|
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3025 - 2010 / 6 / 5 - 01:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لمن لا يعلم ما يجري وراء الستار و ما تطبخه المطابخ السياسية و ما تفرضه المصالح المختلفة في اتباع ولو خطوة واحدة باي اتجاه كانت، عليه ان يسال و هو يفكر مع نفسه سؤالا منطقيا واضحا و صريحا ، لماذاتجري كل هذه الامور و المناورات السياسية في هذا التوقيت و كيف ارتفع مقياس انسانية الدولة الراعية لاسطول الحرية فجأة في هذا التوقيت، وهي من نظم هذه العملية و من اختار من كان على متن السفن، و لماذا في هذا الوقت بالذات و ليس من قبل، و ما وراء هذه العملية و لماذا لم تحس هذه الدولة طيل هذه السنين بالظروف الماساوية و الجوع و الالام التي يعيشها اهل غزة بالذات و الشعب الفلسطيني المظلوم و المغدور و المنقسم على نفسه طيل هذه الفترة كما تدعي تركيا و من يلف حولها من انها اختارت لرفع الحصار عليها بعد خراب البصرة كما يقول المثل العراقي. الجميع على علم بان تركيا هي الدولة الاسلامية الاولى التي اعترفت باسرائيل و لم تقطع علاقاتها معها من قبل اية حكومة لها و منها الاسلامية الحالية ، و هي العضو الحليف لها و للغرب و عضو حلف الناتو ، و خاضت هذا المسار و ما ارتبطت مع اسرائيل بدافع المصالح المشتركة التي لا يمكنهما الابتعاد عن البعض ولو لحظة، و لنسال من لا يشك في هذه المناورة مَن اسر القائد الكوردي عبدالله اوجلان و سلمه لتركيا غير اسرائيل بنفسها. ما تمنته تركيا طوال هذه السنين السابقة هو انضمامها الى الاتحاد الاوربي ، و عندما تيقنت من انها ليست على عتبة بابه ادركت انه ليس بسهل امامها ان تستمر هكذا و المشوار طويل و يحتاج الى تخصيب ارضية و اصلاحات طويلة عريضة و تغييرات متوالية، و هي تعتقد انها تدفع ضرائب عدة للوصول الى المبتغى، و هي اخيرا مكثت في مكانها و تنفست بعمق و راجعت حساباتها بعد عودتها من الانفلات و تراجعت خطوتين متمنيا ان تتقدم بعد تجهيز الذات و فرض النفس على الرافضين . و استذكرت مجدها و عظمتها في المرحلة الامبراطورية العثمانية التي حكمت المنطقة طوال عقود، و حللت و فسرت ما كانت اعتمادات هذه الامبراطورية و اسباب نجاحها كقوة عظمى في المنطقة في تلك المرحلة، و هي الان لا تقل شانا منها و لا تختلف من حيث نظام الحكم و الحزب الحاكم و طبيعته اعتقادا و فكرا و ايديولوجية و ايمانا بشيء عن المرحلة العثمانية و ما تضمنتها من الصفات و الخصائص، لذا اعتقدت جازمة من الافضل لها ان تلتفت الى الشرق و المنطقة التي تتواجد فيها بالذات لحين الوصول الى المأمن و عقدت العزم ان تكسب عاطفة دول المنطقة اليها باي شكل و طريقة كانت ، وهي تعتقد انها تستفيد من خطوتها كثيرا و من ثم يمكن ان توافقها الدول الغربية بعد ان تسحب البساط من تحت ارجل ايران التي توجهت في هذا الاتجاه منذ فترة طويلة و اعتمدت على هذه المواقف و نجحت لحد كبير، و الاسطول خطوة في هذه الرحلة و نجحت في تحقيق الاهداف السياسية لها و الدليل رفع العلم التركي و التباهي به في معظم دول المنطقة ، و نجحت في خطتها في هذا الجانب، اضافة الى تعاطف الدول الاسلامية كافة معها و من خلال ناظور فلسطين و المزايدات التي خدعت بها مجموعة ليست بقليلة من المهتمين بشؤون فلسطين. اي ، ما اقدمت عليه تركيا افادها كثيرا كمناورة كانت ام كخدمة لاستراتيجيتها، نجحت تركيا في تنافسها و صراعها مع ايران و تقدمت خطوات عنها و لم تدع ما سارت ايران عليه ان تنفرد به، و فرضت بنفسها من خلال الطريقة نفسها على المنطقة و لم تدع ان تطول هيمنة ايران لمدة اطول ، و هي كانت تنظر من بعيد و تسيل لعابها الى المنافع الاقتصادية الموجودة في المنطقةعندما كانت متعاطفة و قريبة مع اسرائيل و ان كانت كل هذه الخطوات ربما مناورات و تكتيكات لخدمة استراتيجيتها البعيدة المدى، و لم تنتظر ايضا رحمة اوربا ، لذا بادرت بشكل سريع في هذا الاتجاه و ضربت عصفورين بحجر واحد، اوله اعادة ثقة دول المنطقة بها على انها دولة اسلامية جارة مشابهة لهم في جميع النواحي و ان كانت لها علاقة دبلوماسية مع اسرائيل و هي الان تختلط بهم و اعادت ثقلها كدولة شرقية لها نفس المواصفات الاخرين الموجودين هنا، و ثانيه اعلاء شأنها و تقوية ذاتها و وضعها على ان تكون هي الدولة الكبيرة التي يمكنها ان تدير شؤون المنطقة مهما تشدقت الاخرون. على الجانب الاخر، اظهرت للاتحاد الاوربي و جها اخر غير التوسل، و بينت على انها قادرة على ان تهتم بنفسها و تعيش و تنتعش و تتطور قبل ان يمنوا هم عليها و ما يمكن ان يوفروا لها فرصة الدخول الى الاتحاد الاوربي ، و عليهم ان يفكروا مليا في اعادتها الى الحاضنة الغربية باي ثمن للاعتماد عليها كموقع و ثقل استراتيجي من كافة النواحي ، او على الاقل يحسبوها كبعدهم الاستراتيجي الهام في المنطقة و يضمنوا لها مصالحها. و ما تتبعه تركيا من الاعتدال في التعامل مع القضايا الداخلية و الخارجية الى حد ما اظهرت ما يمكن ان نسميه الوجه الانساني الظاهري لها على الرغم من ما لديها من المشاكل و ما تصر عليه من القضايا المصيرية التي تفرض ان تبقى على حالها دون حل و من اهمها القضية الكوردية و العلوية و عدم نجاحها في التقارب مع ارمينيا و الى غير ذلك من الصراعات التي تواجهها في المنطقة. الاهم هنا ان يعلم الجميع و الفلسطينيين و الدول المنطقة بالذات قبل غيرهم و يدركوا ان تحركات تركيا هي من اجل نفسها فقط و تفيد استراتيجيتها قبل ان تكون لاشباع بطون اطفال غزة كما تدعي، و الا هناك الملايين من ابناء شعبها لم يناموا يوما قرير العين و هم جوعى و يشدون بطونهم و ينتظرون الرحمة اينما تصلهم و الشفقة اينما تصلهم. الأَولى بساسة تركيا ان تفكر بما لديهم من المظلومين في داخل بلادهم قبل ان يقفزوا الى خارج الحدود كمناورة سياسية و لتضليل العالم. و هي تريد بفعلتها هذه ان تغطي على ما تريد ان تقدم عليه من زيادة الخروقات لحقوق الانسان التي تستمر فيها، و خرقها لحدود جيرانها و قصفها المستمر للقرى الحدودية الامنة و قتل الاطفال الاخرين ، من الاحرى بها ان تداوي جروح شعبها قبل ان تتظاهر على ما لديها من عاطفة غزيرة و انسانية لا حدود لها و تريد ان تسكبها على اطفال غزة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
-
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
-
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
المزيد.....
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
-
مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
-
مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
-
أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
-
لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر
...
-
واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
-
الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|