أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلمان محمد شناوة - ثقافة المعارضة















المزيد.....

ثقافة المعارضة


سلمان محمد شناوة

الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 20:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الديمقراطية هي تعلم أسلوب المعايشة بين مختلف الفئات السياسية والاجتماعية في البلد , أنها تعني تقبل الأخر بكل ايجابياته وسلبياته , أنها تعني إن يتقبل الخاسر خسارته , والتحول إلى طرف مفيد في المجتمع عن طريق قيادة المعارضة خلال فترة رئاسة الطرف الرابح , ويتحول إلى طرف مراقب ومحاسب , حتى لا يحيد الرابح عن الطريق , ويتحول الرابح إلى ديكتاتور أخر , لا يستطيع احد إيقافه ...لأنه بالحقيقة إن كل ديكتاتور كان بالبداية حمل وضيع , تحول بفعل الإرادة الواحدة في البلد إلى مستبد , والاستبداد هو نتيجة طبيعية , لعدم وجود المعارضة ....
إذن المعارضة ربما هي الخيط الرفيع بين الدولة الديمقراطية والدولة المستبدة ....
إن تاريخ المعارضة في بلادنا مؤلم حقاُ , فقراءة بسيطة للتاريخ نكتشف انه لاتوجد لدينا معارضة حقيقية , والمعارضة تتحول إلى حركات تمرد واستبداد وثورات على الخليفة أو الحاكم أو السلطان , لان مفهم الحكم لدينا كان قاصر فقط على الحق الإلهي للحاكم والذي لا يستطيع احد ينازعه , ولازالت مقولة أبو جعفر المنصور ماثله (( من نازعني عروة هذا القميص ناجزته غمد هذا السيف )) في خطابه والذي برر به قتله أبو مسلم الخراساني, والحقيقة إن كل حكام العراق كانت هذه مقولتهم إمام معارضيهم , فلم تكن يوجد لدينا معارضة بالمفهوم الديمقراطي الحديث ....
إن مفهوم الدولة القائمة على (( الحكومة والمعارضة )) , لم يكن موجودا لدينا , فكانت الدولة لدينا كلها حكومة , إما المعارضة , فكانت تقيم في الخارج , لا تأثير لها إطلاقا على الوضع في العراق ....
إما المفهوم الحديث للدولة (( الحكومة والمعارضة )) نجده بقوة في الدول الديمقراطية الحديثة , حيث يكون هذا الحزب تارة في الحكومة وتارة أخرى في المعارضة , ولا يعني وجود ذاك الحزب بالحكومة انه أصبح كل شي وانه باقي إلى الأزل , ولا يعني إن ذاك الحزب مادام هو معارضة لا يأتي يوم ويستلم الحكم .... المراقب الجيد للديمقراطيات الغربية , يجد تفاعل جميل مشترك بين الحكومة والمعارضة ..... لكل منهم دوره ...
حزب العمال البريطاني استلم الحكومة البريطانية لمدة تزيد عن عشر سنوات , وكان طوال هذه الفترة حزب المحافظين بالمعارضة , وها هو اليوم حزب المحافظين يتسلم الحكومة البريطانية ويرجع حزب العمال إلى مقاعد المعارضة ...هل تغيرت بريطانيا هل توقفت , هل تعرضت لازمات ....لا لم يحدث شي , الدولة بقيت بنفس قوتها ومؤسساتها , وإداراتها ... هذا يعني إن الحكومة هي وظيفة عامة .. والمعارضة اهميتها من أهمية الحكومة ..أيضا وظيفة عامة ...
إن كل انتخابات تجري هي بطبيعة الحال , فرز الجهات المتصارعة إلى فائز ومنتصر , والفوز أو الخسارة لا تعني نهاية المطاف , بل تعني التحضير إلى انتخابات جديدة , وتراكم مجتمعي جديد , ففي الدول الديمقراطية , فوز أي طرف لا يستمر أكثر من دورة انتخابية أو على أكثر حال دورتين انتخابيتان , لان الفوز بعني وضع البرنامج الانتخابي للفائز تحت الاختبار , ودائما تأتي الأفعال اقل من التوقعات , وكثير من الوعود تختفي ولا تتحقق , وهذا بحد ذاته نقاط تحسب للطرف الأخر في الصراع , ويتحول إلى طرف منتصر بعد إن كان خاسرا ....
لكن المشكلة إن فوز احد الإطراف , هو بحد ذاته تكريس لمستبد جديد , لا يستطيع احد إيقافه , وهذا الأمر يتم حين تتوقف المعارضة عن تأدية دورها في المراقبة والمحاسبة , وتبقى تنتظر نائمة لا تتحرك , ولا يوجد لها أي نشاط في معارضة الحاكم , فيتحول الفائز , إلى مشروع مستبد , يبدأ صغيرا ويكبر تدريجيا , حتى يتحول حاكم بأمر الله أخر , أو حاكم ضرورة لا بد منه ....
مساعد وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط يناشد القادة العراقيين إن ينحوا طموحاتهم الشخصية جانبا ويفكروا في قبول مناصب اخرى غير رئاسة الوزراء , ويقول يستغرق القادة العراقيون الكثير من الوقت في مناقشة من يتقدم أولا ليحاول تشكيل حكومة جديدة ...ويضيف انه من الضروري للغاية الحديث بشأن برامج الحكومة الجديدة ....ويقول في النهاية سيكون هناك رئيس وزراء واحد ... وسيتعين على أي فرد قد يشعر بأنه المرشح الشرعي لمنصب رئسا الوزراء التفكير في خطة بديلة .....
من الطريف والمدهش ان الخلاف على رئاسة الوزارة في العراق يثير قلق الامريكيين , لان الامريكان يحتاجون الى حكومة تتشكل بسرعة, وباسلوب ديمقراطي , حتى يستطيعون إن ينفذوا كل خططهم المؤجلة , الموضوعة لللعراق , الوضع الحالي يربك لا بل يثير حنق المسئولين الأمريكان ....
والتأخير في تشكيل الحكومة العراقية يثير سخط كل الشعب العراقي , فكل خطط الحكومة مؤجلة , والحكومة الحالية هي حكومة تصريف إعمال , مع إن السيد نوري المالكي يرفض تسميتها بحكومة تصريف الإعمال , ويعتبر نفسه لا يزال رئيس وزراء حقيقي , يتخذ قرارات حكومية حقيقة , إلا إن الواقع غير ذلك ...
يجب إن نفهم حقيقة معينة , لا بل يجب تكريس هذه الحقيقة , انه لا قيمة لشخصية رئيس الوزراء في الحكومات الديمقراطية , وان الأهمية الكاملة هو للبرنامج الانتخابي , فلقد تعلمنا طول دراستنا ومراقبتنا للتجربة الديمقراطية الأمريكية مثلا , إن السياسة الحكومية ثابتة , وان شخصية الرئيس مثلا في النظام الرئاسي الأمريكي , وان شخصية رئيس الوزراء في النظام البرلماني مثل بريطانيا دائما ثابتة في الخطوط العريضة , ولم تكن يوما شخصية توني بليراو بروان أو حتى ديفيد كميرون ولا حتى مارغريت تاتشر أو ونستن تشرشل , كانت مؤثرة بشكل مطلق , حقيقية انه للشخصية تأثر على فريق العمل الذي يعمل له , وتؤثر في توجيه سياسة في اتجاه معين دوم اتجاه أخر , إلا إن هذا يتم ضمن ضوابط درج العمل بها ضمن النظام الديمقراطي ...في تلك البلاد ..
الشعور إن للشخصية الحاكمة متمثلة بشخصية رئيس الوزراء دور كبير لدينا في العراق , نابع من بقايا الفكر الاستبدادي , والذي يعطي لرئيس الدولة أو الحكومة , صلاحيات مطلقة بحيث هو الذي يشكل كل سياسات الدولة من التفاصيل الدقيقة إلى الخطوط العريضة الكلية ....
لقد استطاع الفكر لدينا تحرير الصورة التقليدية لرئيس الدولة من سطوتها المبالغ بها والمضخمة , وأصبح ألان رئيس الجمهورية العراقية شخص عادي , يذهب احدهم ليأتي أخر , لأيهم من يذهب ولا يهم من يأتي , المهم لدينا سياسة حكومية ثابتة , والذي كرس هذه الصورة الجديدة , هو تقليص صلاحيات رئيس الدولة إلى اقل درجة ممكنه ....
إن الصورة المسحوبة من رئيس الدولة , أضيفت إلى رئيس الوزراء , فلقد تم إضافة صلاحيات مركزة وكبيرة إلى مهام رئيس الوزراء وبذلك سوف نعاني من مشكلة تحوله إلى حاكم بأمر الله أخر , إن لم يتم تحديد فترة ولايته , وبشدة سيتحول إلى مستبد أخر , في طريقه للوصول إلى قائد ضرورة .... ونحن نعرف إن منذ البداية يجب تحديد كل شي ووضع النقاط على الحروف , ومن أهم الأمور التي تساهم في تخفيف الصورة المركزة لرئيس الوزراء , هو تحديد فترة ولايته بمدة لا يزيد بكل أحوال عن ولايتين اثنتين , وفي العراق , من الأفضل إن تحدد المدة بمدة ولاية واحدة فقط , حتى تعتاد أذهان الناس والوعي الكامن فيهم , إن شخصية رئيس الوزراء , ليست الشخصية الحاكمة بأمر الله , وليست هي بكل الأحوال إلا شخصية إنسان عادي , كان في يوم من الأيام معارض في خارج العراق كان يشاهد حيث هم يسيرون أو يلتقون به في المقاهي أو الشوارع أو جلساتهم الخاصة ...لكنه تحول إلى شيء خارق لأنه أصبح رئيس لوزراء العراق , ليس بقوة منه , ولا بإرادة إلهية , ولا بانقلاب عسكري , إنما ضمن أليه معقولة ومنطقية , تعارف عليها العقلاء من أبناء العراق , وهذه الإلية مثلما ساهمت بإيصال السادة (( إياد علاوي وإبراهيم الجعفري وأخيرا نوري المالكي )) لمنصب رئيس الوزراء , يجب إن تكون القناعة قوية لدى المواطن العراقي , إن هذا المنصب , وظيفة عامة يمكن إن يشغله اى مواطن عراقي من (( الفاو إلى زاخو )) ...فكل العراقيين يتساوون بالحق للوصول إلى هذا المنصب ... ولا يوجد هناك أي أفضلية بسبب نسب أو خلافة أو حق الهي بهذا المنصب ......
لقد قلت أكثر من مرة , إن الانتخابات رائعة و أكثر من رائعة , لأنها تساهم بإيصال أشخاص لم نسمع عنهم إلى كراسي البرلمان , بحيث تعطينا تنوع كبير في الوظيفة السياسية العراقية , لا بل تعطينا دائما دماء جديدة .. وقلت إن الانتخابات رائعة وأكثر من رائعة ..لان هناك أسماء اعتقد الناس أنها الأصلح لتمثيل الناخبين ..وكانوا يملاؤن الدنيا صراخا وضجيجا ...وفجأة وفي الانتخابات رأيناهم يتساقطون الواحد تلو الأخر , ويحصلون على عدد من الأصوات لاتسمن ولا تغني من جوع ....أسماء كانت في قمة السماء السياسية , تحولت إلى أسماء في القاع , هذا جمال الانتخابات مع كل سلبياتها ....
وقلت كذلك إن الانتخابات جميلة لتأديب من يسول له نفسه فجأة انه أصبح الحاكم بأمر الله , وان بفضله هو وذكاءه وقدرته هي السبب لرخاء البلد , إن كان هناك رخاء أصلا ...
لقد رأينا في الانتخابات السابقة , كانت شخصية إبراهيم الجعفري هي المحور , لرئاسة الوزراء , ولقد ظهرت المظاهرات في عموم العراق تدعو إلى إحباط المؤامرة على الشخصية المثلى , ولكن في ذاك الوقت وصل الاحتقان إلى أقصى درجة , ومع إن شخصية الدكتور الجعفري أفضل من منظور ديني مثلا , إلا أنها باتت لا تصلح لحكم العراق , لان كل الشركاء والفرقاء ودول الجوار والأمريكان والدول العربية , أصبحت مرفوضة لديهم , وبالتالي كان اللجؤء إلى شخصية أخرى ترضى كل الإطراف ...فكانت شخصية نوري المالكي ....حلا معقولا وممكنا لتجاوز الأزمة ....
مشكلة السياسية , في العراق إن هناك فجوة كبيرة , بين وما هو مفضل لدى العامة يعطيك أفضل صورة وردية للحكم , ولازالت شخصية الإمام (( علي )) ماثلة في أذهان العراقيين , فهم يريدون شخصية مثالية لا تخطئ مثل تلك الشخصية , وهي لن توجد في الواقع ألمعاشي للمجتمع ...ثم يرضون بشخصية واقعية , ولكن هذه الشخصية الواقعية وبشكل تدريجي تتجه في أذهان الناس وطبعا في ذهن الحاكم نفسه للوصول إلى درجة من درجات المعصومية وعدم الخطأ ...ويصبح هو الحل الوحيد , وهو المنقذ الوحيد , وغيره إما حلول طائفية أو حلول تسير في ركب الأجنبي ....
مشكلتنا في العراق إن احد الإطراف لازال يرفض الجلوس للطرف الأخر , ويرفض المشاركة , ويرفض التنازل عن مؤسسة الحكم , وهذه المشكلة الأبدية بين السنة والشيعة , وأقول السنة لا اقصد بهم الناس العاديون الذين هم أكثر احتكاكا مع إخوانهم الشيعة , وهؤلاء نراهم أكثر رحمة وأكثر تقارب , لكن أولئك الذين يعتقدون أنهم ملكوا بايديهم كل الخطابات الإلهية , وأصبحوا يتكلمون باسم الله أكثر من الله نفسه , وأولئك الذين يحاولون فرض وصاية على المجتمع , ويعتقدون أنهم فقط القادرون على التحدث باسم الناس , مع إن المجتمع شب عن الطوق منذ زمن طويل , والمجتمع اختار طريقه ودستوره واختار أدواته الانتخابية ....
نحن نعلم إن منصب رئاسة الوزراء , استحقاق انتخابي , والقانون واضح جدا , لا يشكل الحكومة إلا من نال 163 مقعدا , فمن من الموجودين نال هذه النسبة ؟... الحقيقة لا احد !!!!
وأعلى الفائزين كانوا – إياد علاوي ( العراقية ) والتي حصلت 92 مقعدا , وهذه النسبة لا تستطيع إن تشكل حكومة بدون أتلاف , وفي المركز الثاني كان نوري المالكي ( دولة القانون )) وكان استحقاقه الانتخابي 89 مقعدا , وبهذه النسبة أيضا لا يستطيع إن يشكل حكومة ..... إذن ما الحل ؟!!!
المشكلة إن السيد إياد علاوي والسيد نوري المالكي , يعتقدان أنهم الأحق بتشكيل الحكومة ! لماذا ؟
حقيقة لا ادري , فهما متساويان في الحق في تشكيل الحكومة , لكن لا يعلو احدهما على الأخر , ولا يفضل احدهما على الأخر , إلا بخدمة العراق , فمن منهم الأفضل لخدمة العراق ويكون له التشرف بخدمة العراقيين ؟
نقول كذلك لا احد , لأنهم أيضا متساويان , فلا نوري المالكي أكثر قدرة على خدمة العراقيين من إياد علاوي , لا إياد علاوي أكثر عراقية من نوري المالكي .....
الحل الوحيد والمنطقي لكل من المتنافسين هو الائتلاف مع كتله أخرى لتشكيل الحكومة , والحل الوحيد المنطقي هو الإتلاف مع الإتلاف الوطني العراقي (( مجموعة الحكيم والجعفري )) ولكن هناك مشكلة , وهو شخصية رئيس الوزراء , فنوري المالكي متمسك بهذا المنصب بأظافره وأسنانه , وكذلك إياد علاوي .... ونوري المالكي عليه فيتو من أكثر من جهة , التيار الصدري الشريك الرئيسي للإتلاف الوطني العراقي والذي حصل بمفرده على 40 مقعدا مع أن (( المجلس الأعلى وتيار الإصلاح والي يتبع الجعفري )) حصل مشتركين على 30 مقعدا ... وعليه فيتو شديد من دول الجوار العربي وخاصة السعودية , الدور الأكثر تأثيرا بالمجموع السني العراقي ...
في محاولة أخيرة لحل المشكلة , قام الرئيس جلال طلباني بجمع أكثر من خمسين شخصية قيادية من التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة على غداء سياسي , وحضر الكل ما عدا السيد إياد علاوي , والذي القي السيد جلال لطلباني نص رسالة الاعتذار والتي أرسلها إياد علاوي على الحاضرين ... فهل استطاع هذا اللقاء حل المشكلة العراقية ...
يقول طارق الهاشمي : إن اللقاء أذاب الجمود السياسي القائم بين الشخصيات العراقية , وربما يساهم بالتوصل لحل للازمة , .... ولكن هل حلت الأزمة ؟....
السيد نوري المالكي قال في حديث مقتضب (( إن رئاسة الوزراء لن تخرج عن الأتلافين المتحالفين (( دولة القانون و الإتلاف العراقي الموحد )) ثم استدرك وقال لن تخرج عن (( دولة القانون )) ....
الزحمة العراقية التي نجدها على بوابة رئاسة الوزارة تثير التساؤل والألم , لان بالوضع العراقي الجديد منصب رئاسة الوزراء هي وظيفة عامة , وليست امتياز , فهل هي كذلك حقا ؟ ... هي كذلك في كل الدول الديمقراطية العراقية , ولكنها هنا في العراق شيء أخر , لا زال الفكر العراقي يعتبر إن الوزارة مكسب , ويجب إن يعمل المرء كل ما وسعه للوصول لهذا المنصب ليس لخدمة الناس بل للوصول للمال والسلطة والنفوذ ...فهي بوابة الثراء السريع ...
ثقافة المعارضة ....
طبعا ليس هناك أي من الشركاء السياسيين , يرغب بقيادة المعارضة البرلمانية في العراق , لان اللعبة الأساسية هي على منصب رئاسة الوزراء , فمن يربح منصب رئيس الوزراء يربح الكل , المال والسلطة والنفوذ , والذي يخسر منصب رئيس الوزراء لا يقنع بحقيبة وزراية أو حقيبتين , فماذا ينفعه راتب البرلمان , مع انه الراتب الأعلى في العالم , وهو قد خسر ملايين وسلطة ونفوذ مجلس الوزراء .... اللعبة الرئيسية هي علي منصب رئاسة الوزراء ...
في دول العالم المتقدم الديمقراطي الأخرى , الحكومة وظيفة وخدمة عامة , لا فرق بين شخصية وأخرى , ويوجد هناك نظم محاسبية دقيقة , تساهم بشكل كبير , دون إضاعة المال العام , ودون تحول هذا المنصب ولو بشكل تقريبي إلى مؤسسة مالية منهوبة من مجلس إدارتها ... كذلك هناك المعارضة , والمعارضة في الدول الديمقراطية هي وعي شعب كامل وإدراك بأهمية هذا الجانب المهم , وان الخسارة في الانتخابات لا يعني بحال من الأحوال الخسارة الكلية , إنما هي بداية جديدة , يعمل بها الحزب الخاسر طوال مدة حكم الحزب الفائز , لتثبيت أرضية قوية لها , ويعمل خلال هذه الفترة على دراسة أوجه القصور في البرنامج الانتخابي للحزب الفائز والحاكم , حتى يستطيع تقديم برنامج انتخابي جيد , يستطيع به يخوض الانتخابات القادمة بشكل أكثر واقعية ...
كل الأحزاب لدينا لديها برامج انتخابية مكتوبة بشكل جيد على الورق , لكنها على ارض الواقع تبقى حبر على ورق , العمل السياسي في المعارضة هو عمل تراكمي , وليس عمل إني , وهو كذلك كمية كبيرة جدا من الخبرات والتي تعطيه أفضليه على الحزب الأخر , المعارضة البرلمانية , فن كبير في الخطابة والتحدث لساعات طويلة في القنوات الفضائية , واللقاءات العامة والساحات , وعلى صفحات الجرائد , والوصول إلى الناخب بكل طريقة ممكنة , عمل المعارضة عمل دائب مستمر , لا يتوقف أبدا , ولا يستريح , يراقب , يسأل , يصل إلى المواجع في الشارع ......
في العراق الحديث نحتاج إلى تكريس الوعي المجتمعي بصورة جيدة , نحتاج إن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها الفعال , بإعطاء المحاضرات في كل زمان ومكان , في أكثر المناطق حضارية في المدن , إلى ابعد المناطق في الاهوار العراقية , وخيام البدو في الصحاري البعيدة , إلى اعلي قمة جبلية في أقصى الشمال العراقي , محاضرات تثبت الوعي الاجتماعي حول الانتخابات والدستور , حول الحقوق المدنية , وحقوق الإنسان , حقوق المرأة , حقوق الطفل .
يمكن إن يعتبر العراق سنة أولى ديمقراطية في مصاف دول لها من العمر الديمقراطي عشرات بل مئات السنين , ربما لا زلنا نحبو , بعلم الديمقراطية , لكننا لن نكون ديمقراطيون بين يوم وليلة , يجب إن نتخلص من سطوة رجل الدين وسطوة شيخ العشيرة , ويجب إن يتعلم العراقي , أبجدية حقوق الإنسان والديمقراطية والانتخابات , ويجب إن يثبت في الوعي العراقي أن منصب رئاسة الوزراء, والوزارة هي وظيفة اجتماعية وليست امتيازا ....جاءت لخدمة المواطن , ولم تأتي لمص دمه وتعبه وعرقه ...
يجب إن نتعلم أبجدية عمل المعارضة , وان أساليب العمل في المعارضة لا تعني بحال من الأحوال , التمرد والثورة والقتل وأساليب الإرهاب , إنما المعارضة , هي التي تدخل من نفس الباب الذي تدخل منه الحكومة , لأفرق بين الاثنين , آلية الانتخاب هي التي تفرز الحكومة من المعارضة , وان أساليب المعارضة السلمية قادرة , على التغير وقادرة على تحويل المجتمع إلى تجربة إنسانية حضارية .....
فهل نحن حريصون على تعلم فن المعارضة ....مثلما نحن حريصون جدا على تعلم فن الحكومة ؟
سؤال يحتاج إلى إجابة !!!!



#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة لم نعد نعرفها !!!
- الطائفية العربية ...والوطنية العراقية
- فائزون لكن خاسرون
- عمالهم وعمالنا ...ويوم العمال العالمي!!!
- ما تبقى من الوطنية العراقية !!!!
- السياسة العراقية , واسئلة حقيقية ؟
- الشيخ والنساء
- المشاريع الصغيرة في العراق
- الحكومة المقبلة (( حكومة توافقات وتنازلات ))
- ازمة منصب رئيس الوزراء
- هل انتِ حرة حقاً ؟
- معركة الكراسي الرئاسية
- ما بعد الانتخابات
- الليلة الاخيرة قبل الانتخابات
- الخضر وغياب القوة المؤثرة في المجتمع
- الليبرالية ومشكلة الدكتورة ابتهال الخطيب !!
- فتوى من الماضي
- السماوة والسبعة المبشرون بالبرلمان
- قانون المنظمات الغير حكومية
- الدكتورة ابتهال الخطيب


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلمان محمد شناوة - ثقافة المعارضة