أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - سالم والحمار















المزيد.....

سالم والحمار


سالم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 15:58
المحور: كتابات ساخرة
    



أسبوع كامل من الإزعاج اليومي الليلي المتواصل الذي يستمر حتى أطراف النهار تحرم عيناي من النوم والراحة. في النهاية اتخذت قراري وحزمت أمري وقررت أن أضع حداً لذلك الحمار اللعين الذي كان يطوف يومياً حول بيتنا الريفي مطلقاً حزمات متواصلة من النهيق، فما عاد يهمني من أمره شيئاً إن كان يرى شياطين أو عفاريت, أسبوع كامل وأنا استغفر وأتعوذ بالله من دون جدوى، فما سكت الحمار ولا الجن هجر المكان، لكن اليوم طفح الكيل وكان لا بد من التدخل السريع لوضع حداً لهذا الإزعاج من ذلك الحمار البليد، وكنت أتساءل ألم تجد تلك العفاريت مكاناً تلهو وتلعب به غير هذا المكان؟ والحقيقة لم يكن هذا السبب الوحيد الذي دفعني للخروج بل كان لدي هدفاً أخر هو أن اختبر نفسي إن كنت امتلك نفس مواهب الحمار فأرى الجن!! المهم خرجت من المنزل ابحث عن الحمار خلف وجانبي المنزل وفي كل مكان فلم أجد له أثراً وبعد أن أعلنت استسلامي وهممت بالعودة إلى البيت، سمعت احدهم يصفر وينادي بإسمي، وفي الظلام الدامس لم استطع تحديد ملامح الشخص وحتى صوته كان يبدو لي غريباً، تكرر صوت المنادي فتوجهت نحو مصدر الصوت فإذا بالحمار يقف مختبئاً خلف إحدى الأشجار, نظر إلي وقال: اقترب بهدوء وشاهد معي ذلك الاحتفال...

قلت : ماذا هناك وأي احتفال فأنا لا اسمع شيئاً ؟؟
الحمار: أصغي جيدا لصوت الموسيقى وانظر إليهم كيف يرقصون فرحا!!!
ركزت النظر إلى المكان الذي أشار إليه بحافره فلم أر أو اسمع شيئاً.
قلت: هل مسك الجنون يا صديقي؟ فكل ما ترى وتسمع من صنع خيالك..
الحمار : لا... لا... يا عزيزي هناك احتفال كبير للجن .... فقد آمن أحدهم!!!
صرخت بصوت عالي: الله اكبر!!! الله اكبر!!
الحمار: اخفض صوتك كي لا يسمعك احد!
قلت: لا خوف منه، لقد آمن يا حمار... ثم تداركت الموضوع قائلاً: أسف لم اقصد الإهانة.
أجاب الحمار بكل وقار: لا عليك!! فما وصفتني إلا ما أنا عليه وهذا لا يعيبني
قلت: وهل تحتفل الجن عادةً إذا آمن احدهم؟؟
الحمار: كلا ليست من عاداتهم إنما من آمن اليوم هو أمير جني ويعتبر إيمانه فتح عظيم!! فقد آمن معه الآلاف من أتباعه وحاشيته) صمت قليلاً ثم تابع) ما رأيك أن نذهب ونقوم بالواجب ونبارك له بالهداية...
قلت: نعم ولما لا؟.. انه الواجب, ولكن كيف سأتحدث إليه؟
الحمار: لا عليك أنا سأقوم بدور الوسيط

رغم إصرار الحمار أن امتطيه رفضت عرضه كوني لا زلت اشعر بتأنيب الضمير بسبب نعتي له بالحمار، وحاولت أن ألطف الجو معه فأخذنا نتبادل أطراف الحديث حول هموم العمل وصعوبة الحياة بعد الأزمة المالية العالمية خلال سيرنا باتجاه مكان الحفل الذي كان يبعد مسافة عشرة دقائق سيراً على الأقدام. وعند وصولنا طلب مني الحمار أن أقلد حركاته تماماً كي يبدو الأمر طبيعياً، بعد ذلك تقدم الحمار وسرت خلفه لتقديم التهاني للجني وأصدقاءه اللذين اصطفوا على ما يبدو جنباً إلى جنب ومددت يدي لمصافحتهم علا وعسى أن أحس بيد احدهم تلامس يدي التي أخذت أضمها تارةً وتارة ابسطها وأنا اردد كلمة مبروك عليك إيمانك وارسم على وجهي ابتسامة مجاملةً عريضة لكن ومع الأسف لم افلح في قصدي فما شعرت بيد تلامسني ولا صوتاً يجاملني. وبعد أن انتهينا من تقديم الواجب طلب مني الحمار الجلوس لبعض الوقت بناءاً على رغبة الجني الأمير، استجبت من فوري لرغبة الأمير واتخذت مكاناً إلى جوار الحمار الذي طلب مني الاقتراب منه أكثر كي لا أعيق طريق المارة، وبعد أن استقرينا في جلستنا ركلني بحافره بلطف طالباً مني التبسم بوجوه الحاضرين، وركلة أُخرى للترحيب بالقادمين الجدد، وأحيانا يطلب مني غض البصر عند مرور إحدى الجنيات من أمامنا فأشيح بنظري إلى الطرف الآخر وتمادى في طلباته عندما طلب مني الاعتدال في جلستي أو أن اجلس على إحدى الكراسي، نظرت حولي ابحث عن الكرسي المزعوم فلا أر سوى ارض خالية ألقى الليل عليها عباءته السوداء لا يكسر صمت المكان سوى زفراتي وزفرات الحمار، فكان الحل الأسهل والأمثل والمنطقي أن اعتدل في جلستي. كنت أنفذ جميع تعليمات الحمار بحذافيرها دون مناقشة أو اعتراض. ولا اخفي سرا إذا قلت أني شعرت بنفسي كالأبله عندما كنت اصفق أو اهتف وعندما أقوم للرقص بناءاً على طلب الجن حسب ادعاء الحمار!!! وجل ما كنت أخشاه وأحاول طرده من رأسي أن الحمار قد استغفلني وأحضرني لهذا المكان لإشباع غروره واثبات تفوقه وقدرته العقلية على الإنسان. ماذا افعل؟؟؟ كانت هذه الأفكار تجول بخاطري فينقبض قلبي، لكن سرعان ما أعود إلى طبيعتي، لكن تبددت ظنوني حين همس الحمار في أذني وقال بان معشر الجن يودون سامع كلمة مني بهذه المناسبة المباركة. وافقت من فوري وشعرت بالفخر والاعتزاز وخصوصاً كوني أول شخص يعتلي منبر الجنيين ويلقي خطبة عصماء أمام هذا الحشد الجماهيري فإذا استعصى علي ولم ادخل تاريخ الإنس فمن المؤكد أني سأدخل تاريخ الجن وستكون خطبتي عنواناً بارزاً لبناء جسور المحبة والتواصل بين الإنس والجن. توجهت من فوري إلى المنبر المخصص وهو عبارة عن صخرة في منتصف الساحة وقد تحلق حولها آلاف الجنيين كما ابلغني الحمار وطلب أن أتحدث بصوت مرتفع بسبب حصول عطل فني طارئ للميكرفونات! صعدت على المنبر طالباً أن تحل علي أرواح أجدادي لتمدني بالشجاعة والكاريزما. وقفت على المنبر وبدأت أتلكأ منتظراً أن تنهال الأرواح لنجدتي، فتارة أتنحنح وتارة ارفع يداي بحجة الصلاة والدعاء... وبعد أن طال انتظاري دون جدوى قررت أن ابدأ خطبتي معتمداً على نفسي. وما أن أنهيت الحوقلة والبسملة حتى صرخ الحمار: اقفز اهرب من مكانك بسرعة... قفزت مرعوباً عن المنبر وأنا أنظر حولي واصرخ: ماذا حصل؟ ماذا هناك؟
الحمار: اتبعني ولا تسأل واحذر أن تدوس صغار الجن

ركضت خلفه وقدماي تسابق دقات قلبي اقفز يميناً وشمالاً تماماً كما يفعل الحمار كي لا أدوس صغار الجن، ركضت وركضت وركضت كنت أتوقف أحيانا لأخذ قسطاً يسيراً من الراحة لكن الحمار في كل مرة كان يحثني على الإسراع فأعاود الركض من جديد، حتى انقطعت أنفاسي وما عادت قدماي تقوى على حملي فسقطت على الأرض لا أقوى على الحراك. اقترب الحمار مني وقال: لا بأس أبقى هنا هذه المنطقة أمنة...
قلت: ماذا حصل؟ لماذا هربنا؟

الحمار: لقد هاجم مقر الأمير مجموعة من قطاع الطرق والكفرة. ابقى أنت هنا وسأعود للدفاع عن مقر الأمير. اغرورقت عيناه بالدموع وتابع قوله: إذا عدت سنكمل المشوار سوياً، أما إذا كتبت لي الشهادة فأكمل المشوار مع أحفادي ...



#سالم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هروب ميت
- شيخ وخوري وحاخام ...وحوار الأديان مع سالم النجار
- اجدادي الأنبياء... النبي والديمقراطية
- اجدادي الأنبياء... النبي الأمين
- اجدادي الأنبياء... النبي والضباع
- اجدادي الانبياء....مولد نبي
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الخامس والأخير
- اجداد سالم النجار......الجزء الرابع
- معاً للدفاع عن حقوق حور العين.........
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثالث
- قصص اجداد سالم النجار .....الجزء الثاني


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سالم النجار - سالم والحمار