جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 15:08
المحور:
المجتمع المدني
كانت سهرة الأمس في مادبا ورقة لا أحبُ أن أطويها من عمري كما طويت مئات الصفحات من عمري ونسيتها, ولكني سأرويها لأحفادي فلم تطبخ لنا مدام (منى) زوجة المهندس عماد الحوراني الكبسة فقط , بل طبخت لنا المحبة والجمال والوداعة والأناقة في ارتداء الملابس , ولم تطبخ لنا مدام عايده زوجة الكاتب والسياسي الكبير مصباح جميل هلسه أيضا المأكولات والمزّات , بل طبخت لنا رقة مشاعرها من نعومة أظفارها وأنا على دين أولئك الرجال والنساء المتحابين في الأناقة وأنا على دين المحبة ومن أراد أن ينال المحبة فليتبعني إلى مادبا شرق عمان بثلاثين كيلو مترا, وهي مسافة ليست بالبعيدة إلا على كل من يكره المحبة والإخاء والمساواة , ومن ينكرُ المحبة لا يكون إلا إنسانا مخبولاً فقد عقله ونزغ قلبه من صدره , أنا على دين قومي الذين بشروني بإيمانهم وبمحبتهم وأنا على دينكم جميعاً يا أصحابي وعلى نبذ العنف والطائفية وعلى دين التعايش الديني السلمي بين الناس وبين الثقافات , فبالمحبة وحدها تحيا القلوب وبالمحبة وحدها نحقق المساواة وبالمحبة وحدها نحقق حلم الذين سبقونا في مشروعهم وهم (إخوان الصفا وخلان ألوفا) , وأنا أعترف اعترافا علنيا أنني على دين إخوان الصفا وخلان ألوفا في مدينة مادبا وصفحات الحوار المتمدن وأنا على دين التطور في كل شيء من الشارع والحارات والشقق السكنية إلى الكُتب والمجلات والقصائد العاطفية .
أنا على دينكم مهما كان الذي تعبدونه سواء أكان إلهاً أم آلهةً لأن الذي يدعو للمحبة من المؤكد أن يكون خالقه زنبقة من البحر الميت أو زيتونة أردنية أو حفنة رملٍ وماء من مدينة جدة , أو زهرة من (معلولا ) أو (القامشلي) .
لقد كان أجدادنا المسلمون الأوائل يهددون ويرهبون العالم الآخر بقولهم : جئناكم برجالٍ يحبون الموت والقتال كما تحبون الحياة, ولم يخطر ببالهم أن يأت يومٌ على أقوام ٍ من الأردن يقولون لي نحبك كما نحبُ الورود الجميلة والبساتين المتفتحة ونحبك كما تحبُ أرضنا الأردنية المياه ونعاني من نقص أمثالك كما تعاني بلادنا من شح المياه ,لقد غمروني جميعاً بمحبتهم , وأنا أعلن إعلانا رسمياً أنني على دين عماد الحوراني وزوجته الأنيقة التي تضحك للطيور المغردة وعلى دين مصباح جميل وزوجته الرقيقة في مشاعرها وأنا أيضاً على دين مدام (بسمة) جارتهم التي تبتسمُ لها السماء كما تبتسمُ هي لأبنائها والتي إن نظرتَ إليها اكتشفتها من بعيد دون أن تنطق لك بكلمة واحده فوجهها يتكلمُ لوحده , وأنا على دين الدكتور أبو(أبا) إبراهيم الذي أظهر للجميع موسوعته المعرفية وزوجته التي ربّت وعلمت أبنائها على الحرية وعلى حرية الاختيار واحترام عقائد الآخرين مهما باعدت بينهم كُتب الدجل وأوراق المنشقين عن المحبة والحرية والمساواة بين الجنسين.
و كل شخص ورد أسمه أو سيرد اسمه في هذا المقال عليكم أن تعتبروه في عداد المتهمين بنصب فخ محبة كبير لي بحيث أنني قد وقعت في شَركه وشباكه وحتى هذه اللحظة أعتبرُ نفسي أنني قد وقعت في حبالهم جميعاً من المهندس محمد الحلو إلى المهندس عماد الحوراني والأستاذ السياسي الكبير مصباح جميل هلسه والدكتور أبو إبراهيم وحرمه الذين وقعت بحبهم من أول كلمة حرة قالوها لي , وكذلك الدكتور سالم النجار , وأعتبر نفسي بينهم في عداد المفقودين الذين فقدوا أيامهم السودا والكحلية والقاسية بحيث أصبحت أيامي بوجودهم حلوة وجميلة ولها طعم الروايات الروسية وقصص الغرام الأثينية بين الآلهة والبشر , وتذكرتُ وأنا عائد إلى منزلي في محافظة اربد قصة الطوفان الأثينية التي يجلسُ فيها عشيقان يحبون بعضهم كما كان يحبُ قومنا الحروب والقتال وطرد العاملين من وظائفهم, لقد كان الإله زيوس على حسب ما ترويه أسطورة الطوفان الأثينية في ذلك الصباح ينظرُ إليهم وهو يحاول إغراق العالم بالطوفان بسبب شروره ولكنه عاد عن فعلته لأنه وجد على الأرض شخصين متحابين فقال تلك القُبلة وتلك المحبة قد أنقذت العالم من الطوفان.
وأنا على دين وفاء سلطان ونادين البدير ورائف بدوي وظافر الحجري ومرثا وأنا على دين الدكتور عيسى جوده وزوجته الدكتور سحر , وأنا على دين المحبة وخارج على دين القتال والكراهية , وأنا على الأرض الأردنية أتمتع بمحبة أهل مادبا وأشعرُ بقيمتي كانسان وأنا بين أناس يحبون الرومانسية والجمال أكثر مما كان أجدادي يحبون الرماح والسيوف والقتال من أجل جنة عرضها السموات والأرض ممتلئة بالحوريات , وأنا على دين علي عجيل منهل وفيصل البيطار , والرحبي, وأبو شريف,والمايسترو , وأنا على دين الحوار المتمدن , وأنا على دين كل من يحبُ الأرض وملحها , وأنا على دين الذين يشتمون رائحة الكُتب والمقالات الجميلة , وأنا على دين كل إنسان يحترم الآخر ونفسه ولا يقوم حواجز مرورية بينه وبين الكُتب والأوراق والماسات الغالية الثمن .
وأعترفُ أنني على دين المساواة والحرية والديمقراطية والتعددية الفكرية والحزبية وأنا على دين مؤسسات المجتمع المدنية , ومن أراد أن ينال المحبة فليتبعني خلف هذا الوادي, وأنا على دين قارئة الحوار المتمدن وقارئة موقع دوري , وأنا على دين الذين أحبوني من أجل المحبة نفسها وأنا على دين الذين جذبوني إليهم من الأرض إلى السما , وأنا على دين الذين أمطروني في يومٍ شديد البرد والحر , وأنا على دين الذين دفئوني بدفئهم في يومٍ شديد البرد والمطر , وأنا على دين من يؤمن بالآخر وحقه بالحياة , وأنا على دين الذين يسرمون مستقبلاً مزهراً وواعداً وأنا على دين من يعطيني حق تقرير مصيري , وأنا على دين الذين لا يسألونني ما هو دينك ؟ وما هي ملتك , ومن هي طائفتك ؟ ومن هو ربك؟ وهل لربك أب أو أم ؟ وما هو كتابك , وأين هو عنوانك ؟أنا على دين وفاء سلطان التي تحبني كما تحب ابنتها , وأنا على دين الذين لا يحملون سيفاً في وجهي ولا يكفرونني ولا يطردوني من رحمة السماء , وأنا على دين كل الفصائل المنشقة والخارجة على الطائفية والعقائدية , وأنا على دين الذين يصنعون الجمال في بيوتهم كما هم عماد الحوراني ومصباح جميل هلسه.
وحتى نلتقي هذه قُبلتي.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟