أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المصري - الحاجة الإنسانية المُلحَّة للدين















المزيد.....

الحاجة الإنسانية المُلحَّة للدين


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 12:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهر كثير من المقالات علي موقع الحوار المتمدن تدعو لإلغاء الأديان، الكتابات تحمل الكثير من الأسباب المنطقية لكُتَّاب أحترمهم وأجلهم وأتفق مع الكثير مما يقولونه، لكن لي وجهة نظر في الموضوع ليست بعيدة عن أسبابهم لكنها تضع البعد التاريخي والأثر الحضاري للأديان في الاعتبار.

شجعني في ذلك مجموعة مقالات الأستاذ الفاضل سيمون خوري الأخيرة وما تحمله من قلق مشروع على مستقبل البشرية بسبب الفساد الرأسمالي والثورة التقنية والاحتمالات لما تضيفه من متاعب وشقاء بل ضياع للإنسان وتراجعه القيمي. وأنا أتفق مع الكاتب في كل ما قاله، وفي محاولتي للتعليق علي مقاله وجدت نفسي أسترسل في الكتابة حتى صار مقالا أكبر من أن يتسع للحجم المتاح للتعليقات.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=216314

أخي المحبوب سيمون أتابع كل كتاباتك باهتمام فأنت باحث عن الحقيقة وقارئ ممتاز. مخاوفك ظهر مثلها بعد الثورة الصناعية حين صارت الآلة إله أخضعت الإنسان وأذلته. لم يكن الأمر سهلا في الأول لكن الإنسان انتصر عليها وتخطاها. مشكلة اليوم هي في سقوط الإيديولوجيات والأنظمة. الشيوعية سقطت وكان لا بد من سقوطها بعد ِأن أذلت الإنسان تحت سيطرة ديكتاتورية مهينة، فالتطبيق يختلف عن الأيديولوجية. واليوم الرأسمالية تسقط بشرورها وسلبياتها على الإنسان، محاولة في استماتة الاستمرار تحت مسميات العولمة وغيرها. وهناك اليوم تساؤل عن معنى الديمقراطية وجدواها وهل صحيح هناك أي شكل من التطبيق الديمقراطي؟!!! أشك

المشكلة في الإنسان نفسه فهو المسئول عن التطبيق لأي نظام وأي أيديولوجية، المشكلة في الشر والجشع الإنساني الذي هو واقع لا يمكن إغفاله. لم يعد الإنسان المعاصر يهتم كثيرا بمناقشة مشكلة الشر بسبب حالة انبهاره بالتكنولوجيا التي بانفرادها تقود العالم لهاوية غير معلومة كما تذكر في مقالاتك الواضحة. مشكلة الشر لا يملك العلم لها حلا، ولا يملك حتى مناقشتها، فهي خارج نطاق اختصاصاته. وكذلك لا الفن ولا الأدب ولا الفلسفة ولا القانون. الدين وحده هو النشاط الإنساني المنوط به مناقشة مشكلة الشر الرهيبة وإيجاد لها الحلول. العلم والتكنولوجيا ممكن أن يُستَخَدم في الخير كما في الشر على السواء، بل وفي أقصى أعمال الشر مثل القنبلة الذرية. العلم لا يعرف الرحمة ولا الحب وليس هناك به مجالا لذلك. من مشاكل هذا الجيل طغيان العلم والتكنولوجيا على الأنشطة الإنسانية الأخرى مما أحدث خللا في التوازن الوجودي للإنسان، وذلك واكب خللا دينيا بلغ لحد الفساد الذي أحدر الدين لتبعية سياسية ذليلة أفقدته كل قيمته وأسقطته من وظيفته الأساسية ليصير خادما للشر. فبينما الإنسان ينبهر بالعلم لا يجد فيه مصدرا للخلاص من الشر، وعندما يلوذ بالدين يجده يخدم الشر باسم الخير فهو يقول حق المقصود به باطل، أعتقد أن هذه هي المشكلة الرئيسية لهدا العصر في منطقتنا العربية الشرق أوسطية.

الدين ليس شرا بل هو من المكونات الحضارية الأساسية للوجود الإنساني وسيظل كذلك طالما هناك إنسان يشعر ويحس ويحب وله عواطف. انهيار الدين اليوم يشكل كارثة حضارية نجني اليوم ثمارها أما تبعاتها المستقبلية فخطيرة على الجنس البشري. الدين حاجة إنسانية سواء على المستوى الفردي أو المستوى المجتمعي. الحضارات البشرية كلها قامت على أساس من الوعي الديني النشط. ولكن مصيبة الدين عندما تستخدم السياسة سلطانه القوي للهيمنة السياسية.

الدعوة للعلمانية دعوة حضارية لازمة للفصل بين السياسة والدين والتي كانت دائما موضعا لاهتمام كبار المصلحين الدينيين بدءا بالسيد المسيح نفسه. الدولة الرومانية بعد أن قتلت من المسيحيين الملايين على مدى أربعة قرون اعتنقت المسيحية مرغمة وتحول الإمبراطور الروماني من إله وثني إلى قديس حامي المسيحية وكان ذلك بدء توظيف المسيحية كأداة سياسية أحدرت من قيمتها. في ذلك الوقت نادى بعض المفكرين المسيحيين بالفصل بين الدين والدولة (القديس أثناسيوس) لكن لكونهم مصريين تحت الاستعمار الروماني ضاع نداءهم أدراج الرياح. عصر النهضة الأوربية بدأ بالإصلاح الديني الذي دعى للفصل ما بين الدين والدولة.

أرى أن الدعوة لإلغاء الدين التي يطلقها البعض دون تعمق للأمور دعوة خطرة إن تحققت فلفترة وجيزة تعود بعدها الإنسانية لاهثة نحو الدين والله، والتاريخ سجل تلك الحقيقة عدة مرات. الثورة الفرنسية وتجربة الاتحاد السوفيتي التي ذبحت ما يقرب من مائة مليون على مدى سبعين عاما للتخلص من الدين أثبتت فشل التجربة تماما حيث لا يمكن أن يوجد إنسان دون أن يوجد دين. بينما نرى أن تجربة الإصلاح الديني التي خاضتها أوربا أدت إلى عصر الاستنارة، عصر النهضة، مما حقق التوازن الوجودي الإنساني بين أنشطته المختلفة من علم ودين وفن وأدب وفلسفة واقتصاد فكان عصرا جميلا، بقدر ما حقق العدالة الاجتماعية حقق الرخاء والخصوبة في الإنتاج العلمي والأدبي والفني على كافة المستويات. انتهى ذلك العصر بالثورة الفرنسية التي حاولت أن تلغي الدين فنشرت الدم والظلم وضاعت بعد أن ضيعت مفاهيم القيم الإنسانية. ورغم أنها لم يمكنها أن تلغي الدين إلا إن آثار الثورة استمرت في العالم خلال القرن 19، ثم أفرزت الأنظمة العنصرية الفاشية والنازية الملحدة في أوائل القرن العشرين والتي أحدثت حربين عالميتين وعشرات من الحروب المحلية، وها العالم يستعد بكل إمكانياته التكنولوجية لحرب الفناء الثالثة!!!

أرى أن السبب الرئيسي في كل ذلك هو في غيبة دور الدين سواء بسبب تهميشه أو انحطاط العمل الديني نفسه مما ترتب عليه عدم قدرته على الإقناع بضرورته الملحة ففقد وظيفته الروحية، وصار تابعا ذليلا للعلم أو للسياسة. خطورة الدين في إمكانية فساده باستخدام سلطانه في غير وظيفته. ليس معنى ذلك أن الدين لا لزوم له بل بالعكس فلأن دوره الإنساني خطير ومؤثر وفعال لذلك عندما يختل العمل الديني يختل الكيان الإنساني كله. وكما يقول السيد المسيح الملح جيد ولكن إذا فسد الملح فبماذا يصلح؟ لا يصلح لأرض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجا (لو 34:14-35) إن أهمية الدين كأهمية الملح وقد كانت أهميته في القديم أنه يحفظ من الفساد، فإذا فسد- مثل وقعنا اليوم فهو- لا يصلح لا لأرض ولا مزبلة، وفي موضع آخر يقول "فيطرحونه خارجا ويداس من الناس". إنه وصف دقيق لواقع الدين اليوم فلم يعد يصلح لشيء فصار يداس من الناس. ليس معنى ذلك أنه يمكن الاستغناء عن الملح بأي شكل كمادة حافظة من الفساد، وكذلك الدين على المستوى الفردي والمجتمعي.

لكل ذلك فدعوة الدكتور نصر حامد أبو زيد للإصلاح الديني في مقاله الأخير دعوة حضارية مهمة يلزم تفهمها بعقل يقبل الحوار. فإذا كان مشكلة الفساد الديني تكمن في رفض استخدام العقل فعلى الجانب الآخر مهاجمة الدين مع نبذ العقل والمنطق يؤدي إلى نفس الوضع الكارثي بكل جسامته.



#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم هلال وحوار مخجل بالمصري اليوم
- رسالة عز للأقباط «بزيارته للغول في قريته بقنا»
- «لا يا شيخ!!!»
- جريمة في مرسى مطروح... 1- «الأقباط تحت السبي»
- مرسى مطروح بعد نجع حمادي... وآليات الإرهاب
- نجع حمادي 3- « ديروط ...وجريمة القضاء المصري»
- النكسة 2- رد على مقال «من الخمسينات حتى نجع حمادي» للأستاذ ش ...
- نجع حمادي 2- «الوضع الكنسي وسقوط أقنعة السلطة الفاسدة»
- نجع حمادي 1- «الوضع السياسي وفشل النظام المصري»
- كل سنة والحوار المتمدن بخير
- ما بين عزبة الهجانة ومذبحة الخنازير
- الأنبا شنودة يتعدى ويتحدى القوانين الكنيسة 2- «القرعة الهيكل ...
- أهل القمة ... و«القمامة» و «الرفاهية»
- الأنبا شنودة يتعدى ويتحدى القوانين الكنيسة -1
- حوار غبي في برنامج مزعج عن مشاكل الأقباط
- شعار المؤتمر السادس للحزب الوطني في مصر... «من أجلك أنت»
- التعصب الديني والخراب القومي والفساد الكنسي في مصر
- صراع أساقفة الأقباط حول الكرسي البابوي
- البطريرك الصحفي وأزمة دير أبو مقار
- مصر للمصريين .... وأزمة القمامة


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المصري - الحاجة الإنسانية المُلحَّة للدين