أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - قمة نيس -الفرنكوإفريقية- : الثابت والمتحول في علاقات فرنسا وإفريقيا














المزيد.....

قمة نيس -الفرنكوإفريقية- : الثابت والمتحول في علاقات فرنسا وإفريقيا


ياسين تملالي

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 08:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل بدأ مأتمُ ما يسميه الفرنسيون "فرنسيقيا" (Françafrique)، أي مجموعَ الروابط غير الرسمية (وغير القانونية) بين فرنسا وبعض البلدان الإفريقية من اتفاقيات عسكرية سرية وتفاهمات اقتصادية غير معلنة ؟ هذا ما أرادَ نيكولا ساركوزي أن يقنعَنا به وهو يصفُ القمة الفرنسية-الإفريقية الخامسة والعشرين التي انعقدت مؤخرا في نيس (31 مايو - 1 يونيو) بأنها "مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات الفرنكوإفريقية".
وقد حاول ساركوزي أن يجعل من طريقة جريان أشغال القمة ذاتها رمزا لهذه "القطيعة"، فألغى ما كان يسمى "عشاءَ الأصدقاء"، الذي كان يدعى إليه قادةُ دول إفريقيا السوداء الخاضعة سابقا للسيطرة الفرنسية، واستعاض عنه بـ "اجتماع عائلي" معهم في 13 و14 يوليو، في ذكرى بداية تحرر بلدانهم من الاستعمار. أضف إلى ذلك أن لا أحدَ من هؤلاء القادة حظيَ بشرف لقائه على انفراد، فاقتصرت مباحثاتُه الثنائية على رئيسين "غير فرنكفونيين" : الجنوب-إفريقي، جاكوب زوما، والنيجيري، غود لوك جوناتان.
وفضلا عن أنها مكنت الرئيسَ الفرنسي من الظهور برفقة رئيسين منتخبين ديمقراطيا لا مع ثلة من الطغاة والانقلابيين فحسب، رمزت هذه التحويراتُ البروتوكوليةُ إلى رغبة فرنسا في إخراج "سياستها الإفريقية" من دائرة مستعمراتها القديمة واكتساب "أصدقاءَ" أفارقة جدد في مناخ يميزه احتدامُ المنافسة داخل القارة بينها وبين وأمريكا وقوى اقتصادية صاعدة كالهند والبرازيل والصين.
وإذا كان التغلغلُ الأمريكي (الحضور العسكري المتزايد في دول ساحل الصحراء) والهندي والبرازيلي في إفريقيا جلياً، فإن التغلغلَ الصيني هو الخطر الرئيسي المحدق بمصالح فرنسا فيها. ليست هذه القارةُ بعد "مستعمرة صينية" (حصةُ الصين من صادراتها ووارداتها لا تتعدى 10 بالمائة، مقابل 40 بالمائة و38،5 بالمائة، على التوالي، للاتحاد الأوروبي)، لكن "التهديدَ الصيني" ليس وهماً من أوهام وسائل الإعلام الفرنسية، والأرقامُ شاهدة على ذلك.
مقابلَ انخفاض مبادلات فرنسا التجارية مع إفريقيا من 40 بالمائة من مجموع مبادلاتها في الستينيات إلى 2 بالمائة حاليا، تضاعفت مبادلاتُ الصين معها 20 مرة منذ 1997، و10 بالمائة من استثماراتها الخارجية اليوم موجهةٌ إلى إفريقيا، بالإضافة إلى 50 بالمائة من ميزانيتها المخصصة لـ"دعم التنمية في العالم" وقد عبر المديرُ العام للشركة البترولية الفرنسية توتال، كريستوف دي مارجوري، بوضوح كبير عن مخاوف أوروبا من توسع النفوذ الصيني في القارة عندما قال لوكالة الأنباء الفرنسية في مطلع يونيو الجاري : "لا يجب أن تكون مساعدة الأفارقة حكرا على الصينيين".
ولا يعني وجودُ "تهديد صيني" لمصالح فرنسا في إفريقيا أن شركاتها العملاقةَ (النووية أريفا في النيجر والنفطية توتال في الكونغو، إلخ) في طور فقدان مواقعها فيها. لكن لا شيءَ في السياسة أبديٌ، بدليل أن صديقَ باريس الحميم، عمر بونغو، لم يحجم في مايو 2008 عن إيلاء مشروع استغلال منجم حديد مهم إلى مجموعة صينية، ما كان له وقع الصدمة على السلطات الفرنسية.
مثلُ هذه المفاجآت تدفعُ الرأسمالية الفرنسية إلى السعي لا إلى حماية مكتسباتها فقط بل كذلك إلى غزو أسواق إفريقية جديدة. ويزيد من وجاهة هكذا خيار أن "الخصم الصيني" يركز في إفريقيا على دول كبيرة غنية بالثروات الطبيعية، لا تخضع بعدُ للنفوذ الاقتصادي الفرنسي كجنوب إفريقيا وأنغولا ونيجيريا والسودان ومصر والجزائر التي تستحوذ لوحدها على ثلثي المبادلات الصينية-الإفريقية.
وإذا كانت بعض التغييرات في علاقات فرنسا بإفريقيا حقيقيةً، ففي هذه العلاقات أشياءُ كثيرةٌ، عدا طبعا الإكليشيهات المألوفة عن "جمال إفريقيا" (رئيسة جمعية رجال الأعمال الفرنسيين لورانس باريزو في ختام اجتماع نيس)، لم تطلها بعدُ يدُ التغيير. ما لم يتغير مثلا هو أبويةُ الإليزيه في تعامله مع "أصدقائه" الأفارقة. رمزُ هذه الأبوية الرئيسي، بطبيعة الحال، هو فكرة هذه القمم ذاتها، التي تعادل بين دولة واحدة و قارة بأكملها، لكن لها تجليات عديدةً أخرى.
رغم "القطيعة" التي تكلم عنها ساركوزي لا تزال فرنسا تُعدُ قائمة المشاركين في القمم الفرنسية الإفريقية دون مشاورة أحد (غياب السودان في نيس لعدم رضى الإليزيه عن نظامه لأسباب لا علاقة لها بتسلطيته فالرئيس المصري لقي من الحفاوة الكثير). كذلك، لا يزالُ الرئيس الفرنسي يتكلم باسم الأفارقة حتى في حضورهم : ألم يقل ناطقا باسمهم (وما أكثرهم) خلال الندوة الصحفية التي ختمت أشغال القمة الخامسة والعشرين إن "إفريقيا سعيدةٌ بأن ترى بلدا أوروبيا كبيرا يقف إلى جنبها في سعيها إلى اكتساب مكان لها في إدارة شؤون عالمنا" (تلميح إلى المقترح الفرنسي بتمثيل أكبر للقارة في مجلس الأمن)؟
ما لم يتغير أيضا هو لامبالاةُ فرنسا بشرعية الأنظمة "الصديقة".قد يقال إن دعوةَ رئيسي الطغمتين الحاكمتين في غينيا والنيجر، سيكوبا كوناتي وسالو دجيبو، إلى نيس كانت لمجازاتهما على استعداهما للتخلي عن الحكم للمدنيين، لكن هذا لا يكفي لحجب المفارقة التي وقع فيها الإليزيه فالجميعُ يذكر أنه أدانَ انقلابي هذين الجنرالين (ديسمبر 2008 وفبراير 2010، على التوالي) باسم "واجب احترام الطرق الدستورية في الوصول إلى السلطة". وقد أثار ازدحامُ القمة بالطغاة القدامى والناشئين غضب جاكوب زوما، فلم يتردد في شجب ما يلقونه من دعم "خارج القارة"، في إشارة صريحة إلى صداقة ساركوزي الوليدة مع كوناتي ودجيبو.
ياسين تملالي



#ياسين_تملالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الرقابة على الأفلام -المزعجة- اختصاص فرنسي ؟
- برنارد هنري ليفي : بؤس الفلسفة في خدمة بنيامين نيتانياهو
- تعليق على مقال -الأمازيغ أو الدولة المجهولة من مرسى مطروح إل ...
- الجزائر : -حكومة- فرحات مهني وأسطورة -الشعب القبائلي-
- -على الجبهة المصرية-، شهادة جزائرية على حرب الاستنزاف
- النقابات المستقلة الجزائرية : حدود تجربة واعدة
- قراءة في -على الجبهة المصرية- مذكرات الجنرال الجزائري خالد ن ...
- عن قانون جزائري افتراضي -يجرم- الاستعمار
- الكاتب وتمثاله : حديث عن -تصنيم- كاتب ياسين
- مسيحيو البلدان الإسلامية : حوار مع القرضاوي وهويدي عن المساو ...
- عن مكافحة الفساد في الجزائر أو «الأيادي النظيفة» الوسخة
- الجزائر و مصر : بعد كرة القدم، ماذا عن الاقتصاد ؟
- عن الجزائر ومصر يوسف زيدان أو صورة الكاتب عنصريا
- الإعلام الشوفيني : 1 - مصر والجزائر : 0
- الجزائر : -تأسلم- السلطة و-تسلطن- الإسلاميين
- هل ما زالت الجزائر دولة مدنيّة؟
- بين «ولاية» الشيعة و«ولاية» الإخوان»
- اغتيال مروة الشربيني والحرية الدينية لدى المتزمتين
- عدم الانحياز بين الأمس واليوم
- 1964-2009 : -عدم الانحياز- من القاهرة عاصمة حركات التحرر إلى ...


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - قمة نيس -الفرنكوإفريقية- : الثابت والمتحول في علاقات فرنسا وإفريقيا