|
عمدة كفر البلاص ( 24 )
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 13:25
المحور:
الادب والفن
( وقفت جموع الخدم أمام المستشفى ينتظرون خروج العمدة ، كل منهم يحمل لافتة مكتوب عليها عبارات الترحيب و السعادة بعودة العمدة سالما ، اصطف الجنود بجوار بعضهم البعض أمام الخدم لمنعهم من التقدم ، أمام باب المستشفى وقفت عربة عسكرية مكشوفة ، يقودها أحد الجنود من ذوي البشرة البيضاء و الشعر الأصفر ، يخرج العمدة من باب المستشفى بصحبة شيخ الخفر ، يسير خلفهما التوابتي و عبد الجبار ، بمجرد خروج العمدة من باب المستشفى بدأ الخدم يصفقون و يرددون الهتافات ) ـ حمد الله ع السلامة ، حمد الله ع السلامة . ( تفاجأ العمدة بالمشهد ) ـ إيه ده يا شيخ الغفر ؟ ـ خير يا عمدة ؟ ـ مين دول ؟ ـ دول الخدم اللي الأهالي جايبنهم من بلاد بره يخدموهم . ـ أمال فين أهل البلد ؟ ـ أكيد ها نلاقيهم واقفين في شوارع البلد مستنين الموكب بتاعك ... ـ موكب إيه ؟ ـ ما هو أنا محضر لك العربية المكشوفة دي عشان نركبها و نمشي بيها في الكفر و أهي فرصة نطمن الناس عليك قبل ما تروح . ـ كفر إيه ؟ هي فين الكفر ؟ ـ أهي قدامك أهي ... ـ فين البيوت ؟ ـ ههههههه ، لا ما هو احنا هدينا البيوت القديمة كلها ، و الشركة بنت لكل واحد قصر زي ما انته شايف كده . ـ اللهم صلي ع النبي ، القصور دي كلها بتاع أهل البلد ؟ ـ أيوة أمال إيه ؟ مش أنا قلت لك مش ها تصدق التغيير اللي حصل للبلد ، يلا بينا نركب و ها تشوف بنفسك . ـ أركب ؟ ـ إيوة ، أمال يعني ها نمشي على رجلينا ؟ البلد ما عدتش صغيرة زي الأول ، و الدكاترة منبهين إنك لسه ما تقدرش تمشي على رجليك مشوار كبير زي ده . ـ طيب ، لما نشوف أخرتها . ( يركب العمدة العربة المكشوفة ، و يركب شيخ الخفر إلى جواره ، تسير بهم العربة ، و يركب التوابتي و عبد الجبار عربة أخرى تسير خلفهم ، يزداد تصفيق و هتاف الخدم ، ينظر العمدة يمينا و يسارا مستغربا ) ـ أمال فين الأراضي الزراعية يا شيخ الغفر ؟ ـ أراضي إيه بقى ، ما كان زمان و جبر . ـ يعني إيه كان زمان و جبر ؟ ـ يعني الشركة خدت الأراضي زي ما قلت لك المرة اللي فاتت . ـ و أهالي البلد عايشين إزاي ؟ بياكلوا و يشربوا منين ؟ ـ شايف القصر الأزرق اللي هناك ده ؟ ـ ماله ؟ ـ ما هو ده بقى السوق اللي بيبيعوا فيه الأكل و الشرب و الذي منه ، يعني تلاقي فيه جميع أصناف الفاكهة و الخضار و السمك و اللحمة و الرز و العيش و كل اللي قلبك يحبه ، و كله بنجيبه من بلاد بره ، و طازة ف طازة يوم بيومه ، ها تلاقي فيه بقى إشي خص استرالي و جرجير هندي و تفاح أمريكاني ، ده غير الهدوم و الشامبو و الألعاب ، و التليفزيونات ، و الموبايلات ، و أقولك إيه بس و إلا إيه ، عاوز لك على الأقل تلف فيه تلات سنين لما تجيب آخره ...... ـ طب و الناس ها تشتري الحاجات دي كلها إزاي ؟ ـ ما هي الشركة الله يعمر بيتها بتدي لكل فلاح فيهم راتب خمس تلاف جنيه في الشهر ، مقابل إن الشركة تاخد كل أراضي البلد و يحفروا و يدوروا فيها ع البترول براحتهم . ـ عاوز تقول إن الشركة بورت الأراضي الزراعية كلها ؟ ـ أمال يعني الشركة ها تتحرك إزاي ؟ بالحمير ؟ دول عندهم معدات كبيرة قوي عشان يحفروا و يدوروا ع البترول ، و لازم طبعا تساوي الأراضي كلتها ببعضيها عشان يعرفوا يتحركوا بالمعدات الكبيرة دي ، و بعدين همه الفلاحين عاوزين إيه أكتر من كده ؟ ـ و أهل البلد بقى قاعدين من غير شغلة و لا مشغلة ؟ ـ و يشتغلوا ليه و إلا يتعبوا نفسهم ليه بقى يا عمدة ؟ هو إحنا مخلينهم محتاجين أيتها حاجة ؟ ده إحنا كمان بنديهم تموين كل أول شهر ، من زيت و سكر و دقيق و الذي منه ، ده إحنا منغنغينهم ع الآخر ...... ـ إيوة ، بس برضه الإيد البطالة نجسة ... ـ نجسة لما تبقى إيد بطالة و مش لاقية تاكل و تشرب و تلبس ، أكيد في الحالة دي ها تسرق و تنهب ، لكن إحنا مش مخليين في نفسهم حاجة ، ده احنا ممرمغينهم في العز مرمغة .... ـ إنته ممرمغهم في العز دلوقتي ، النهاردة ، طب و بكرة ها نعمل إيه ؟ ـ بكرة ، ها نمرمغهم تاني و تالت و رابع و هالمه جرة ..... ـ و البترول ده ، مش ها يجي له يوم و يخلص ، و إلا ها يفضل كده على طول ؟ ـ يخلص إيه ؟ بأقولك بيـــــــر ، بير ما لوش قرار . ـ حتى لو بير برضه لازم يجي يوم و يخلص .... ـ عيشني و نغنغني انته النهاردة و موتني بكرة ..... ـ يا سلام ، يعني كل اللي يهمك نفسك و بس ؟ طب ما سألتش نفسك ، ابني و ابنك ها يعملوا إيه بكرة ؟ ـ و هوه إحنا مخليين في نفسهم حاجة ، ده إحنا فاتحينها لهم ع البحرى . ـ برضه ما فيش فايدة ، ما بتبصش إلا تحت رجليك ، أنا قصدي العيال دي بكرة لما تكبر و البترول يخلص ، ها يعملوا إيه يا فالح بعد ما بورتوا لهم الأرض . ـ ليهم رب بقى يا عمدة ، و همه يعني اللي قبلينا عملوا لنا إيه ؟ ـ لا ، اللي قبلينا عملوا لنا و نص ، كفاية انهم حافظوا لنا على أرض جدودهم و راعوها لغاية لما وصلت لينا ، و إحنا المفروض برضه نحافظ عليها لغاية لما نسيبها لولادنا . ( يصرخ شيخ الخفر ) ـ يعني انته عاوزنا نسيب العز ده كله عشان كلام فارغ ؟ ـ كلام فارغ ؟ ما تحترم نفسك يا بهيم .... ـ بهيم عشان عاوز أريح الناس م التعب و الشقى ؟ ـ أيوة بهيم ، و شكلك اتجننت خلاص .... ـ أني برضه إلا اتجننت ؟ و إلا أنته اللي كبرت و خرفت ؟ ( عندها يلطم العمدة شيخ الخفر على وجهه ، و يصرخ ) ـ جن لما يجنك يا كلب .......... ( عندها يرد شيخ الخفر اللطمة للعمدة ، و يصرخ في وجهه ) ـ إنته اللي ستين كلب ، ما عاش و لا كان اللي يضرب زعيم كفر البلاص ، تلاتة بالله العظيم أدفنك هنا و لا حد يدرى عنك ، انته فاكر إنك لسه عمدة و إلا إيه ؟ لأ خلااااص ، فــــــــوق ، شوف انته بتكلم ميــــــــــــــــن .... ـ انته بتضربني يا ابن هنومة الهبلة ؟ ( يمسك كل من العمدة و شيخ الخفر بخناق الآخر ، يتعالى صياحهم ، تتوقف العربات ، داخل العربة الأخرى يرفع التوابتي مسدسه في وجه عبد الجبار ، يصرخ في قائد العربة ) ـ اقبض على الراجل ده بسرعة و إياك يفلت منك .... ( ينزل التوابتي من السيارة ، يغلق الباب بعنف ) ـ اطلع بيه على السجن بسرعة ...... ( يضغط قائد العربة على الأزرار فتغلق أبواب العربة أوتوماتيكيا ، يتجه التوابتي إلى العربة التي يركب فيها العمدة ، يرفع سلاحه في وجهه ، يصرخ ) ـ اقبضوا على المجنون ده بسرعة ، ده عاوز يقتل الزعيم . ( يشير إلى العمدة ، عندها يتجمع الجنود من ذوي البشرة البيضاء حول السيارة ، يرفعون مدافعهم في وجه العمدة ، يفتح التوابتي الباب من ناحية شيخ الخفر ، يجذبه بقوة خارج العربة ، يصرخ ) ـ اطلعوا بالمجنون ده بسرعة على السجن . ( يحيط الجنود بالعمدة ، يصعدون على جوانب العربة ، تنطلق العربة بسرعة ، يشير التوابتي إلى عربة ثالثة ، يدفع شيخ الخفر بداخلها ، يصرخ ) ـ ادخل جنابك بسرعة ... ( يدخل شيخ الخفر و يدخل معه التوابتي ، يصرخ في قائد العربة ) ـ اطلع وراهم بسرعة ع السجن ... ( تنطلق العربات بسرعة البرق ، تطلق أبواق التنبيه ، تخترق الشوارع ، حتى تصل إلى مبنى منعزل بأطراف القرية ، تتوقف هناك ، ينزل شيخ الخفر و التوابتي ، بينما يحمل الجنود العمدة و عبد الجبار إلى الداخل )
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(نهاية العالم 21 / 12 / 2012 الساعة 12)
-
عمدة كفر البلاص ( 23 )
-
عمدة كفر البلاص ( 22 )
-
عمدة كفر البلاص ( 21 )
-
عمدة كفر البلاص ( 20 )
-
عمدة كفر البلاص ( 19 )
-
عمدة كفر البلاص ( 18 )
-
سواق الأتوبيس
-
عمدة كفر البلاص ( 17 )
-
عمدة كفر البلاص ( 16 )
-
عمدة كفر البلاص ( 15 )
-
عمدة كفر البلاص ( 14 )
-
عمدة كفر البلاص ( 13 )
-
عمدة كفر البلاص ( 12 )
-
عمدة كفر البلاص ( 11 )
-
عمدة كفر البلاص ( 10 )
-
عمدة كفر البلاص ( 9 )
-
عمدة كفر البلاص ( 8 )
-
عمدة كفر البلاص7
-
عمدة كفر البلاص ( 6 )
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|