أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - النهج الديمقراطي القاعدي - حول الإطار الفكري ل -الماويين المغاربة-















المزيد.....



حول الإطار الفكري ل -الماويين المغاربة-


النهج الديمقراطي القاعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 21:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


حول الإطار الفكري لـ "الماويين المغاربة"

الموضوعة، المقولة، الماركسية أية علاقة ?


في مقدمة لا بد منها نشير أن مناسبة هذه الكتابة هي اكتشافنا لخط "فلسفي" و "سياسي" فريد، متمسك بقلم يقول عنه "ماوي" الأصل. وبهذا القلم يشيد ملاحمه ويرسم طموحاته. ويسحق "الأفكار " وكل " أرواح الفكر "، بعد بنائها على مزاجه الخاص، ويمرغ وجوهها في الرماد ثم يحييها ويناديها لتصطف بكل نظام وفي قالبه المحدد من مقولة وموضوعة. هذه المعركة لا يجريها على أرضية التاريخ الفعلي والوقائع أو بصدد أمور دارت في مسرح التاريخ وعلى الأرض، بل مع أشباح الفكر والسياسة من صنع خياله. وهكذا فكل خصومه يستلقون أمام "جدله" القبلي، وأن لمحة من قلمه تسحق أي تمرد لأعدائه. إنه "فرس سرحان" و "سيف علي " يضرب يمينا وشمالا. وفي الفترات التاريخية الأخيرة بدت لنا معركة توحي باقتراب موعد جنازة أعدائه وكل خصومه / أشباحه. لكن ميزته في قلب الوهم إلى حقائق، يعممها في كل المجالات، وهذه المرة من خلال عفو شامل مشروط، أشبه بالإقامة الجبرية بعدما اعتقدنا أن المقبرة هي مصير خصومه، وكان لزاما علينا أن نتسلح بالصبر وطول النفس وننتظر قراره من بعد وسؤالنا هل سيخمد هذا البطل الدونكيشوتي كل تمرد محتمل، وإعدام خصومه أم سيوسع حدود الإقامة لاحتواء أي تمرد محتمل، أم أن قراره هو نابع أصلا من إحساسه بالشيخوخة المبكرة كما هو حال الكائنات المستنسخة / المصطنعة.
قبل مناقشة مفاهيم العنوان أعلاه ـ المتناقضة ـ التي لا تنتمي لحقل معرفي واحد، فمن الواجب أن نسجل بأن الأدوات الجديدة هي وسيلة أخرى للقتال تسلح بها "القلم الماوي المغربي". ومما ألفناه عنه هو : كلما نط في الزمان أخرج من تحت إبطه سلاحا يقول عنه آخر ما وصلته "الماركسية اللينينية الماوية"، لكن هذه المرة وبعدما ظهر بالزي المدني مزيلا شواربه مقوما أسنانه ولمسات أخرى مجملة، بدلا من إخراج مدفع أوتوماتيكي، لوح لنا بسلاح الفلاسفة العقلانيين والمناطقة، في محاولة لقلب سيناريو عبدو عند الموحدين بالموحدين عند عبدو.
فالصمود في المكان والقتال من أجل داره وعقاره قد تلاشى عند هذا الخط، ولذا بدا إلى الخلف إلى المفاهيم الفلسفية القبلية ووسامه على صدره وقلبه على "قلمه الماوي" رمز استحقاقاته واجتهاداته وسر اكتشافاته العظيمة موليا الستار على أصحابه الذين لا يعرف عنهم شيئا. وبدورنا لا نعتقد، أنه نجح بما ينسخ ولا بثقل السائد على لغته، لكن هذا هو حال كل برجوازي صغير لما يرتدي ما لا يواتيه، فلنرى ما يقدمه من اكتشاف.
حول آخر اكتشافات "الماويين المغاربة"
إن "الماويين المغاربة" يحددون إطارهم الفكري، دون زيادة ولا نقصان، وبعيدا عن أي ادعاء وبكلمات تعبر عن نفسها بكل وضوح وبلا لبس كما يلي :
"إن عملية بناء الوحدة مثلها مثل كل عملية واقعية هي صيرورة محكومة بقوانين موضوعية. أن ندرك هذه القوانين ونجد الموضوعة المعبرة عنها هي مهمة تحديد الإطار الفكري لهذه المسألة". )مقال "حول الحركة الطلابية"، نشرة "ماي الأحمر" العدد 1، 2(
في البداية نسجل أن الإطار الفكري الذي صاغ هذا المنظور أو الورقة التي حملت هذا الفهم هو ما يدعونه أصحابه بـ "الماركسية اللينينية الماوية".
وإذا ما فككنا هذه التركيبة بإرجاعها إلى الرواد الكبار فإننا سنتحدث عن نظرية ماركس وانجلز ثم لينين وما أضافه لهذا، وكذا ماو وما قدمه. ونتساءل هل ماركس وانجلز يقولان بأن الإطار الفكري عندهما محدد بإدراك القوانين ـ كل عملية واقعية ـ ثم إيجاد الموضوعة المعبرة عنها؟ هل ماركس وانجلز صاغا موضوعات وعليها يتم قياس القوانين؟ إن ماركس وانجلز لم يقولا بهذا ولا نجد فهمهم حتى من قبل نقادهم، على هذا المنظور إلا إذا استثنينا بعض الدراسات البرجوازية الأكاديمية التي تتعامل مع الماركسية، في انتقادها، كمجموعة من الثوابت يتم قياس الواقع عليها، ومع ذلك لم يقولوا بأن الماركسية صاغت موضوعة إليها يتم الرجوع في كل إدراك لقانون ما (لإيجاد أي موضوعة معبرة عنه). إن الماركسية هي المادية التاريخية والمادية الجدلية، أي هي فلسفة ومنهج، أي أنها تؤمن بنظام فكري عام، يعتمد العلم كأساس له، ويتناول حقيقة العالم بأسره من وجهة نظر الدياليكتيك. ويعتبر الدياليكتيك أهم من البناء النظري لأنه هو الذي يقيم النظرية ويعدلها ويطورها ليجعلها مسايرة للعلم ولتطور الحياة، ولا تؤمن بحقائق مطلقة : "فليس هناك، بالنسبة للفلسفة الديالكتيكية، شيء بنهائي، مطلق، مقدس" (انجلز- لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية) وهي "دليل العمل" )انجلز(، وهذه هي الماركسية عند ماركس وانجلز. كما يضيف لينين بأن روح الماركسية هي "التحليل الملموس للواقع الملموس" ويؤكد أن المعرفة الماركسية تعتمد على الممارسة، على الواقع الحي في تاريخه، ولا تعتمد على نظرية جاهزة : "يجب أن تكون وجهة نظر الحياة، وجهة نظر الواقع العملي، وجهة نظر الأولى والأساسية في نظرية المعرفة" )لينين – المادية والمذهب النقدي التجريبي (، وماركس وانجلز ولينين ينطلقون من النظرية الماركسية كنظرية لمعرفة العالم من أجل تغييره، وهو ما يبين بأن "إدراك" القوانين في المجتمع عند رواد هذه النظرية هو من أجل فهم كيفية الإسهام والعمل على تغييره (أما بخصوص الطبيعة هو من أجل السيطرة عليها وتسخيرها). وماو بدوره لم يقل بهذا الفهم أي إرجاع القوانين إلى الموضوعة المعبرة عنها. بل كان يحرص على مفاهيمه وكان يعي ما يكتب ولا يسود الأوراق من أجل التسويق والتشهير المجاني. وبالعودة إلى الفهم المعبر عنه من طرف "الماويين المغاربة" والذي أوردناه سابقا، يتبين أن "إدراك القوانين" و "إرجاعها للموضوعة المعبرة" ـ بحيث أن الموضوعة هي معطى قبلي مسلم به، وهذه العملية ـ عملية الإدراك والإرجاع ـ هي الإطار الفكري أو "الماوية المغربية" وبصيغة أخرى النظرية "الماوية المغربية" (بالنسبة لهم "الماركسية اللينينية الماوية") هي محددة بعملية إدراك القوانين وإيجاد الموضوعة المعبرة عنها. وكما تم التعبير عن ذلك داخل المقطع الذي أوردناه سابقا فإن الإطار الفكري ـ "الإطار الماركسي اللينيني الماوي" ـ لكل "عملية واقعية" هو في إدراك القوانين وإرجاعها للموضوعة المعبرة عنها. أي أن الموضوعة هي معطى قبلي وسابق ومن ثوابت هذا الفكر. ولهذا نتساءل ما هي الموضوعة بشكل عام، ما معنى الموضوعة عند "الماويين المغاربة"؟
الموضوعة هي ترجمة لكلمة axiome (وهي المسلمة). والموضوعة هي من أسس منهاج الرياضيات. وهي قضية يصنعها العالم وينطلق منها كمسلمة دون أي برهان، وتشكل أساس ما بناه وكل ما يشيده عليها يكون متماسكا ومنسجما واعتبرت مبدأ أوليا في العلم، وليست مبدأ عقليا. وفي اختلاف هذه الموضوعة عن أخرى يختلف البنيان وهو ما يطرح إشكالية. مثلا حول أي هندسة تقوم الحقيقة أهندسة إقليدس أم هندسة ريمان، أجاب بوانكاري هنري بأن كل هندسة صحيحة في بنائها ما دامت غير متناقضة مع تصوراتها الأولى ومنسجمة مع مسلماتها (الموضوعة التي تنطلق منها).
والمنهج الرياضي يعتبر أن الموضوعة حكما تركيبيا تجريبيا من الوجهة المنطقية قابلة للنقاش وليست بحاجة إلى البرهان وليست صادقة بذاتها، فهي مقدمة أسست للبرهان على جملة من القضايا التابعة لها، وهي من وضع العقل، وخاصة وليست عامة.
إن الموضوعة هي من أسس منهج الرياضيات ولم تكن ولن تكون من المنهج الماركسي، أما إضافتها وإقحامها من طرف "الماويين المغاربة" وإلصاقها بالماركسية هو ما يمكن أن نسجله كاكتشاف من اكتشافاتهم ـ أي "الماويين المغاربة" ـ وبالمناسبة سنسميه بـ "الدياليكتيك المادي الماوي المغربي" وقد نختلف على التسمية وقد نتفوق في هذا المستوى كما قد نصاب بالإخفاق لكن اعتبار هذا المنهج والفهم المحدد سلفا بالمنهج والفهم المثالي هذا ما لن يختلف معنا فيه أحد.
وفي ورقة تحت عنوان "ندوة مراكش هل تنسجم والخط القاعدي أم لا؟ رد على بيان صادر من أكادير" تقول :
"أما أصحابنا "النقاد" فهم يتبنون الوحدة انطلاقا من موضوعة مخالفة تماما عبروا عنها بصيغة نقد ـ وحدة ـ نقد، وهذه الصيغة تعبر عن أولئك الرفاق الذين ينطلقون من الصراع أولا، وليس الوحدة بالنسبة لهم سوى وسيلة للوصول إلى الصراع مجددا، إن هذا التشويش الفكري والسياسي نابع أولا من جهل بالموضوعات الماركسية".
ولتوضيح ما يعنيه أصحاب الورقة بالموضوعات الماركسية:
إن مصطلح "الموضوعات" استعمل في الصياغة السابقة كجمع "لموضوعة" وليست جمعا "لموضوع" لأن بالعودة إلى بداية الفقرة فإنهم يعنون أن التشويه أصاب "الموضوعة" وعند الانتقال إلى الجمع صيغت بالموضوعات أي المسلمات.
إذن ما معنى الموضوعات / المسلمات الماركسية؟ ولهذه المهمة سنورد فقرات من إحدى أوراقهم:
"إن الموضوعة التي تكشف هذه القراءة النظرية إنما هي موضوعة وحدة ـ صراع ـ وحدة، لقد أبدع هذه الموضوعة الرفاق الشيوعيين والشيوعيات الصينيون ... إن مقولة وحدة ـ نقد ـ وحدة تعني الانطلاق والرغبة في الوحدة ... ". )مقال "حول الحركة الطلابية"، "ماي الأحمر" العدد الأول( .
إن الفقرتان تبينان أن الموضوعة عند "الماويين المغاربة" هي هي المقولة، والقول بـ "الموضوعات الماركسية" هو هو "المقولات الماركسية" لنحصل على المعادلة التالية :
الموضوعة = المقولة
الموضوعات الماركسية = المقولات الماركسية
وهذه المعادلة لم نعثر عليها في فلسفة من فلسفات الكون ولا هي صادرة من أي فكر إنساني قبل تفكير "الرفاق الماويين المغاربة" إنها معادلة غريبة لغويا وفكريا. أما إذا افترضنا وقوعنا في سوء فهم، فهذا الاحتمال سيعود لغياب أدوات وآليات الانتقال من الموضوعة إلى المقولة، فالمعنى المفترض غير معبر عنه، والفقرات المشار إليها سابقا عارية من كل ربط إلا في حالة ما إذا كان ضميرا مستترا مبني على الرفع في "الذهن الماوي" وسر من أسراره .
ما هي المقولة؟ وما هي علاقة المقولة بالموضوعة؟
إن المقولات هي مفاهيم قبلية كما عبر عنها الفلاسفة العقلانيين وكل المناطقة وهكذا يحددها المنطق القديم والمنطق المعاصر، وتعتبر المقولة عند العقلانيين شرط ضروري لمعرفة الظواهر والموضوعات، وبدونهما لا يمكن أن نعرف موضوعات العالم الخارجي ولا أن تكون لدينا عليها أية معرفة، ولذا فالمقولات صورة أولية لأحاسيسنا (sensibilité) (القدرة العقلية على الإدراك الحسي) بواسطتها يتم ترتيب المدركات، و"كانط" يعتبرها من إنتاج "العقل الخالص".
وكيفما كانت الاختلافات من "أرسطو" إلى "كانط" فإن جميع (أي كل رواد هذه المدارس) الاتجاهات العقلانية يعتبرونها من إنتاج "العقل"، وعندهم نجد تصورات للعلاقة بين المقولة والموضوعة باعتبار أن المقولة هي شرط قيام المعرفة بالموضوعات وبالظاهرات (الموضوع).
أما فيما ذهب إليه "كانط" في نقده "للعقل" (la raison) وتمييزه بين ظاهر الشيء والشيء في ذاته، واعتبار أن الأول يمكن معرفته، والثاني عند إرادة معرفته يقع العقل في تناقض، أي في أغاليط كلما حاول الوصول إلى ما هو "أرقى" أو "مطلق" هذا الإشكال هو ما تجاوزه الدياليكتيك الهيجلي بتحويل الاتجاه في النظر للجوانب الإيجابية في التناقض. واعتبار العقل حينما يتحدث التناقض بإدراك الأشياء في وحدتها وكليتها وفي تناقضها وصيرورتها، حينما يرتفع بنفسه إلى مستوى الذات والموضوع في آن واحد.
فالفكر عند "هيجل" يتحول من خلال الثلاثية الديالكتيكية : الموضوع ـ النقيض ـ التركيب، أي تضع الموضوع، ثم بوصفه مختلف عن نفسه، وأخيرا الموضوع هو نفسه ومختلف عن نفسه في آن واحد. وبهذه الحركة الديالكتيكية الهيجيلية تم إزاحة العقلانية القبلية أو المقولات، ويتحول «الشيء في ذاته» (قبل إدراكه) إلى «شيء لذاته» (بعد إدراكه) وهذا العبور المعرفي هو مرور نحو القبض على المجهول أو قل النمو والتطور لتحقيق المطلق، وهو ما كان يعبر عنه في مرحلة تاريخية محددة من تطور الفكر، وهذا التطور الذي لم يكن ليحصل لولا شروط تاريخية واقعية محددة. وخلاصة هذه المعطيات الموجزة حول أهرام الفلسفة المثالية يمكن تلخيصها على الشكل التالي:
الموضوعة / مسلمة، من إنتاج العقل من أسس المنهج الرياضي.
المقولة معطى قبلي من إنتاج العقل وشرط قيام المعرفة بالموضوعات.
"الدياليكتيك الهيجيلي" أزاح "العقلانية القبلية" وآمن بالانتقال الجدلي، نحو تحقيق المطلق، وتبقى قولته المشهورة تعبر عن انتمائه للاتجاهات العقلانية :
«كل ما هو واقعي معقول، وكل ما هو معقول واقعي»
والديالكتيك الماركسي هو قلب للديالكتيك الهيجيلي، أما المنهج "الماوي المغربي" فهو تركيب بين العقلانية القبلية والثلاثية الهيجيلية بعد تهريبهما، رغم ما يحتوي عليه هذا التركيب من تناقض ولا نسقية، وهذه العملية، عملية التركيب (الوحدة)، أملتها طريقةcopier-coller لتنتهي في الأخير إلى تحديد إطارهم الفكري وهو آخر إبداعات "الشيوعيين والشيوعيات الماويين" في بلدنا لتأطير التناقضات وكل "عملية واقعية"، وحسب تعبيراتهم يعد ذلك من الإضافات النوعية "للماركسية اللينينية". ليستحقوا عن جدارة أن يحملوا دون حياء شعلة "الماركسية اللينينية" تحت إسم "الماركسية اللينينية الماوية".
إن هذا المنظور الجديد يعطي للصراعات الفعلية معنا مجردا بإرجاعها إلى برج مفاهيمه المركبة، ذلك أن حل التناقض الفعلي يقتضي مقولة مركبة على صيغة ثلاثية هيجل ثم العمل بها لتحقيق الهدف، "الرقي" وهكذا "دواليك في سلسلة لا متناهية".
إن إرجاع "القوانين" و"الوقائع الفعلية" إلى مقولات وصيغ جوفاء يعد من مبادئ الإيديولوجيين البرجوازيين في عصرنا الراهن والذين يعتبرون بطريقة خاطئة أن الأفكار هي أساس هذا العالم، وهي تعبير عن عدم "الرغبة" في "القضاء" على الأسس "المادية والموضوعية" لسيطرة الامبريالية وكل الأنظمة الرجعية. وبالمناسبة ندعوا القارئ إلى التأمل في الصيغ والمفردات الآتية والتي سنورد مقطعها الكامل في التحليل اللاحق: "الخط البيروقراطي هو حقيقة موضوعية "، "من الوهم الاعتقاد بالقضاء على هذا الخط "، " لهذا الخط أسس مادية وموضوعية"، "إذن"، "يجب بناء الوحدة" (وحدة "الخط المدافع عن مصلحة الجماهير" و "الخط المناهض لمصلحة الجماهير").
فماذا يعني هذا الاستنتاج، ألا "يعني" "إذن" "يجب الوحدة" لأن "القضاء" على "الخط المناهض" يعني "القضاء على هذه الأسس"، ألا يعني ذلك الحفاظ على الأسس المادية التي تنتج المناهض لأن القضاء عليها هو القضاء عليه. أم أن "بالوحدة مع مناهض مصلحة الجماهير" سيتم القضاء عليه، وهل المناهض سيناهض نفسه للقضاء على نفسه بدخوله في مسار القضاء على نفسه (الوحدة). وهل هذه الإمكانية واقعية وعلمية إن لم تكن الوحدة من أجل الحفاظ على المناهض لمصلحة الجماهير. وفي الأخير يتبين أنه من أي مدخل أردنا الانطلاق فإن كل الحقائق تقول أن الصياغة تحمل معنى الحفاظ على الأسس المادية القائمة وهذه هي الحقيقة كلما ابتعدنا عن الكلمات الطنانة التي تستعمل كحيل لستر الحقيقة، وهي نتيجة الشطحات النظرية لكل برجوازي صغير ومغرور.
حول موضوعة وحدة ـ نقد ـ وحدة أو مقولة وحدة ـ نقد ـ وحدة.
إن دعوة "الماويين المغاربة" للانطلاق من الرغبة في الوحدة هي رغبة في تحريرنا من "عقدة" الانتهازية وإخراجنا من حالة "الفوضى".
وباعتبار الانتهازية "واقع موضوعي" والقضاء على الانتهازية يعني القضاء على "أسس مادية وموضوعية" وحل هذا الإشكال، التناقض، هو "التركيب" أي توحيد الانتهازي واللاانتهازي وهي الوحدة الأرقى وهذه هي الصيغة / الموضوعة (= المقولة) الطبيعية والموضوعية لحل الإشكال، التناقض، الصراع، كما جاء في الصيغة التالية :
«إن ذلك التناقض يمكن أن نعبر عنه بصراع الخطوط وتناقضها، التناقض بين الخط المدافع عن مصلحة الجماهير (الذي تعبر عنه قوة أو عدة قوى) وبين الخط المناهض لمصلحة الجماهير (الذي هو الآخر تعبر عنه قوة أو مجموعة من القوى). إن ذلك يشكل الطابع الخاص للتناقض ويحدد طرفاه. إن تواجد الخط المناهض لمصلحة الجماهير أو ما قد يصطلح عليه تماشيا مع المفاهيم المتداولة داخل الحركة بالخط البيروقراطي هو حقيقة موضوعية سواء أعجبتنا أم لا. فمن الوهم الاعتقاد بالقضاء على هذا الخط داخل مجتمع طبقي يولده باستمرار. إن لهذا الخط أسسه المادية والموضوعية والقضاء عليه يعني القضاء على هذه الأسس، إذن يجب بناء الوحدة انطلاقا من الشروط الموضوعية التي نناضل داخلها ويجب أيضا النظر إلى المسألة من زاوية بناء الحركة الطلابية ... وهذه المسألة في غاية الأهمية إذ تقينا من السقوط في العمل الفوقي البعيد عن الجماهير إن مقولة وحدة ـ نقد ـ وحدة تعني الانطلاق من الوحدة والرغبة في الوحدة ... وبالتالي ممارسة النقد ... بهدف الوصول إلى وحدة أرفع وأمتن وهكذا دواليك في سلسلة غير متناهية». )مقال "حول الحركة الطلابية"(
ومما جاء في نقاش المعتقلين السياسيين مجموعة مراكش حول أرضية ندوة 23 مارس 2010 :
«إن التناقضات، الوحدة والصراع بين الأضداد، هي التي تدفع أي سيرورة إلى الأمام. والحركة الطلابية لا تشكل استثناء ... فهي نفسها تشكل وحدة الأضداد، إنها حقل دائم الصراع بين الأفكار والقوى ... وهذا الصراع يمر عبر العديد من المراحل، وتعرف تناقضاته خصائص متعددة كذلك».
وفي الرد على بيان أكادير، ما يلي :
«أما أصحابنا النقاد فهم يتبنون الوحدة انطلاقا من موضوعة مخالفة تماما عبروا عنها بصيغة نقد ـ وحدة ـ نقد وهذه الصيغة تعبر عن أولئك الرفاق الذين ينطلقون من الصراع أولا، وليس الوحدة بالنسبة لهم سوى وسيلة للوصول إلى الصراع مجددا...».
الاستنتاج الأول هو أن "الماوية المغربية" تعتبر المقولة هي مصدر المبادئ الذي يخضع قواعد ممارسة الصراع مع الأطراف، ثانيا أن قانون الوحدة وصراع الأضداد قد تمت صياغته وتحويله إلى مقولة وحدة ـ نقد ـ وحدة، ثالثا أن "المقولات الماوية" هي مرشد للعمل بالنسبة "للماويين المغاربة".
وبالمناسبة نقدم توجيهات بسيطة بنفس الطريقة التي يفضلونها في الجدل مع خصومهم، وهي عبارة عن جمل لرواد المنهج الدياليكتيكي ونفتتح بانجلز: «لا يمكن أن تكون هناك مسألة بناء قوانين الجدل في الطبيعة، بل مسألة اكتشافها وإنضاجها» )انتي دوهرينغ( كما يقول ماركس في كتابه "رأس المال" تذييل مقدمة الطبعة الثانية «الجدل ... في شكله العقلي فضيحة ورجس لدى البرجوازية وكل أساتذتها المذهبيين، لأنه يتضمن في شموله وحسمه إدراك الحالة القائمة للأشياء وفي الوقت نفسه أيضا إدراك نفي هذه الحالة، وانهيارها الحتمي... لأنه لا يترك شيئا يفرض عليه ولأنه في جوهره نقدي وثوري». وفي كتاب "مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية" يقول لينين: «في السياسة حيث في بعض الأحيان معالجة علاقات معقدة للغاية ـ قومية دولية ـ بين الطبقات والأحزاب... يكون من الحماقة أن نعد وصفة أو قاعدة تستخدم في كل الأحوال. فلا بد أن يكون للمرء من العقل ما يمكنه من تحليل الوضع في كل حالة خاصة».
إن بناء السياسة على مقولات أو موضوعات / مسلمات لن تكون له فائدة وقيمة من وجهة نظر المادية الجدلية. فالماركسي إن لم يفهم أن سياسة ما قد تكون قد تكون صالحة في حالة معينة ومحددة وفي حالة مغايرة ومعطيات مختلفة تصير السياسة نفسها خاطئة فمثله مثل من كانوا يعملون مظلتهم عند سماع التساقطات المطرية بموسكو / بيكين.
إن الدياليكتيك الماركسي هو أداة ومنهج لفهم العالم من أجل تغييره، وهذا الفهم من أبجديات الماركسيين، وليس بصيغة جوفاء فاقدة لروح التغيير، من أجل التطبيق.
ففي "نقد لفيورباخ" تحت عنوان "فيورباخ تعارض النظريتين المادية والمثالية" في كتاب "الإيديولوجية" يقول ماركس: «لا حاجة به (الهاء تعود على التصور المادي)، مثل التصور المثالي للتاريخ، إلى البحث عن مقولة في كل مرحلة، بل هو يبقى باستمرار على أرض التاريخ الواقعية، وهو لا يفسر الممارسة انطلاقا من الفكرة، بل يفسر تكون الأفكار انطلاقا من الممارسة المادية، وفقا لذلك فإنه ينتهي إلى الاستنتاج بأن سائر أشكال الوعي ومنتجاته يمكن حلها ليس بالنقد الذهني ... بل فقط بواسطة القلب العملي للعلاقات الاجتماعية الشخصية التي ولد منها هذا الهراء المثالي، وأن الثورة لا النقد هي القوة المحركة للتاريخ».
فالدياليكتيك المادي ليس هو المقولة والمقولة ليست هي الموضوعة والموضوعة ليست دياليكتيك فلكل مفهوم دلالته وأسسه ومدارسه، وللتبسيط :
الموضوعة لا المقولة
المقولة لا الدياليكتيك
الدياليكتيك لا الموضوعة
وعلى أي حال فإن كان لزاما أن نكتشف لب "الفكر" الذي بني على المفاهيم السالفة فهذا اللب ما هو إلا نتيجة لحقيقة بعض البرجوازيين الصغار المغاربة في مرحلة الجزر الذي تعرفه قوى الثورة.
ولكي لا ندخل في عمل متعب وإضافي لا بد من الإشارة أن الرفاق "الماويين" يغنون مقطعهم ورفاق أكادير يردون عليهم بمقطع مضاد، أي أن الرفاق إذا وضعوا الشيء هنا ففي المكان الفارغ للشطر الثاني يضع الرفاق الآخرين ضد الشيء، وهكذا يكتمل البيت الشعري، وهو يحافظ على شعريته الحديثة في الإبداع فالشطر الأول يقول في موضوعته وحدة ــ نقد ــ وحدة، والشطر الثاني دون أن يتحدث عن فن آخر يقول وهو ملتزم بالموضوعة نقد ــ وحدة ــ نقد وهكذا تخلق الرموز تناقضات واختلافات بينة بين الموضوعتين / المسلمتين وتشتركان في بناء تحاليلهما الموضوعة أي الثابت و "المسلمة العلمية". وكل ما يخرج عن ثوابتهما وموضوعاتهما / مسلماتهما يخرج عن آخر نظرية أنتجتها "الماركسية المغربية". إنها السخافة ونستسمح إذا قلنا أن الشعوب ليست بعجين صالح لقوالبكم الجاهزة وهي حقيقة وليست استفزاز. أما تناقضكما إذا ما تم تحليله من وجهة نظر بوانكاري هنري فإن الوجهات النظر معا لا تتناقضان في حالة ما إذا كانت نتائجكما منسجمة مع منطلقاتكما. هذا إذا قبلتما بالعقلانية كمنهج أما في غير ذلك فسيطبق عليكما حكم اللامنهجيين. وتصيرون لا أنتم من هنا ولا من هناك وهو الأمر الذي تفسره مجموعة من سلوكاتكما وتناقضاتكما ومواقفكما في مجموعة من المسائل والقضايا والمحطات.
وكما سبق أن أشرنا فإن المقولة عند "الماويين المغاربة" هي القالب الأنسب لحل التناقضات داخل الحركة الطلابية، وما على الحركة الطلابية إلا أن تأخذ وصفات الحمية الأنسب لتمتلك الرشاقة واللياقة لتنفيذ المراسيم ومن أجل ذلك سنشرح خطة اللٌعب كما قدموها لنا :




مقولة: الثابت
الرغبة طرف يدافع عن مصلحة الجماهير (أو عدة أطراف(
وحدة ▬▬▬◄ [
طرف مناهض لمصلحة الجماهير (أو عدة أطراف)

صراع ـ نقد ـ وسيلة

↓ طرف مناهض لمصلحة الجماهير
وحدة أرقى [ } علاقة أمتن
طرف مدافع عن مصلحة الجماهير ↓
↓ مصلحة الجماهير
تحقيق مصلحة الجماهير

أي: مدافع عن مصلحة الجماهير مضافا للمناهض لمصلحة الجماهير، كنتيجة مصلحة الجماهير.
إن الرفاق أشبه بمن يخلط النحاس والذهب ويعرضه كذهب للبيع ويحلف أغلظ اليمين أنه لا يغش المستهلك وأن المستهلك سيتمتع بالذهب الخالص.
أما بخصوص النهج الديمقراطي القاعدي فهو بدوره لا يخرج عن القاعدة



"النهج الديمقراطي القاعدي هو تاريخ صراع الخطين"

الرغبة الخط الانتهازي
وحدة ▬▬▬◄ النهج الديمقراطي القاعدي {
الخط الثوري

النقد ـ الوسيلة

وحدة متينة بين الخطين : الانتهازي والثوري.
إن النتيجة هي مخرج لتشريع الوجود "الماوي" داخل النهج الديمقراطي القاعدي، وهذا المخرج سبق وأن طرحته تنظيمات "اليسار" من قبل من أجل احتواء النهج ولكنها أصيبت بخيبة الأمل.
وقبل أن ننهي هذه المقارنة ما بين المقولة والموضوعة والديالكتيك، لا بد من قول أن ماو تسي تونغ هو ذاته من وصف محاولة نقل التطبيقات السوفياتية حرفيا إلى الثورة الصينية بأنها «أشبه بمن يبري قدميه لتلائما الحداء» ولنقول على نفس وزن ما قاله غسان كنفاني أن "الماويين المغاربة" يشددون على بري رؤوسنا لتلائم القبعة ـ الماوية الجاهزة ـ مقولاتهم. ومن الناحية الواقعية هناك سؤال جوهري قد تنبثق عنه أسئلة أخرى ومتنوعة حسب تأملات كل واحد منا في الموضوع: هل الانتهازية (ـ البيروقراطية ـ مناهض مصلحة الجماهير) ستقدم إضافة نوعية لخدمة إستراتيجية النضال الجذري داخل الجامعة وخارجها؟ ونعتقد أن هذا السؤال سيخرجنا من قفص المقولات والصيغ الجاهزة إلى نقاش معطيات الساحة السياسية لاستخلاص الخطوات في المرحلة الراهنة. ومن أجل تعميق البحث نضيف سؤالا آخر: ما هو موقع الخليط المشار إليه في الصراع الطبقي داخل المجتمع المغربي؟ وهل الأمر لا يتطلب الوضوح في حديثنا عن الانتهازية والبيروقراطية ومناهضي مصلحة الجماهير وذلك بالتدقيق إلى من يشير إليهم الأصبع حتى نزيل الضبابية والستار ونسمي الأشياء بمسمياتها؟
إن "التحليل الملموس للواقع الملموس" هو البداية للمهمات الأشد تعقيدا.
من ماو إلى "الماويين المغاربة" (بخصوص وحدة – نقد – وحدة)

إن طواف البرق الذي اجتازه "الماويون المغاربة" في تاريخ الحركة الطلابية و"تاريخ القاعديين"، كفرسان يطيحون ويقاتلون كل الخصوم والأعداء ويشيدون ملامح من رماد ليشيدوا به كل ما يسعدهم الآن، وبعد متاهاتهم في بعض عناوين المحطات النضالية، يمتدون أخيرا إلى مدخل على بوابته "الوحدة الأمتن بين الخط المدافع عن مصلحة الجماهير والخط المناهض لمصلحة الجماهير"، ويقولون أن هذه الوحدة ليست من مفاهيم الماضي، فكل ما كان في الماضي أزحناه عنكم فثيقوا واجعلوا نيتكم في العمل، فهذا هو المخرج من أزمة الحركة الطلابية. وهذه "المسألة في غاية الأهمية إذ أنها تقينا من السقوط في العمل الفوقي" ولنا في ما حملناه لكم من مستندات ووثائق حصلنا عليها في أرشيف ماو ما يعيننا في مشروعنا. وما عليكم إلا أن تنخرطوا في طابورنا وإلا أصابتكم لعناتنا بسوء.
وبعد هذا المجهود السريع للرفاق نشروا مشاريعهم وتصوراتهم، تحققوا من جمع "الموضوعات الماركسية" /"المقولات الماركسية" ونسخوها ووزعوها بينهم، وحافظوا بالأصل عند شيخ زاويتهم، وانصرفوا للنظر في "كل عملية واقعية" الموضوعة/ المقولة "المعبرة عنها" المطابقة لها، وبدل أن ينصفوا الديالكتيك الماركسي، أعلنوا عن غير وعي إنصافهم "للمنطق الصوري" / "الأرسطي" بإسم الماركسية، وهكذا يقولون أن حل التناقض بين المدافع عن مصلحة الجماهير ومناهض مصلحة الجماهير يجب إرجاعه إلى مقولة وحدة – نقد- وحدة، بمعنى أن تنتظم في علاقة متينة، الأطراف المتناقضة – المتصارعة طبقا للمقولة.
هذا الاكتشاف العظيم ("أبدعه الشيوعيون الماويون أثناء الثورة الصينية") عثروا عليه الرفاق "الماويون المغاربة" في أدبيات ماو تسي تونغ خاصة في المقالة "حول الحل السليم للتناقضات بين صفوف الشعب" وهذه المقالة هي في الأصل خطبة ألقاها الرئيس ماو تسي تونغ يوم 29 فبراير 1957 في مؤتمر الدولة الأعلى أي قبل الثورة الثقافية بعشر سنوات، وبأشهر قليلة من الإضرابات التي عرفتها بعض مناطق الصين في صفوف الطلبة والعمال، وأيضا اضطرابات أخرى في بعض بلدان أوربا الشرقية المحسوبة على "القطب الاشتراكي" آنذاك. ففي هذا المقال وردت ما يقال عنها موضوعة ومقولة، وهذه هي الفقرات بالتحديد:
"لقد لخصنا في عام 1942 هذه الأساليب الديمقراطية لحل التناقضات بين صفوف الشعب في صيغة «وحدة - نقد - وحدة»...
إننا على ضوء هذه التجربة اهتدينا إلى هذه الصيغة: «وحدة - نقد - وحدة» وبعبارة أخرى: الإتعاظ بالأخطاء الماضية بهدف تفادي الأخطاء في المستقبل ومعالجة الداء بهدف إنقاذ المريض ...وبعد تحرير البلاد طبقنا أيضا طريقة «وحدة - نقد - وحدة» حيال الأحزاب الديمقراطية والأوساط الصناعية والتجارية... ويبدو لكثير من الناس أن الدعوة إلى إتباع الأساليب في حل التناقضات بين صفوف الشعب هي مسألة جديدة. ولكنها في الواقع ليست كذلك. فيرى الماركسيون على الدوام أن قضية البروليتاريا لا يمكن تحقيقها إلا بالاعتماد على الجماهير الشعبية، وأن على الشيوعيون أثناء قيامهم بعملهم بين الكادحين أن يتبعوا أساليب الإقناع والاقتناع والتثقيف الديمقراطية، ولا يجوز لهم بتاتا أن يلجأوا إلى أساليب إصدار الأوامر والإكراهات".
وفي نفس المقالة وبالتحديد في الفقرة 9 – "حول مسألة الاضطرابات التي أثارها عدد قليل من الناس" جاء ما يلي:
"نحن لا نوافق على إثارة الاضطرابات لأن التناقضات بين صفوف الشعب يمكن حلها بطريقة «وحدة- نقد- وحدة»...وفي هذه المسألة ينبغي أن نوجه انتباهنا إلى ما يلي: من الضروري لكي نقضي على أسباب الاضطرابات من جذورها، أن نتخلص بشكل حازم من البيروقراطية وأن نعزز عملنا في مجال التثقيف الإيديولوجي والسياسي، كما يجب أن نعالج جميع التناقضات معالجة صحيحة.» (ندعو القارئ للتأمل في ما قاله ماو تسي تونغ وخصوصا بالعودة إلى مقاله ليتبين الفرق بين ما قاله ماو وبين ما أراد "الماويين المغاربة" تلفيقه لماو).
أولا نسجل بأن ماو في حديثه عن صيغة «وحدة ـ نقد ـ وحدة» لم يكن يعني وحدة المناهض لمصلحة الجماهير والمدافع عن مصلحة الجماهير، أو وحدة البيروقراطي والديمقراطي أو أن البيروقراطي واقع موضوعي "إذن" يجب الوحدة معه. بالعكس فماو يقول «يجب أن نتخلص بشكل حازم من البيروقراطية» أي القضاء على البيروقراطية. وهذه مفارقة كبيرة وشاسعة بين ماو و"الماويين المغاربة".
ثانيا إن التنقيب في أرشيفه (ماو) لا نجد متسعا للمقولة أو الموضوعة، إن ماو يتحدث عن صيغة أي صياغة محددة، أي عن الأسلوب الديمقراطي ـ والتثقيف والنقد والنقد الذاتي... ـ لحل التناقضات داخل صفوف الشعب الصيني وداخل الحزب الشيوعي والصراع الديمقراطي مع الأحزاب الديمقراطية، هذه الطريقة أو هذا الأسلوب تمت صياغته تحت شعار أو عبارة مختصرة «وحدة ـ نقد ـ وحدة» ويعتبرها طريقة "ممكنة" بمعنى ليست الطريقة الوحيدة.
إن الصيغة لا تعني الموضوعة ولا المقولة، فالصيغة هي من صاغ يصوغ صياغة وصيغة. وصاغ الكلام أي بناه بطريقة أخرى. وصيغة «وحدة ـ نقد ـ وحدة» هي بالنسبة لماو طريقة ممكنة لحل التناقضات داخل صفوف الشعب(الطريقة السلمية لحل التناقضات في صفوف الشعب) أي هي صياعة موجزة "للنقد والنقد الذاتي" و"التثقيف" ومحاربة "الأخطاء" والتشبت "بالصواب" والتمييز بين "الحق" و"الباطل" و"النقاش" لا الإكراه إلى غيرها من الأساليب الديمقراطية.
أما المقولة فليست من قال يقول قولا وقولة ومقالا ومقالة، وكذا الموضوعة هي أيضا ليست من وضع يضع موضعا وموضوعا، بمعنى أنها لا تحمل دلالتها في اصطلاحها بل هي مفاهيم فلسفية لا يمكن فهمها إلا بالعودة إلى مرجعيات محددة. فالمقولة هي ترجمة لـcatégorie والموضوعة هي ترجمة لـ axiome. والموضوعة لها دلالة أخرى في الفقه، فمثلا القول "بالأحاديث الموضوعة" هي ما يعني لدى أصحاب المذاهب والفقهاء الأحاديث المختلقة وهي أحاديث أقل من الأحاديث الغير الصحيحة.
من هذا نقول أن "موضوعة وحدة ـ نقد ـ وحدة " و"مقولة وحدة ـ نقد ـوحدة" إذا أراد الرفاق نسبها إلى ماو فيصح لنا قياس فهمها على «الأحاديث الموضوعة» وستصير مختلقة لأن ماو بريء من المقولة والموضوعة. وفي حالة العكس نسجل سبقكم الإبداعي في هذا المستوى.
إن صيغة «وحدة ـ نقد ـ وحدة» عند ماو ليست طابورا يتكيف داخله البيروقراطي والديمقراطي أو المدافع والمناهض لمصلحة الجماهير كما يفهم "الماويون المغاربة" بعد إزاحتهم صيغة وتعويضها بالموضوعة/المقولة، إن مقالته (ماو) والمقاطع التي أوردناها خالية من هذا الفهم بل تحمل فهما مغايرا تماما. وماو قد تفطن لخطورة تعميم نظراته المصاغة في ذات المقال. أولا أنه يعرف أن تطور الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية إبان الثورة (مرحلة البناء الإشتراكي) قد يصل إلى مستويات تفرض الحل الغير السلمي أي الصراع العنيف، لذا يقول في نفس المقالة المشار إليها سابقا في الفقرة 8 ـ "حول «دع مئة زهرة تتفتح ومئة مدرسة فكرية تتبارى» و«التعايش الطويل الأمد والرقابة المتبادلة»":
"إن الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية، والصراع الطبقي بين مختلف القوى السياسية... سوف يستمر لفترة طويلة ويجري في شكل متعرج وحتى أنه يصبح في بعض الأحيان صراعا عنيفا".
وثانيا باعتبارها طريقة ممكنة لممارسة الصراع الطبقي في شروط محددة وليست بقانون وهكذا قال في نفس الفقرة وفي نفس الوقت:
"إن جميع وجهات النظر المعروضة آنفا هي مبنية على ظروف بلادنا التاريخية المحددة، وبما أن الأوضاع تختلف في مختلف البلدان الاشتراكية والأحزاب الشيوعية، فإننا لا نعتقد أن اتخاذ الأساليب الصينية ضروري أو واجب بالنسبة إلى بقية البلدان الأخرى".
وهكذا أكد أن صيغته تحمل علامة خاصة بالصين وليس لماو اليد خلف "الماويين المغاربة" الدين يهدفون إلى إرغام كل عملية واقعية (حدث، ظاهرة، أشخاص، أفعال) على الدخول في صورتهم ـ موضوعتهم/ مقولتهم (القبلية) ـ الجاهزة. وما لهذه الخلفية من دور في بتر عناصر الواقع الموضوعي وعلاقاتها.
وقبل أن ننهي هذه الفقرة لا بد من قول كلمة في الموضوع ولو أنها تستدعي عملا آخر وخاص، فماو تسي تونغ رغم اعتبار نظرياته من عمق خاصية المجتمع الصيني، وبالتحديد "صيغة «وحدة- نقد- وحدة»" و"التناقض غير العدائي" و"التعايش السلمي بين البروليتاريا والبرجوازية"، فالأمر لا يعني أن الأشياء داخل الصين لا تملك صوتا تدلي به في القضية أيضا. فالبرجوازية ورأسمالها وتراكماتها في جميع المستويات وتكتيكاتها التي لا تعرف المحرم من المحلل من أجل مصلحتها ووضعها داخل الحزب الشيوعي وخارجه وخصيصا داخل اللجنة المركزية ونشاطها وأسلوبها الحربائي وإمكاناتها الواقعية، هذه المعطيات كلما كانت تقتضي التفسير والملامسة لتحديد الطريق السليم بدل ستر الأمر بالتناقض غير العدائي والانخراط في الوحدة، وحدة الشعب والحزب البراكماتية التي أغرقت الحزب بالتيارات والكوادر البرجوازية، والتي لعبت دورا في إيقاف الثورة الثقافية في مهدها وتصفية ما تبقى من الكوادر الماوية مباشرة بعد موت ماو. إن الاحتماء بخاصية الصين لن تشفع لما آلت إليه الثورة: فالخاصية تتطلب التفصيل في كل صغيرة وكل العناصر والمعطيات في تطوراتها وليست مطية لتنويم التحليل للعناصر الفاعلة في الوضع وفي تطوره.
وإذا كانت الثورة الصينية عند "الماويين المغاربة" هي ثورة من أعظم الثورات في التاريخ، فقيمتها الحقيقية ليست في ثباتها، أي في «مقولات» و «موضوعات» (هي بريئة منها) بل باكتشاف الأضواء التي سلطتها على الحياة الإنسانية، والآثار التي تركتها، والدروس التي خلفتها للفكر والسياسة والتنظيم لتطويرها. إن ماو لم يكن نبيا ولا هو في حاجة إلى من يحوله إلى نبي، بتحويل كلامه وكتاباته إلى «نظريات عقائدية» وغاية في حد ذاتها. فالاجتهاد في حفظ النصوص وترديدها، يحول المرء إلى أسير للماضي. فالفرق كبير بين ما تقوله الكتب في مرحلة محددة وما تقوله التجربة في شروط ومعطيات أخرى مغايرة، فالماركسي هو من سيجيب على إشكالات الواقع بمعطياته الجديدة. ودائما بالانسجام مع مبادئه، وليس من يستنسخ إجابات الماضي بعد تشويهها. فتحليل معطيات الواقع تحليلا جدليا، ملموسا، والاسترشاد بالتجارب المشرقة في تاريخ البشرية سيقود صاحبه لموقف سليم في تاريخيته، وبالمناسبة أعيد على أنظاركم ما قاله ماو تسي تونغ في مقالة «في الممارسة العملية» :
"إن نظرية ماركس وانجلز ولينين وستالين هي نظرية صالحة للعالم أجمع، فلا يجوز لنا أن نعتبر نظريتهم عقيدة جامدة بل علينا أن نعتبرها مرشد للعمل...إن قوة الماركسية اللينينية العظمى تكمن بالتحديد في أنها مرتبطة بالممارسة الثورية المحددة للبلدان المختلفة...وإذا ما عمد الشيوعيون الصينيون الذين يؤلفون قسما من الأمة الصينية العظمى وهم مرتبطون بها لحما ودما، إلى التحدث عن الماركسية بمعزل عن خصائص الصين، فإن الذي يتحدثون عنه ليس سوى ماركسية مجردة جوفاء".
ـ دور الفكر من وجهة نظر "الماويين المغاربة"
إن دور الفكر كما يقدمه "الماويون المغاربة" هو أن يدرك القانون ويجد الموضوعة/المقولة المعبرة عنه، أي أن الفكر مهمته بين إدراك القانون وإيجاد الموضوعة/المقولة المعبرة عنه، ففي هذا المعنى وسيط ما بين ما هو قبلي وما بين "العمليات الواقعية" بعد إدراك القانون (مع تسجيل الفرق القائم بين إدراك القانون واكتشاف القانون). إن الفكر هو ربط قوانين الأشياء بالمسلمات المعبرة عنها أو المطابقة لها. لكن السؤال الذي يبدوا بديهيا: من أين جاءتنا ما يسمونه موضوعة أو مقولة؟
بالتأكيد أن أصحاب هذا الرأي لن يترددوا في الرد بأن هذه الموضوعات/المقولات جاءتنا من الماركسية، متناسين أن هذه الإجابة أشبه في عمقها بالإعجاز العلمي في القرآن الذي يريد منه أصحابه أن يخرس العلم. فكلما تطور العلم وتوصل إلى اكتشافات واستنتاجات جديدة يقفز أصحاب الإعجاز إلى الواجهة ليعلنوا عن سبق القرآن لما وصله العلم وذلك بعد إدراكهم للنتيجة العلمية أو للاكتشاف العلمي وإيجاد الآية المعبرة عنه، باعتبار أن القرآن شامل وكامل ولم يترك أي صغيرة ولا كبيرة في الكون وفي كل الميادين (فيزياء، كيمياء، علم النفس، ظواهر طبيعية...).
وهكذا فالإجابة السالفة (الموضوعة/المقولة جاءتنا من الماركسية) هو تحويل الماركسية إلى مسلمات جامدة، شاملة، كاملة.
إن هذا الجمود دفع "الماويين المغاربة" إلى بتر التطور ونصبوا عوضه "النمو":
"إن عملية بناء الوحدة مثلها مثل كل عملية واقعية هي صيرورة محكومة بقوانين موضوعية...إن بناء الوحدة هي صيرورة محكومة مثل كل صيرورة بقانون التناقض الذي يشمل جوهر تطور الأشياء. إن لقانون التناقض طابعه الشمولي، نمو يحكم جميع الصيرورات...". إن الماويين المغاربة" لو قالوا التطور يحكم جميع الصيرورات لسقطوا في مأزق حقيقي وفي تناقض يفرض بالضرورة تجاوز المقولة/الموضوعة. لأن الحديث عن التطور يحمل دلالة وجود الانتقال والجديد لكن الاقتصار على النمو هو لحصر الصيرورة في حدود التراكمات الكمية (أي أنها لا تستدعي الاجتهاد) وهذا الفهم يترك مجال الانسجام عندهم وبالإيمان بصلاحية الأفكار القبلية لذا فمهمة الفكر ما بعد ماركس وانجلز ولينين وماو هو في إيجاد الموضوعة الماركسية المعبرة عن "الأشياء" عن كل "عملية واقعية"، وهذا ما يدحضه كلام لينين بهذا الصدد : "المقولات درجة من درجات معرفة الكون" )دفاتر فلسفية(
إن أي تصور من هذا القبيل وأي أفكار من هذا النوع مهما احتالت على الماركسية، وتحدثت باسمها، فلن تكون مقنعة. لأن معطيات الواقع في تجدد وفي تطور مستمر، وأن الانطلاق من خلاصات التجارب السابقة لتفسير أو لتطبيق مواقف أو رأي، على تجارب جديدة دون تحليلها بشكل ملموس لن تؤدي إلا إلى إرغام الواقع للدخول في الأشكال الجاهزة والقبلية، وهو في الواقع بتر تعسفي للأجزاء الغير قابلة للتكيف.
فإن كانت الماركسية نتيجة لجدل عميق فإن "الماويين المغاربة" يرغمون جدلها على الوقوف في حدود عمالقته وعلى صلبه وتعليق مقولاتهم/موضوعاتهم عليه.ويرغبون التابعون على تطبيقها على التجارب أيا كانت هذه التجارب وهي عمليا "رغبة" في خنق كل معطيات الواقع وإدخالها في قالبهم الجاهز. وهذا التفكير ساد في مرحلة محددة من التاريخ وقد آمنت به الأحزاب الشيوعية الموالية للإتحاد السوفياتي آنذاك وبعض التيارات لكن مسار هذا التوجه لم تنفعه عملية التجميد للجدل لأن خنق الأفكار لن تخنق تطور الواقع والتاريخ قد قال كلمته في الموضوع.

النهج الديمقراطي القاعدي
ماي 2010

انتهى
انظرالمدونة التالية http://unem-vdb.maktoobblog.com/



#النهج_الديمقراطي_القاعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير حول الانتفاضة البطولية بمدينة مراكش
- بيان فاتح ماي موقع الرشيدية
- قراءة نقدية في الميثاق الوطني للتربية والتكوينميثاق وطني للت ...
- القاعديون التروتسكيون- (!!)أكبر مهزلة يشهدها تاريخ الحركة ال ...
- بيان للرأي العام
- :قراءة نقدية في- الميثاق الوطني للتربية و التكوين-: ميثاق وط ...
- بيان إلى الرأي العام الوطني والدولي
- بيــــان حقيقة


المزيد.....




- ما هو مصير حماس في الأردن؟
- الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ...
- ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟
- وزير الخارجية الجزائري: ما تعيشه القضية الفلسطينية يدفعنا لل ...
- السفارة الروسية لدى برلين: الهوس بتوجيه تهم التجسس متفش في أ ...
- نائب ستولتنبرغ: لا جدوى من دعوة أوكرانيا للانضمام إلى -النا ...
- توقيف مواطن بولندي يتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية في التخط ...
- تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه -خطير جدا-
- اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرها ...
- نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمق ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - النهج الديمقراطي القاعدي - حول الإطار الفكري ل -الماويين المغاربة-