أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرا دمبكجيان - تحالفات الأضداد















المزيد.....

تحالفات الأضداد


آرا دمبكجيان

الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إقتبستُ العنوان في أعلاه من كتابٍ صدر في السبعينيات من القرن الماضي في بغداد إلّا أن مقالي هذا لا يمتَّ الى ذلك الكتاب بصلة، لا من بعيد و لا من قريب، ما عدا تشابه العنوانين.

أطلقَ العربُ على أرضِ العراق إسم (أرض السواد) لأن العرب تسمّي الأخضر أسوداً لأن الأخضر يُرى كذلك عن بُعد، و منه سواد العراق لخضرةِ أشجارِهِ و مزروعاتِهِ من نخيلٍ و غيره.
أرضُ السوادِ هذه أشبَعَتْ، كما هو مذكورٌ في كتب التاريخ، ثلاثين مليوناً من البشر في عهد الخليفة هارون الرشيد، و أرضُ السوادِ هذه أشبعت عشرين مليوناً من العراقيين إضافةً الى أربعة ملايين من المصريين و مليوناً آخر من جنسياتٍ آسيوية مختلفة كانوا يعملون في العراق في السنوات الثماني من الحرب العراقية – الإيرانية عندما كان الشباب العراقي العامل المنتج (يدافع عن البوابة الشرقية للأمة العربية)، و عندما كانت قدرات الدولة كافة تخدم الحرب و تدير عجلتها... أرضُ السوادِ هذه التي تحوي ذهباً أسوداً في باطنِها بكمياتٍ هائلة أكثر من مجموع ما تملكُهُ دول الشرق الأوسط من هذه النعمة الإلهية لشعب العراق الذي سينتج نصفَ الإنتاج العالمي من النفط عندما تنضب معظم آبار النفط في العالم.
لم يُخطئ العرب بتسميتهم العراق بأرضِ السواد ... سوادُ الخضرةِ على سطحِها، و سوادُ الذهبِ في باطنِها...
و بسببِ حسدِ الناظرين من "الأخوة و الأشقاء" في العنصر و الدين و المذهب تحوَّلتِ النعمةُ الى نقمة...
و بسببِ سوء إدارةِ الحكام دفَّةَ الحكم في عراقِ الخير، تحوَّلت اللقمةُ الهنيئة الى سرطانٍ قاتل في أحشاءِ الشعب...
و بسببِ طمعِ الطامعين من قوى الإستعمارِ العالمي، أسْتُبْدِلَ الذهبُ الأسود بحديدِ السلاح الذي صدأ على طولِ الحدود الشرقية و الجنوبية للعراق، فعمَّ الفقرُ أرضَ السواد و انتعشَ الإقتصاد الإستعماري، أي كان، لإستمرار دوران عجلاتِ مصانعِها لإنتاج السلاح لقتال الجيران. فهرب "الأشقاء" بعد أن جفَّ الضرع و لم يعد ينتج ديناراً صحياً مقابل الدولار السليم دوماً.
في تلك الظروف الصعبة ترك خمسة ملايين من العراقيين أرض السواد الطيبة و الخيِّرة للبحث عن الأمان و لقمة الخبز الحلال من أرصفةِ الساحة الهاشمية في عَمّان الى شواطئ إندونيسيا و الفليبين و استراليا، و من دول القارة العجوز و زمهرير شتائها و جبال تركيا و شطآن اليونان الى أمريكا الجنوبية حتى تيوانا المكسيكية على الحدود مع الولايات المتحدة، بعد أن أغلق "الأخوة و الأشقاء" الحدود في وجوههم.
آخ يا عراق...
تحالف الأضدادُ على خرابِ أرضِ السواد. و كما قال أبو علي البصير (ت 251 هج):
و لكنَّ البلادَ إذا اقْشَعَرَّتْ و صَوَّحَ نَبْتُها رُعِيَ الهشيمُ
تحالفَ الطامعون من أشقاءٍ و غرباء في تحالفاتٍ مريضة ضدَّ العراق...
إنغمسَ في وحلِ التحالفاتِ الكثير من وعّاظِ السلاطين و أصحاب الفتاوي الكاذبة الذين يعيِّنهم أولياء الأمر برسومٍ جمهورية أو إراداتٍ ملكية سامية أو فرمانات همايونية لتكفيرِ أو تقديسِ هذا أو ذاك، و هم يمارسون ممارساتٍ خطيرة لها أثرها المدمِّر على حياة الشعوب المقهورة.

فقبيل الغزو الأمريكي و عشيَّتهِ تحالف الأضدادُ مرّة أخرى ضد أرض السواد. فكان أحد زعماء منظمة دينية من غزة ينصح النظام العراقي على إتباع أسلوب التفجيراتِ الإنتحارية ضد القوات الأمريكية في تحالفٍ مريب بين إسلامي و علماني. و ما الذي جعل مناضلاٍ إسلامياٍ يقودُ تنظيماٍ دينياً في لبنان يدعو الى مصالحة بين رأس النظام في العراق و المعارضة العراقية غير الخوف على مصالح سياسية ستضيع بضياع الأول و على أمل إستمرار تحقيقها مع الثاني في المستقبل ضارباً عرض الحائط مصالح العراق و شعبه...
هؤلاء كانوا ثوريِّي البعث العلماني و الإسلام السياسي في تحالفٍ ملتبس.
أصبح السلام العالمي هدفاً سياسياً و ليس مطلباً إنسانياً يعمل الجميع من أجلِهِ في تلك الأيام من نوال الزغبي و رغدة و محمد صبحي و علي الكيمياوي و بوتين و شيراك و شارون و توني بين اليساري المخرف و نخبة من يساريينا و اسلاميينا و قوميينا الأشاوس!!
كيف يستقيم للثوري أو المتديِّن أن يرفع عقيرتَهُ بالصراخ ضد جبهة و يصمُت عن جبهةً أخرى يتوقع منها كسباً مادياً و سياسياً في الوقت الذي يتَّهم الآخرين على أنهم يكيلون بمكيالين؟!
و في تلك الأثناء أعلن مجمع البحوث الأسلامية بالأزهر الجهاد ضد الأمريكيين و البريطانيين و وصفَ الحرب الدائرة في العراق أنها "حرب صليبية"، ثم عاد المجمع و أصدرَ بياناً جديداً تراجع فيه إثر الإعتراضاتِ عليه من عدة دوائر سياسية و منابر دينية قائلاً في البيان المعدًّل أنه لم يكن يقصد المسيحيين في البيان الأساس!! هل كانت الغاية ضرب عصفورين بحجر واحد، أم تحالفاً للأضداد ضد العراق من جهة و اللعب على حبل الطائفية من جهة أخرى؟
يحضرني قول شاعرٍ نجفي في هذا المجال:
أحذروا يا ناس قوماً تخذوا الدين بضاعة
أظْهروا للناس زهداً و هم للدينِ باعة

من حقِّ العراق أن يسمّي أعداءه بأسمائهم، صغاراً كانوا أم كباراً. فما كان الدافع آنذاك وراء تلك التحالفات المريبة مع النظام العراقي رغم إدِّعاء الكثيرين أنهم ضد "الدكتاتورية"؟ كانت إدِّعاءات الحكومة الفرنسية حول معارضتها لشنِّ الحرب ضد العراق نابعة من خوفها على حياة العراقيين الأبرياء كذباً وافتراءاً. كان السبب الحقيقي يكمن في الطموح الفرنسي لقيادة جبهةٍ أوروية مقابل الهيمنة الأمريكية. و أما سبب المعارضة الألمانية للحرب فكان دور الشركات الألمانية القوي في تسليح العراق بالسلاح الكيمياوي و البايولوجي، و خشي الألمان كشف أسرار شركاتهم من جهة و من جهة ثانية تقوية دورها في قيادة الإتحاد الأوروبي ضد الطموح الفرنسي في المجال نفسه.
و تحالف الأضداد ضد العراق...
و أما اليسار الغربي التقليدي و الفوضويون الغربيون و اليسار الشرقي التقليدي و الأرهابيون و الإسلاميون المتطرفون، أي تحالفات الأضداد كافة، جمعهم إحساسٌ مشتركٌ ضد أمريكا...عند هؤلاء أمريكا هي البلد الذي يكرهونه على الرغم من أن الكثيرين منهم هربوا من دكتاتوريات بلدانهم و وجدوا الملاذ الآمن في أمريكا، أمريكا الإمبريالية، أمريكا المهيمنة على العالم، و جميعهم خائفون منها في قرارات أنفسهم المريضة.
حتى أمريكا نفسها، فكان موقفُها نابعاً من مصالحها في حماية و صيانة أمنها القومي و الإسترتيجي...و يحتلُّ النفطُ العراقي أولى الأولويات في حساباتِها المستقبلية.
تحالف الجميع ضد الضحية، العراق و شعبه، و ليس ضد النظام الحاكم، أي كان، و سيكتشف هؤلاء خطل معتقداتهم و تصوراتهم.
لقد رأينا قبل الحرب و في أثنائها كيف أن الإعلام العربي المسيَّر من قبل الحكومات العربية ساهم بدورِهِ في ذبحِ العراق و العيش على جراحه. و بإمكاننا أن نسلِّطَ الضوء على الأنظمة العربية القائمة و هاجسها المستقبلي مما يصيب العراق من تغيير بعد زوال نظامه الحاكم. و هذا صحيح أيضاً بالنسبة لبعض الدول الإقليمية غير العربية التي رأت في تغيير النظام العراقي تهديداً أمنياً لوجودها. كما أن العديد من الأنظمة العربية شعرت بهشاشة وجودها لإفتقارها الى الشرعية، و لذلك وقفت في وجه أي تغييرٍ يمكن أن يكون نقطة إشعاعٍ لمتغيّرات الواقع السياسي الذي تعيشه تلك الدول.
يظهرُ أن الشاعر مظفر النواب ذكر الحقيقة حين قال: "أن الحكوماتِ في الشرق تكملة للملاهي."...و الملاهي هي الحكومات في الغرب...
و مَنْ أجْدَبَ فكراً أنْجَبَ عهراً...

في خطابٍ ألقاهُ في جامعة برنستون في 23 أيار 1953 ذكر السفير السابق أدوين لوك:" الدكتاتورية شرٌّ لا بد منه للمحافظة على الإستقرار و التقدم في الشرق الأوسط."، و لعل هذه العقلية الإستعمارية كانت صحيحة قبل ستين سنة حين نصبَ كل حاكمٍ نفسه دكتاتوراً فوق سدةِ الحكم عبر الإنقلاباتِ و الثوراتِ ثم إذعان الجميع للدولة خانعاً و صاغراً.

يقول الشاعر علاء الجويهل: "في العراق، علّمنا الله أن نُضَمِّدَ جراحنا، ليس لنشفى، بل لنُهَيِّأ في الجسد مساحة لجرحٍ آخر." فهل هذا مصير العراق و شعبهِ؟

تكالبت قوى الطامعين على العراق منذ عشرات القرون و خرج في كل مرة من تحت رمادِهِ كطائرِ الفينيق في الوقت الذي وَلَّت تلك القوى الشريرة و اختَفَت في طيّاتِ صفحاتِ التاريخ، و بجهود أبنائِهِ من الشرفاء سيخرج ثانية لعنفوان الشباب المتجدد دوماً بطبيعتِهِ المُحِبَّة للحياة.

و صدق الشاعر الملا عبود الكرخي في مُعَلَّقتِهِ "المجرشة" حين قال:
نصبر على الحصرم غصب
لا بد و إن ناكل عنب
ميصير دوم مغَيِّمة
هم ربَّك يصحِّيها...



#آرا_دمبكجيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتفاقية سايكس-بيكو أيار 1916
- مصلحة أمريكا في صيانة أمن الخليج العربي
- شيء من التاريخ عن العلاقات العربية-التركية
- المسؤولية الأخلاقية في شحة مياه الأنهر العراقية
- بروتوكولات حكماء الأناضول


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرا دمبكجيان - تحالفات الأضداد