عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد أصبحت مملّة مسألة تكرار الحديث عن إمتيازات ورواتب المسؤولين ، لأنّ الحديث والاستنكار والاحتجاج لا جدوى منه ، لكن الذي دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هي تصريحات رئيس مفوضية النزاهة القاضي رحيم العگيلي حول الرواتب الخيالية للقياديين في الدولة ، وكمثال ذكر القاضي المحترم أنّ راتب رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني هو ( سبعون مليون دينار ) !!! عندما كشف السيد الطالباني عن ذممه المالية ، ذكر تقرير ديوان الرقابة المالية ( يوجد تضخم بين ما يمتلكه رئيس الجمهورية من ارصدة في البنوك وبين ما يتقاضاه من راتب !؟ ) . إذا كان القانون فوق الجميع ، إذاً يأتي دور السلطة القضائية ( المستقلة ) هنا لتقوم بالتحقيق مع السيد رئيس الجمهورية تحت بند ( مِن أين لك هذا ). لا أريد ان أُعيد ما ذكره الكثير من الكتّاب عن المقارنات بين رواتب رؤساء الجمهوريات والوزارات ونوابهم والوزراء واعضاء مجلس النواب باقرانهم في الولايات المتحدة واورڀا وبلدان العالم الأخرى ، خلاصة تلك المقارنات تبيّن دناءة وخِسَّة الأخلاق وإنحدارها للذين شرَّعوا قوانين رواتب الدرجات الخاصة . بعد سقوط نظام البعث العبودي في 2003 ، ظهر متحدث على شاشة إحدى الفضائيات ، كان يعمل في وزارة المالية حينذاك ، ذكَرَ حادثة مفادها ، أنّ رأس النظام البائد أقال وزير المالية وعيّنَ وزيراً آخر ، ذهب الوزير الجديد الى القصر الجمهوري لمقابلة الطاغية ، من أجل معرفة رواتب ونفقات رئاسة الجمهورية ، كي تضاف الى الموازنة السنوية ، فوجيء الوزير بما قاله الحاكم ( الوزير اللي گبلك ما گلَّك ! آني انطيكم رواتب ... إمشي إطلَع بَرَّه ) ، وذكرَ حادثة أُخرى ، كيف كان يأتي عدي وقصي ليأخذان ما يحتاجانه من أموال من البنك المركزي ، فيضطر محافظ البنك المركزي للاتصال تلفونياً بأبيهما في القصر الجمهوري ، فيسمع المحافظ العبارة ( خللي الويلاد يتهنّون .. الفلوس فلوسهم ) وهكذا كانت تجري الأمور بلا حسيب أو رقيب .إنَّ الذين يسمّون أنفسهم ( رجالات دولة ) في الظروف الراهنة ، يحملون نفس ذهنية النظام البائد ، وأعني أنّ المال العام هو ملك الحاكم وليس ملك الشعب ، والفارق ينحصر في اسلوب سرقة ذلك المال ، إذ كانت تجري السرقة بلا قوانين ، والآن تحدث بغطاء قوانين وتشريعات فاسدة ! فهل سيقوم البرلمان القادم بسَنْ قوانين جديدة ، مِن شأنها وهدفها إسترداد كامل الرواتب التقاعدية للذين يستلمون اكثر مِن راتب و 80% من رواتب الدرجات الخاصة وبأثر رجعي ، أي من 2003 ولحد اليوم !؟ أشكُ في ذلك ، لأنّ القادمين سوف لن يكونوا أفضل وأنزه من سابقيهم .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟