أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد البابلي - حين شرحت الشيوعية لجدتي ... لماذا أنا شيوعي ؟؟؟















المزيد.....

حين شرحت الشيوعية لجدتي ... لماذا أنا شيوعي ؟؟؟


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 19:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


جدتي ( أم علي ) بلغت السبعين عاما ، من أصول ريفية بحتة لا تفهم من الحياة سوى أن المرأة هي أداة للتكاثر فقط وماكينة لحفظ النوع البشري وإدامته لاحقا عبر ولادات لنماذج بشرية ممتدة عبر دولاب الزمن الطويل منذ فجره على هذا الكوكب اللعين .. فكانوا ثمانية أطفال ومنهم الفتاة الكبرى أمي تلك الســـيدة العصابية الرائعة المتناقضة مع نفسها دائما ( ألهتي الحقيقية ) !! وهكذا هي الحال مع أي ســيدة شرقية أخرى كانت جدتي نسخة مشوهة لحواء ، حواء بطبعتها العربية المزعجة ، طبعة رديئة لنســــق يعتبر أن السرير والطعام هو الثنائي المقدس الذي لا يضاف له شيئا أبدا وأذا أضيف له عامل ثالث ينفجر ويتمزق لكيان غير مقبول اجتماعيا .. عاملا يحمل إيقاعا سحريا صادرا من قلب انفجار بركان جبل يرفض بشدة هذا الوهم الافتراضي الذي أســـمه بشر ..
جدتي تحب الجدال كثيرا وكانت تسأل كثيرا عن أي شيء يأتي على مسمعها ووصل لها بأني شيوعيا عبر خوالي وهم عصبة متدينة تؤمن بأن أي فقيه مدعم ببرنامج ماسينجر ألهي – نبوي يعمل بشكل فاعل في توجيه العقول عبر مفارقة كونيـــة أسمها الوصاية الإلهية .. وفي يوم من الأيام حدث نقاش بيني وبينها حول الشيوعية وحول أسسها الفكرية !!! طبعا أي محاولة شرح لها تعتبر مثل محاولة شرح لوحة تشكيلية لها .. أصرت جدتي بجنون أن أشرح لها ما هي الشــيوعية ومن أي كوكب أخر قدمت ؟؟ قدمت لقمر الشرق المملوء بالفساد والجريمة والملوث بدماء الحلاج والسهروردي وأبن المقفع ودماء الشهيدة العباسة أخت الرشيد !!!
بدأ الحديث وجلست خالتي الصغرى ومعها ابنة خالي ذات الخمسة عشر ربيعا التي أشبهها كثيرا بالمرأة المضطجعة تحت أسد بابل العظيم ، كانتا تصغيان بتكلف مزور !! ، قوري الشاي كان معدا سلفا و ( الأستكانات ) تصور ببراعة أليغورية مشهدا مختزلا من تقويم عثماني قديم .. كان لابد من اختصار بديهة فكرية يؤمن بها أي عقل مجنح يحلق بعيدا عن هذا المستنقع الأرضي ، بديهة أن العامل الاقتصادي أهم من العامل الأيديولوجي في تحريك التاريخ والمجتمع !! عندما تكون المقدمات خطأ يجب أن تكون النتائج خطأ ، الوعي مغيب بشكل كلي من المحيط ، المحيط الذي يريد العودة للصحراء لحد ما قبل ملايين الأعوام من التخلف حيث ثقافة الكهوف والعقول المعزولة عن بعضها البعض ، العقول التي أفسدتها الأمراض الجنسية التي تعتبر من الشعب طيبا وأليفا وخاضعا يرضى بالقليل النازل من السماء على يد ولاة الأمر عليهم السلام ، شعبا منصاعا مثل أفخاذ أي عاهرة تنتقل عبر الكتف بكل انسيابية !! المحيط الذي يساوي بين الكلب الأجرب والإنسان !! كيف يمكن أن أفهم جدتي كل تلك الحقائق ؟؟ كيف أفهمها المادية الجدلية والعدالة الاجتماعية وقانون فائض القيمة الذي يمتص من خلاله صاحب رأس المال تعب الشغيلة ومفهوم سوق الدولة ؟؟ كيف ؟؟
كان لا بد من البساطة الشديدة في الشرح !!!!
ســـــــــــــألتني جدتي : لماذا كفرت بدين الآباء والأجداد وأصبحت شيوعيا ؟؟؟
(( أأأه يا جدتي العزيزة ، أدعو لك بطول العمر المديد !! الشيوعية يا جدتي ليست دينا أبدا ولا يمكن لها أبدا أن تكون عقيدة في يوم ما ، فهي نظام أخلاقي يتمحور حول حب الإنسان لأخيه الإنسان ، أخلاقيات تقف بعيدا عن الطمع والنهم والتنافس بين البشر ، الشيوعية يا جدتي تنادي بالفردوس الأرضي حيث الحب والسلام والخير لكل الناس ، وهي ليست أفكار مستوردة من الغرب ومن الدول الجوار لكنها فطرة بشرية وهبها الله لبعض البشر !! الأمام علي كان اشتراكيا رائعا يؤمن بأن الجوع شبح يقتل الناس كل يوم ألف قتلة ، لهذا عاش الجوع وعاش الفقر ورضي به كقدر حتى يخرج من هذه الدنيا عاريا مثلما جاءها كطفل !! وهناك يا جدتي أسماء أخرى مثل أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والأمام الحسين وكافة الأئمة المعصومين ، كلهم اشتراكيين كانوا أول من يجوع وأخر من يشبع !! حتى أئمة المسلمين كالأمام مالك والشافعي وأبو حنيفة النعمان كانوا على نفس النهج .. أدرك الجميع بأن هذه الدنيا هي غابة قاسية لا يرحم فيها الضعيف أبدا ، غابة من الصراع والتنافس على لقمة العيش ومظاهر خادعة حمقاء تميز البشر عن بشرا أخر !! الفقراء الكادحين يا جدتي هو هم الشيوعية الوحيد .. الشيوعية تؤمن بتوزيع الثروة بين الناس ، فكل برميل نفط يجب أن تكون للمواطن فيه حصة ، كل شخص يجب أن يملك بيتا وسيارة وفق ضوابط خاصة تنظم تلك الملكية الخاصة .. المجتمع الشيوعي خالٍ من شخص يشتري سيارة سعرها 60 ألف دولار وشخص يسكن بالقرب منه يحتار بتوفير العلاج لأطفاله !! حق العلاج متوفر للجميع ولا توجد عيادات خاصة فالكل يعمل في المستشفى !! والغني يقف في الدور مع الفقير ، الشيوعية يا جدتي لا تفرق بين كردي وعربي أو بين سني وشيعي أو غيره فالكل سواسية أمام المجتمع !! نحن نقدس المجتمع وأي عامل جمعي أخر يوحد الناس فيما بينهم !! كارل ماركس نحترمه فقط ككاتب لتلك الأفكار ولا نعتبره مرجعا شاملا ، نحن لا نقدس الفرد ولكن نقدس المجتمع فقط .. الواحد من أجل الكل وليس الكل من أجل الواحد ، نحن نحارب بشدة أي نزعة نرجسية أو ذاتية فردية تعتبر ن باقي البشر جزء من حالة المزاج البرتقالي الذي يعيشه !!
الإقطاع يا جدتي فتك بهذا البلد وأعتبر الفلاح ملكية تدخل ضمن ملكيات الشيخ أو صاحب الإقطاعية ، وتتذكرين جيدا كيف أن أخو جدي ( العم عبد الله ) كيف مات حين دهسه حصان الشيخ !! هل حزن الشيخ على روحه ؟؟؟ بقى طوال الليل يضحك هو وجمع من حاشيته المتملقة يضحكون على مصيره وكأنه جرذ وليس إنسان !! الشيوعية يا جدتي تحارب بشدة الاستعباد الذي بورك من قبل الحوزة الدينية في النجف !! الحوزة يا جدتي تحمل الصالح والطالح من البشر ، تتذكرين جيدا الشهيد الأول محمد باقر الصدر وكيف قتل ؟؟ قتلوه لأنه حارب بشدة امتيازات رجال الدين والأرقام المفزعة التي وصلت لها أرصدتهم !! لهذا قتلوه !! طلبوا منه أن يصدر فتوى تؤيد البعثية القومية ، فرفض ولهذا اعتبروه خائنا للبلد !! خائنا لأنه أعتبر أن الإنسان محور الرسالة السماوية لا محورها خزعبلات أخرى !! الشهيد الثاني السيد محمد صادق الصدر ؟؟؟ وكيف هي أخلاقياته الأشتركية ، كان يرفض بشدة شراء مكيف هواء حديث والبقاء على مبردة الهواء القديمة !! على الرغم من الهدايا التي تأتيه من هنا وهنا !! وكان السيد محمد صادق يتأكد من ماء الحنفية ألف مرة قبل يتركها !! تلك هي الأخلاق الشيوعية التي أؤمن بها يا جدتي الفاضلة ، بغض النظر عن هوية الشخص أو دينه أو قوميته أو لون بشرته ، قضية المساواة بين البشر هي همنا الوحيد وتدركين جيدا كم هو صعب ومستحيل ذاك الهدف !!! قضية تحريم الشيوعية في الوسط الديني كانت سياسية أكثر من كونها قضية فكر !! صدرت فتوى من رجل دين واحد ولم تؤخذ بالإجماع ، أذن هنا القضية قضية اجتهاد شخصي فقط ولكن النفوذ الأميركي والرأسمالي أستثمر الفتوى لصالحة فراح يكبر ويهلهل عليها حتى يضمن سرقة النفط وباقي ثروات البلد !! أذن هنا يا جدتي هذا البلد مثل الكعكة الكبيرة ، كعكة لا تنفذ أبدا !!! لسنا سياسيون أو حزبيون متكتلون كالسلاحف خلف لافتات تافهة ، وأخر ما أفكر به هو الحزب أو السلطة أو الكعكة !!!
تلك الشيوعية يا جدتي ، وهي بعيدة عن الكفر والإلحاد ، الشيوعية تحمل نظرية اقتصادية كتبها ماركس ذات يوم ، نظرية حالها حال باقي العلوم الأخرى ، لماذا لا يحرم الدين نظرية نشوء الكون في الفيزياء ؟؟؟ ولماذا لا يحرم تجارب الأدوية التي تختبر على الجرذان أولا وثم تعطى للبشر ؟؟؟؟ وهو دليل على وجود علاقة بين أجسادنا وأجسادها !! وطبعا لا أجزم لك بأن الإنسان أصله قرد لأني غير مقتنع بها بشكل كلي ومثبت بهذه الفكرة .... لسنا سوفيت أو روس أو ألمان نحن عراقيون قبل أي شيء أخر .. نحن عراقيون قبل أي شيء أخر ))
تركت جدتي وهي تشعر بالنعاس الشديد ، نامت بسلام ولكن عيناها تبسمان لي بشكل غريب !!
منظرها أخذني على بساط سحري إلى ســـتينيات القرن الماضي في مقهى صغير في شارع الرشــيد ، كانت أغنية زهزر حسين ( علماني ) تطربني أنا وجدتي النائمة ..



#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزرا ئيل بقبعته المكسيكية في مدينة الحلة سائحا !!!
- من مفكرة نيزك يتسول في شوارع المجرة !!
- أنا ونرجس ونيتشه ... الوحي بلون أحمر !!!
- فأر يكتب مذكراته .. ( الأنزيمات التي أعلنت نبوتها )
- ماكياج عربي ... فقط !!!
- تعاسة البشر وأشياء أخرى
- رسالة للرفيق حميد مجيد موسى .. ليته يسمعني ؟؟؟
- من الباراسيكولوجي .. فرضية بيجماليون في تفسير مابعد الحياة
- الماتور بأمر الله !!!
- من ميراث رحم سيدة لاتنجب سوى الأناث !!
- ترنيمة ماركسية للموت وللحياة
- قطعة من وليمة لأعشاب البحر
- وحي بأربعة أبعاد .. المشهد الخامس { الزمن الراجع }
- فتوى أقتصادية من ثلاجة الفقه الأسلامي !!!
- ديموقراطية السماء !!!
- من وحي إله أسمه إله العار .. نصوص سوريالية !!!
- شرف يصدأ .. حكاية من حكايات كل يوم
- المجتمع التناسلي .. مستنقع السوائل !!!!
- الوعي السالب لأبريق الشاي ..
- Kappa !!! رؤية بارا سيكولوجية


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد البابلي - حين شرحت الشيوعية لجدتي ... لماذا أنا شيوعي ؟؟؟