أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - طارق لطفي - البلطجة البحرية: الحجج القانونية والسياسية للجريمة الصهيونية















المزيد.....


البلطجة البحرية: الحجج القانونية والسياسية للجريمة الصهيونية


طارق لطفي

الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 20:18
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


Les Pirates prenant pour théâtre de leurs brigandages un terrain neutre, un lieu commun & tous les hommes, et attaquant indistinctement toutes les nations, leur métier est encore plus préjudiciable à la société . Ils sont les ennemis du genre humain tout entier ; ils sont hors le droit des gens ; il est permis et ordonné à chacun de leur courir sus et de s’en emparer par tous les moyens possibles ; et l’état dont les citoyens en ont fait la capture, est appelé, avant tous, à leur faire subir la juste punition de leurs crimes.

مرة أخرى يقوم الخارجون عن القانون من ما يسمون "الإسرائيليون" بضرب كل المواثيق الدولية والإنسانية العالمية عرض الحائط، دون مراعاة للإنسانية جمعاء وكأنهم يقولون نحن كيان فوق القانون واذهبوا إلى الجحيم.
ما قام به الكيان الصهيوني الذي تزيد عزلته يوما بعد يوم يعد استهتارا بالأرواح البشرية وفضيحة إعلامية قانونية سياسية وإنسانية، فقيام القواة الخاصة الصهيونية بمهاجمة سفن مدنية تحمل إعانات من أدوية و كراسي للمعاقين قوبل بشتى أنواع الأسلحة والرصاص. وكل هذا خارج المياه الإقليمية لدولة فلسطين المحتلة، وهو ما يعتبر خرقا فاضحا لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، ولاتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد أمن الملاحة البحرية لسنة 1988. وجل المواثيق الدولية الأخرى ذات الصلة.

وبناء على هذا الخرق الفاضح يدعونا الضمير الإنساني قبل النزعة القومية العربية وقبل العقيدة الدينية لأن نفضح ونساهم في زيادة كشف وتعرية الكيان الصهيوني للعالم حتى يعلم العالم حقيقة من تسمي نفسها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، فإن كانت الديمقراطية في نظر هؤلاء العصابة هي القتل العمد والهجوم على الأبرياء العزل فقد فلحوا في خلق مفهوم جديد للديمقراطية، وهذا ما يدعونا للدعوة لاستئصال هذا الكائن الغريب عن الجسم الدولي، فالكيان الصهيوني جسم طفيلي يعيش على الاقتيات من الدماء البشرية، وعلينا استئصاله ونزعه بالكُلاّب الحديدي وبشتى الطرق والوسائل، ومنها الوسيلة القانونية التي قاموا بخرقها مرارا وتكرارا في تحدي ساخر للعالم.
والحجج القانونية لتجريم الأعمال الوحشية التي قام بها الكيان الصهيوني هي ما سأركز عليها هنا، حيث شاع مصطلح القرصنة من قِبل العديد من وسائل الإعلام الدولية، Pirates. Forban. écumeurs de mer ، والقرصنة تعني إتيان أعمال في البحر دون وجهة مشروعة، وخارج نطاق اختصاص أية دولة متمدينة. وبالفعل هذا العمل لا تأتيه دولة متمدينة فكيف بالأحرى بعصابة تسمي نفسها دولة أصلا وهي ليست من ذلك بشيء، فعندما تقوم قوات خاصة مدججة بالأسلحة والرصاص الحي والقيام بعملية انزال على ظهر السفن التي تحمل مدنيين من شتى أنحاء العالم والجنسيات ومختلف الديانات فذلك يتجاوز القرصنة بكثير، فهي لصوصية و بلطجة بحرية، فقد جاء في المعجم الوسيط أن القرصان هو لص البحر، وجمعه قراصنة، وأن القرصنة هي السطو على السفن. مع إضافة مهمة هي أن القرصنة تتطلب العنصر الدولي في أعمالها، أي أن تقع في أعالي البحار.

وبالرجوع للاتفاقيات الدولية التي قام الكيان الغاشم بخرقها فهي عديدة وسنقتصر على أهمها هنا، ولنتطرق أولا لمسألة القرصنة ذاتها التي ربطناها بالعنصر الدولي، أي ضرورة حصول العمل في أعالي البحار، وبالرجوع للمادة الأولى 1 من اتفاقية جنيف لأعالي البحار لسنة 1958 (1) فإن المقصود بأعالي البحار جميع أجزاء البحر التي لا تدخل في البحر الإقليمي أو المياه الداخلية لأية دولة.
والبحر الإقليمي سبق أن حددته المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 (2) إذ تحدد عرض البحر الإقليمي في 12 ميلا بحريا. أي أنه وطبقا لهذه الاتفاقية فالعمل يعد فعلا قرصنة,هذا إضافة إلى ما نصت عليه المادة 89 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بالعبارة التالية: "لا يجوز شرعا أن تدعي إخضاع أي جزء من أعالي البحار لسيادتها". هذا من جهة، من جهة أخرى إذا رجعنا إلى الاتفاقية الأخيرة التي أشرت إليها، (أي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار)، والتي وضحت في المادة 86 منها المقصود بأعالي البحار عن طريق الاستبعاد، حيث نصت على أنه: "تنطبق أحكام هذا الجزء (الجزء السابع الخاص بأعالي البحار) على جميع أجزاء البحر التي لا تشملها المنطقة الاقتصادية الخالصة أو البحر الإقليمي أو المياه الداخلية لدولة ما، أو لا تشملها المياه الأرخبيلية لدولة أرخبيلية. ولا يترتب على هذه المادة أي انتقاص للحريات التي تتمتع بها جميع الدول في المنطقة الاقتصادية الخالصة وفقا للمادة 58". فسنجد أن العمل لا يدخل في إطارها، لأن العملية الإجرامية قامت داخل المنطقة الإقتصادية الخالصة، وهي التي حددتها المادة 57 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بامتداد يصل إلى مسافة 200 ميل بحري. أي 188 ميل بحري بعد البحر الإقليمي. لكن هذا لا يعني تبرئة المجرمين، فالمادة 87 من نفس الاتفاقية (أي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار) صرحت بما لا يدع للشك مبدأ حرية أعالي البحار، هذا المبدأ الذي استقر منذ وقت بعيد في العرف الدولي، والذي سبق لاتفاقية جنيف لأعالي البحار بدورها أن قننته في المادة الثانية 2. هذا بالإضافة إلى أن المادة 58 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تصرح بأنه يسمح للدول الأخرى ساحلية كانت أو غير ساحلية بممارسة بعض الحريات المعمول بها في أعالي البحار، وأهمها حرية الملاحة. مما يعني أن ما قام به الصهاينة جريمة يعاقب عليها القانون الدولي وخرق فاضح لكل المبادئ الدولية المتوافق عليها عالميا. وهوعمل إرهابي ضد أمن الملاحة البحرية، وبذكر أمن الملاحة البحرية، فإن اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد أمن الملاحة البحرية لسنة 1988 (3)، تحيل في المادة الثالثة 3 وبالأخص في الفقرة الأولى منها للأعمال التي تعد جريمة قرصنة بحرية أو أعمالا غير مشروعة ضد الملاحة البحرية ومنها:
1- يكون الشخص قد اقترف هذه الجريمة إذا قام بقصد وبطريقة غير مشروعة بأي عمل من الأعمال الآتية:
‌أ- محاولة الاستيلاء على سفينة بالقوة أو التهديد بالقوة أو استخدام أي شكل من أشكال التخويف.
‌ب- القيام بعمل عنف ضد أي شخص على السفينة، إذا كان هذا العمل ربما يؤدي إلى تعريض أمن ملاحة السفينة للخطر.
‌ج- القيام بتدمير سفينة أو تسبب في تحطيمها أو إتلاف حمولتها، إذا كان من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تعريض أمن ملاحة السفينة للخطر.
‌د- إذا قام أو ساعد بوضع أي وسيلة أو مواد من شأنها تدمير السفينة أو إعطابها أو إتلاف حمولتها.
‌ه- القيام بتدمير أو إعطاب أي وسيلة ملاحة أو خدمة بحرية أو تدخل في سير عملها على نحو ربما يؤدي إلى تعريض أمن ملاحة السفينة للخطر.
‌و- القيام بإعطاء معلومات غير صحيحة وهو يعلم عدم صحنها، إذا كان من شأن ذلك تعريض أمن ملاحة السفينة للخطر.
‌ز- القيام بجرح أو قتل أي فرد ممن هم على ارتباط بتلك المهام.

وبالنظر إلى هذا المادة يمكن أن نرى أن أعمال جريمة القرصنة متطابقة مع أعمال الكيان الصهيوني، فقد تم الإستيلاء على ستة سفن بالقوة وعن طريق الترهيب، وتم التعامل مع الأشخاص الذي على متن السفينة بطريقة عنيفة ووحشية، مما أدى إلى مقتل العديد من ركاب السفن في حصيلة أولية تقدرهم بعشرات الأشخاص، والعديد من الجرحى، وهذا ما يعتبر سابقة في تهديد أمن الملاحة بحوض البحر المتوسط، الذي لم يشهد لهذا العنف الوحشي من قبل، وعليه فإن العقاب يجب أن يتخذ أقصى العقوبات لجعله مثالا للردع، أما بخصوص الحجة الصهيونية بكون أنهم تعرضوا للإعتداء من قبل ركاب السفينة مرمرة مما دعاهم لإطلاق النار دفاعا عن النفس، فيكفي أن نقول ما قاله رجب طيب أردوغان: "مللنا من أكاذيبكم"، فكيف يعقل أن قوة خاصة مدربة في أقسى الظروف ومدججة بالسلاح ومتمرنة على فنون القتال يمكن أن يقمعها مدنيون عزل، كل ما يحملونه حسب الرواية الصهيونية كراسي وعصي، وكيف يعقل كذلك أن تقتحم قواة العدو لسفينة تعتبر في مثل تلك الحالة نموذجا مصغرا للوطن وأن نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج، وعليه فما قام به الناشطون عمل طبيعي وردة فعل مقبولة. وبناء على ما ورد فاعمال القرصنة والإجرام الدولي تنطبق على المجرمين الصهاينة والكيان الصهيوني ككل.

هذا من جهة الاتفاقيات، أما من جهة فقهاء القانون الدولي، فإنهم يضعون شروطا لصبغ العملية بالقرصنة والقائم عليها بالقرصان، حيث يرى الكثير من فقهاء القانون الدولي وشراحه على أن القرصنة أعمال تتوفر فيها الشروط التالية:
1- أن يكون من الأعمال الإجرامية
2- أن ينطوي على استعمال العنف ضد الأشخاص أو ضد الأموال
3- أن يتم بقصد تحقيق غنم شخصي أو أغراض خاصة
4- أن يتم في البحار العالية. أن يقع من سفينة أو طائرة أو ضد أشخاص أو ممتلكات على ظهر هذه السفينة أو الطائرة.
وهذه الشروط كذلك تتوافق مع الأعمال الهمجية التي قام بها جيش العدو. من عمل جرمي إنطوى على استعمال غير متساوي للقوة والعنف غير المبرر ضد عزل، تم القيام به خارج المياه الإقليمية وتم إجبار الرهائن على الدخول لأراضي محتلة ومغتصبة ثم اتهامهم بطلانا بالهجرة الغير الشرعية من أجل أغراض سياسية خاصة بالكيان الصهيوني.
وبالإضافة لهذا فإن المادة 101 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (4) المعنونة بـ"تعريف القرصنة" نصت وبالخصوص في فقرتها الأولى على أن: "أي عمل من الأعمال التالية يشكل قرصنة:
أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتجاز، أو السلب يرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة، ويكون موجهاً.
أ‌- في أعالي البحار ضد سفينة أو طائرة أخرى، أو ضد أشخاص أو ممتلكات على ظهر تلك السفينة أو على متن تلك الطائرة.
ب‌- ضد سفينة أو طائرة أو شخص أو ممتلكات في مكان يقع خارج ولاية أية دولة."
هذه المادة بدورها تفيد بكل ما جاء سابقا في كون الكيان الصهيوني إرتكب جريمة قرصنة يعاقب عليها القانون الدولي، وإذا قمنا بسرد جميع مواد القانون الدولي فسنجد أن الكيان قد خرق كل القانون الموجود على الكرة الأرضية، وهذا ما يوجب ويفرض علينا أن نسمي هذا الكيان بالكيان المارق بجدارة. والذي يعيش فوق القانون والعدالة، لكن الأهم هو أن نتسائل، إلى متى.؟ فإلى متى سيظل هذا الكيان فوق القانون؟

الآن بعد تشريح الوضع فعليا وقانونيا، سننتقل لمسألة ردة الفعل، وهنا نتكلم أولا عن ما يمكن أن نقوم به ضد هذا العمل العدواني، فهناك سيناريوهات أو نقول عنها خيارات إن صح التعبير، وهي كالآتي:
1) تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية واتهام الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
2) تشكيل لجنة تحقيق دولية ومستقلة.
3) قيام تركيا أو أي دولة متوسطية أخرى بإلقاء القبض على القراصنة الصهاينة بشكل قانوني إذا ما تعرضوا للسفينة في عرض البحر خارج الإقليمي.
4) الضغط بفتح معبر رفح فتحا دائما وسحب المبادرة العربية.
5) تجهيز أساطيل جديدة للإغاثة الدولية وتحدي الغطرسة الصهيونية والتوجه لغزة.

بالنسبة لتحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية فإنه وكما هو معروف إختصاصات المحكمة المذكورة جد محدودة، فهي تختص حصرا بجرائم الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وهنا يمكن أن ندرج الدعوى في إطار جرائم ضد الإنسانية، فيكفي أن قافلة الحرية كانت ذات توجهات إنسانية محضة، وتحمل مساعدات إنسانية، وعليه فالجريمة جريمة ضد الإنسانية وتندرج ضمن اختصاصات محكمة لاهاي. أما من الناحية القانونية فالحجة في أنها جريمة ضد الإنسانية فتجد بواعثها في ما ورد في المادة السابعة 7 من نظام المحكمة الجنائية الدولية التي أُقرت بروما سنة 1998 والتي نصت على عدد من الجرائم باعتبارها جرائم ضد الإنسانية مادامت قد ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم، ومن بين الجرائم المذكورة: (أ) القتل العمد، (د) السجن أو الحرمان من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، (ي) الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
تبقى فقط مسألة تحريك الدعوى، حيث هناك طرق ثلاث فقط لتحريك الدعوى، وهي إما أن تحيل دولة موقعة على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة إلى المدعي العام بالمحكمة الحالة، أو أن يحيل مجلس الأمن الدولي الحالة إلى المدعي العام، بموجب الفصل السابع من الميثاق الأممي، وهذا شبه مستحيل نظرا للهيمنة الأمريكية على المجلس. والحالة الثالثة والأخيرة هي أن يقوم المدعي العام للمحكمة بشكل تلقائي بتحريك الدعوى.
أما في ما يخص تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في ملابسات الجريمة، فهو أمر تم الدفع به في أول الأمر في إجتماع مجلس الأمن الأخير لكن الولايات المتحدة وكما عودتنا في الدفاع عن الكيان الصهيوني رفضت المسألة، وكيف لا فهي تريد التحقيق فقط في ما يخدم مصالحها لا غير، ولو كان الأمر يتعلق بمقتل شخص ولها مصلحة في التحقيق فستضغط لتشكيل اللجنة، لكن بما أن المسألة لا تخدمها بقدر ما تفضح وتعري الصهاينة فهي تمتنع عن الخوض حتى في الأمر.
لذا يبقى أن نطالب بأن تشكل هذه اللجنة إما جامعة الدول العربية، أو منطمة المؤتمر الإسلامي، رغم أن حجيتهما ستكون أضعف من تلك لو تشكلت عبر الأمم المتحدة. والقيام بإشعار المكتب البحري الدولي المسؤول عن مراقبة القرصنة في مختلف أنحاء العالم والذي يتخذ من لندن مقرا له، بالجرم الذي ارتكبه الكيان الصهيوني وبالمسؤولية الملقاة على عاتق المكتب للتحري في الأمر.
أما الخيار أو السيناريو الآخر فهو سيناريو بعدي، أي بعد أن يتم تكرار هذا العمل وهو ما نطمح له، ففي المدى القريب جدا هنالك السفينة الإيرلندية القادمة، والتي تحمل إسم الناشطة الأمريكية "راشيل كوري" التي قتلتها الجرافات الإسرائيلية بعد تعرضها لهم ومنعهم من تهديم إحدى البيوت الفلسطينية، هذه السفينة قادمة حاليا ووجهتها ميناء غزة، لكن مصيرها لا يزال يلفه الغموض، ولم يصرح الكيان الصهيوني بما سيقوم به تجاهها. وفي المدى البعيد يكمن في إمكانية إرسال أساطيل أخرى لغزة، وهو خيار يبقى على عاتق الدول المتوسطية بدرجة أولى القيام به، لا من ناحية المبادرة لأن المسافة تلعب دورا مهما في الفعل وسرعته والتنسيق، ولا من ناحية ما يجب القيام به في حالة التعرض لها مثل سابقاتها، وهنا يأتي دور الدول القوية وخصوصا تركيا، فطبقا للمادة 105 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فإنه: "يجوز لكل دولة في أعالي البحار، أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة، أن تضبط أية سفينة أو طائرة قرصنة، أو أية سفينة أو طائرة أخذت بطريق قرصنة وكانت واقعة تحت سيطرة القراصنة، وأن تقبض على من فيها من الأشخاص وتضبط ما بها من الممتلكات. ولمحاكم الدولة التي قامت بعملية الضبط أو أن تقرر ما يفرض من العقوبات، كما أن لها أن تحدد الإجراء الذي يتخذ بشأن السفن أو الطائرات أو الممتلكات، مع مراعاة حقوق الغير من المتصرفين بحسن نية". كما أن المادة 100 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ألقت واجبا عاما على جميع الدول بالتعاون في قمع القرصنة لنصها على أن : "تتعاون جميع الدول إلى أقصى حد ممكن في قمع القرصنة في أعالي البحار أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة".
بمعنى أن تقوم الدول المتوسطية خصوصا بضبط سفن القراصنة، وفي هذه الحالة سفن الكيان الصهيوني، بل وحتى متابعتها وإلقاء القبض على من متنها وتقديمهم للمحاكمة بتهمة القرصنة، ويجب الإشارة هنا إلى أنه يشترط في السفن التي تقوم بضبط القراصنة أن تكون سفنا حكومية حربية، وهنا تلعب مسألة القوة الحربية دورا كبيرا، والدولة القادرة حاليا على مثل هذا العمل هي تركيا حصرا، نظرا لأسطولها البحري الحربي، والذي لا يستهان به، عكس الأساطيل العربية المهترئة.
لكن هذا السيناريو يبقى بعيد التحقيق أمام العجز العربي، أما تركيا فتربطها بإسرائيل اتفاقيات عسكرية ويصعب عليها أن تضرب بها عرض الحائط، لذا فهو خيار صعب التحقق إلا في حالة المفاجأة التي يمكن أن تتحقق عبر نفاذ صبر كل الأطراف الدولية من الإستهتار الصهيوني المتكرر، وهو ما نطمح أن يتحقق.
الخيار الرابع هو أسهل الخيارات أمام العرب، حيث يكفي أن يقف القادة العرب ولو لمرة واحدة في حياتهم ويقوموا بتصحيح ماضيهم مع الشعب العربي عبر سحب المبادرة العربية نهائيا، وفتح معبر رفح بشكل دائم ونهائي، وهذا لن يتحقق لو لم يعبر الرأي العام العربي عن شعوره ويقوم بالضغط الشامل على الزعماء العرب من أجل حملهم على تطبيق ما يصبوا إليه الشعب العربي لا ما هو على هوى القادة العرب أو الغربيين. فما قامت به تركيا من لهجة حادة جاء نتيجة الضغط الشعبي، فلولا خروج الأتراك وإحتجاجهم في الشارع ومحاصرتهم لبيت سفير الكيان الصهيوني، ومطالبتهم بإلغاء جميع الإتفاقيات وسحب الإعتراف بالكيان لما قام رئيس وزراء تركيا بذلك الخطاب الساخن لامتصاص غضب الشارع، بل العجيب هو أن كل ما صرحت به تركيا لم يرضي الشارع التركي، هذا هو حقا الرأي العام، عكس مفهومه عندنا في الوطن العربي، آسف المجتمع العربي حسب قسطنطين زريق، فنحن لم نتطور بعد لوطن ولا زلنا مجتمعا، وتبعا لرؤية هذا الأخير، الذي لا زال يخاطبنا من قبره، فجميع العلل العربية الحاضرة الآن على الساحة العربية تنبع من علة أم هي التخلف المقرون بالعجز. هو العجز ذاته الذي عشش في قادتنا، ولم نلوم القادة ما دمنا ننهج منوالهم ونكتفي بالتنديد، فأي رأي عام عربي هو.
أما الخيار الآخر وليس الأخير أمامنا فهو يتمثل في حشد كل أحرار العالم وتكثيف المجهودات من أجل تجهيز سفن وأساطيل جديدة محملة بكل أنواع المساعدات الإنسانية ونتوجه بشكل منظم ومنسق وفي وقت واحد، ونهب هبة رجل واحد لكسر الحصار الصهيوني، وهذا يجب أن يتم بصورة فورية لان الحشود الدولية الآن في إستعداد لذلك خصوصا بعد ما شهدوه في قافلة الحرية والذي زاد من حماسة المشاركة. على الأقل نكون قد كفرنا عن عدم حملنا السلاح للقتال مع المقاومين الشرفاء.

في الختام أود ان أشير إلى مسألة غاية في الأهمية، إذ سمعت تصريحات من طرف حزب الله، أنه يعتبر الأسرى اللبنانيين لدى العدو أسرى حرب. وهو خطأ فادح لا يجب أن نقع فيه، لأن من بين أهداف الكيان الصهيوني من إعتقال الناشطين من قافلة الحرية، أنها تحاول الإستفادة من أولئك الشخصيات الذين تمسك بهم، وتصريح مماثل يخدم الصهاينة ويساعدهم في عملية استغلالهم لقضية الرهائن الذين تحتجزتهم، إذ من الممكن إعتبارهم أسرى حرب من طرفها، كما قال حزب الله، وبالتالي ستحاول الضغط بهم على حماس من أجل إطلاق الجندي الصهيويني جلعاد شاليط، لذا وجب التنبيه هنا إلى أن الناشطين الإنسانيين المعتقلون هم رهائن، وليس أسرى حرب كما يقال عنهم، لأنهم ليسو مشاركين في الحرب ولا يحملون أسلحة، وهي صفات الأسرى، وبالتالي فهم ليسوا أسرى إنما رهائن؛ وعلى قوة الإحتلال إطلاق سراحهم جميعا دون قيد أو شرط. وعلينا نحن كعرب أن نشدد الخناق والطوق على الكيان الصهيوني عبر المزيد من أساطيل الحرية وكسر الحصار، ولما لا تكون هذه الأساطيل هذه المرة محملة بفلسطيني الشتات، والمهجرين، ولنجعلها مسيرة للحرية الحقة.


_______________________________
(1) اتفاقية جنيف لأعالي البحار الموقعة في 29 أبريل عام 1958 التي دخلت حيز النفاذ في 30 شتنبر 1962.
(2) اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في 10 دجنبر 1982 والتي دخلت حيز النفاذ في 16 نونبر 1994.
(3) اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد أمن الملاحة البحرية، الموقعة في روما في العاشر من شهر مارس عام 1988 والتي دخلت حيز النفاذ في مارس 1992.
(4) عرفت المادة رقم 15 من اتفاقية جنيف لأعالي البحار كذلك القرصنة بشكل مماثل لما قدمته المادة 101 من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار.



#طارق_لطفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - طارق لطفي - البلطجة البحرية: الحجج القانونية والسياسية للجريمة الصهيونية