أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - لماذا..؟















المزيد.....

لماذا..؟


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 15:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توقفت فترة عن الكتابة لانشغالي بالانتهاء من ترجمة كتاب "فرح بهلوي.. مذكرات" وهو عبارة عن مذكرات الشاهبانو السابقة أول وآخر ـ حتى الآن ـ ملكة تتوج على عرش الطاووس.. ورغم موقفي الواضح من قضايا الاستبداد والفساد، ومع ما هو معروف كمبدأ في الترجمة من أن "ناقل الكفر ليس بكافر"، إلا أنني موقنة بأهمية نشر الكتاب باللغة العربية، فهو يحكي عما يكاد يكون صورة طبق الأصل من أحوال نعيشها جميعًا وإن اختلفت تفاصيل صغيرة ـ أو أضيفت رتوش بسيطة ـ في بلداننا التي ترزح تحت نير الطغيان وفساد حكومات عميلة. وكنت قد كتبت مقدمة للكتاب كما هي عادتي في جميع الكتب التي ترجمتها، غير أنني فوجئت بعد صدور الكتاب بأن الناشر قام من تلقاء نفسه بحذف المقدمة ـ ولكن تلك قضية أخرى ـ فرأيت أن أنشرها هنا، على أن أكتب في مقالات أخرى قراءتي للكتاب وما احتواه.. فرغم أن الترجمة تلزم القائم بها باعتبارات الأمانة، حتى أنني في بعض الأحيان كنت أشعر أنني تقمصت شخصية المؤلفة ـ لدرجة جعلتني أتفهم بشكل واضح حديث الفنانين عن تقمصهم للشخصيات التي يمثلونها في الأفلام والمسلسلات والمسرحيات ، وأشعر بأحساسيها وهي حريصة على إيصال ما أو فكرة ما، أو تجميل موقف ما أو تبريره.
على أي حال ، هاهي المقدمة كما كتبتها، مع الوضع في الاعتبار ضرورة التزام درجة من الحيادية حتى لا تكون مبررا لحذفها من قبل الناشر ـ وهو من كلفني بالترجمة ويملك حق النشر بالعربية الذي اشتراه من المؤلفة:

لمـــــــــــــــاذا؟


في ربيع 2001 زار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر دولة الإمارات العربية لاستلام نصف مليون دولار جائزة الشيخ زايد لحماية البيئة، التي حصل عليها "مركز كارتر" الذي أنشأه للأعمال الإنسانية. ودُعيَ عدد من الصحفيين المتخصصين في الشئون الدولية للقاء معه بنادي دبي للصحافة. وفي بداية اللقاء، قال الرئيس الأسبق إنه لم يحضر إلى الأمارات من أجل تسلم قيمة الجائزة، وإنما بالأساس لمقابلة رئيس الدولة ـ وقتها ـ الشيخ زايد بن نهيان لما تربطه به من علاقة قوية، وأشار إلى أن حكام دول الخليج عموماً من "أقرب أصدقاء" بلاده. فتوجهت إليه بسؤال عما إذا كان التخلي عن "أقرب الأصدقاء" بعد استغلالهم، وانتفاء الغرض من وجودهم أصبح عادة أمريكية، مثلما حدث مع كل من شاه إيران رضا بهلوي، والرئيس الإندونيسي سوهارتو (المخلوع حديثاً وقتها) وغيرهما كثيرون.

فأجاب إن شعب إندونيسيا ـ لا الولايات المتحدة ـ هو من قرر عدم استمرار سوهارتو في الحكم. وتحدث عن الاستبداد والفساد في أسرة وحكومة الرئيس الإندونيسي المخلوع. وعندما قلت إن الدعم الأمريكي لسوهارتو استمر 33 عاما حافلة بالفساد والاستبداد، قال إن الولايات المتحدة لم تكن تستطيع التخلي عن سوهارتو قبل أن يتخلى عنه شعبه! والحقيقة إن سؤالي لم يكن الغرض منه أمر سوهارتو بالأساس، وإنما كنت أريد أن أسمع تبريره لموقفه من شاه إيران الراحل، لأنه هو بنفسه من تخلى عنه وهو في الحكم وقتها. وبدا الأمر محيِّراً لأن المعروف أن رضا بهلوي كان أقرب أصدقاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. حتى أن معارضيه أطلقوا عليه "شرطي أمريكا في المنطقة". فقلت للرئيس الأسبق:"وماذا عن رضا بهلوي؟" وتجاهل سؤالي عن الشاه رغم أنني كررته ثلاث مرات كان في كل مرة منها يواصل الحديث عن من سوهارتو، فلما رأت رئيسة الندوة إصراره على التملص من الإجابة، ارتأت تخليصه من الحرج، وسارعت بإعطاء الكلمة إلى زميل آخر ليطرح سؤاله!

وظل سؤالي معالقا:"لماذا؟".. وهو نفس السؤال الذي ظل الشاه نفسه يردده كثيرا، منذ الإطاحة به وحتى وفاته، كما نقلت عنه مؤلفة هذا الكتاب شاهبانو إيران، زوجة الشاه الراحل، الإمبراطورة السابقة، الملكة الأولى ـ والأخيرة حتى الآن ـ في حياة بلاد فارس، حيث كان تتويجها سابقة لم تشهدها البلاد!

ورغم أن قصة الثورة الشعبية التي استولى عليها الخوميني في إيران مازالت حديثة العهد، ومازالت أحداثها ماثلة في الأذهان، إلا أن الحقيقة كما يقولون لها وجوه كثيرة. وهذه رؤية لأحد أطراف القصة، كان ينبغي نقلها لتكتمل معالم الصورة. وهي قصة تبدو في بعض أجزائها كما لو أنها خرجت من بين صفحات قصص ألف ليلة وليلة، فتاة من أسرة تنتمي إلى الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، جميلة، ذكية، طموحة، متعلمة ومثقفة، ترفعها تصاريف القدر لتصبح فجأة إمبراطورة في موطن واحدة من أعرق حضارات العالم. وينقلنا هذا الجزء من القصة إلى عوالم الطفولة، والرومانسية، والتفاؤل، والطموح؛ ثم تدلف القصة إلى مراحل ملحمية ومأساوية: اضطرابات، وقتلى في الشوارع يزيدون الثورة اشتعالا، ثم الإطاحة بحكم إمبراطوري استمر نصف قرن. ومعاناة الارتحال بين أرجاء الأرض بينما أدار الجميع ظهورهم ـ "كانوا يفرون منا فرارهم من الطاعون" وفقا لتعبير المؤلفة ـ فلم يكن هناك من بين الأصدقاء القدامى من رحب بالشاه المخلوع المريض مرضا خطيراً، والمطارد من حكم الملالي الذي يسعى للقبض عليه ومحاكمته، سوى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي استضافه وأسرته.

ونبذه الجميع، ولم يرحم أقرب الأصدقاء ضعفه ومرضه، حتى أطفاله قاسوا الأمرين بعدما لفظتهم مدارس العالم، خشية أن يتعرض تلاميذها لضرر من وجودهم بينهم. وتتصاعد حدة الأحداث حتى يموت الشاه الذي كان ملء أسماع وأبصار العالم، غريباً، مريضاً، مهاناً. ويظل يردد في كل مناسبة :"لماذا؟". ولا تقف ضربات القدر عن هذا الحد وإنما تتواصل، فتنتهي حياة ابنته الصغرى حياة مأساوية؛ وهي التي عانت من طفولتها تعاسة الطرد من بلادها، ولم تعش حياة الأميرات، ولم تشهد مجد والدها، وإنما فتحت عينيها لتجده مريضا يفرون به من بلد إلى آخر، ويتعرض ـ كأي إنسان فقير في بلدان العالم الثالث ـ لأخطاء الأطباء التي تودي بحياته، بينما تنهال عليه وسائل إعلام العالم إدانة له ولحكمه، وتصفه بالديكتاتوري والدموي والمستبد، الأمر الذي لم تشهده ولم تصدقه، ولم تستطع إثناء الآخرين عن رمي والدها بهذه التهم. ويستمر السؤال:"لماذا؟"

وفرح ديبا، كانت الفتيات الصغيرات في جيلنا يتعجلن النضوج حتى يتخلصن من ضفائرهن، ويصففن شعورهن ـ كآنسات ـ على غرار التصفيفة التي اشتهرت باسمها في أرجاء العالم، وكانت أيضا ملهمة لكثير من زوجات رؤساء دول الشرق، اللاتي بهرن بها وحاولن تقليد أدائها وأنشطتها، بل وربما طريقة لبسها وزينتها ومشيتها. هي شاهدة وثيقة الصلة بقصة الصعود والسقوط؛ فمن خلال ذكرياتها نجد أن كافة إنجازات عهد الشاه خاصة في المجالات الاجتماعية والتعليمية والثقافية؛ حدثت خلال فترة زواجهما التي استمرت عشرين عاما، فهي التي كانت تتعرف على مشكلات الجماهير وتنقلها إليه وإلى الحكومة، وإليها ـ كما نتعرف من الكتاب ـ يرجع الفضل في إنشاء مصحات علاج المجذومين، ومشروعات محو الأمية، وتحسين أوضاع المرأة، وإقامة المهرجانات الثقافية، وإحياء التراث. بل إنها حتى في ذروة الاضطرابات التي سببت الإطاحة بزوجها كانت تشارك بالرأي في اختيار المسئولين وتحضر الاجتماعات مع القادة السياسيين والعسكريين. وبعد وفاة زوجها، واصلت الاتصال بمجموعات المعارضة لحكم الجمهورية الإسلامية، وتساند حتى الآن، ما تراه حق ولدها الأكبر في العودة إلى إيران كوريث للعرش. وكانت بالطبع زوجة حريصة على مساندة زوجها، وترى أنه وهب حياته لمصلحة شعبه، غير أنها لا تنكر وجود أفعال ارتكبها رجال الأمن والسافاك خصوصا، تقول إنها "لا يمكن الدفاع عنها" وإنها أدت لتقويض الحكم الملكي، بينما كانت تهدف لحمايته. كررت أكثر من مرة دفاعها عن زوجها، الذي "وهب كل لحظة من حياته، على مدى سبعة وثلاثين عاما، لبلده وشعبه، وبذل الكثير لانتشال إيران من التخلف، وهو يرى نفسه الآن مرفوضا بصورة ظالمة". ولكن لماذا؟

يظل السؤال قائما. وتتعدد الإجابات بتعدد المواقف المؤيدة والمعارضة. ومن ثم، كان لابد من تجميع أكبر قدر من الرؤى حتى تتضح الصورة أكثر، ففي الإجابة على هذا السؤال، تكمن دروسا عميقة ينبغي أن يستفيد منها الحكام والشعوب على السواء.






#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنازة عسكرية لشهداء العيد
- تأملات مصرية غير كروية
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 2-2
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 1-2
- مصداقية البديل.. أعز ما تملك
- إلا أزهار البساتين!
- احذروا.. إنهم يحرفون البوصلة! مسميات ثورية بنكهة المارينز
- انتبهوا.. إنهم يسرقون الحلم!
- هلوسات.. بمناسبة يوم المرأة
- أزمة .. وتعدي 22
- أزمة .. وتعدي 1-2
- صعوبة ألا تكون سوى نفسك!
- المشتومون في الأرض!
- غزة قبل عشرة أعوام 2-2..البديل الثالث
- لا وقت للمزايدة.. الكل مدان
- قبل البكاء على لبن يسكب
- الآن، وليس غدا
- المثقف المخملي .. وأولاد الشوارع
- -الباشا-.. عريس
- سلمت يمينك يا فتى!


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - لماذا..؟