أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - لم أفكر بذلك














المزيد.....

لم أفكر بذلك


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 20:47
المحور: كتابات ساخرة
    


صدقوني أنني لم أكن أعلمُ ولو كنت أعلمُ شيئاً لغيرت مجرى حياتي منذ أكثر من عشرين عامً , ولو كنت أعرف كل شيء لَما زرعت في وطني وردة تموت وهي لم تتفتح بعد للشمس ولا للهواء , وكل شيء في حياتي كنتُ أتوقع حدوثه قد حدث معي وكنتُ وما زلتُ مستعداً لأسوأ الاحتمالات, ولكن حدثت معي في حياتي احتمالات أسوأ مما كانت متوقعة .

ورأيتُ في حياتي كثيراً وقليلاً ونال مني التعب والإرهاق وما زلتُ أحتفظ بطعم الأيام المُرة, ولكني لم أكن أتوقع أن يأكل غيري من الناس حظي ونصيبي ليقولوا هذا من عند الله إن الله يرزقُ من يشاء بغير حساب , وبنفس الوقت يحاسبوني على كل حرف وكلمة أقولها.
وفكرتُ طوال حياتي بفعل كل شيء وكل شيء كنتُ أفكرُ بفعله قد فعلته دون تردد ولكن لم أكُ أعرف أن الأيام والليالي ستفعلُ بي ما لم أكن لأتوقعه أو لأتصوره أو لأتخيله, وآخر ما كنتُ أفكرُ به هو أن أكون نبياً يحبني كل الناس ويتبعوني على طريق الصراط المستقيم ليحقق لي كل الأغبياء والجهلة والعُميان والطرشان والخرسان طموحاتي وبنفس الوقت أكون عاجزاً عن تحقيق أي شيء لهم .

ولم أكن أتوقعُ في يومٍ من الأيام أن أضطر آسفاً إلى مداهنة الناس ومجاملة صغار الكُتاب ومدعي الإبداع بكلمة :جميل ورائع .

وآخر ما أحلمُ به هو أن أكون رسولاً لا أستطيع أن أهدي نفسي وأدعي الهداية للناس وأن أحّرمَ على الناس زينة الحياة الدنيا وبنفس الوقت أتخذَ لنفسي كل ما حرّمته على الناس,ولم أكن أتصور في يومٍ من الأيام أن أعيش على قُمامة المنحطين.
وآخر ما أفكر به هو أن أكون عبداً صالحا ًفي نظر الناس وبيني وبين نفسي شيطاناً لعيناً, ولم يخطر ببالي يوماً أن أبيع قصة نضالي وكفاحي لصاحب دار نشر لا يقرأ ولا يكتب.
وآخر ما أفكرُ به هو أن تكون لي جنة من نخيلٍ وأعناب وحوريات وأنهار من عنبٍ وخمر, وآخر ما أفكرُ به هوأن أدخل جنة تمتلئ بالكذابين وبالنصابين وبالدجالة من شهبندرات التجار وتجار الكلمات المتقاطعة والضائعة والسرية والمزيفة الذين يتلاعبون بأماني الشعوب, وآخرُ ما أفكرُ به أن أكون آلهة أو إلهاً يسبني الناس ويلعنوني وأمام بعضهم البعض يعبدونني بالكذب وبالنفاق وبالرياء.

وآخر ما أفكرُ به هو أن أكون خليفة للرب على الأرض يحيينني الناس في الشوارع مصفقين ومغنيين مُزمرين ومطبلين وحين أدير لهم ظهري يرجموني بأحذيتهم وألسنتهم المتسخة, وآخرُ ما أفكرُ به هو أن يكون لي رصيداً كبيرا في البنوك وأن يكون قلبي مفلساً وعقليً مخصياً , ولم أفكر يوماً بأن أنال محبة الحكومات الرجعية أو أن يعتبرني وطني أحد المواطنين الذين تنطبقُ عليهم قواعد وأصول الرفاهية المستدامة .

وآخر ما أفكرُ به أن تكون بأحضاني ملكة جمال العالم تغني لي وترقص على لحن الرجوع الأخير,وليس معي سوى صورة لامرأة أخرجها كل يوم من مخيلتي أنظر إليها وأحاكيها وأحلمُ أني أعيش معها طريداً كما هي طريدة الأهل والإخوة والشرطة الدينية , وآخر ما أفكرُ به أو أحلمُ به هو أن يكون لي حقيبة وزارية أو مقعداً في مجلس النواب , وآخر ما أنظرُ إليه هو الذي تحت أقدامي من نعيم الحياة وملذاتها.

وليس لي في هذا العالم سوى ركنٍ بسيط في بيتي آوي إليه ساعة تأخذني الهموم والأحزان وأعتبره جنتي ونعيمي الذي لا يزول , وليس لي في هذا العالم سوى قلمٍ أكتب به وأخط به صفحة جديدة من حياتي كل يوم , وآخر ما أفكرُ به أن أنزع عن جلدي صفة المحبة للناس والالتصاق بهمومهم وتطلعاتهم وليس لي في هذه الدنيا سوى بعض الدموع والانفعالات التي أجترها كل يوم اجترارا على مصير هذا العالم البائس والحزين , وليس لي في آخر الليل حضنٌ آوي إليه ساعة الخوف من العتمة والظلام فأنا بلا حضن أشعر بالحنين إليه وأنا بلا روضة وبلا بساتين وأنا المسافر ليلاً ونهاراً ومكتوب عليّ أن أعيش حاملاً بيدي حقيبة السفر, وآخر ما أفكرُ به هو مصاحبة الذكريات القديمة فليس لي ذكريات لا مع المطر ولا مع الريح ولا مع الشمس.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف ضد الآخر
- أعياد ميلاد الزعماء العرب
- أنا على دين المحبة والمساواة
- الحرية الجنسية تنمية مستدامة
- المرأة المُستعمَلة
- لماذا أحب وفاء سلطان وتحبني
- المرأة هدف الرجل المسلم
- أنا رجل مشبوه
- النهضة العربية هي نهضة مسيحية
- هكذا يجب أن تكون الخُطب
- إلى من يهمه الأمر
- هل أنا مواطن أردني؟
- في حاره مليانه إبساس
- الكتب التي أكلتها
- إدعاء النبوة والكذب على الله
- اليوم عيد ميلادي
- الزوجة والخادمة
- في ناس هيك, وفي ناس هيك
- العائلة المسيحية والعائلة المسلمة
- تعليم القيم وتعلمها


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - لم أفكر بذلك