علي الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 02:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
((عودة اليسار العراقي الحل لانهاء ازمة النظام))
الحلقة الاولى
منذ اغتيال ثورة الرابع عشر من تموز بدأ العراق بالعد التنازلي في مختلف مجالات الحياة بعد تحالف قوى الشر المتمثلة بالرجعية العربية وبقايا قوى الاقطاع والمؤسسة الدينية المتحالفة معها .فالقمع الفكري بدا من تلك الفترة وأمتلات السجون بالقوى الوطنية المؤمنة بوطنها ,وغيبت خيرة شباب العراق في دهاليز التعذيب والسجون السرية,وقسم ترك العراق ليستقر في دول المنافي مرغما ومتأملا بتحسن الوضع في العراق وعودته الى ما كان عليه من حرية التعبير والتظاهر والمطالبة بالحقوق من خلال التنظيمات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني كي يعود أدراجه الى وطنه الام ,لكن الكثير منهم لم يتحقق حلمه هذا لطول الفترة الزمنية المظلمة التي مر بها العراق ,فالقسم الاعظم منهم وافتهم منيتهم والاخر أصبح في سن الشيخوخة التي تمنعه من ممارسة نشاطه الجسدي ولكن بنشاطه الفكري يستطيع ا لمساهمة في اعادة لحمة النسيج الوطني العراقي أذا توفرت له الظروف المناسبة لعودته.
ان هيمنة القوى اليمينية الديكتاتورية المدعومة من الغرب والملتبسة بلباس العروبة التي حكمت العراق اكثر من ثلاث عقود من السنين ,لم تحقق ما كانت ترفعه من الشعارات القومية بل عمدت الى تخريب العلاقات العربية العربية والعراقية الدولية وخصوصا بعد انتهاء حرب الخليج الثانية حيث تم قطع العلاقات الدبلوماسية من قبل أغلب دول العالم لعنجهيته وأستهتاره بالمواثيق والاعراف الدولية وانتهاك حقوق الانسان واضطهاد أغلب فئات الشعب من غير الحزبيين ,وانتهاج سياسة العداء والاستعلاء على الشعوب وزج الشعب العراق في حروب عبثية خاسرة الغرض منها عسكرة المجتمع العراقي لديمومة حكمهم الدموي .
اما على المستوى الداخلي فالاقتصاد العراقي وصل الى أسوء حالاته من خلال القروض التي اقترضها من كل دول العالم لادامة الته العسكرية الحربية والفوائد المترتبة على هذه القروض والتي لا زال العراق يعاني من أثارها حيث تم أسقاط الكثير منها وبقيت دول تطالب بها بأستمرار وتريد أن تبقي العراق تحت طائلة البند السابع بحجة عدم أيفاءه بالتزاماته الدولية تجاه تسديد الديون المترتبة عليه.,مقابلها أنتشار الرشوة والفساد والبطالة والفقر وسوء الخدمات وأنتشار الامراض والاوبئة ظهور حالات التشرد للاطفال من كلا الجنسين,وانخفاض المستوى التعليمي بعموم العراق من خلال كثرة التسرب من المدارس نتيجة تدني المستوى المعيشي لاغلب طبقات الشعب العراقي.
ومما زاد الوضع صعوبة هو فرض الحصار الاقتصادي ولاكثر من عشر سنوات على الشعب,مما أضطر الكثير الى ترك بلدهم والتوجه الى دول العالم المختلفةلايجاد العيش المناسب لهم بعد أن ضاقت الارض العراقية بمعيشتهم رغم ما تحويه من كنوز من الخيرات والثروات,
فالمثقفين من أساتذة الجامعات والاطباء والمهندسين والفنانين بكل صنوفهم والشعراء وأصحاب المهن والحرف النادرة هم على رأس من غادر العراق خلال فترة الحصار التي تعد من اكثر الفترات هجرة للكوادر العراقية عدا ما سبقتها فترة تصفية التيار اليساري وما رافقها من هجرة مماثلة في سبعينات القرن الماضي ,وهؤلاء هم البناة الحقيقيون للنسيج العراقي وتماسكه كل من موقعه ,أن ما يعاب على اليسار العراقي لم يستطع أنجاب كوادر كتلك التي انجبها في السبعينات لعدم توفر الارضية المناسبة له المتمثلة بفسحة من الحرية ليتمكن الانسان العراقي من الابداع ,وتجميد نشاطه الجماهيري في اغلب مناطق العراق خوفا من بطش النظام ,حيث كان النظام الديكتاتوري الحاكم انذاك مسلطا سيفه على رقاب المثقفين بالدرجة الاساس لانه يعرف جيدا انهم المشاعل الحقيقة لانارة ظلمة الفكر الانساني .,وهم القادرون وحدهم على التغيير الفعلي للمجتمع نحو الافضل ,فبدون الحرية الفكرية والشخصية لا يتولد الابداع وبالتالي لا يتم التغير .
أن التحالف الدولي الاستعماري بقيادة امريكا والتي قدمت الكثير من الاموال الطائلة وألالاف الضحايا من جنودها عند عملية التغيير في العراق لم يكن هدفها الرئيسي أنشاء نظام ديمقراطي ,بقدر تأمين مصالحها الخاصة من خلال أيجاد نظام موالي لها ,أنها تريده أن يبقى العراق بلدا زراعيا منتجا للمواد الاولية لمصانعها كي تتمكن من نهب موارده الاخرى وخلق طبقة أقطاعية جديدة تتحكم بمصائر الالوف من الفلاحين ,تريد ان تقضي على الطبقة الصناعية من العمال من خلال القضاء على الصناعة الوطنية ,لانها تعلم جيدا ان تلك الطبقتين هما الرصيد البشري لقوى اليسار التي تستطيع من خلالهما تحريك االشارع العراقي للمطالبة بحقوق المظلومين والمضطهدين من جراء سياسة الاحتلال ,ولهذا استقدمت معها عند دخولها العراق شرذمة من القوى التي كانت يوما تحسب على المعارضة المتمثلة بمجموعة من اللصوص والسراق والطامعين بثروات البلد ,ولتخريب أقتصاده ونهب خيراته ,,وهذا ما يلحظه الشارع العراقي ومنذ 7 سنوات والاوضاع من سئ الى أسوء,,حيث نشات أحزاب وتيارات دينية مختلفة تمويلها من المال المسروق ومن دول مجاورة ومن امريكا المتحالفة معهم كقوى معادية للفكر اليساري المدافع الحقيقي عن مصالح طبقات الشعب المختلفة...
أن القوى والاحزاب التي تتحكم بالعملية السياسية في العراق ومنذ اكثر من سبع سنوات لم تقدم على تقديم برامج اقتصادية او سياسية للنهوض بالبلد وتوفير فرص عمل للعاطلين بل اتخذت من الدين كالسيف ذو الحدين فمن جهة أستطاعت تسيس الدين لمصالحها وتطلعاتها المستقبلية ومحاربة قوى اليسار العراقي من جهة أخرى وذلك من خلال أجادتهم العزف على الوتر المذهبي والطائفي عند الازمات وتخويفهم من قوى اليسار بأنها في حال وصولها السلطة سوف تقوم بمنع أقامة شعائرهم الدينية التي جعلوا منها هاجسهم وهمهم الاول وتركوا بقية مشاكل المجتمع, مستغلة البؤس والفقر والجهل المتفشي في اوساط المجتمع العراقي, و زادت الاوضاع تعقيدا من خلال محاولاتها لسحق الطبقة الوسطى في العراق وتكوبن طبقة أرستقراطية من قادتها وحواشيهم من خلال النهب المستمر لاموال وموارد العراق الاخرى,وتحويل الاموال المسروقة الى البنوك الاجنبية وأستثمارها في العقارات والشركات الاجنبية, وزيادة أعداد الطبقة الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر ,حيث تذكر الاحصائيات الاخيرة بان هنالك أكثر من ثلث الشعب العراقي يعيش تحت خط الفقر(أكثر من عشرة ملايين فقير)جرا ء سياسة الاقتصاد العشوائي التي تنتهجه تلك الاحزاب وعدم وضوح معالم ستراتيجياتهم المستقبلية ,لكون همهم الاول والاخير التصارع على المناصب والمنافع الشخصية فقط وترك البلد يعوم في دوامة الفقر والجهل والتخلف,.وبما أنهم أحزاب لا تؤمن بالديمقراطية وانما فرضت عليهم لتجميل وجه المحتل فقد عمدوا الى تدمير الطبقة الوسطى باعتبارها الحاضنة الحقيقة والتي تنشأ في رحمها الديمقراطية ,,,ان أحزاب السلطة بدات بحفر قبرها بيدها دون أن تعلم ,أنها بدات بتهيئة الارضية المناسبة لعودة قوى اليسار الى الواجهة ,من خلال عمليات النهب والتخريب وتردي الخدمات التي انتهجتها طيلة السبع سنوات الماضية وتململ الشارع العراقي لذلك,فعلى قوى اليسار ان تحسن أستغلال الظرف الحالي الذي يمر به العراق والتقرب من الجماهير التي خدعت بشعارات براقة من قبل احزاب السلطة,,,,
للحديث بقية في الحلقة الثانية
#علي_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟