أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها















المزيد.....

أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تمر علينا هذه الأيام ذكرى تسلم الدكتور بشار الأسد مقاليد السلطة في سوريا، وهي مناسبة لإلقاء نظرة فاحصة على المتغيرات التي حصلت خلالها، لمعرفة مدى تفارقها مع النهج الذي ساد قبلها هذا من جهة، ومن جهة ثانية لتحديد مدى تأسيسها لنهج مغاير يمكن أن يفضي في وقت من الأوقات إلى قطيعة مع الاستبداد، ليدشن مرحلة مختلفة نوعيا، يجري فيها الحراك الاجتماعي تحت رايات الحرية والديمقراطية.
وعلى خلاف المنطق السلطوي الذي ينظر في المتغيرات على السطح فيراها تطاول العمق، وعلى خلاف المنطق المعارض الذي لا يريد أن يرى ما يجري على السطح، مكتفيا بالتطلع صوب العمق، سوف نحاول تفحص الفترة المنصرمة من عمر العهد الجديد متنقلين بين السطح والعمق. فالمنطق الأحادي الذي يسود الساحة السياسية السورية بشقيها الموالي والمعارض في نظرته وتقويمه لما جرى خلال السنوات الأربع المنصرمة من عمر العهد الجديد، هو منطق خاطئ من حيث المبدأ، وبالتالي لا يصلح لمقاربة المرحلة، لكونه قيد نفسه مسبقا بجملة من المواقف الجاهزة. فاللون الرمادي يكاد يغيب عن الثقافة السياسية السورية، بسبب الآثار العميقة للاستبداد في تكوين الشخصية السورية.
تحضرني بهذه المناسبة إحدى قضايا الخلاف بين لينين وكاو تسكي " المرتد"، وكيف أن التاريخ انتصر للمرتد على صاحب الاحتراف الثوري، لأنه وجد في الكثير من المتغيرات التي بدأت تطرأ على رأسمالية القرن العشرين بالمقارنة مع رأسمالية القرن التاسع عشر، خصوصاً لجهة دور الاستعمار في تسريع التراكم الرأسمالي، وولادة فروع اقتصادية جديدة،ما يؤسس لتغيرات أعمق في بنية الرأسمالية وفي حراكها الداخلي. و على الضد من لينين الذي نظر إلى تلك المتغيرات على أنها تتحرك على السطح ولا يمكنها أن تصل إلى العمق، تطورت الرأسمالية واكتسبت ديناميكيات جديدة، وتغير دور الفئات والطبقات الاجتماعية، وطرحت خيارات جديدة عبر الآليات الديمقراطية، في حين تشدد لينين والمدرسة السوفييتية بعده، في الوقوف عند حدود الجوهري في الرأسمالية، لتبني عليه خياراتها السياسية المعروفة خارج الديمقراطية. فانتصر التاريخ للتعدد والاختلاف.. للحرية والديمقراطية، وهزم دعاة اللون الواحد..دعاة دكتاتورية البروليتاريا، فأيهما كان جدلياً؟!
في ضوء روحية ما تقدم يمكن القول أننا في سورية نشهد بداية مرحلة جديدة، في ظل العهد "الجديد"، مرحلة لم تقطع مع المرحلة السابقة، لكنها قد تؤسس من خلال جملة ما تحدثه من متغيرات تبدو سطحية وجزئية، لتغيرات أكثر عمقاً. إنها محكومة بالتغير، وبقدر ما تبكر في وعي ضروراته ومتطلباته، بقدر ما تقلل من تكاليفه المباشرة وغير المباشرة.
ما للسلطة خلال المرحلة المنصرمة من عمر العهد "الجديد" يمكن تسجيله في النقاط التالية:
1-لقد اعترفت السلطة، وعلى الضد من طبيعتها "الكاملة" التي ادعتها طوال العقود الثلاثة الماضية، بأنها تعاني من نقص شديد، هو فيها أزمات متداخلة متراكبة، لا بد من تجاوزها، فكان الخطاب الإصلاحي خطاب للسلطة قدمته في صيغة التطوير والتحديث تارة، أو في صيغة التغيير من خلال الاستمرارية تارة أخرى. ومع أن هذا الخطاب لم يستقر بعد، وليس متسقاً، إلا أنه محكوم بالاستقرار والانتقال من دائرة تداوله التكتيكي إلى دائرة الخيارات الاستراتيجية. وسر محكوميته يكمن أولاً؛ في المتغيرات الخارجية التي عصفت بالبيئة العالمية والإقليمية التي كانت تولد طلباً على الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية،وثانياً في ضرورات استيعاب المتغيرات في البنية المجتمعية الداخلية الناتجة عن انتشار التعليم والانخراط في النشاطات الاقتصادية المختلفة، وتحديدا تحول الكثير من رموز البرجوازية البيروقراطية في جيلها الثاني إلى مواقع البرجوازية التقليدية. باختصار لم يعد من الممكن العيش بالطريقة السابقة لا السلطة ولا المعارضة، الجميع ينشد التغيير لكن كل على طريقته.
2-في هذا الإطار اتخذت السلطة جملة من التغييرات في البنية التشريعية والقانونية السائدة، وأصدرت قوانين جديدة، تركز في مجملها على ما اعتبرته أولوية في رؤيتها الإصلاحية ، أعني الإصلاح الاقتصادي والإداري.في هذا الإطار سمحت بإنشاء البنوك الخاصة، والجامعات الخاصة، واتخذت إجراءات للحد من تأثير القوانين الاستثنائية السائدة المفعول في ظل إعلان حالة الطوارئ والحكم العرفي على المجال الاقتصادي، وتسعى لتحسين بيئة المناخ الاستثماري في سورية. وآخر هذه الإجراءات ما صدر بشأن ضرورة التقيد بتواريخ تقاعد الضباط، مما سوف يخلق حراكا في داخل المؤسسة العسكرية، والأمنية سوف تنعكس أثاره على مجمل البناء السلطوي.
3- اتخذت إجراءات هامة على صعيد تحسين الواقع المعاشي للمواطنين، فزادت دخولهم الاسمية أكثر من 50% خلال الأربع سنوات المنصرمة، وتتحدث السلطة عن خطة لزيادة دخول المواطنين الاسمية مائة بالمائة بحدود عام 2010.
4- تراجعت كثيراً قمعية السلطة سواء باعتبارها وظيفة رئيسة من وظائف السلطة المستبدة، أو باعتبارها وظيفة سيادية للدولة. وإذا كانت الأولى تؤشر إلى متغير إيجابي في واقع السلطة، فإن الثانية تؤشر إلى متغير قد يكون كارثياً على وجود الدولة ذاتها. وما نشهده من حراك اجتماعي وسياسي معارض وعلني، يؤشر بلا شك إلى أن السلطة لم تعد كتيمة، بل أخذت تبدي بعض النفاذية. في هذا الإطار أخذ حزب البعث يراجع منطلقاته الفكرية والسياسية في خطوة غير مسبوقة، بل لافتة.
5- تحاول السلطة تفعيل دور جبهتها الوطنية التقدمية، فسمحت لأحزابها بأن يكون لها مقرات خاصة بها وكذلك صحافة، وهي تبحث عن أطر جديدة للارتقاء بالعمل الجبهوي، قد يفضي كما تتحدث أوساط الجبهة إلى إصدار قانون خاص بالأحزاب، وتعديل ميثاق الجبهة، بل ربما تعديل الدستور أيضاً..الخ.
غير أن ما على السلطة كثير جداً:
فهي أولاً، لم تحاول بصورة جدية وفعالة أن تعيد للمواطنين ثقتهم بنفسهم، لتخرجهم من حالة السلبية المطلقة التي هم فيها، وهذا لا يكون إلا بإلغاء إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وإزالة ما ترتب عليها، أو أرتكب في ظلها من مظالم، وتعميم مناخات الحرية والديمقراطية، واعتماد نهج واضح لمحاربة الفساد الذي استشرى في المجتمع وأصبح أكثر علنية وجرأة.
وثانيا؛ عليها إعادة نظرها في أولويات الإصلاح ، بحيث يكون الإصلاح السياسي في المقدمة، وهذا يتطلب إلغاء جميع الامتيازات التي يحوز عليها حزب البعث، وفصله عن الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، وإصدار قانون عصري للأحزاب، وآخر للعمل النقابي، وإعادة النظر في جميع القوانين المقيدة أو المعيقة لممارسة المواطنين لكامل حقوقهم التي كفلها لهم الدستور.
وبعد ذلك، أو بالتوازي معه ثالثاً؛ عليها أن تدعو إلى مؤتمر وطني تشارك فيه جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، للنظر في إعداد مشروع إصلاحي متكامل اقتصادي اجتماعي سياسي ثقافي..الخ، يشارك الجميع في إعداده، ويتحملون معاً مسؤولياته.
بغير هذه الحزمة من الإجراءات التي تؤسس لتغيرات حقيقية على مستوى العمق وفي الجوهر سوف يظل ما تقوم به السلطة يتحرك على السطح، سرعان ما يقادمها الزمن، الذي يتحرك بسرعة كبيرة في منطقتنا. وعندما يكون مصير الوطن في الميزان لا يجوز اللعب.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...
- د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف ...
- د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة ...
- د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو ...
- ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
- ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة ...
- أ - بمثابة موضوعات لحزب سياسي
- كيف ينظر بعض السوريين لما حدث في مساء 27/4 في دمشق
- حول - الإرهاب يدخل إلى سورية -
- تنمية الموارد المائية ف سورية وترشيد استعمالاتها
- الدولة والسلطة في سورية
- منظمة التجارة العالمية-الفلسفة والأهداف
- منظمة التجارة العالمية -المخاض الصعب
- بمثابة بيان من أجل الديمقراطية
- الديمقراطية في ميزان القوى الاجتماعية
- الاوالية العامة للحراك الاجتماعي
- التغيرات العالمية والديمقراطية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها