أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - موقفان لليسار : أيهما كان يسارياً حقاً؟















المزيد.....

موقفان لليسار : أيهما كان يسارياً حقاً؟


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 3012 - 2010 / 5 / 22 - 17:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب" (من القرآن الكريم).
قال المفسرون: إن أولى الألباب هم ذوو الفكر السليم.

عندما كنت أنقب، قبل بضعة أيام، في "الإنترنيت" وفي "أرشيفي" الخاص، بحثاً عن مواد حول "حرب الأيام الستة" (وفقاً للقصة الإسرائيلية) أو "عدوان حزيران" (وفقاً للقصة العربية ولأنصار نظرية "المؤامرة") عثرت على وثيقتين تلقيان الضوء على موقف اليسار، العربي والإسرائيلي، من الأحداث التي سبقت الحرب مباشرة، رأيت من المفيد أن أضعهما بين أيدي القراء. إذ بعد مرور أكثر من أربعين عاماً على الأحداث التي غيرت وجه الشرق الأوسط بكامله، والتي لا زلنا نعاني من نتائجها المدمرة حتى اليوم (الشعب العربي الفلسطيني فقد أرضه وشعب اسرائيل فقد حريته وابتلى بالسيطرة على شعب آخر) يمكننا عندما نفرأ هاتين الوثيقتين اليوم أن نحكم من كان في مستوى المسؤولية التاريخية: من قال الحقيقة لشعبه ومن خدع نفسه وخدع شعبه. من حذر شعبه من الكارثة المقتربة وأشار إلى طريق الخلاص ومن انجر وراء الهستيريا "القومية" الحربية التي طغت على "الشارع" وقاد شعبه إلى "النكسة". أو باختصار، من كان يسارياً حقاً: هذا الذي قال القوا السلاح وتعالوا نتفاهم، أو ذاك الذي زمر وطبل، باسم "العروبة" و"الاشتراكية"، شاهراً سلاحه الفاسد.

ولكن قبل ذلك نبذة تاريخية قصيرة (فيها الكثير من الذكريات الشخصية).

الشيوعيون في اسرائيل ينقسمون إلى يهود وعرب:
في عام 1965 حصل انشقاق في صفوف الشيوعيين الاسرائيليين، بين ستالينيين ودعاة إنفتاح، اتخذ، بسبب الظروف الخاصة بإسرائيل وبسبب مضاعفات الصراع الاسرائيلي-العربي، شكل انشقاق بين اليهود والعرب، فانقسم الشيوعيون إلى جناحين: "جناح يهودي" ضم معظم الشيوعيين اليهود وعدداً قليلاً من العرب، واحتفظ لنفسه باسم "الحزب الشيوعي الاسرائيلي (ماكي)" (الذي ذاب فيما بعد في صفوف اليسار الاسرائيلي)، و"جناح عربي" ضم معظم الشيوعيين العرب وعدداً قليلاً من اليهود واتخذ لنفسه اسماً موقتاً هو "القائمة السيوعية الجديدة (ركح) " .

دار النقاش حول الموقف الذي يجب اتخاذه من الأسس والاتجاهات الرجعية داخل الحركة القومية العربية التي انعكست في جملة من القضايا منها، على الأخص، نفي حق قيام دولة اسرائيل والدعوة للقضاء عليها (تحت شعار "تصحيح أخطاء 1948")، وكذلك الموقف من السياسة السوفييتية في الشرق الأوسط التي دعمت الحكام القوميين العرب حتى عندما كان هؤلاء يسجنون ويقتلون الشيوعيين في بلدانهم.

(في هذه الأثناء كتب شموئيل ميكونيس، سكرتير عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مقاله الشهير "بأذني بن بلة"، هاجم فيه القادة السوفييت على منحهم وسام لينين للسلام لأحمد بن بلة الذي دعا من على منبر سوفييتي، إثناء تقليده الوسام، إلى محو دولة اسرائيل. في هذا المقال الذي نشر في جريدة الحزب باللغة العبرية "قول هعام"، ولكن جريدة "الإتحاد" العربية رفضت نشره، رغم أنها كانت الأحرى بنشره، أعاد قائد الحزب الشيوعي الاسرائيلي، شموئيل ميكونيس، إلى ذاكرة قائد الثورة الجزائرية، أحمد بن بلة، إن القوى التقدمية واليسارية في اسرائيل وقفت إلى جانب الشعب الجزائري العربي في محنته وألفت لجان دفاع وتضامن معه إثناء نضاله المسلح ضد الاستعمار).

هكذا وجد اليسار الاسرائيلي نفسه، في النصف الثاني من أيار عام 1967، عشية اندلاع العمليات العسكرية، يحارب في جبهتين: ضد سياسة الحكومة الاسرائيلية المتنكرة لحقوق الشعب العربي الفلسطيني وضد الاتجاهات الرجعية داخل الحركة القومية العربية المتنكرة لحقوق شعب اسرائيل. وبالإضافة إلى كل ذلك، وجد نفسه مخذولاً من الحليف الطبيعي له: اليسار العربي (الذي كان مشغولاً بمحاربة الصهيونية).

اشتداد التوتر على الحدود المصرية-الاسرائيلية وتلبد غيوم الحرب:
في 15 أيار 1967 عبرت قوات برية كبيرة من الجيش المصري قناة السويس ورابطت في شبه جزيرة سيناء، فدفع ذلك الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان حالة تأهب في صفوف الجيش الإسرائيلي. في 16 أيار طالب الرئيس المصري جمال عبد الناصر بإخلاء قوات الأمم المتحدة UNEF من سيناء وقطاع غزة. وبعد مفاوضات فاشلة قام بها سكرتير عام الأمم المتحدة يوثانت استمرت يومين، أصرت خلالها مصر على إخلاء القوات الدولية، غادرت قوات الطوارئ الدولية (المكونة من 4000 جندي) المنطقة في 18 أيار 1967. في 22 أيار أعلنت مصر إغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل سببًا للحرب (Casus Belli)، وعبد الناصر أعلن من جانبه أنه مستعد لمحاربة اسرائيل. وفي 30 أيار وقع الرئيس المصري وملك الأردن الحسين بن طلال على اتفاقية تحالف عسكري.

كل ذلك روفق بضجة إعلامية كبيرة من راديو "صوت العرب" وبمظاهرات "شعبية" صاخبة طافت شوارع القاهرة والعواصم العربية تطالب بالقضاء على "الكيان الصهيوني".
وفي "الأهرام" نشر محمد حسنين هيكل مقالاً حول "الأيام الرائعة بين 14 و 23 من أيار التي غيرت الأوضاع في الشرق الأوسط" وتنبأ قائلاُ:
"بعد الأجراءات التي أقدمت عليها الجمهورية العربية المتحدة لا مفر من الصدام المسلح بين اسرائيل والجمهورية العربية المتحدة. . . وهذا الصدام قد يحدث في أية لحظة وفي أي مكان. . . في البر أو البحر أو الجو."
وثم : "نحن نتوقع الضربة الأولى من العدو ضدنا، ولكننا إذ ننتظر الضربة الأولى يجب أن نقلل من تأثيرها قدر الإمكان. . . وبعدها ستأتي الضربة الثانية التي سنوجهها ضد العدو، ضربة قوية وفعالة قدر الإمكان، تسندها قوة عسكرية لا مثيل لها في الشرق الأوسط من ناحية الحجم ومن ناحية الاستعداد والرغبة في دخول المعركة."

(ملاحظتين: 1. الأقتباسات في هذا المقال مترجمة عن الأنجليزية لذلك فإنها قد تختلف بعض الشيء عن النص الأصلي العربي.
2. لم أتابع كل حلقات "تجربة حياة" في "الجزيرة" ولكني أعتقد إن محمد حسنين هيكل قد مر مر الكرام على دوره في "توريط" جمال عبد الناصر.)

أما أحمد الشقيري فعندما سئل عن المصير الذي ينتظر الاسرائيليين بعد النصر العربي أجاب إن من يبقى منهم على قيد الحياة يستطيع أن يعيش في فلسطين ولكنه لا يعتقد إن أحداً منهم سوف يبقى حياً.

اليسار العربي ينسى دور القائد ويهرول نحو "النكسة" :
أمامي الرسالة التي بعثها القائد الشيوعي المصري يوسف درويش (1910-2006) إلى جمال عبد الناصر بتاريخ ٢٤/٥/١٩٦٧، أي قبل أيام من نكسة ١٩٦٧. الرسالة التي تعبر دون شك عن موقف اليسار المصري والعريي احتوت النص التالي:

"إن الخطوات الحاسمة والثورية التي اتخذتموها ضد الاستعمار والصهيونية وإسرائيل تزيد من فخرنا واعتزازنا وتعلقنا بقيادتكم، عاشت الأمة العربية وعاشت الوحدة العربية وعاشت الاشتراكية".

أرجو من القارئ أن يلاحظ إن "اسرائيل" التي يتحدث عنها يوسف درويش في رسالته إلى عبد الناصر هي ليست "اسرائيل اليوم" (اسرائيل الأراضي المحتلة) بل اسرائيل بحدود عام 1967. لماذا إذن "يفتخر" قائد يساري و"يعتز" بخطوات "ثورية" ضد دولة مجاورة ذات سيادة؟ ولماذا هذا الحرص على "تعلقنا بقيادتكم"؟ أهذا هو واجب اليسار؟ ومن يحتاج إلى يسار كهذا؟

قارنوا موقف اليسار العربي بموقف اليسار الأسرائيلي في ما يلي.

اليسار الإسرائيلي ينادي الشعوب العربية:
أياماً قلائل قبل وقوع الصدام المسلح، وفي محاولة أخيرة لمنع وقوع الكارثة، توجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الاسرائيلي بنداء خاص إلى الشعوب العربية وإلى القوى اليسارية والديمقراطية في العالم العربي.
إليكم نص النداء الذي يحتل مكانة خاصة في قلبي لأنني أنا الذي ترجمته إلى اللغة العربية في حينه:

نداء إلى الشعوب العربية !
شعب اسرائيل يريد السلام وينشد إقامة علاقات حسن الجوار معكم. إن المستعمرين اعداء الشعوب، وصنائعهم من كلا الطرفين، هم الذين زرعوا التفرقة والعداء بيننا وبينكم.
إن الاستعمار هو عدونا وعدوكم!
إن مصلحتنا ومصلحتكم هي في السلام، في البناء والحرية والاستقلال !
فلنناضل نحن في بلادنا ضد كل محاولة لاستخدام القوة في حل النزاع الاسرائيلي-العربي، ولتناضلوا أنتم في بلدانكم ضد مخططات "الحرب الشعبية لتصفية اسرائيل" !
فلنعترف نحن بحق اللاجئين العرب في العودة أو استلام التعويضات، ولتعترفوا أنتم بحق قيام اسرائيل دولة ذات سيادة في الشرق الأوسط !
فلنترك طريق العداء، ولنسر معاً في طريق الخلاص نحو علاقات سلم وصداقة !
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الاسرائيلي - ايار 1967

ما أشبه اليوم بالبارحة:
"التاريخ"، كان كارل ماركس يقول، "يعيد نفسه مرتين : في المرة الأولى مأساة وفي الثانية مهزلة."
أما عندنا فإن الفرق بين "مأساة" الأمس و"مهزلة" اليوم هو الفرق بين "قامة" جمال عبد الناصر و"عمامة" السيد حسن نصر الله.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أنت، جورج حداد؟
- هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار
- الدقة العلمية، الخيال الخصب والديالكتيك الإلهي
- فؤاد النمري ودفاعه عن -فناء الضدين-
- نحو فهم أوضح للستالينية (2)
- نحو فهم أوضح للستالينية (1)
- على -أنقاض الدولة الصهيونية-
- اليسار العربي و-الكيان الصهيوني-
- حل منصف لا عدالة مطلقة
- إبتذال الماركسية
- ماركسيو -ألف ليلة وليلة-
- بين ماركس وانجلز
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (2 وأخير)
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (1)
- الستالينيون (اخيرة) : يعيشون في الماضي
- الستالينيون (5) : تزوير التاريخ
- الستالينيون (4) : حسقيل قوجمان ضد فريدريك انجلز
- الستالينيون (3) : الكذبة المفيدة
- الستالينيون (2) : فقر الفلسفة (كطول المقال)
- الستالينيون (1) : دكتاتورية البروليتاريا بين المأساة والمهزل ...


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - موقفان لليسار : أيهما كان يسارياً حقاً؟