأنتَ على ثقة ، يا بك ، بأنّ وساطة عزيز مصر مع الباب العالي ، سيكونُ لها نصيبٌ من التوفيق ؟ " ، توجّهتُ للمُضيف بمساءلتي . وكانَ الرجلُ عندئذٍ مُنهمكاً بلذاذة ، بتناول طبق من الحلوى الإفرنجية ، المَمزوجة بالبوظة ؛ والمَنعوتة بـ " دُسِيْر " ، بلسان صانعيها . فما لبثَ أن ازدَرَدَ لقيمَته ثمّ مَسَحَ فمه ، بسرعة ، بوساطة فوطةٍ صغيرة ، رهيفة القماش. " لا أخفي عليكَ ، يا آغا ، بأنّ الأمرَ جدّ مُلتبس . ومن النافل القول ، بأني تحادثتُ في ذلك مع سعادة الباشا ، حينما استقبلني يومَ أمس . إلا أنه يَرغبُ بأن نسلّمه رسالة مجلس العموميّة في مساء هذا اليوم ، وبحضور عدد من ثقاته " ، أجابني البك بحَذر فيما هوَ يتشاغلُ بتحريك الملعقة الفضيّة ، الصغيرة ، في الطبق الفارغ ، الصينيّ الخزف والصنعة. ثمّ استأنفَ كلامه بعيد هنيهة قصيرة : " وبحَسَب معلومات سعادته ، فإنّ وزيرَ الشام ، السابق ، كانَ ضحيّة مكيدةٍ خبيثة ، مُحكمَةٍ ؛ من تدبير الصدر الأعظم بالذات. ويبدو أنه كانت ثمة مُنافسة حادّة ، قديمة ، بين الرجليْن ، الخطيرَيْ المَقام . وبهذه الحالة ، فإنّ الصدر الأعظم ما كانَ يُودّ أن يَرى الوزير في الآستانة ، مرة أخرى ". وعادَ مُحدّثي للسكوت ، بعدما شوّشَ خاطري بهذه المعلومة ، الخطيرة .

" ولكنني ، يا سيّدي ، لا أستطيعُ إستيعابَ دوافع الباب العالي تلك ، الخفيّة "
ندّتُ عني بحيرة وأنا أحدّقُ بعينيْ مُضيفي ، اللتيْن كانتا تشعان الآنَ ببريق غريب . فما تمهّل كثيراً ، هذه المرة ، لكي يقول لي بلهجته الفاترة ، والشديدة الوقع في آن : " لنتذكرَ ما كانَ من مماطلة الباب العالي ، بشأن إرسال قوات من الولايات الأخرى لكي تفكّ حصار القلعة بالقوّة ؛ وخصوصاً بعدما أضيفَ للمحصورين جنابُ القبجي ، رحمه الله. وأعتقدُ ، من جهتي ، أنّ الوزيرَ ـ ويُقال أنه كانَ شخصا حصيفاً وواسع المعرفة ـ كانَ يَعرف تلك الحقيقة أكثر من غيره . إنّ عنادَهُ ، المُثابرَ ، على التشبّث بمواقعه في القلعة ورفضه الإنسحاب منها ، حتى حينما كانت الفرصة قد أذنتْ بحضور القبجي ؛ إنّ ذلكَ ، عندي ، له سببٌ واحدٌ ، وحيد : فالوزير ، لم يكن يريدُ المغامرة بالعودة إلى تخت السلطنة ، وهوَ مهزومٌ ومُبعَدٌ بشكل ذليل : لقد كانَ يأملُ ، إذاً ، بالإياب إلى سلطانه بعدما تكونُ الهديّة ، المَطلوبة ، مُقدّمة سلفاً لجلالته " . قالها القاروط ، ثمّ سكتَ فجأة ً.
" هديّة .. ؟ " ، هتفتُ مُرَوّعاً إلى درجة أنّ مُحدّثي تطلع فيّ بشيء من الدهشة أو ربما الإهتمام . عندئذٍ ، كانَ في ذهني ، أيضاً ، سببٌ واحدٌ ، وحيد ، لما أبدَيته من إرتياع : الكتاب . نعم . لقد خمّنتُ ، بأنه كناشُ الشيخ البرزنجي ؛ من كانَ غرضَ الوزير في آونة حياته ، الأخيرة ؛ وأنه هوَ الهديّة ُ ، المَطلوبَة. ولكن ، عندما رُحْتُ اُعِدّ سؤالي بعناية ، كيلا يَشتبه القاروط بجليّة الأمر ، إذا به يتحرّك من مكانه ، على غرّة . " بالإذن من جنابكَ ، يا آغا. سأقترحُ عليكَ أن نواصلَ حديثنا ثمة ، في مكتبي " ، قالها مُتعجّلاً فيما كانَ يهمّ بمغادرة قاعة الطعام . وفهمتُ ، أنه علينا الذهابَ إلى المكتبة ، الموجودة في نفس الطابق ، الأرضيّ ؛ والتي سبقَ لي أن قضيتُ فيها رَدحاً من الوقت ، صباحاً. مُذعِناً بلا نأمَة ، وجَدتني أتبَعُ خطى البك ، في الطريق إلى تلك الجهَة ، المَعلومة، وقد أخذ الفضولُ يُرهقني أكثرَ من حرّ الهاجرَة ، المُبكّرَة.

حينما أخذتُ مكاني على الكرسيّ الوثير ، المُظهَّر بالجلد الطبيعيّ ، الفاخر ، كانَ مُضيفي يتفحّصُ إحدى خزائن مكتبته ، القائمة إزاء الجدار المُقابل لطاولة أعماله . مجموعة الكتب هذه ، كما تفصِحُ عنه عناوينها الصغيرة ، الجانبيّة ، كانت ذات أحرفٍ لاتينيّة : أكتبُ ذلك ؛ أنا المَنفيُّ الآنَ في جزيرةٍ روميّة ، يَستعملُ أهليها ، بالمقابل ، أحرفَ أخرى، إغريقية، شبيهة نوعاً بتلك الأحرف ، الموسومة.
ولكن ، فيمَ الشرح والتنويه ؟ فها هوَ صاحبُ القصر يتولى ، بنفسه، سَبْرَ شبهة كتبه ، الإفرنجيّة ، لما استلّ أخيراً واحداً منها : " هذا الكتابُ بالفرنسية . ولا أدري ، حقا ، ما إذا كنتَ قد نلتَ حظاً من معرفة هذه اللغة ؟ " ، قالَ لي القاروط مُتبسّماً بودّ . فأجبته من فوري ، ضاحكاً : " إنها لغة الإفرنج ، الكفار . وعلى ذلك ، فحينما كنتُ صغيراً بعدُ ، إرتأى والدي ، المرحوم ، أن أتعلّم اللغات المشرقيّة ، قراءة وكتابة ، علاوة طبعاً على لغة الله "
" لغة الله ؟ "
" أقصدُ العربيّة ؛ لغة القرآن الكريم " ، أجبته ثمّ أضفتُ بنبرة اليقين " ولكنها ، على كلّ حال ، لغة أهل الجنة ". عندئذٍ ، لحظتُ بسمَة فم المُضيف ، المُبتسَرَة ، في مُنقلبها إلى ما يُشبه التهكّم : " وأينَ قرأتَ في القرآن ، يا عزيزي ، أنّ العربيّة هيَ لغة أهل الجنة ؟ "، سألني وهوَ ما يَفتأ يرسمُ تلك الإبتسامة على شفتيْه ، الرقيقتيْن . ثمّ أضافَ وكأنه سَمِعَ جواباً مني ، نافياً " فلو كانت العربية بتلك الصفة ، المَزعومة ، فكيفَ إذاً تتنزل كتبُ الأبستاق والزبور والتوراة والإنجيل بلغات أخرى ، لم يكن الأعاريبُ ، أصلاً ، قد سَمِعوا ببعضها قط ؟ "
" وما دَخلُ هؤلاء برسالة الوَحي ، القرآنيّ ؟ "
" لأنها ، يا صاحبي ، بلغة الأعاريب كتِبَتْ " ، أجابَ الرجلُ مُلحّناً جملته ، الأخيرة ، على وزن آية " وإذا الصحف فسّرتْ " ؛ من سورة التكوير .

قبلاً ، كنتُ على ريبةٍ ، بأنّ هذا البك المُتفرنج ، دَهْريٌّ : وتأكدَ لي ذلك اليومَ ، طالما أنه يذكرُ اسمَ كتاب الله بغير صفته، اللاحقة، علاوة على نعته قبيلة الرسول الكريم بصفة أخرى ، تحطّ من شأنها. ولكنني ، كما شدّدتُ فيما سلفَ مراراً ، من صلبِ أحد حواريي مولانا ، النقشبندي ؛ وبالتالي ، كنتُ مُنفتحاً على مختلف الآراء : ولهذا كنتُ أمقتُ فِكرَ اليقين ، الأحَديّ ؛ مثلما كانَ يُبشر به أبن تيمية و رهطه المُحْدَثين ، الوهّابيين ؛ وبدرجة أقل ، فكرَ الصوفيّة القادرية، المُتزمّتة نوعاً ، المَنسوبة للإمام العظيم ؛ الكَيلاني . هذه الفرقة الأخيرة ، كانَ الكنجُ الكردي ، والد القاروط بالتبني ، من أكبر المُتعصّبين لها ، حينما كانَ في مَنصبه السابق ، السامي ـ كوال للديار الشامية وأمير للحج . بيْدَ أنّ إبنه هذا ، كانَ على شيمَةٍ أخرى ، ولا غرو .
" وإذا الصحف فسّرتْ " ، ردّدتُ بسرّي . نعم . إنها لمصادفة ربما ، أن تتبادرَ إلى ذهني هذه الآية القرآنية ، الكريمة ، في السانحَة نفسها ، التي رأيتني فيها أنتظرُ من البك أن يُفسّر لي لغز تلك الصحيفة ؛ وأعني بها ، كناش الشيخ البرزنجي . إلا أنه بدلاً عن ذلك ، فإنه أخرجَ الآن كتاباً فرنسياً ثمّ راحَ يَعرضه على ناظري .
" إنّ هذا الكتاب ، وعنوانه " آثار المسيحيّة الأولى " ، يذكرُ مُفصلاً ، بالوثائق والخرائط والمخططات ، معلومات عن تلك الكنائس الشهيرة ؛ التي حوّلها المسلمون إلى مساجد أو خرّبوها ببساطة وأقاموا بمحلّها أماكن عبادتهم ". سكتَ البكُ ، مُتيحاً لي أن أتأمّلَ بعض صفحات الكتاب ، المرسوم فيها خرائط ومخططات . ولكن ، على حين فجأة ، فإني تذكرتُ مخطط كنيسة مار يوحنا ؛ الذي يُزعم أنّ مسجدنا ، الأمويّ ، أقيمَ على هدى رسم صليبه . فإذ بالمُضيف ، وكأني به كانَ يقرأ أفكاري ، يتكرّم عليّ بمفاجأة ثانية : " إنّ الوزير السابق ، المرحوم ، كانَ يَسعى لإمتلاك مخططٍ عن المسجد الأموي ، يُثبت أنه مبنيٌّ فوق أساسات كنيسة رومانيّة ، شهيرة "
" كنيسة مار يوحنا ؟ " ، قاطعتُ مُحدذثي دونما وعي .

ملامحُ المُضيف ، الخالدة التعبير ، لم يكن عليها أن تدلّ على أنّ صاحبها قد بوغتَ بما قلته . وها هيَ ابتسامته ، الساخرة ، تحتل تلك الملامح مرة أخرى . قالَ لي مُقرّظاً : " حسنٌ . ها أنكَ تعرفُ ، إذاً ، المعلومة هذه ، الخطيرة ولا ريب ؛ والتي علّق عليها الوزيرُ آمالاً كبيرة ". وأردَفَ من ثمّ مُستفهماً : " وهل لدى عبد اللطيف أفندي ، أيضاً ، علماً بذلك ؟ ".
إنّ البك يَفترضُ ، بلا مُواربة ، أنّ الأفندي هوَ من أمَدّني بخبر الخريطة تلك ؛ طالما أنّ كناش البرزنجي ، المَسروق ، كانَ قبلاً مُلكَ حموه ؛ الزعيم . بيْدَ أني ، وقد أفقتُ من ذهولي ، فلم أبال بعد بالمضيّ أبعدَ من ذلك . فقلتُ للقاروط ، مُتحدّياً : " بل أنا ، في واقع الحال ، من أخبَرَ صهر الزعيم بالأمر " . لقد تعمّدتُ أن أذكرَ صفة َ كبيرنا ، الشاملي ، لكي يُدرك مُحدّثي أنّ لعبته الخبيثة ، المَعلومة ، شارفتْ على التلاشي .
" آه ، أجل . لقد غابَ عن ذهني حقيقة ، أنّ الدالي باش سبَقَ له أن أخبركم بهدف الوزير ، الخفيّ ، من أمره الأورطات بالهجوم على منزل الزعيم " ، قالها القاروط وهوَ يتصنّع هيئة المُحتار بأمره . في تلك الهنيهة ، كنتُ أتساءلُ بسرّي ما إذا جانبتُ الحكمة حينما بحتُ بموضوع الكناش أمام هذا الرجل ، الماكر ؛ والذي أظهرَ حتى الآنَ مدى إستعداده لفعل أيّ شيء ، مهما كانَ شنيعاً ، في سبيل الحصول على غرَضه وتحقيق مُراده. إلا أنّ البك ، ما لبث أن استأنفَ القولَ مُلوّحاً بذلك الكتاب ، الفرنسيّ : " وعلى كلّ حال ، فإنّ مخطط جامع آيا صوفيا ، أكبر وأجلّ مساجد الآستانة ، موجودٌ هنا ، أيضاً : لقد كانَ بدوره كنيسة روميّة ، مُقدّسة ، حتى أنّ العثمانيين لم يُغيّروا فيها شيئاً يُذكر ؛ لا بعمارتها البرّانية ولا حتى بتلبيسها الجوّاني ". لئن عَجبتُ من هذه المعلومة ، الأكثر جدّة ، ولكنني سررتُ ولا غرو من إنحراف الحديث بعيداً عن ذلك الكناش ، المُستطير الشأن . فبادرتُ مُحدّثي مُتسائلاً وأنا أتكلّفُ الدهشة : " وإذاً ، لمَ أرادَ الباب العالي ، بحسَب زعم الوزير ، تدميرَ المسجد الأموي وإزالته عن الوجود ؟ "
" لأنه يَخشى أن تعودَ دمشق ، عاصمة الأمويين والأيوبيين ، لتصبحَ مُجدداً حاضرَة الإسلام ، العالمية ؛ وهذه المرة ، على يَد محمد علي باشا " ، نطقها القاروط بنبرَة حَفيّة ، مُنتصِرَة ، ما كانَ لها الآنَ إلا أن تدهشني ، حقاً. وعلى ذلك ، قلتُ للبك بحَذر : " إنه أمرٌ حَسَنٌ ويُفيدُ قضيّتنا ، ولا ريب ، أن تكونَ علاقتك بسعادة العزيز ، القديمة ، قد عادَتْ إلى سابق عهدها "
" لقد كنتُ في سَبيلي ، والله يَعلم ، لأنقل لكَ هذا الخبَر ؛ وهوَ أنّ العزيز ، حينما إلتقيته يوم أمس ، قد كلّفني بأن أكونَ وكيلاً لمَصالحه ثمة ، في الشام الشريف ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية : مَطهر
- الأولى والآخرة : صراط 7
- الأولى والآخرة : صراط 6
- الأولى والآخرة : صراط 5
- الأولى والآخرة : صراط 4
- الأولى والآخرة : صراط 3
- الأولى والآخرة : صراط 2
- الأولى والآخرة : صراط
- الفصل الثالث : مَنأى 9
- الفصل الثالث : مَنأى 8
- الفصل الثالث : مَنأى 7
- الفصل الثالث : مَنأى 6
- الفصل الثالث : مَنأى 5
- الفصل الثالث : مَنأى 4
- الفصل الثالث : مَنأى 3
- الفصل الثالث : مَنأى 2
- الفصل الثالث : مَنأى
- الرواية : مَهوى 11
- الرواية : مَهوى 10
- الرواية : مَهوى 9


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر 2