أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


فاجأني التقرير الذي نشرته وفاء في مجلتها وأثار غضبي. انها لم تلتزم بما اتفقنا عليه, وذكرت عن المتّهم بأنه من اقرباء الضحية وابن عائلة مرموقة ومعروفة. ثم تلقّيت اتّصالا في مكتبي يهدّدني بأن اترك هذه القضية والا ... فالموت! ثم عرفت من وفاء انها تلقّت نفس التهديد! مما يؤكّد, برأيها, خطورة ذلك المجرم على المجتمع. اما انا فقد اعتبرت ما حدث نتيجة مباشرة, دون شك, لتهوّرها واندفاعها حين كتبت ما كتبت في تقريرها عن المتهم. فقد خاف المتهم بان تنكشف هويته امام الناس فتكون الفضيحة.
"اذن, انت تظن ان المتصل هو من طرف المتهم؟؟" سألت.
"لست قلقا من المتصل بقدر ما انا قلق بانعدام الدليل القاطع لإدانة المتهم."
فقالت وفاء: "اسمع يا عمر, لقد فهمت من حديثي مع عبير أنها تعلم شيئا ما لا تكشف عنه. وربما تكون فتاة اخرى في عائلتها القريبة قد تعرضت للاغتصاب من قبل المتهم."
"وكيف نعرف ذلك ان كانت عبير ترفض التحدّث عن الموضوع؟"
"دعني أتحدّث اليها مرة اخرى."
"لا!"
"لن أكتب شيئا عنها. أعدك بذلك."
"وهل تظنين اني سأصدّقك بعد ما فعلتِ؟"
"اعتذر عما فعلت. كانت غلطة مني. ولكن, هذه المرة سأفعلها لأجلك انت, ولأجل العدالة. انا واثقة انها ستتكلم هذه المرة."
"وكيف تكونين واثقة؟"
"لدي فكرة كيف أجعلها تنطق."
كانت وفاء انسانة واثقة جدا من نفسها. وكانت ثقتها كبيرة بأن عبير ستخبرها عما تخفيه عنا. وهكذا, سمحت لها بالتحدث اليها للمرة الثانية. لم أكن متأكدا ان كنت مصيبا ام مخطئا مرة اخرى, ولكني كنت اعلم انها الطريقة الوحيدة التي ربما تساعدني في هذه القضية. ولكن وفاء لم تخذلني هذه المرة. فقد كشفت لها عبير ان المتهم تعرّض لأختها الكبرى ايضا, الا ان اختها رفضت الكشف عن ذلك لأنها متزوجة.
اتفقت مع وفاء التوجه الى تلك الأخت لإقناعها بالشهادة عما تعرّضت له. فذهبنا الى بيتها وحين طلبنا منها الإدلاء بشهادتها رفضت الأمر وادّعت بأنها امرأة متزوجة ولها ولد ولا تريد ان يعرف احد بما حدث, ولا سيما زوجها. وكانت تبدو خائفة للغاية من رد فعل زوجها ان علم بتعرضها للاغتصاب.
فقالت لها وفاء: "ما حدث ليس بذنبك, وانت ضحية ذلك المجرم السافل الذي يجب ان ينال جزاءه. وها هو قد تعرّض لأختك الصغرى, ومن يدري ان كان قد تعرّض لغيركما ايضا او من ستكون ضحيته القادمة ان لم ينل جزاءه! يجب ان نفعل كل ما بوسعنا كي نوقف ذلك المجرم."
فتأثّرت المرأة من كلامها ورقّ وجهها. ثم قالت: "ولكن زوجي..."
قاطعتها وفاء بقولها: "زوجك من المؤكد سيفهم ان سلامة زوجته وأم ولده أهم من اي كلام يسمعه من احد وسيساعدك حتما لتخطي هذه المحنة."
وهكذا أقنعتها وفاء بأن تشهد في المحكمة عما تعرضت له من قِبل المتهم, ولكن اشترطت بأن يوافق زوجها. فتركنا بيتها مفعمَين بالأمل والتفاؤل.
في الطريق, قالت لي وفاء: "ستكون ادانة هذا المجرم على يديها."
قلت: "لا بد ان شهادتها ستكون خطوة مهمة في طريق ادانته. ولكن, هل سيوافق زوجها على شهادتها في المحكمة؟"
"لا شك عندي انه سيوافق. انها زوجته وام ولده. وسيرغب بالتأكيد بأن ينال المجرم جزاءه."
نظرت اليها وابتسمت. سألتها: "هل انت دائما هكذا ؟"
"كيف؟" استغربت.
"متأكدة, واثقة, لا شك عندك..."
ضحكت وفاء من كلامي وردت: "في العادة, احاول ان لا افعل الأشياء الا اذا كنت متأكدة منها."
وصلنا الى مكتبي. أحسست فجأة بأني لا اريد ان نفترق. وقفت أحدّق في وجهها طويلا, ثم سألت: "ألا تريدين ان تصعدي لشرب القهوة؟"
رفعت اليَ وفاء نظرة نقية... ثابتة, وظلّت تنظر الي برهة, وكأنها تشاور نفسها. ولكنها سرعان ما أرخت وجهها وأجابت: "ربما في فرصة أخرى." ومضت في سبيلها مودّعة.
خالجني احساس غريب وانا واقف هناك أتأملها وهي تبتعد خطوة بعد خطوة. انه احساس لم أشعر بمثله منذ اعوام مضت, ولم اعرف انه قد يعود.
صعدت الى مكتبي وجلست لساعات أخلو الى أفكاري التي ظلّت تروح وتغدو ثم تعود وتدور حول انسانة واحدة هي وفاء.
مضت ايام دون ان اسمع شيئا منها او أراها. ثم ذات يوم, اتّصلت بها الى المكتب, وكان صوتها يرقص فرحا, وأخبرتني ان أخت عبير وافقت بأن تشهد في المحكمة. وبعد اقل من اسبوع عقدت الجلسة التالية في القضية وشهدت فيها اخت عبير بأن المتهم تعرّض لها بالإغتصاب منذ عدة سنوات ولم تخبر احدا بالأمر خوفا من ردود فعل الآخرين, وخاصة زوجها. ولكن بعد ان تعرّضت أختها الصغرى لنفس الشيء, قررت ان تكشف الأمر كي توقفه عند حده وينال جزاءه.
كانت شهادتها مهمة جدا للإدعاء. وكنت متفائلا بأنها تكفي لإدانة المتهم. خرجت من قاعة المحكمة مملوءا بالأمل والسعادة, ثم التقيت بوفاء, التي كانت تشعّ فرحا بابتسامتها الواسعة المرسومة على شفتيها. قالت: "أظن ان النصر قريب الآن, أليس كذلك؟"
"تظنين؟!" قلت بدهشة ساخرة. "هذه أول مرة اراك تظنين! اين ذهبت بثقتك يا وفاء؟! أم انني... لست أهلاّ بها؟"
فضحكت قليلا. "لا, ابدا. لقد أحسنت صنعا. كنت رائعا." أطرت لي.
ابتسمت ابتسامة كبيرة, ثم قلت لها: "وانت كنت لي عونا كبيرا, وربما اكثر من ذلك."
"اذن, هل سامحتني على غلطتي الماضية؟"
اطلقت ضحكة خفيفة وانا أرد: "من زمان."
ثم افترقنا, وانا أشفقت على نفسي حين عدت الى مكتبي لأني لن أراها الى حين موعد الجلسة النهائية.


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة