أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟















المزيد.....

سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 18:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يتعض حكام المنطقة، ولم يتعلموا من دروس الماضي البعيد أو القريب، في اتباع سياسات ــ أقل مايمكن أن يقال فيها أنها خرقاءــ فلا تتحرك أساطيل الإصلاح أو أدعاء الإصلاح والعفو ومد يد الاعتراف بعدو الأمس الأيديولوجي أو صاحب الموقف السياسي المختلف عن رؤية صاحب كرسي السلطة ــ بغض النظر عن طريقة استيلائه عليها ــ بعد أن كال لَهَم التهم وشن عليهم حروب التخوين والقمع وحتى التصفية الجسدية، إلا بعد أن أحس القابض على السلطة بأنه يقبض اليوم على النار وأن الفأس باتت قريبة من الرأس، وأن نظامه بات قاب قوسين وأدنى من الانهيار أو تفتيت البلاد وشرذمة العباد، حينها فقط يبدأ التراجع والعد العكسي ويتخذ القامع والمستبد صفة الحمل الوديع ، الأخ والصديق الحريص على الوطن ووحدته الوطنية ورؤية المخاطر ، التي تهدد هذه الوحدة بعين حريصة !لكنه لم يرها حين بدأت ظواهرها تشق الأفق وتنذر ...لم يعرها اهتماما حين بدأت أعشاش التخريب تعبث بوحدة الوطن أو حين تربع على عرش السلطة عقوداً فارضاً هيمنته بالسيف ومشرعاً سلطته بلغة الاجتثاث والبتر لكل يد ترتفع وتطالب بحرية أكثر وبعدل ومساواة بين أبناء الوطن الواحد، هذا هو الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يطلق العفو تلو الآخر ويمد اليد للجنوب والشمال...يتصالح ويعد يالصلح والإصلاح، يعد بحكومة وطنية تشمل وتجمع وتوحد...لكنه لم يكن كذلك حين ارتكب أخطاء فاحشة بحق أبناء الجنوب وحرمهم من مشاريع وحقوق إنسانية، وزج بهم في السجون أو تركهم نهبة للمنافي، لم يعر الحوثيين ومطالبهم اهتماماً ولا لليد الإيرانية المنتظرة سهوه ولهوه لتخترق صفوفاً مفتقرة للمساواة والحرية وللقمة العيش فتكون أرضاً خصبة لتفتيت البلاد والثورة على سيدها، اعتبرها مجرد جيب صغيرة لن تؤثر في وحدة اليمن ، أهملها اقتصادياً ووطنياً، فنبتت لها أشواكاً وأظافراً تجرح وتؤذي وتفرق ثم تهدد..وكانت النتيجة أن يخوض حرباً شرسة تأكل الأخضر واليابس ويكون ضحيتها ــ على الغالب فقراء لاحول لهم ولا طول ــ ناهيك عن تغلغل التطرف الديني والعشائري، الذي لم تستطع حكومته يوماً أن تدرك مدى خطورة تناميها وتسليحها، فقد أصبح اليمن بؤرة صالحة للقاعدة تنشر عناصرها وسطوتها في معظم مناطق اليمن ..، فعلى أي صعيد سيتمكن علي صالح من الترقيع ؟ ومن أي طرف يمكنه أن يبدأ؟ ...ألم ير ماحصل في لبنان سابقاً ــ وإن اختلفت الصورة نوعاً ما ــ وماحصل على يد صدام حسين في العراق ويحصد الشعب العراقي نتيجته اليوم؟!..
لماذا لانفهم معنى الوقاية في السياسة قبل أن يحل الخراب؟، علماً أن أثمان الوقاية لاتكلف سوى أن يكون الحاكم ابن الشعب ويسعى فعلا لوحدته وتطوره وتحرره، الوقاية لاتكلفه سوى أن يعيش كفرد من شعبه أن يعتقد بالخطأ ويسعى للصواب، لا أن يتصور أنه المعصوم وذاتً الهية حاكمة على الأرض!.
مايهمنا هنا أن نأخذ سوريا كمثال وأن نسقط مايحدث على أوضاعها...لأن أمرها هو الأساس بالنسبة لي باعتبارها وطني الأم..
فحين يتخذ الاستبداد من الدين حصناً ومن التراث والثقافة الدينية السلفية بالتحديد متراساً يلوذ به بحجة حماية " اللغة وحماية الثقافة المُهَدَدّة " دوما من الآخر " الغرب المترصد دائماً بثقافتنا وبالتالي يهدد وحدتنا الوطنية وهويتنا!، المستغرب في هذا المجال أن يقع الكثير من المثقفين ( العلمانيين أو القوميين والإسلاميين كذلك) في حبال خطاب الاستبداد فيقفون إلى جانبه ممانعا...صاداً لكل ريح أو رائحة يمكنها أن تحمل فكراً ناقداً حتى لو خرجت من صلب مجتمعنا ، من مثقفينا الحريصين كل الحرص على محاربة القهر والاستبداد والطغيان السياسي وحيد الوجه والقابض بيد حديدية على مقدرات الوطن باعتبارها مقدرات بقائه وضامنه سلطته ، كما يقف أمثال هؤلاء بوجه المد الديني أو تسييس الدين وانتشار فلسفات وتفسيرات تتنوع وتأخذنا بأقدامها نحو الفوضى وفقدان بوصلة الدين السليم ، والتوجه الأسلم لحل قضايانا ، وهذا ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى...إصلاح السياسة وإصلاح الدين...هذه هي الوقاية التي تأتي كعلاج مسبق كما هي حال جرعة التطعيم ضد المرض قبل وقوعه...وعلى الرغم من أن بوادره قد عمت، ومظاهرة قد استشرت ، لكننا نأمل أن يصحو أرباب السلطة وأرباب السير في طرق ملتوية تأخذهم وتأخذ الوطن برمته إلى هاوية بلا قرار.
كل هذه الفوضى في الافتاء بالصغيرة والكبيرة من توافه الأمور الحياتية ، وإلغاء العقل لدى المرء مؤمنا كان أم غير مؤمن..كل هذه الفتاوى السياسية القادمة من قمة الهرم باعتبارها قدسية لايعلو عليها ، هي الحق كله وأي تعبير غير ماتقول هو الباطل وهو المخرب والمدمر...وعلى العامة أن يستسلموا لأحد التفسيرين...الدين أو السياسة التي غدت ديناً هي الأخرى..اقتنع أم لم يقتنع..عقله يجب أن ينحصر في اداء مايُطلب منه ليكون ( مواطناً ، مؤمنا...، صالحاً) بعرف هاتين السلطتين، أرى أن هاتين القوتين تعملان معاً من أجل إلهاءنا في السخيف وفي البعد عن عمق المسائل الملحة والمطروحة أمامنا...كي لانخوض تجربة الإصلاح الديني أو السياسي أو نقدهما من أجل إصلاحهما، فعندما يرفض سياسيو الاستبداد تسييس الدين ، نجده يلجأ إلى تديين السياسة، لأنه هو نفسه حامي الدين وحامي السياسة، يمسك بكل الأطراف ويوحدها...بيده بطرقه البطشية...من تخويف وإرهاب وقمع.
فعندما تقف حكومة تدعي ( العلمانية) والتحرر والتقدم! مع عنف ديني يمارس من قبل فئات وحركات تحميها " هذه العلمانية" وتمارس هذا العنف ضد دول مجاورة أو غربية يغذي خطابها هذا...ممارسة شاذة ونشاز في نسبتها داخل المجتمعات الغربية ، لكنها تضَخم وتنفخ عربياً ممانعياً وقوميا أوإسلامياً متطرفاً تسخرها أنظمة الاستبداد لخدمة مصالح سيادتها وخطابها " الوطني المعادي للاستعمار المتآمر على العروبة"! فيصبح الإرهاب مقاومة ورد على إرهاب غربي يمارس ضد الإسلام!! ــ علماً أنه سبق وقلنا أنه نشاز نسبتة ضئيلة ــ وتصبح صورته واجهة وطنية تقف مع القضايا الكبرى ومع التحرير لفلسطين والجولان ، بالضبط كما هي حالة النظام السياسي السوري بمحاربته للاسلام السياسي الممثل بالأخوان المسلمين وبنفس الوقت تقف إلى جانب حماس والجهاد وحزب الله وجميع هذه الأحزاب تعتبر تسييساً للاسلام بوجهيه السني والشيعي! ــ وفي الداخل حيث فوضى المذاهب واتشار مظاهرها ، وفوضى اللغة مادون الوطنية ، التي تطغى على المشهد في المجتمع السوري...يصبح الاستبداد حينها حامي الوحدة الوطنية!...رغم كل مظاهر الخراب والفساد وانفصام السلطة عن المواطن...
في ظل هذه الأوضاع وفي ظل تخييم الأخطار المحدقة بمجتمعنا السوري، وتردي أوضاعه من كل جوانب الحياة المعقولة والممكنة ليعيش المواطن بأقل مايمكن من التضحيات وبأقل مايمكن من العوز وبأمل أن الفضاء الفسيح بانتظاره خارج النفق السياسي والديني الذي يكبل حياته ويحيلها لجحيم يومي مستمر منذ عقود، أرى أن يكرس المثقف المتنور، والمفكر المتنور والعالم الديني ، الذي لايرى في الإسلام مجرد نص حرفي، يرى فيه ديناً قبل أن يكون سياسة وإيمانا شخصياً طوعياً قبل أن يكون مفروضاً من هيئة عليا...وأنه قابل للتطور حسب متطلبات الحياة والعصر، كما هي السياسة تحتاج جميعها لعقول تقبل التغيير وترضى بالإصلاح...من أجل الوطن، لأن هذا الإصلاح هو عينه الوقاية التي ننشدها...قبل أن يستفحل الداء وقبل أن ينتشر الوباء...وحينها لن ينفع الترقيع ولن ينقذ العفو تلو العفو المواقف والتاريخ الأسود ، الذي قضى على آلاف الضحايا...رغم هذا ماتزال هناك بعض الفرص...ماتزال الشعوب ترضى بالعفو ...أن تعفو هي... لا من يقبعوا فوق رؤوسها..لأنها لاتريد لدماء السوريين أن تلحق بدماء العراقيين واللبنانيين ومن بعدهم اليمنيين، تريد ونريد معها...أن يكرس أصحاب الأقلام النظيفة والعقول غير المنحازة، والمثقف حامل الفكر بعيد النظر والقاريء للأخطار حيث يعيشها ويشهد وقائعها ويكتوي بنيرانها...مدركاً أنها ستأتي على المجتمع وسنخسر وطننا...إن لم يدرك من هم في قمة الهرم...أنهم يسيرون بأنفسهم وبنا إلى الجحيم.
ــ باريس 26 / 05/2010



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة وألم تتحدث عن علاقة الرجل الشرقي بالمرأة ...بالحب!
- الزيارات الإسعافية للنظام السوري، هل تحمل إنقاذاً أم حرباً؟
- بين التنوع والتسامح
- متى ينضج العرب سياسياً حسب العرف - الإيراني طبعاً-؟!
- آيات نسائية ( الجزء الأول )
- وجهان للقانون السوري، واحد للفساد وآخر للسياسة!
- بعض الكتاب من طينة - التي عملتها بالعين-!
- الحرية الفردية بمعناها اليومي البسيط بين الأمس واليوم
- لاجئون، نازحون، والآن...مهجَّرون!..ومتنزه باريسي باسم بن غور ...
- تربية وطنية على العلم والفن مبنية!
- من سِرت إلى القدس...سيروا تحفظكم أجسادنا!
- كيف نقرأ الانتخابات الإقليمية الفرنسية؟
- عويل وطن
- اغتيال وطن
- باقة من الورود البيضاء لفداء حوراني ولكل المناضلات في سورية ...
- في عيد المرأة ...نحتفل بها كضحية من ضحايا العنف!
- مراقبون داخل السجون وخارجها
- تلوث الثقافة وتلوث السياسة
- ألقي القبض عليه متلبساً...بالحب !
- أجانب الحسكة!


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟