أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - قحطان محمد صالح الهيتي - مات النصير... ومات السند















المزيد.....

مات النصير... ومات السند


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 22:08
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


مات النصير .... ومات السند
لا أدري هل هي الصدفة أم هو القدر؟ ربما تكون الصدفة وربما يكون القدر هما من جمعا بين موت اثنين من أبناء مدينتي ، فخطف في أسبوع واحد رجلين يمكن عدهما نموذجا وتعبيرا عن أصالة الرجلا الهيتي بطيبته وشهامته. إنهما خميس غربي (أبو نصير) وصبحي مسهر الهيتي (أبو سند). لم يكن أي منهما فيلسوفا أو شاعرا أو فنانا ، آو سياسيا ، آو مليونيرا،بل يكاد يكون كل واحد منهما كل هؤلاء. لقد كان الأول نصيرا لكل الكادحين الطيبين وكان الثاني سندا لكل الطيبين الكادحين.
عرفت أبا نصير بعد ثورة الرابع عشر من تموز.كنت حينها طالبا في الابتدائية،وكان معلما في إحدى مدارس المدينة، وقد علمت آنذاك انه كان شيوعيا. ولأنه كان مخلصا للجميع بارا بأهله وأخوته،حافظا للعهد والود، مناضلا عريقا محبا للخير داعيا للسلام – على وفق مبادئه - فقد أحببته وأحببت المبادئ التي أحبها وأخلص لها.وبقيت علاقة الود بيني وبينه رغم فارق السن ومستوى الوظيفة فقد كان معلما وكنت طالبا. وحين كبرتُ وصار لي في الحياة شأن توطدت علاقتي به أكثر فأكثر ولكنني لم أتجاوز فيها علاقة التلميذ بأستاذه، فقد كنت مستمعا لما كان يطرح من آراء وأفكار في كل شؤون الحياة السياسية والاجتماعية .وكان حقا له وواجبا عليّ أن استمع له بإصغاء وأن أتعلم منه فن الحوار.ومرت الأيام ودارت الأحداث وكبرتُ وكبـُر الحب الذي يجمعنا ،وتعلق به القلب أكثر في كل مرة أجد فيها أبا نصير في الصفوف الأولى حاضرا في هذه الندوة، أو تلك الفعالية ،أو ذلك التجمع . لقد كان حريصا أن يحضر كل نشاط ثقافي أو رياضي يقيمه أبناؤه الهيتيون، وقد كان فرحا في كل ما كان يدور وكأنه كان يقول للكل هؤلاء طلبتي في الفكر والسياسة والحياة، فاستمعوا لهم واستمتعوا بما يقولون،ويكتبون، ويحدثون، ويناقشون. لقد كان باسما ضاحكا رغم السنوات العجاف التي مرت به ومر بها . لم أره في يوم من الأيام غاضبا أو ضجرا من ضنك عيش أو سوء تصرف أو نكران ذات من صديق لقد كان متسامحا حتى مع المسيئين إليه. ولم يحزن حتى حين علم بمرضه الخبيث، فقد كان مؤمنا بان الموت حق وان العيش حق وأنه أخذ نصيبه من الدنيا وانه سيترك بعد موته الذكر الطيب في نفوس كل من أحبه وعاشره. زرته مع الأخ الشاعر والفنان سبتي في اليوم الثاني لمهرجان هيت الثقافي بتاريخ 19/3/2010 للاطمئنان على صحته ولنودعه الوداع الأخير ، لقد كان كعادته باسما ضاحكا بالرغم من أنه يعلم بان أيامه مع الحياة مقدرة بقدر .هكذا كان خميس غربي إلهيتي ،إنه الرجل والمعلم، والمرشد،والمربي، والسياسي، والكادح المحب للعقيدة والمبادئ. وعرفت الثاني ، عرفت أبا (سند) صبيا فقيرا كادحا قبل أن يتم العاشرة، عرفته وفارقُ السن بيني وبينه بضع سنين فقد كان يكبرني ببضع سنوات ولكنني كنت أراه رجلا من خلال تصرفه وكياسته وكدحه. لم يكن صبحي مسهر مجتهدا في دراسته وسبب ذلك يعود إلى أنه لم يكن متفرغا للدراسة بسبب انشغاله بالعمل ، ولكنه كان بارعا في الرياضة بكل فنونها ،فقد كان بطل المدينة في العاب الساحة والميدان وكان بطلا في الكرة الطائرة وكرة السلة وكان سباحا ماهرا، لقد كنت أتباهى أمام أقراني كوني (رافع الكرة الطائرة) للكابتن أبي سند في فريق النسور الرياضي في عام 1965. لقد كان أبو سند رغم شظف العيش سندا لنا نحن الأصغر منه سنا، وكان أخا رحيما للجميع، يدافع عنا ويتعارك مع من يحاول الإساءة لنا لأنه كان الأقوى ،فقد اكتسب من كدحه صغيرا قوة عضلية أهلته لأن يكون ذا جسم رياضي متناسق وكمال جسماني طبيعي .ولأنه كادح وابن كادح ولأنه عاشر من الأصدقاء حملة الفكر اليساري سواء في (الشاقوفة) أو في( الدوارة) ولأنه كان محبا لـ(غفير) وشاقوفته ولـ ( شريف) ودوارته فقد أحب الشيوعية والشيوعيين ،وكان مهووسا في حبه ودفاعه عن الاتحاد السوفيتي متباهيا فيما فعله (خروشوف) عندما طرق منصة مجلس الأمن بحذائه. لقد كان متعصبا للإتحاد السوفيتي إلى الحد الذي عشق فيه إحدى النساء الروسيات الجميلات من خلال صورتها التي علقها في مقهى شريف عبيد.لقد كان يغارمن كل من كان يحدق بوجه تلك الحسناء التي عشقها،وكان (يزعل) على كل من لا يمتدح جمالها. لقد كان أبو سند متميزا بضحكته التي يكاد الواحد منا أن يميزها من بين عشرات الضحكات من خلال عفويتها وصدقها.فقد كنا نعرف أنه في النهر سابحا أو راكبا (البلم ) أو في (السبخة) لاعبا الكرة الطائرة،أو في المقهى محاطا بمحبيه وهو يلعب (الدومينو) ، لقد ضحكته متميزة وإذا ما ضحك أبو سند في (الدوارة ) نسمعها في (الدرستانية) وفي (المجنون) وفي (الشيخ احمد) وفي (الباب الشرقي)، وإذا ما ضحك أبو سند في الشاقوفة فان ضحكته تصل إلى( قندي) و (التربة ) ويسمعها من في الباب الغربي ومن ينتظر الحبيبة في (باب السنجة)،وبسبب حبي له ومحبتي لضحكته فقد ذكرتها في قصيدتي دار سعدى وكان حينها أسيرا في إيران فقلت: وجئت أسأل عن خلي أبي سند *** عن صاحب كان والخلان لي سندا.قلت بأنه لم يكن مجتهدا في دراسته فلم يحصل على شهادة المتوسطة فاستمر في كده ليعين والده الشيخ في إعالة إخوته.وبعد 17/تموز/1968واستلام البعث للسلطة وسعي الحزب لاستقطاب الشباب ممن لهم نشاطات رياضية و اجتماعية وممن لهم في قلوب الناس حب، فقد تم كسبه إلى حزب صفوف البعث من خلال إدخاله دورة (نواب المفوضين) وقد دخلها وتخرج منها وأصبح بعثيا في الانتساب ولكنه ظل محبا لأصدقائه القدامى ولمبادئهم بالرغم من نيله العضوية في حزب البعث لأنه ما سعى للبعث بعثيا بل لأنه انتسب اليه وظيفيا . وبقرار ربما يكون مقصودا اوغير مقصود نقل (أبو سند) إلى قوات الحدود بعدها وبقرار لاحق أصبحت القوة التي هو بها واحدة من قطعات الجيش العراقي فسيق كالآخرين الى الجبهة بصفة نائب ضابط ولم يطل به الوقت حيث تم أسره وبقي في الأسر سنوات طويلة لم ينس أهله ولم ينسوه ، وأطلق سراحه من الأسر وعاد إلى أهله وبيته وأصدقائه ، عاد جسدا متعبا منهكا ،عاد صورة لا تحمل من الماضي إلا الاسم والضحكة،والقلب الأبيض المحب للجميع إلى توفي دون أن ينذرنا بوفاته. لن أبكيك يا أبا نصير لأنك لم تمت،وستظل في قلبي وفي قلوب المحبين نصيرا وعونا في مماتك كما كنت في حياتك ، عهد ٌعلي بأن أذكرك بالخير والطيب في كل زمان ومكان .ولن ابكي عليك يا أبا سند لأنني لا أريد من بكائي أن يطغى على جلجلة ضحكتك التي ما زالت وستبقى كما الذكرى ناقوس يقرع في علم النسيان.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا قال مدني صالح: الغلبة للأقوى ، للأغنى، للأذكى
- الرأي والرأي الآخر واشياء اخرى
- وادي الرافدين ووادي النيل- الأسم والحضارة
- في الأنبار .... للعراق علمان
- المثقف والسياسي بين بناء الحضارة وكتابة التاريخ
- هيت في رحلة إلى المشرق
- رسالة المس بيل إلى أبيها (1 )
- الفاشلون الفائزون
- ألفية وأمنيات
- الطلبة البررة
- بغداد وقلبي
- هيت وينابعها المعدنية(1)
- آه ٍ عراق
- اخترت
- هيت في رحلة اوليفيه(1797م/1212ه)*
- هيت في رحلة ألوا موسيل
- إلى روتانا مع التحية
- ريح العين
- عيد ميلاد
- آذار والثقافة، وفرح الهيتيين


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - قحطان محمد صالح الهيتي - مات النصير... ومات السند