أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - الجمال بين العلم والفن















المزيد.....

الجمال بين العلم والفن


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 15:43
المحور: الادب والفن
    



ضمد كاظم وسمي
أن للجمال إتصالية والهة بمعشوقته الأثيرة (الروح الفنية) .. إذ أن النتاج الإبداعي يكون ميدانه ( الصورة الفنية ) .. التي تفصح عن المنطق والحدس الجماليين .. للكشف عن الرؤي من خلال إضاءة ( المتخيل ) ومقاربته .. غير ان البعد المادي للصورة ينبغي توافره لتتجه بحركة جوهرية نحو الجمال - ( أن المادة تمتلك في جوهرها حركة مستمرة بواسطتها ترقي الي الكمال ) - لكن التوجس من مضاعفات النظريات العلمية والأفكار الفلسفية في الفن ، وجعلها مسوغاً شـــــكلياً عن خوض الجدل فيــــها ، لا يــــــؤدي إلا الي تشرذم مكونات التجربة الجماليـــــة .. والاكتفاء بالجانب العلمـــــي المجرد عن محتوي الفـــــن وشاعريته . ذهب أصحاب النظرة المادية القديمة الي أن الجمال ليس صفة من صفات الطبيعة .. ويرون إليه بمنأي عن اكتشاف حقائق الطبيعة .. إذ أنه في نظرهم لايمكن أن يلج ميدان الجدل العلمي .. ومع أن الجمال خاصية الفنون البديعة إلا أن الماديين نفوا أن تكون قواسم مشتركة بين الفنون والعلوم .. ويشيرون الي واقعية العلوم مع أنها قريرة المشاعر .. فيما يسِمون الفنون بدفء المشاعر .. لكنهم يفرغونها من أي مضمون .. وحيث أن هؤلاء يقصرون الخواص الكمية علي المادة .. ويجردونها من أية سمات أخري فأنهم يرققون الجمال الي درجة أن جعلوه صناعة ذاتية - تختلقها ذات الأنسان -لاصفة من صفات الطبيعة ، يقول رينيه ديكارت (1596-1650) : ( لايدل الجميل ولا البهيج علي أكثر من موقفنا في الحكم علي الشيء المتكلم عنه ) .. ويشاطره باروخ سبينوزا (1632-1677) الرأي ذاته: (الجمال ليس صفة في الشيء المدروس بقدر ماهو الأثر الذي ينشأ في الإنسان نفسه الذي يدرس ذاك الشيء) .. ونحا المنحي نفسه تشارلز داروين (1809-1882) معبراً عن وجهة نظر هؤلاء الماديين وموقفهم من الجمال : ( من الجلي أن الإحساس بالجمال يتوقف علي طبيعة العقل بصرف النظر عن صفة حقيقية في الشيء محل الأعجاب ) .. أما سيغموند فرويد (1856-1939) .. فأنه وجد نفسه منصاعاً الي عد الجمال أسير الغريزة الجنسية : ( من دواعي الأسف أن التحليل ليس عنده مايقوله عن الجمال وكل ما يبدو مؤكداً أنه مستمد من مجال الشعور الجنسي ) .. وبذلك فأن أصحاب النظرة القديمة يعتقدون بأن عناصر الجمال هي ليست من قوانين الطبيعة .. بل هي من قوانين العقل البشري .
وبالضد من النظرة القديمة فأن النظرة العلمية الجديدة والتي طفقت تستشري في الأوساط العلمية والفنية منذ أوائل القرن العشرين فقد أكدت ( علي أن الجمال هو المقياس للحقيقة العلمية ) .. لذلك عُدّ جمال الحقيقة وبساطتها هو عنوان استبانتها ، يقول ريتشارد فينمان الحائز علي جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1965: (أن المرء يمكن أن يستبين الحقيقة بفضل جمالها وبساطتها).. فيما كان فيرنر هايزنبيرغ عالم الفيزياء الألماني يري أن ( الجمال في العلوم الدقيقة وفي الفنون علي السواء هو أهم مصدر من مصادر الأستنارة والوضوح ) .. الأمر الذي يشير الي أن الجمال يشكل مقاربة جلية للعلم والفن معاً . فضلاً على أن نشدان الجمال من قبل كبار علماء الفيزياء النظرية في القرن العشرين قد مهد لهم لأن يحرزوا كشوفاً كبيرة ، فقد لاحظ هايزنبيرغ في ما يتعلق بميكانيكا الكم انه ثبت أن (النظرية مقنعة بفضل كمالها وجمالها التجريدي).. كما عدت النظرية النسبية العامة كأجمل النظريات الفيزيائية حيث المح ايرون شرود نغر (1887-1961) إليها علي نحو يتبدي فيه رونقها الآسر: (أن نظرية انشتاين المذهلة في الجاذبية لا يتاتي اكتشافها الا لعبقري رزق إحساساً عميقاً ببساطة الأفكار وجمالها ) .. حتي أن ألبرت أنشتاين (1879-1955) نفسه قد أومأ الي جمال نظريته جاعلاً سحرها الأخاذ مصيدة لعشاق فهمها إذ يقول : ( لايكاد أحد يفهم هذه النظرية تمام الفهم يفلت من سحرها ) ..بل غالى بعضهم متيقناً أن ( الجمال معيار أساسي في الفيزياء لدرجة أن يقدم حتي علي التجربة ) .. حيث يعلن وبجرأة الفيزيائي بول دايراك أن : ( وجود الجمال في معادلات العالم أهم من جعل هذه المعادلات تنطبق علي التجربة ) ، فالجمال قد يتحدي الحقائق .. ولربما عد دليلاً جديراً بالثقة .. ليكون هو الفيصل ( لأن التجربة تخطيء في الغالب والجمال قلما يخطيء ) .. لذلك كان الجمال في الفيزياء هو السمة الغالبة . يحدد انشتاين ثلاثة عناصر للجمال عندما يقول : ( النظرية تكون أدعي الي إثارة الإعجاب كلما كانت مقدماتها أبسط ، والأشياء التي تربط بينها أشد اختلافاً ، وصلاحيتها للتطبيق أوسع نطاقاً).. فأول عناصر الجمال هو البساطة التي تستلزم الكمال والأقتصاد .. حيث تستوعب النظرية الجميلة بمعيار البساطة كل الحقائق في الوقت الذي تقتصر فيه علي ماهو ضروري منها ..يقول هنري بوانكاريه (1854-1912) عالم الرياضيات الفرنسي: (لأن في البساطة والضخامة كلتيهما جمالاً فنحن نؤثر البحث عن حقائق بسيطة و عن حقائق كبيرة).. أما العنصر الثاني فهو التناسق .. فالنظرية الجميلة يجب أن توفق بين عدة حقائق ليس في ما سبق ما يشير الي صلة تربط بينها ، يقول انشتاين: (لا علم من غير اعتقاد بوجود تناسق داخلي في الكون) .. كما وأن التناسق يستبطن التماثل الذي يسري في جميع قوانين الفيزياء لذلك أعلن ويلر: (أن كل قانون من قوانين الفيزياء مرده الي شيء من التماثل في الطبيعة) .. ويضيف هايز نبيرغ أن ( خواص التماثل تشكل علي الدوام أهم سمات النظرية) .. ومن قبل كان يري أفلاطون بأن الوزن والتناسب هما عنصرا الجمال والكمال .. مثلما أوضح أرسطو بأن الجمال يتركب من نظام في الأشياء الكثيرة .. أما أوغسطين فإنه يعتقد أن الجمال هو في الوحدة .. وهكذا فإن الجمال منذ ( ديمقريط ) لايكون إلا في الكيان المتناسق والمتناظر وانسجام الأجزاء والنسب الرياضية الصحيحة .. أما العنصر الثالث فهو الروعة .. ذلك أن النظرية الرائعة التي تكون علي جانب كبير من الوضوح الذاتي .. في ذات الوقت الذي تضئ فيه أو تقارب أشياء أخرى أو جوانب منها .. وهذا ما فعله نيوتن الذي أدهش العالم بثلاثة قوانين بسيطة - تفسير الأجسام الساقطة وظاهرتي المد والجزر وحركة الكواكب والمذنبات ( وهذا بالضبط ما تفعله نظرية النسبية العامة بطريقة أنيقة مدهشة ). يمكن القول أن عناصر الجمال لاتوجد في العلوم فقط ، بل أن لها ما يناظرها في الفنون .. فالفنان يضع البساطة في أول أهدافه وهو ينزع الي تفادي النقصان أوتجنب الحشو في عمله الفني .. ويحق لنا القول أن مبدأ البساطة كان يجثم علي تفكير ألبرت دورر حين أسدى نصيحته للفنانين قائلاً : ( هناك وسط عدل بين الإفراط والتفريط . حاولوا أن تهتدوا إليه في جميع أعمالكم ) .. ويستطرد دورر وهو يشير الي العنصر الثاني التناسق / التماثل / التناسب وأهميته في العمل الفني : ( من دون التناسب الصحيح لايمكن لأي شكل أن يكون كاملاً مهما اجتهد في إنجازه ) .. ويعزف علي ذات الوتر الملحن كريستوف غولك (1714-1787): (وأعظم الجوانب الجمالية للحن أو للتناسق تصبح عيوباً ونقائص اذا استخدمت في غير مكانها المناسب) .. وفي ما يتعلق بالعنصر الثالث من عناصر الجمال : الروعة / التألق فيقول أدوار مانيه: (الضوء هو الشخصية الرئيسية في لوحة الرسم) .. ولعل الوضوح في الصوت ما يشكل عنصراً مهماً من عناصر الجمال .. في ذلك يبين أرون كوبلاند: (أن الجرس في الموسيقي هو نظير الضوء في لوحة الرسم ) .. فالجرس أو ( اللون النغمي ) قد يعطي الأذن قدرة علي التمييز بين الناي والبوق حتي لو حصل وأن عزفت الألتان كلتاهما النغمة نفسها .. مما تقدم نخلص الي أن هناك اتحاداً جلياً بين العلم والفنون الجميلة .. حيث يشير الي ذلك ستيفن فاينبيرغ : ( هناك أوجه شبه معينة بين العلم والفن ، أولها أن العلماء يتلمسون الجمال والبساطة ، ونحن نلتمس ذلك لإعتقادنا بأن القوانين الأساسية التي تشكل ركائز الطبيعة لابد أن تكون بسيطة ) .. ويمضي قائلاً : (العلماء شأنهم في ذلك شأن الفنانين ، يعتمدون إعتماداً شديداً علي الحدس ) : وهكذا فإن النظرة العلمية الجديدة بخلاف النظرة المادية القديمة تظهر بأن عناصر الجمال الخفي والذهني في العلوم تماهي عناصر الجمال الجلي والمسموع في الفنون الجميلة .. (أن العالم والفنان .. ينشدان الهدف الجمالي نفسه عبر مسالك مختلفة) .. فالفنانون الأصلاء ( هم فلاسفة بحلولهم الفنية يعبرون عن إتجاهاتهم - بلغة الفن - التي تضفي علي الحقيقة العلمية امتيازاً ذاتياً ليرتبط مع موضوعيتها ، بتلك البذور الفلسفية الكامنة .. والتي تتفتح براعمها عند حدوث عملية الاشتباك الجمالي بينها وبين المتلقي) .. وبذلك يعيرنا الفنان كما يلحظ ذلك ( شو بنهاور ) ناظريه لنبصر بهما العالم حيث تتفتح فيه الموجــــودات إلي أقصاها ..



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرابين الفوز
- العراق .. والديمقراطية
- الانتخابات العراقية
- هذا العراق
- أسرار الوردة
- ثنائية الفلسفة والعلم 2
- ثنائية الفلسفة والعلم ( 1-2 )
- صمت العدم
- الوردة البيضاء
- البداوة السياسية
- نقد الثقافة العربية
- عطر القرنفلة
- آيديولوجيا العولمة / من التوحيد التقني الى التشظي الثقافي
- نقد المنطق التحويلي
- ينام في الهوى قلبي
- شيم الملاح
- أبابيل شوق
- الأمن المائي
- تنهيدة العذر
- موقد الاحلام


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - الجمال بين العلم والفن