أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي هصيص - التهافت الغريب















المزيد.....



التهافت الغريب


علي هصيص

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 19:10
المحور: الادب والفن
    



(التهافت الغريب على الرونق العجيب)

كتبة :علي هصيص


إشارتان

- كتاب "الرونق العجيب/ قراءة في شعر المتنبي" للدكتور خالد الكركي، صادر عن مؤسسة عبد الحميد شومان، عمان، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2008، ط 1.

- استقى الدكتور خالد الكركي اسم كتابه "الرونق العجيب" من كلام للأصمعي يتحدث فيه عن شعر العرب يقول فيه: "فمَعَنا العلم أن ذلك لهم شاهد صادق من الديباجة الكريمة، والرونق العجيب، والسبك والنحت..."
والمقصود بـ "الرونق العجيب" في عنوان كتاب الدكتور خالد الكركي، وفي عنوان هذه المقالة أيضا، هو شعر المتنبي.


في كتابه (الرونق العجيب/ قراءة في شعر المتنبي) يحاول الأستاذ الدكتور خالد الكركي أن يصل إلى شيء ما في شعر المتنبي، ترى إلامَ سيقودنا هذا البحث؟ وهل سيخرج لنا بشيء جديد يستحق الذكر؟
إن هذا الكتاب كان في أصله محاضرة ألقيت في منتدى شومان الثقافي بتاريخ 12/11/2007، وفي هذه العجالة سأشير إلى بعض الملاحظات التي وجدتها في هذا الكتاب (المحاضرة)، وقد قسمت هذه الملاحظات إلى ما يأتي:

أولا: هدف الدراسة

معروف أن من أهم أساسيات البحث العلمي أن يتم تحديد هدف الدراسة، ولم أجد في هذه الدراسة هدفا محددا واضحا سعى الكاتب إليه، وبالتالي لم أجد نتيجة أو إضافة حقيقية لأستخلصها من هذا البحث. ففي ص15 يقول المؤلف – مع حفظ الألقاب - : "من هذه الإضاءات جاء عنوان هذه "الكتابة" عن شعر المتنبي، فهي محاولة لتفسير "الدهشة" التي يتلقاها القارئ لشعره، ويمكن أن أقول "المباغتة" التي تتشكل من "كسر التوقع"، وخلخلة المرجو...".
فالدكتور الكركي إذن يحاول أن يري القارئ شيئا من "المباغتة"، ويقرأ أبياتا مما كَسَر بها المتنبي توقع القارئ.

أما تفسير الدهشة، فإن الكركي لم يوضح مقصوده من الدهشة، هل هي دهشة المتنبي، أم هي دهشة المتلقي؟ ثم ما هي معايير الدهشة حتى نقول هذا بيت مدهش أو غير مدهش؟! على أية حال... إذا أراد الكركي أن يتحدث عن الدهشة والمباغتة وكسر التوقع، فإنه يقول في ص61: "...غير أن هذا الباب واسع، ولا تتحمله هذه الدراسة التي قصد بها أن تكون إضاءات لشعر المتنبي في تجلياته العليا" وأعتقد أن "الإضاءات" أمر يختلف عن "تفسير الدهشة"، فالإضاءة توضيح بسيط، والتفسير شرح قد يصل مرحلة التحليل.
فنحن هنا أمام أمرين:
الأول: محاولة لتفسير الدهشة.
الثاني: هذه الدراسة قصد بها أن تكون إضاءات لشعر المتنبي في تجلياته العليا.
وما أراه أن هناك فرقا بين محاولة تفسير الدهشة، وبين القصد في أن تكون إضاءات للشعر في تجلياته العليا.

ونجده يقول في الصفحة نفسها: "ولكننا نرى غموضا نحب أن لا يتكشف ضبابه، ولغة لا نود أن ينجلي الصباح عن سحرها...".
فعدم الرغبة في الكشف والانجلاء وغير هذا، يقع تحت " تفسير الدهشة" أم تحت الإضاءات في "التجليات العليا"؟ ثم ما هو السبب وراء عدم الرغبة في الإفصاح وعدم الانجلاء...؟! وهل هذا هدف جديد من أهداف هذه الدراسة، ينضاف إلى محاولة تفسير الدهشة، والقصد في أن تكون إضاءات...؟
ونجد في صفحة 61 أيضا بعد كلامه عن "التجليات العليا" قوله: "إن قراءة النصوص أولا هي أساس هذا الكلام، وما من كلام عن المتنبي أو عصره أو حساده أو نقاده أو شراح ديوانه يغني عن التوغل في شعاب ديوانه، ومن هذا التوغل نكتشف سر شعره الذي قد يكون أيضا سر شهرته".
أقول تعليقا على هذه الفقرة: إذا كان الكلام عن المتنبي أو عصره أو حساده أو غير هذا... لا يغني عن التوغل في شعاب ديوانه، فإن هذا ينطبق على جميع الشعراء دون استثناء، لا على المتنبي وحده، ولا جديد في هذا الكلام. وإذا كان التوغل في شعر المتنبي يكشف سر شعره، فإن هذا أيضا ينطبق على جميع الشعراء دون استثناء، فديوان الشاعر – أي شاعر- هو المصدر الأول لمعرفة هذا الشاعر، ومعرفة أسرار شعره. وغريب أيضا أن يقول الكركي: "ومن هذا التوغل نكتشف سر شعره الذي قد يكون أيضا سر شهرته"، سر شعره قد يكون سر شهرته...! لماذا "قد يكون" بل هو السبب المباشر والأكيد، ولولا شعر المتنبي لما نال المتنبي هذه الشهرة المتألقة، بل قل لولا شعر المتنبي لما حظي سيف الدولة بهذه الشهرة الكبيرة التي فاقت شهرة بعض الخلفاء العباسيين الذين كان سيف الدولة تابعا لهم، وقل أيضا: مَن ذا الذي كان سيذكر كافورا لولا هجائيات المتنبي له؟!
يمكن القول إن هذا البحث أو هذه المحاضرة خلت من التحديد الدقيق للهدف، فنجد أن هناك أخطاء أخرى ترتبت على هذه السلبية، دون أن ننسى أن عنوان الكتاب: "الرونق العجيب/قراءة في شعر المتنبي" فنحن بين قراءة، وتفسير دهشة، وإضاءة لتجليات الشعر العليا!
ونجده يقول في ص 16: " المسألة إذن حدس ورؤية ولغة وغموض، لذلك تحتاج الإجابة النقدية عليها إلى مستويات ثلاثة في القراءة: الأولى للفهم، والثانية للتفسير والتحليل، والثالثة للتأويل، خاصة إذا حاولنا قراءة شعر المتنبي من مدخل نقدي بعينه..."
إن هذه المستويات الثلاثة لم تكن واضحة في مسيرة هذا الكتاب، فإذا كان الكركي قد قرأ عددا من الأبيات قراءة قد تكون في مستوى الشرح فقط، فإنني لم أرَ فيها مستويات التفسير والتحليل والتأويل!

ثانيا: المنهج
وهي نقطة لا تنفصل عن النقطة الأولى "هدف الدراسة" فقد رأينا أن الدكتور الكركي مرة يهدف إلى "تفسير الدهشة"، ومرة يقول: " إضاءات لشعر المتنبي في تجلياته العليا"، وتفسير الدهشة أمر يحتاج إلى أبيات الدهشة، وسنجد الدكتور الكركي يضع تعليقات وشروحات لأبيات غير مذكورة أصلا في "الرونق العجيب"! ولذلك نجده يتحدث في عموميات من هنا وهناك دون أن نجد الترتيب أو الربط أو الاتساق.
ولا أريد أن أخوض كثيرا في منهجية العرض في الكتاب، ولكني أكتفي بالكلام على موضوع: " في التشكيل الفني"، يقول الكركي: "أقدم هنا نماذج من "مشكل" شعر المتنبي، و"غوامض" صياغاته كما شغل بها الشراح واللغويون في زمانه وبعد رحيله، والغاية من هذا أن نستبين شواهد على معرفة أبي الطيب المتميزة باللغة، ومحاوراته مع معاصريه، الذين كانوا هم أيضا من أبرز علمائنا في اللغة، وتكفي إشارة واحدة إلى ابن جني وابن خالويه" ص56
هل يحتاج أي إنسان يقرأ المتنبي ولو قراءة عابرة ـ إلى من يثبت له أن معرفة المتنبي باللغة كانت متميزة؟
ومع ذلك فإن أغلب الشواهد التي أتى بها الكركي ليثبت بها ما رمى إليه، لم يتعد تعليقه عليها حدود الشرح والانطباعات الشخصية، وأكتفي بمثال واحد يقول فيه الكركي: " وقد "نهب" من الشوارد والصور ما منحه خلودا، وكأنه قصد نفسه عندما مدح سيف الدولة بقوله:
نهبت من الأعمار ما لو حويته لهنئت الدنيا بأنك خالدُ
فكلاهما "ينهب" في سبيل مجده الخاص، وفي الحالين يحضر دم العدو ودم اللغة، وتتكامل الرؤية بينهما، حتى تمنى كل منهما أن يأخذ مكان صاحبه أو يستكمل بالآخر النقص الذي فيه" ص58
فأين "المشكل" في هذا البيت؟ وقول الكركي إن المتنبي قد يعني نفسه في البيت السابق قول مبتور من سياقه، فمثل هذا الحكم يحتاج فعلا إلى تحليل القصيدة وربط أجزائها، والنظر في مناسبتها وانفعالات الشاعر النفسية فيها؛ بمعنى أن المسألة تحتاج إلى تحليل وربما تأويل، لكي يتسلح هذا القول بالدليل. ثم أين هو الدليل الذي يقدمه الكركي في هذا البيت ليدل على أن المتنبي متميز باللغة كما وعد بذلك؟ ولو أكمل القارىء الكلام في الكتاب لوجد أن الكلام يسير على نمط واحد دون إبانة لذلك التميز اللغوي عند المتنبي!
ثم إن الدكتور الكركي قال إنه سيستبين شواهد على معرفة أبي الطيب المتميزة باللغة، ومحاوراته مع معاصريه، وأنا شخصيا لم أجد أية محاورة مع معاصريه في ما بعد ولا حتى في ما قبل!
وبعد ذلك لم أجد حديثا مترابطا، أو حتى حديثا عن التشكيل الفني، وللقارىء أن يعود إلى الصفحات 56ـ 63 فيقرأ في ص62 عن المتنبي وغربته وخيله وخيبته في الناس وعن موهبته وتصوير سقطات النفس ثم في ص63 عن البلدان العامرة القريبة من الشام وعن أبي العلاء المعري، حتى يجد القارئ في ص63 عنوانا فرعيا هو " نص مختلف " طبع بحجم العنوان الرئيس، وبنوعه أيضا، وهذا خطأ منهجي شكلي، وتحت هذا العنوان يقدم الكركي قراءة في قصيدة قافِـيَّةٍ للمتنبي لم تتعد حدود الشرح المدرسي، ولم أجد فيها عرضا أو تحليلا أو تأويلا في التشكيل الفني، ولم تتضح معالم التشكيل هناك، ولم يبين ما هي طبيعة الاختلاف في هذا النص، وللقارئ الكريم أن يراجع الكتاب!
إن الحديث عن "المنهج" حديث يطول، وأراني مضطرا هنا إلى الحديث عن مسألة منهجية لا مناص من الحديث عنها، وهي مسألة "المرجع"، فمن الأمور المهمة في البحث العلمي مسألة "المرجع" وأساتذة الجامعات يولون هذا الأمر اهتماما كبيرا، وكثيرا ما يسألون طلابهم:
لماذا لم ترجع إلى المرجع الفلاني...؟
وأنا بدوري أتساءل: لماذا لم نجد في هذا الكتاب عودة إلى كتاب "المتنبي" لمحمود شاكر؟
ترى ماذا ترتب على عدم الرجوع إلى كتاب "المتنبي" لمحمود شاكر في كتاب "الرونق العجيب"؟
أرى أن أفضل قراءة في شعر المتنبي حتى يومنا هذا هي قراءة الأستاذ محمود شاكر، وإذا كان بالإمكان تقسيم الشعر العربي إلى ما قبل المتنبي وما بعد المتنبي، فإنني أرى أنه يمكن تقسيم الدراسات المتنبئية إلى ما قبل محمود شاكر وما بعده، مع أنه لم يأت أحد بعده –في حدود ما أعلم _ بدراسة تستحق الذكر، ومع ذلك فهو لم يأخذ حقه الإعلامي ولم تسلط عليه الأضواء مثلما تم تسليطها على كثيرين ممن لا يستحقون أن يكونوا حملة حقائب محمود شاكر وسدنة لكتبه، فمحمود شاكر درس المتنبي دراسة الذائق الفهم، وهي درجة عليا من درجات القراءة، وله رأي في المستشرق بلاشير، ويمكن الرجوع إليه في كتاب: " المتنبي/ رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" ص91 وغيرها، ويمكن أن أختصر الكلام وأقول: يكفي أن محمود شاكر رد على رأي بلاشير في قرمطية المتنبي، وأتى بأدلة على درجة لا بأس بها من الإقناع، ليحاول أن يثبت علوية المتنبي، ويكفي أن أقول إن محمود شاكر أمضى أكثر من أربعين عاما وهو يتردد على كتابه هذا، وبعد ذلك يقول لنا الدكتور خالد الكركي في رونقه العجيب: "والذين عكفوا على شعره بين حاسد وغاضب ومتهم له بالسرقة لم يملكوا جميعا أناة القاضي الجرجاني ولا صبر بلاشير، وفي أحيان أخرى لم يملكوا أدوات نقدية عالية تمكنهم من النفاذ إلى أسرار قصيدته".
سنأخذ بكلام الدكتور الكركي ونفترض أن الذين عكفوا على دراسة شعر المتنبي لم يملكوا الأناة ولا الصبر، متجاوزا عن هذا إلى ما هو أهم وأقول: من الذي كان أكثر صبرا حتى يضرب به المثل بلاشير أم محمود شاكر الذي أمضى أكثر من أربعين عاما وهو يعاود الكتاب ويراجعه بعد أن نشره أول مرة في مجلة "المقتطف" عدد يناير عام 1936م، وخرج بنتائج على درجة عالية من والإقناع، ولم يأت أحد حتى اليوم ليرد على محمود شاكر حجته، في حين نجد أن شاكرا سخر ببلاشير سخرية مريرة في كتابه! وبعد هذا وذاك لا نجد كتاب محمود شاكر ضمن قائمة المراجع في "الرونق العجيب" ، ونجد لبلاشير في قائمة المراجع ذكرا واضحا.
وبعودة إلى الفقرة ذاتها يقول الكركي: "وفي أحيان أخرى لم يملكوا أدوات نقدية عالية تمكنهم من النفاذ إلى أسرار قصيدته..."
وليت الدكتور الكركي أوضح لنا ما الأدوات النقدية العالية، لأنني لم أرَ هذه الأدوات في كتابه، ولم ألمس أي نفاذ إلى أسرار قصيدة المتنبي في هذا الرونق العجيب، ولم أجد أي رأي جديد سواء أكان على المستوى اللغوي أم النحوي أم النقدي أم غير ذلك.
وفي نهايات الكتاب وبالتحديد ص 61 يقول الكركي: "إن احتمالات القراءة المغايرة ما تزال قائمة، ففي ديوانه بعد فلسفي، وآخر صوفي، وثالث لغوي، ورابع قرمطي أو عَـلَوي، وقد نذهب وراء دراسات بلاشير، وماسينيون، وطه حسين ومحمود شاكر، غير أننا نختار هذه القراءة التي تشكل تماسا نقديا مباشرا مستفيدا من صلة قامت بين النص وبين المتلقي، دون أن يدعي المتلقي أن تأويله يكمل شعر المتنبي، ويسد النقص فيه، بل هي إضاءة لهذا الوادي الذي تسكنه الجان والسحرة من أهل اللغة، ويحكمه المتنبي بخيله، وأسوده، وسيوفه، وجنون عبقريته".
كيف تكون احتمالات القراءة ما تزال قائمة في البعد الرابع "قرمطي أو علوي" وقد أسلفت وقلت إن شاكر حسم، أو (شبه حسم) هذه المسألة بما أتى به من أدلة، وكانت ردوده على بلاشير وماسينيون وطه حسين ردودا مفحمة وقد عمل على إذلال خصومه، وطه حسين نفسه مات ولم يستطع مقارعة محمود شاكر في مسألة القرمطية والعلوية، ولم يستطع أحد حتى الآن أن يرد على شاكر. ولكن الكركي يقول: "إن احتمالات القراءة المغايرة ما تزال قائمة... ورابع قرمطي أو علوي..." هذا كلام يبعث على الدهشة فعلا، وحبذا لو أوضح لنا الكركي كيف يمكن أن يكون هذا الاحتمال ما يزال قائما بعد الذي جاء به محمود شاكر؟! هل للدكتور الكركي رأي جديد في المسألة؟ وهل ثمة مخطوط جديد يظهر معلومة جديدة غاية في الأهمية؟ أم هل وجد فهما مغايرا في شعر المتنبي لم يشأ أن يطلعنا عليه في "الرونق العجيب"؟ لو كان ذلك كذلك لاعترتنا الدهشة حقا، ولقلنا إن هناك شيئا جديدا أتى به عن المتنبي بعد مرحلة محمود شاكر.
ثم يقول الكركي: "غير أننا نختار هذه القراءة التي تشكل تماسا نقديا مباشرا مستفيدا من صلة قامت بين النص وبين المتلقي، دون أن يدعي المتلقي أن تأويله يكمل شعر المتنبي، ويسد النقص فيه..."
فالكركي يختار هذه القراءة، وهي غير قراءة تفسير الدهشة، والإضاءات في التجليات العليا على ما أراه الآن، فهي قراءة تشكل تماسا نقديا مباشرا!!! وهو يستفيد من صلة قامت بين النص وبين المتلقي!!! وليته أفصح لنا عن شخصية هذا المتلقي؛ هل هو الباحث خالد الكركي؟ أم هو القارئ لشعر المتنبي؟ أم هو قارئ "الرونق العجيب"؟! ثم ما هو التأويل المقصود الذي يكمل شعر المتنبي؟ وهل شعر المتنبي يحتاج إلى ما أو مَنْ يكمله؟!
ثم يكمل الكركي الفقرة بالعودة إلى الإضاءة، ولكنها غير الإضاءات التي تظهر التجليات العليا، فيقول عن إضاءته الجديدة: " بل هي إضاءة لهذا الوادي الذي تسكنه الجان والسحرة من أهل اللغة، ويحكمه المتنبي بخيله، وأسوده، وسيوفه، وجنون عبقريته".
ليت شعري كيف انتقل بنا الكركي من الأبعاد الصوفية، واحتمالات دراسات بلاشير وماسينيون وطه حسين ومحمود شاكر إلى التماس النقدي المباشر، ثم الصلة بين النص والمتلقي، ثم فجأة إلى العالم السفلي الذي فيه الوادي الذي تسكنه الجان والسحرة والأسود والسيوف والجنون...!!!! وليته أوضح لنا مقصوده من التماس النقدي المباشر بدلا من كلامه عن الجان والسحرة من أهل اللغة، وأسود المتنبي وعبقريته!

وإذا ما تركنا جوهر المنهج، وانتقلنا إلى الأمور الشكلية في منهج البحث العلمي، فإننا سنجد الكثير من الأخطاء، ومنها:
- يقول الكركي في ص14من كتابه:
" قال المتنبي في مقدمة الفِسْر الكبير عن شعر أبي الطيب..."
وفي ص 67 "الهوامش"، وفي هامش 3 يقول الكركي: "الفسر المبين" فهل هو الفسر الكبير أم الفسر المبين؟ وهل هو الفِسر بكسر الفاء كما يقول الكركي، أم هو بفتح الفاء؟
بالرجوع إلى الطبعة التي عاد إليها الكركي نجد أن عنوان الكتاب:

ديوان أبي الطيب المتنبي
بشرح أبي الفتح عثمان بن جني
المسمى بالفَسر

فلم يورد المحقق وهو الدكتور صفاء خلوصي لفظ الكبير ولا المبين.
فيكون الدكتور الكركي قد أخطأ في النقل الدقيق لعنوان الكتاب من المصدر الذي عاد إليه، وهذا خطأ أولُ، والخطأ الثاني هو قوله "الكبير" مرة، و"المبين" مرة أخرى للمرجع ذاته.
أما عن سؤالنا عن كسر الفاء أو فتحها؛ فإنني لم أجد في لسان العرب، وفي تاج العروس، وفي القاموس المحيط، وفي المعجم الوسيط، وفي المنجد، لفظ "الفِِسر"، والصواب: "الفَسر" بفتح الفاء، فيكون الكركي قد أخطأ أيضا في ضبط العنوان.

- ويقول الكركي في ص 22:
- إنها معركته مع أهل زمانه، وهم:
............................
فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد
فلم هذا الحذف لصدر البيت والاكتفاء بوضع النقاط؟! وهل يكفي الضمير المنفصل "هم" الذي أتى به الكركي ليغني عن صدر بيت المتنبي:
أذم إلى هذا الزمان أهيله فأعلمهم فَدْمٌ وأحزمهم وغد

- نجد استشهادات غير موثقة في ص59، حين يستشهد بأنصاف الأبيات، ويوثق حين يستشهد ببيتين كاملين، وهذا خطأ منهجي، لأن اجتزاء البيت لا يفقده قيمته، وللنصف في التوثيق مثل حظ النصفين، وأذكر مما لم يوثقه في هذه الصفحة:
" شجاعا كأن الحرب عاشقة له"، "والطعن عند محبيهن كالقبل".
-وفي ص 51 يقول الكركي: "وللناس عنده صورة عجيبة، فقد يولد الممدوح ليكون "غريبة" زمانه، بينما يولد الناس ناقصين".
والكركي هنا ذكر لنا البيت حتى نرى صورة الناس العجيبة، ولكنه لم يوثق.
- وفي ص53 يقول: "وعنده أن الذي يحسب المجد "زقا وقينة" مرذول، فالمجد سيف وفتكة بكر"، ولا يأتي الكركي بالأبيات التي تدل على هذا الكلام!
- عدم التوثيق في ص 62 لـِ: "لكن الرغام معدنه..." و " يشقى في النعيم بعقله".
- ويقول في ص65: "وستظل في أحاديث السمار، وحداء المسافرين، فاستر جمالك عن ربات الخدور وإلا هلكن هياما وعشقا... وهذه حالة نادرة من وصف الممدوح الفارس بالجمال، إلا إذا كان كذلك".
ولم يذكر لنا الكركي البيت أو الأبيات التي تدل على هذا الكلام.
والذي يقرأ الصفحة نفسها يجد أيضا شرحا في بدايتها لأبيات غير موجودة...!
- وإذا عدنا إلى ص 51 نجده يبدأ بشرح البيت الشعري الآتي من آخره:
أحجار ناس فوق أرض من دم
ونجوم بيض في سماء قتام
فيقول عن البيت: "وفي مشهد القتلى صورة جديدة تكشف على دقة متناهية في رسم المشهد وكأنه لوحة مختلفة الألوان، فالسماء قتام، والخوذ تلمع كالنجوم، والأرض دم، والجثث حجارة متناثرة..."
فنراه يبدأ الشرح من نهاية البيت آخذا في الرجوع حتى يصل بدايته! فأين هي الدقة المتناهية يا ترى في رسم المشهد؟ هل هي في قلب المشهد رأسا على عقب لنتخيله من الأعلى إلى الأسفل، أم من النهاية إلى البداية، أم هي في تخيل المشهد من اليسار إلى اليمين، لاسيما وأن المشهد كما يقول الكركي: "وكأنه لوحة مختلفة الألوان"!


ثالثا: المصطلح
ثمة مصطلحات نقدية وردت في الكتاب دون أن يبين الكركي المعنى الذي أراده من المصطلح مع اختلاف تعريفاته، ومنها "معنى المعنى" فنراه يقول عن المتنبي:" وكان يبحث عن معنى المعنى مدركا أن الحياة موت، لذلك نواجهها، وأن عالم الفنان مجاز، وأن الزمن غير منصف..." ص 17
ويقول في ص29: "لا أظن أن انبثاق قصيدة تقول الأمر كله موجود كما في قصائد المراحل الأخيرة من حياته بعد أن غادر مصر، أو منذ أن عزم على ذلك، فذاك هو معنى المعنى في رائعته عن العيد..."
ولم أفهم إن كان يقصد بمعنى المعنى ما رمى إليه الجرجاني قديما، أم ما رمى إليه غيره من نقاد المدارس الحديثة، لم أجد في كلام الكركي ما يوضح مقصوده بهذا المصطلح. ولم يوضح لنا كيف يكون انبثاق قصيدة تقول الأمر كله موجود في قصيدة "العيد"! ولم يوضح كيف يمكن لقصيدة أن تقول الأمر كله!
- يقول في ص 22: "ويستمر في صعوده الشعري حتى يرى أن معادن الناس من الرغام، وهو ذهب في هذا الرغام".
فهل هذا صعود شعري أم صعود نفسي؟ يعلو بنفسه، ويراها أجلَّ وأسمى من البشر، فالحديث هنا عن المعنى، وما دام الكركي يقول: "صعوده الشعري"، فلماذا لم يذكر هذه الأبيات الصاعدة؟!.
- ويقول الكركي في ص 57: "... ثم في هذا التشكيل اللغوي من شاعر يملك حسا فنيا رفيعا باللغة، ويملك خبرة عالية، وثقافة واسعة، مما شكل ما يسميه النقاد" عبقريته الفنية"، وإن كنت لا أرى أن هذا المصطلح يشي بحقيقة نقدية، بل هو في باب الإعجاز والعجز عن تفسير هذا الإعجاب بهذا الشاعر الذي جعل الدهر "منشدا" لقصائده..."
فالكركي يتهم النقاد الذين أتوا بعبارة "عبقريته الفنية" بالعجز عن تفسير إعجابهم بهذا الشاعر.
حسنا... فبماذا نفسر قول الكركي في الصفحة نفسها حين يقول:
"... بهذا الشاعر الذي جعل الدهر منشدا"
"... كما كان ابن جني يستمع إليه للمرة الأولى، ويصله إشعاع فني، أو يحس بهزة ناتجة عن طاقة غامضة تبعث فيه الدهشة والإعجاب، وتجعله يبحر عبر موج غامض وهادر وهادىء، وفق حالات الشاعر النفسية التي شكلت لغة القصيدة".
فأية حقيقة نقدية في هذا الكلام في ص57، فما الحقيقة بالإشعاع الفني، وكيف شعر الكركي بهزة ابن جني الناتجة عن الطاقة الغامضة التي تبعث فيه الدهشة والإعجاب، وكيف تجعل هذه الأمور ابن جني يبحر عبر موج غامض وهادر وهادىء وفق حالات الشاعر النفسية...؟!
هل نحن في تجربة فيزيائية أم في رحلة ابن جبير البحرية؟! وهل استطاع الكركي تفسير إعجابه بهذا الشاعر؟!
إنني أرى أن قول النقاد: "عبقريته الفنية" أقرب إلى الحقيقة النقدية من الكلام الذي أتى به الكركي، مع أنني لم أفهم حتى الآن ما يقصده بالحقيقة النقدية، ولا أدري إن كان ثمة حقائق نقدية أم لا، لأن ما أعرفه أن الحقائق لا تكون في النقد؛ لأن النقد - وإن كان مبنيا على أسس- يظل قابلا للأخذ وقابلا للرد، وخاضعا لمبدأ القبول والرفض.
عدا عن كل هذا وذاك؛ فإن الكركي لم يذكر لنا اسم ناقد واحد من هؤلاء الذين قالوا بـِ"عبقريته الفنية"، فنرى كيف يمكن الرد عليه.
لا أريد أن أتقصى كل ما يتعلق بالمصطلح النقدي في الكتاب، ولكني أوشك على القول: إن المصطلح النقدي وتوظيفه في هذا الكتاب أمر غير واضح.
رابعا:زوائد الكلام والكلام الضبابي
وهذه النقطة تكاد تكون مكملة للنقطة السابقة، والأمثلة في هذا الكتاب على التعميم وإطلاق الأحكام كثيرة، ومنها:
- يقول الكركي: "شعر المتنبي ميدان واسع للنقد الجاد، على أن ندرك أننا نتعامل مع سلطة النص الشعري لا مع حضور المتنبي وطغيان شخصيته" ص17
أرى أن هذا الكتاب قد تعامل مع شخصية المتنبي أكثر مما تعامل مع شعره، رغم أن عنوانه الفرعي: قراءة في شعر المتنبي.
- يتساءل الدكتور الكركي في نهاية ص33:" وهل يستطيع أحد الفخر إن كان يقبل الضيم!"
الجواب: لا. وأرى أنه لا داعي لمثل هذا التساؤل.
- يقول الكركي في ص 35: "ولا أرى أن الذين أشرعوا أبواب الحديث عن السرقات كانوا من ذوي النوايا الخالصة..."
ما المقصود بالنوايا الخالصة؟ هل هو الحب الخالص، أم هو الحقد الخالص؟ ثم هل يحكم النقد على الشراح والنقاد من خلال كتاباتهم أم من خلال نواياهم؟!
- يقول الدكتور الكركي في ص 36: "ثم يقدم هذا البيت النادر الذي يؤنسن الخيل كما فعل الشنفري بذئبه، وعنترة بحصانه والفرزدق بذئبه..."
إذا كان هناك من أنسن الخيل والحيوانات قبله فكيف يكون البيت نادرا، وما وجه الندرة فيه، وهل البيت نفسه نادر؟ أم الصورة أم التركيب أم ماذا؟ ومثل هذا الكلام يتكرر كثيرا في الكتاب وللقارىء أن يطلع.
- يقول في ص 41: "كما هي العين والآرام يوم حركها زهير في مطلع معلقته المشهورة..."
وهل نحتاج إلى من يخبرنا أن معلقة زهير مشهورة؟ وهل هناك معلقات غير مشهورة؟
- ويقول الكركي في ص 42: "وهذه لوحة مثيرة للرعب..."
فما الرعب المقصود هاهنا؟
- ويقول في ص 46: "بالرغم من تكرار ذكر السيف في قصائد أبي الطيب، فلديه السيوف الهندية والمشرفية والنزارية العربُ..."
هذا أمر طبيعي، فما دام يكرر ذكر السيف فإنه يذكر أنواع السيوف وأصولها.
- في ص 49 لم أجد قراءة للأبيات كما هو الحال في كثير من مواطن الكتاب.
- يقول في نهاية ص53: "ويحار المتلقي في كثير من صوره ومعانيه، فما الذي قصد إليه في قوله:
لله قلبك ما يخاف من الردى
ويخاف أن يدنو إليك العار"
فأجيب وأقول: إن المقصود واضح ولا يحتاج إلى تساؤل، فهو يريد أن يقول: ما هذا القلب الذي تحمله؟! فهو لا يخاف من الموت، ولكنه يخاف عليك من العار.
والدكتور الكركي نفسه يقول في هذا البيت في كتابه "الصائح المحكي" طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر سنة 1999، ص153، هامش (ا): "وهو من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة، وللفعل تخاف في الشطر الثاني رواية ثانية هي يخاف من الردى، وهي أقرب إلى روح المتنبي وبلاغته".
فما دام الأمر كان واضحا عام 1999 في "الصائح المحكي"، فما الذي يجعله مغلقا غامضا مثيرا للتساؤل عام 2008 في "الرونق العجيب" مع أن البيت هو نفسه، فلماذا فهمناه عام 1999 واستعصى على أفهامنا عام 2008. (ونحن الآن لسنا بصدد مناقشة كتاب "الصائح المحكي").
- ويقول في ص 55 من كتاب "الرونق العجيب": "من هنا لا أود أن أطيل في عرض نماذج من الصور التي تعبر عن الشعر في ديوان المتنبي"، وحبذا لو عرض لنا الدكتور الكركي نماذج من الصور التي لا تعبر عن الشعر في ديوان المتنبي!
- وفي ص 56 يقول الدكتور الكركي: "أقدم هنا نماذج من "مشكل" شعر المتنبي، و"غوامض" صياغته كما شغل بها الشراح واللغويون في زمانه وبعد رحيله، والغاية من هذا أن نستبين شواهد على معرفة أبي الطيب المتميزة باللغة، ومحاوراته مع معاصريه الذين كانوا هم أيضا من أبرز علمائنا في اللغة، وتكفي إشارة واحدة إلى ابن جني وابن خالويه".
إذا كان الهدف أن نستبين شواهد على معرفة أبي الطيب المتميزة باللغة فنحن نستبين أمورا ظاهرة لا تحتاج إلى إبانة، فكل من قرأ المتنبي يدرك أن المتنبي على معرفة متميزة باللغة. ومن ص 56 وحتى نهاية الكتاب لم يوضح ولم يبين الدكتور الكركي أي معرفة متميزة باللغة تلك التي يقصدها!
وفي حديثه عن الغموض يقول الكركي في ص 61: "أو في غموضه الذي لا يبين عن معنى:
لو لم تكن من الورى اللذْ منكَ هو
عقمت بمولد نسلها حواءُ"
إن في قول الكركي: "أو في غموضه الذي لا يبين عن معنى"، غموضا لا يبين عن معنى فعلا! فكيف لا يبين الغموض عن معنى؟ وإذا كان الكلام غامضا فهل هذا يعني أنه لا معنى له، أو لا يبين عن معنى؟! فالغموض أحيانا يحمل معاني عدة فيكون مشبعا بالمعاني خصيبا بها، فالغموض الذي لا يبين عن معنى تكون مشكلته إما بالكاتب الضعيف، وإما بالمتلقي. عدا عن ذلك، أين هو الغموض في البيت؟ فالبيت واضح المعنى، ولا أجد فيه غموضا أو ما يدعو إلى التأويل، وعندما حاولت استنطاق معناه لم يختلف فهمي عن شرح الشيخ ناصيف اليازجي الذي يقول فيه: لو لم تكن من هذا الخلق الذي كان منك لأنك جماله وشرفه حتى كأنه ساقط بدونك، لكانت حواء في حكم العقيم لعدم الاعتداد بغيرك من أولادها.
- يقول الكركي في ص 62: " وقد اكتشف المتنبي سر الشعر في اللحظة نفسها التي اكتشف بها عبث الحياة..." وليت الكركي يدلنا على تلك اللحظة الحاسمة التي التقى فيها اكتشاف سر الشعر باكتشاف عبث الحياة، وهل كانت في أيام الصبا أم الشباب أم النهاية الفجائعية للمتنبي!
- يقول الكركي في ص 66: "ولعل كتاب أدونيس"الكتاب" وكتاب كمال أبو ديب "عذابات المتنبي" يشكلان انزياحا نقديا نحو فهم مغاير للمتنبي".
جميل أن يحتاط الكركي ويأتي بكلمة "لعل" هذه المرة، ولكن نحن نعلم أن " الكتاب" و "عذابات المتنبي" هما كتابان في الشعر، فهما ديوانان، فكيف يشكلان انزياحا نقديا، وما المقصود هنا بالانزياح النقدي؟ وهل هو مصطلح جديد أم هو مشهور متداول؟ أم أن الكركي أتى به لأن أدونيس وكمال أبو ديب ناقدان...؟! ثم كيف يشكل هذا الانزياح النقدي فهما مغايرا للمتنبي؟
خامسا: الأخطاء الإملائية
- في ص 17 يقول: "وإيقاعها موسيقى ذلك المعبد"، ويقول في ص 32 لكن لا غناء فخما وموسيقى هائلة الوقع والجمال"، والصواب: موسيقا.

- وجاء ص 51:
كأن العيس كانت فوق جفني
مناخاة فلما ثرن سالا
والصواب: مناخات، وقد وردت صحيحة بعد سطرين.
- وجاء في ص 55: "وإن كان من قيمة للانعطاف في الصورة فهي أن لا تتأثر بمرور الزمان..."
- وجاء في ص 61: "ولكننا نرى غموضا نحب أن لا يتكشف ضبابه، ولغة لا نود أن ينجلي الصباح عن سحرها".
والصواب: ألا تتأثر، ألا يتكشف، وهذه قاعدة متفق عليها، وقد اعتمدتها المناهج المدرسية الأردنية، وقد نصت على إدغام"لا" بـ "أن" قبل الفعل، وعدم إدغامها قبل الاسم، ومعلوم أن لجنة الإشراف على تأليف مناهج اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم كانت برئاسة الدكتور خالد الكركي.
سادسا: الأخطاء النحوية
- في ص 12 جاء في قصيدة خالد الكركي "رجع الصهيل" قوله: "والأرجوان على كلَّ درب وسيف"، والصواب: على كلِّ.
- جاء في ص 14: "في زمن لم يتراءى له..."، والصواب: لم يتراءَ.
- وفي في ص 18: "لعل ذلك يفجرَ في روح المتلقي"، والصواب: يفجرُ.
- وجاء في ص 23:
برتني السرى بري المدى فرددنني
أخفُّ على الركوب من نفسي جرمي
والصواب: أخفَّ.
- وجاء في ص 31: "ذلك أن فاتك قد رحل سنة 352هـ..."
والصواب: ذلك أن فاتكا..."
- وجاء في ص 53:
ما يقبض الموتَ نفسا من نفوسهم
إلا وفي يده من نتنها عود
والصواب: الموتُ.
سابعا: في ضعف الصياغة
نجد في كتاب "الرونق العجيب" عددا من الجمل والعبارات الضعيفة من حيث الصياغة اللغوية، ومنها:
- يقول الدكتور الكركي في ص35: "هذا معنى أول في الصورة الكلية، ولكن البيت الأخير" القلب يسابق الجسم الذي يسابق السرج/ الفرس، وكلهم عازم على الانطلاق".
انتهت الفقرة ولم يذكر المؤلف خبر لكن، ولم يتضح المقصود بهذا الكلام!
- وفي ص 43 يقول: "والعفرة التي صار إكليلا"، والأفضل أن يقول: والعفرة التي صارت إكليلا.
- ويقول في ص 66: "وله صلة بالإيقاع والالتفات والانزياح، أعني بسائر وجوه الشعرية..."
وكان أفضل لو قال: وله صلة بالإيقاع والالتفات والانزياح، أعني صلة بسائر وجوه الشعرية".
- ويقول في الصفحة نفسها: "آخر جملة في الكتاب: "وكوامن غائرة قد تكشف القراءة عنها في أي زمان محتمل جديد".
وحبذا لو قال: وكوامن غائرة قد تكشف القراءة عنها عاجلا أو آجلا.
ثامنا: في الأخطاء اللغوية
في الكتاب عدد من الأخطاء اللغوية، ومنها:
- يقول في ص 16:" لذلك تحتاج الإجابة النقدية عليها إلى مستويات ثلاثة في القراءة..."
والصواب: عنها وليس عليها، وهو في ص 17 يستعمل هذا التركيب استعمالا صحيحا حين يقول: "... ومحاولة للإجابة عن ذاك السؤال..."
- يقول ص 15:" فإن المتنبي نفسه صاحب فكرة في الخروج عن المألوف في حياته وشعره،" سواء أهتزت أوتاره كل الاهتزاز لتعاليم القرامطة" أو في شعره الذي حمله روحا من التحدي لكل ما هو قائم سواء من حكام زمانه، أو من مبدعيه".
هنا عدم استخدام سواء وهمزة التسوية و"أم" بشكل صحيح، مع ما في هذه الفقرة من اضطراب خاصة حين يأخذ الكركي من بلاشير "سواء أهتزت... القرامطة"، والكلام المأخوذ من بلاشير غير واضح ومبتور وفيه قلق.
- في ص 17 يقول:" وسواء سعينا من الزوايا الشكلانية أو الأسلوبية أو السيميائية..."
والصواب: وسواء أسعينا من الزوايا الشكلانية أم الأسلوبية أم السيميائية..."
وفي ص 29 نجد الدكتور الكركي يستعمل" سواء" وهمزتها استعمالا صحيحا، فيقول: "سواء أكان غاضبا أم ضجرا أم حزينا".
- وفي ص 45:
يطـأ الثرى مترفقا من تيهه فكأنه آس يُجسُّ عليلا
والصواب: يَجَسُّ.
- وفي ص 53 يقول:" وأن تصير النجوم حلى على الليل"، ولو أردناها بضم الحاء لقلنا: حُلية، وما دام المتنبي أرادها "حليا"، فعلينا أن نلتزم ليكون الصواب: أن تصير النجوم حليا...
- ويقول في ص 51: "وفي مشهد القتلى صورة جديدة تكشف على دقة متناهية في رسم المشهد..."
والصواب: تكشف عن، ولا نقول يكشف على إلا في حال كشف الطبيب على المريض.
تاسعا: في الأخطاء الطباعية
أما الأخطاء الطباعية في الكتاب فهي كثيرة، ومنها:
- جاء في ص 15 "وخلخلخة المرجو..."، والصواب: وخلخلة
- وجاء في ص 16: "مواجهة حساّد المتنبي"، والصواب حساد.
وجاء في ص 16 أيضا: "قصدوا هدَم سورها"، والصواب: هدْم، وقد تسبب هذا في كسر الوزن.
- وفي ص 20: "ومصطحب النصّل" والصواب: النصْل.
- وفي ص 21: "وإنّ تولوا فما أرضي لها بهم"
والصواب: أ- وإنْ، وقد تسبب هذا في كسر الوزن.
ب- أرضى، وليس أرضي.
- وجاء في ص27:
ودع كل صوت غُير صوتي فإنني أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
والصواب: غَير
وجاء أيضا: "فارم بها ما أردت منيّ فإني...
والصواب: منّي، وقد تسبب هذا الخطأ في كسر الوزن.
- وفي ص 30: "ونترك الماَء لا ينفك من سفر"
والصواب: الماء.
- وفي ص 31:" كلما رَّحبت بنا الروض..."
والصواب: رحَّبت.
-وفي ص 32 : "تضُع السهم..."، والصواب: تضَع.
- وفي ص 37:" وعادت فظنوّها بموزار قفلا"
والصواب: فظنّوها.
- وفي ص 39: "يُهز الجيش حولك جانبيه"
والصواب: يَهز.
- وفي ص 42:" فإن هذه الصورة التي ركبّها أبو الطيب المتنبي"
والصواب: ركَّبها.
وفي الصفحة نفسها يأتي الكركي ببيت للبحتري فنراه يقول: " وقد عرفنا أن البحتري قد صرع الأسد بحربته:
فأوجرته خرقاَء تحسب ريشها
على كوكب ينقض والليل مسوَّد
والصواب:
أ‌- البحتري صرع الذئب وليس الأسد.
ب‌- خرقاء، وليس خرقاَء.
ج- مسوَدُّ، وليس مسوَّد، وقد أدى هذا الخطأ إلى كسر الوزن.

وفي الصفحة نفسها يقول الكركي:" أما ممدوحه الفتح بن خاقان فقد صرعه بسيفه".
وإذا تم تعديل الأخطاء الخاصة بالبحتري يكون الأصح أن نقول بعدها: أما ممدوح المتنبي الفتح بن خاقان فقد صرع الأسد بسيفه.
حتى لا يتبادر إلى الذهن أن الممدوح هو ممدوح البحتري، وحتى لا يتبادر إلى الأذهان أيضا أن المصروع هو الذئب حين نصحح الخطأ أعلاه!
- وفي ص 43 يقول: "الذي غلته منية أمام هيبة ابن عماّر"
والصواب: منيته...
والصواب أيضا: ابن عمار.
-وفي ص 45 في الشعر: "وبما تجشَّمُّها الجياد صهيلا"
والصواب: تُجَشِّمُها وقد أدى هذا الخطأ إلى كسر الوزن.
- وفي ص 46: "الذي يتردَد فيه..."، والصواب: يتردَّد.
- وفي ص 50: "...رمز بها للحّمى" والصواب: للحمّى.
- وفي ص 51 جاء في الشعر:" تهيبنَي"، والصواب: تهيبَني.
- وفي ص 53 في الشعر: "أمْنِكَ الصبح يفرق أن يثوبا"، والصواب: أمِنْكَ.
- وفي ص 67 وردت كلمة: البرقوفي، والصواب: البرقوقي.



عاشرا: أخطاء عروضية
ثمة أخطاء يمكن أن تكون مشتركة بين الطباعية والعروضية والإملائية، وقد رأينا بعض الأخطاء السابقة قد تسببت في كسر بعض الأبيات، ومن الأخطاء العروضية في الكتاب ما يأتي:
- في ص 12 ومن قصيدة الكركي "رجع الصهيل"، يقول: "لا يدرك الحال شرح"، والصواب: ولا يدرك الحال شرحٌ.
- جاء في ص 38:
أنا ترب الندى ورب القوافي سمام العدا وغيظ الحسود
والصواب: وسمام.
- جاء في ص 49:
أتى الزمان بنوه في شبيبة
فسرهم وأتيناه على الهرم
والصواب: شبيبته.
- وفي ص 55:
وملمومة سيفيةُ ربعية يصيح الحصى فيها صياح اللقالقِ
والصواب: سيفيةٌ.
- وفي ص 60: كأن، ألسنهم في النطق قد جعلت
على رماحهم في الطعن خرصانًا
والصواب: خرصانا، وقد جاءت الألف منونة في نهايات الأبيات مرات عدة في هذا الكتاب.

- وفي ص 68 يقول الجواهري:
يا جلق الشآم إنا خلقة عجب لم يدر ما سرها إلا الذي خلقا
والصواب: الشام، وقد أدى هذا إلى كسر في الوزن.

وبعد:
فهذه ملاحظات نرجو الإفادة منها، ولا نعدم أن نجد الفائدة في هذا الكتاب؛ فقد حوى منتقيات رائعة من شعر المتنبي، تنم عن ذائقة أدبية مرهفة لدى الدكتور خالد الكركي.



#علي_هصيص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي هصيص - التهافت الغريب