أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - حكاية قانون الطوارئ














المزيد.....

حكاية قانون الطوارئ


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 3019 - 2010 / 5 / 30 - 14:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن يكون فيما نقول الكثير من التجاوز إذا زعمنا أننا شعب يدمن الموالد، نعشقها وننتظرها من العام للعام، وربما يتتبعها البعض ويذهب خلفها من إقليم لإقليم، حسب مواسم أولياء الله الصالحين وقديسيه، الذين ورثوا دور آلهة الأقاليم في ديانات مصر القديمة، والذين كانت تقام لهم الاحتفالات أيضاً بعد مواسم الحصاد، لتكون فرصة للاحتفاء بالحياة، قبل أن تهدد ثقافة الموت الوهابية الصحراوية الروح المصرية الأصيلة. . الموالد فرصة للفرح والمرح والانطلاق، بما يُخرج مكبوتات الكآبة والقهر والفقر طوال العام. . هكذا الحال طبق الأصل في ساحتنا أو شارعنا السياسي، فالمطلوب على الدوام وتوالي الفصول أن يكون هناك دائماً خيمة مولد منصوبة، نرى فيها شجيع السيما وهو يستعرض انتصاراته الوهمية، كما نرى الخبراء ببواطن الأمور وهم يصفون للعمدة "منين يروحوا المتولي"، وفي هذه "الزحمة يا ولداه، كام عيل تاه!!".
الآن مولد أو موسم "قانون الطوارئ"، بمناسبة التجديد الألفي أو المليوني له (تعبنا من العد)!!. . وفي هذه المناسبة يحلو الشجب والتنديد، وسواء كنا من صنف الموالدجية أم لم نكن، فلابد وأن نشجب استمرار مصر كل هذه الفترة تحت قانون الطوارئ، لكن ما يتجاهله الجميع، سواء عن عمد أو عن غفلة، هو أن الحالة المصرية بالتحديد، والتي تتشارك فيها مع جميع الشعوب التي نُكبت لعقود بالحكم البوليسي، ليست هي مشكلة العيش في ظل قانون معد لظروف خاصة واستثنائية تتعرض فيها البلاد لمخاطر، وتحتاج لقانون يتيح للإدارة سرعة الحركة ومرونة الإجراءات، بعيداً عن تعقيدات قانون الإجراءات الجنائية، الذي يوازن بين تحقيق العدالة بالقصاص، وبين ضمانات العدالة، عملاً بمبدأ "تبرئة ألف مجرم، خير من إدانة بريء واحد"!!. . فهذا المبدأ بلاشك عظيم ويحترم إنسانية الإنسان، لكنه في الظروف الاستثنائية، حين تتعرض البلاد مثلاً لخطر الإرهاب، فإنه لا يكون أمامنا متسع لرفاهية قانون الإجراءات الجنائية العادي، لأن "تبرئة مجرم واحد، قد تيح له قتل ألف بريء"!!
المشكلة الحقيقية في بلادنا، ليست الوقوع تحت ظل قانون استثنائي دون مبرر كاف، أو دون وجود ظروف استثنائية، فما يدوم لسنوات طويلة، لا يمكن بأي حال اعتباره استثناء!!. . المشكلة هي أن الأجهزة الأمنية قد تعودت وتبرمجت خلال عقود الحكم البوليسي الطويلة أن تدير ظهرها للقانون، سواء كان قانون طوارئ أم قانون عادي. . تبرمجت تلك الأجهزة أن إرادة الحاكم ورغباته هي القانون، وأن المواطن العادي لا كيان ولا حقوق له، خاصة إذا ما كان محل غضب صاحب السلطان، الذي قد يكون الجالس على العرش، وقد يكون أحد ذوي الحيثية، باختلاف مستويات تلك الحيثية، التي تصل أحياناً لأن يكون على صلة قرابة بمساعد في قسم شرطة، بما يتيح له إمكانية التنكيل بمن يكون على خلاف معهم من جيرانه!!
الأمر الملح إذن، والذي من العبث القفز عليه، لنتحدث عن حالة أكثر تقدماً أو أقل وبالاً، هو أن نلتزم جميعاً بالقانون، سواء كنا حكاماً أم محكومين. . حالتنا هي أن المسؤولين يسيئون استخدام سلطاتهم ضاربين عرض الحائط بالقانون، والمحكومون يتفنون ويتحايلون على القانون، وعلى القائمين على تفعيله، أو بالأصح على التظاهر بتفعيله. . فما حدث أخيراً من القبض على مجموعة من الشباب المسيحي بالعجمي بتهمة التبشير، رغم أنه لا توجد بالقانون المصري مثل هذه التهمة!!. . والأحكام التي تصدر في قضايا العائدين للمسيحية وما يتعلق بأولاد المسيحيين الذين أشهروا إسلامهم، وتأتي في حيثياتها أن "الإسلام هو الدين الأعلى"، رغم أنه لا القانون المصري العادي أو قانون الطوارئ ولا الدستور قد نص على أنه هناك دين أعلى وآخر أدنى، ليكون الأمر كله ليس أمر قانون عادل أو ظالم، طوارئ أو عادي، وإنما الأمر أمر تنحية القانون على جميع المستويات، والعمل وفقاً لقانون "المزاج والموائمات والتساهيل"، وهو بلا شك قانون أكثر جوراً من قانون الطوارئ.
نرى في الأفلام الأمريكية أن رجل البوليس عندما يقبض على مجرم، ويكون الاثنين منفردين دون وجود آخر مراقب لهما، يحرص رجل الشرطة على قراءة حقوق المتهم عليه، احتراماً لسيادة القانون الذي ينص على ذلك!!. . هذا الحرص والاحترام الشخصي للقانون، والمزروع في ثقافة وسلوك الناس جميعاً، وفي مقدمتهم بالطبع القائمون على صيانة الالتزام بالقانون، هو أمر جوهري لكي تحيا أمة في ظل العدالة والحرية وحقوق الإنسان.
مؤقتاً ولحين إشعار آخر فلتطبق الدولة أي قانون تراه مناسباً، قانون عادي أو طوارئ أو قانون إرهاب، أي قانون مهما كان سيئاً، هو في البداية والنهاية قانون، نعرف بموجبه ما لنا وما علينا، ويحدد لكل طرف سلطاته ومسئولياته وواجباته، أي سنستطيع بموجب القانون أن "نعرف رأسنا من رجلينا"، حتى لو كان هذا القانون "يضع رأسنا محل رجلينا"!!
إذا أدرنا وجوهنا لمن يناهضون قانون الطوارئ وقانون الإرهاب -المتعثر لدى الحكومة- "لغرض في نفس يعقوب"، أي لهؤلاء الذين لا يسعون حقيقة لسيادة القانون، وإنما لسيادة الإرهاب والإظلام باسم الدين، فإننا نقول للساعين بحق لحياة أكثر عدلاً وحرية في بلادنا، أننا ينبغي الآن أن نركز على شيوع ثقافة الالتزام بالقانون واحترامه على جميع المستويات، ومن القمة حتى القاعدة، فمهما كان تعسف وجور من هم في القمة، فإن عصف القاعدة واستهتارها بالقانون أشد وطأة في تخلف هذه البلاد، ربما بعدها لن يكون أي طرف بحاجة لقانون طورائ!!
مصر- إسكندرية



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهروب إلى الليبرالية
- مشكلة حوض النيل- محاولة للفهم
- حكاية البحث العلمي
- خربشات طفولية-3
- الرهبنة المصرية من منظور علماني
- زعماء على أعتاب الإخوان
- الإخوان وتخدير الذبائح
- من حاكم مصر الحقيقي؟
- رؤية علمانية لقوانين الزواج
- النهر الخالد ولعنة الأشاوس
- بين الخلطة والخلطبيطة
- حكاية -عبد المعين-
- البرادعي والجماهير سابقة التجهيز
- دائرة الإيمان وما حولها
- ماذا تريد جريدة المصري اليوم؟
- مفهوم المواطنة على المحك
- خربشات طفولية- 2
- الديموقراطية منهج حياة
- كن ليبرالياً ودعني أقتلك
- العنف المقدس وإرهابي طائرة الرئيس


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - حكاية قانون الطوارئ