أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - مات صديقنا العزيز أبو عشتار ... مات عبد الرحمن الجابري..














المزيد.....

مات صديقنا العزيز أبو عشتار ... مات عبد الرحمن الجابري..


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3012 - 2010 / 5 / 22 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" ستبقى لوحات الجابري حية تذكرنا به وتتحدث عن إنسان نبيل أحب الحياة والإنسان وعشق الطبيعة والفن ...".

منذ الصباح الباكر نقل لي الزميل فاروق الوادي الخبر المحزن والأليم, خبر وفاة الصديق العزيز عبد الرحمان الجابري. ودون وعي مني اغرورقت عيني بالدموع وتحشرج صوتي وأنا أساله عن وقت الوفاة وكأنها مهمة بعد أن مات العزيز. لم اصدق الخبر رغم علمي بمرضه, فقد كان قبل فترة وجيزة في بيتي قضينا الليلة في أحاديث ممتعة وذكريات قديمة حتى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل بعد أن شاركنا معاً في حفل زواج ابنته عشتار من أحد أبناء تونس الخضراء في برلين. كان يبدو بصحة مناسبة وكانت الفرحة في تلك الليلة غامرة إذ أن ابنته العزيزة, تلك الفتاة الجميلة والرقيقة تحتفل زفافها.
أربع لوحات زيتية بحجوم مختلفة تحيط بي في غرفتي وشقتنا رسمها الفنان أبو سلام في فترات مختلفة, بعضها كان هدية كريمة منه وبعضها الآخر اقتنيتها منه ووعدني بخامسة حين أقوم بزيارته في مدينة إقامته بألمانيا, لكنه فارقنا على حين غرة وتكرنا نستعيد بعده الذكريات.
لوحاته تعبر عن امتلاك هذا الفنان البديع المبتسم للحياة دوماً عن حس مرهف للألوان وحرفية عالية ووعي عميق بالعلاقة بين الضوء والظل, بين المكان والإنسان, بين الإنسان والطبيعة, بين الحب والحياة, بين الغربة والوطن, بين الاستبداد والقسوة والموت والخراب, كل لوحاته كانت تعبر عن حبه الفائق للحياة وللإنسان. مات عبد الرحمن الجابري وترك خلفه عشرات بل مئات اللوحات الفنية التي ستبقى حية لتذكر الناس به وبفنه الأصيل. أرى لوحاته ولا اصدق أنه فارقنا وتركنا بدونه, فقد كان دائماً معنا في كل مكان, كان معنا بمشاعره ولوحاته ونكاته الجميلة, كان معنا بما يحمل من هموم شعبه.
كنا في السنتين الأخيرتين نتبادل الأخبار بكثافة أكبر عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف عن أوضاع العراق وعن بعض خيبات الأمل التي يصاب بها الإنسان من جراء ما يجري في العراق من صراعات ونزاعات طائفية مريضة ومقيتة. كان المرض يوجعه وأوجاع العلاج اشد وأمر, ولكن كانت أوضاع العراق هي التي تؤرقه وتحول حياته في لحظات معينة إلى جحيم مرهق ويحاول أن يتغلب عليها بنكتة تجسد واقع العراق الراهن أو بقرص مسكن يساعده على عبور شدة الأوجاع. كان رحمن وطنياً صادقاً ويساريا ثابتاً وماركسياً واعياً وصديقاً ودوداً للضعفاء من الناس, للفقراء, للمقهورين من الناس في كل أرجاء العالم. حين جاء إلى برلين جلب لي معه هدية ثمينة هي عبارة عن لوحة زيتية (150 x 150سم) رسمها في العام 1989 تحمل صوراً رسمت لشهداء الدكتاتورية العسكرية الغاشمة في الأرجنتين وصوراً رسمت الأمهات الثكالى بأبنائهن حيث يرتسم الحزن على وجوههن وهن يطالبن بحكم القضاء العادل ضد الدكتاتورية ورفض إصدار العفو على القتلة منهم. لقد تجلت في هذه اللوحة بألوانها الغامقة وتجاعيد وحركات وجوه الأمهات والسماء ذات الألوان المتداخلة عن أفق مشرق غير بعيد ينبئ بانتصار العدالة الاجتماعية. كانت اللوحة تجسد روحه الأممية التي لا تعرف الحدود دفاعاً حقوق الإنسان وحقوق القوميات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وضد الاستبداد والقمع والقسوة أينما وجد.
الأشهر الأخيرة كتب لي يقول لقد بدأت أرسم لوحات جميلة, لم اعد أرسم ألواناً غامقة, بل حياة فرحة ومرحة وألواناً ضاحكة منطلقاً من مقولة "تفاءلوا بالخير تجدوه!".
حين كان راقداً في المستشفى يعالج مرض السرطان الذي أصيب به قبل عدة أعوام, وجهت له رسالة حكيت له فيها عن رجل كان مريضاً بالسرطان ولكنه كان ينظر إلى الحياة بروح إيجابية وقاوم المرض وانتصر عليه, وقلت له أني أثق بانتصارك على المرض أيضاً. أرسلت هذه الرسالة لأكثر من صديق كان مصاباً بالسرطان. فرح بها كثيراً. انتصر لعدة سنوات على مرضه, ولكن في الآونة الأخيرة ضعفت مقاومة حسده ونحل وازدادت الآلام المربحة عليه فصرعه المرض بعد أن انتشر في جميع أنحاء جسمه ولم يعد قادراً على المقاومة وغادرنا بعد منتصف ليلة حالكة السواد دون أن يودعنا وأن نمنحه قبلة الوداع الأخير. لقد فاجئنا بموته ونحن نيام!
ولكن "ابو عشتار" سيبقى حياً في ذاكرتنا بلوحاته ورسائله المرحة ونكاته الطيبة والهادفة, فإلى عائلته الكريمة وأصدقائه ومحبي فنه أحر التعازي وله الذكر الطيب.
16/5/2010 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصوات الشهداء تتصاعد من مقابرنا الجماعية, فهل نحن صاغون لها؟
- جريمتان ترتكبان في العراق , فما هما؟
- هل ناضلنا حقاً من أجل هذا الواقع التعليمي المزري في العراق؟
- اتساع الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في العالم الرأ ...
- الخواء والاغتراب هي من أبرز سمات الخطاب السياسي للمؤتمر القو ...
- هل يمكن مواجهة وجود الطائفية السياسية بشعار -الدين لله والوط ...
- خلوة مع النفس : صراع الأجيال وتجلياته الإيجابية والسلبية !
- هل يمكن بناء الديمقراطية في العراق ؟
- هستيريا الصراع على السلطة في العراق ... إلى أين؟
- رسالة إلى رابطة الأنصار الشيوعيين فرع ألمانيا
- هل سيبقى الهم العراقي خلف ظهور الفائزين بالانتخابات؟
- أيها الناس احذروا ثم احذروا ثم أحذروا .. فميليشيات جيش المهد ...
- الفاشيون المجرمون يوغلون بدماء الشعب العراقي...!
- هل من جديد في تجربة القوى الديمقراطية – العلمانية في العراق؟
- رسالة شكر وتقدير واعتزاز
- قراءة حزينة في كتاب -شاهد عيان: ذكريات الحياة في عراق صدام ح ...
- المرأة والكتابة والنشر في موقع الحوار المتمدن
- هل من علاقة بين نتائج الانتخابات والإرهاب الدموي في العراق؟
- الإرهابيون القتلة يمارسون مهنتهم بنجاح .... فهل فشلنا في الم ...
- تحية وفاء ووقفة إجلال لشهداء الكُرد الفيلية , شهداء الشعب ال ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - مات صديقنا العزيز أبو عشتار ... مات عبد الرحمن الجابري..