أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!















المزيد.....

من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بات من المعتاد أن يلعب العراق دور الضحية, ولشدة ما إتقن ذلك الدور فقد أصبح صعبا عليه أن يلعب أدوارا أخرى. في هوليوود عاصمة السينما ثمة حالات تتحدث عن ممثلين لم يتمكنوا بعد انتهاء التصوير من العودة إلى حياتهم الطبيعية لشدة اندماجهم في الدور ولشدة تأثير الدور عليهم. الحكم العراقي الحالي يمكن أن يكون على شاكلة أولئك الممثلين, فلشدة وإستمرارية القيام بدور الضحية, ولكثرة ما تحدث عن حكاية تدخل الجيران في شؤونه الداخلية لم يقف هذا الحكم ليتساءل ولو للحظة: والعراق ألا يتدخل في شؤون جيرانه ..؟!
بالنسبة إلى الحكام ستكون الإجابة جاهزة بأسئلة من نوع: وهل أرسل العراق سيارة مفخخة لكي تنفجر في أحد شوارع دمشق, أو أنه قام بإرسال انتحاري لكي يفجر أحد مقاهي الكويت أو السعودية أو إنه تدخل, ولو بالكلام, بشأن داخلي لدولة عربية أو إقليمية مجاورة..؟!. وربما سيختتم المتسائل الحكومي أجوبته التساؤلية تلك بضحكة ساخرة لظنه إنه إنتصر, لكن حظه مع الضحك سيكون قليلا جدا حينما سيفاجأ بالآخر وهو يطرح إجابته على طريقة التساؤل أيضا: والعراق يا سيدي ألم يتحول بفعل الاحتلال, هو ذاته, وكدولة بكاملها, إلى سيارة مفخخة من الممكن أن تنفجر في اية لحظة, أو على دفعات, وسط منطقة مكتظة بالدول فيكون وبالا على نفسه وعلى الآخرين...؟!.
إن الدول كما الأفراد من الممكن أن تكون قنابل انتحارية أيضا, وحينما تنفجر فإن نيرانها وشظاياها لن تطالها وحدها وإنما ستتوزع على الجيران أيضا, وإذا كانت حقائق الطبيعة الأخيرة قد أشارت إن بإمكان بركان صغير, في دولة أوروبية تكاد أن تكون منسية بالمقارنة مع مثيلاتها من الدول الأوروبية الأخرى, أن يشعل تلك القارة ويعطل المواصلات العالمية, فإن بإمكان حقائق السياسة التأكيد أيضا على إن الانفجارات السياسية الداخلية لم تعد شأنا داخليا محضا, ففي السياسة لا يمكن ان تكون هناك ضمانات بوجود عوازل وموانع حاجزة كالجبال والبحار خاصة إذا ظل الفضاء خاليا منها, والبراكين السياسية التي تحدث في بلد من الممكن لها أن تؤثر سريعا على البلدان المجاورة فيما لو لم يتم إطفاء الحرائق سريعا.
أليس من العدالة أن نتساءل ولو من باب العلم بالشيء إن لم يكن من أجل المعالجة: من هو حقا ذلك الذي افتتح حكاية التدخل تلك ومن كان البادئ بها والسَبّاق إليها.. ؟!
هذه المرة سيكون صعبا جدا على المتحدث الحكومي أن يختتم أجوبته بضحكات تهكمية, لآن الإجابة الفورية سوف تقف دونه وتلك الضحكات, إن السنوات السبعة التي مضت على سقوط النظام الصدامي القمعي لا يمكن لها أن تلغي حقيقة إن الحكم الحالي برمته جاء كنتيجة لتدخل أجنبي بشؤون العراق.
من الأكيد إن الحوار سوف لن ينتهي عند هذا الحد ففي جعبة المتحدث الحكومي هناك كثيرا من المفردات التي من شانها أن تدين النظام السابق. سيقول إن إسقاط النظام لم يكن ليتم بغير تلك الطريقة, وهذا بحد ذاته إقرار ضمني بان الوضع كان قد تأسس على تدخل فاضح بشؤون العراق الداخلية, وإن التقليل من بعض فضيحته يجب ان يتم بطريقة أكثر براعة وبخاصة حينما يكون هناك حديث عن التدخلات الإقليمية بالشأن العراقي الداخلي.
وسأسأله .. ماذا يمكن أن نسمي النظريات التي طرحت أثناء الاحتلال مباشرة والتي تتحدث عن دور العراق الديمقراطي لتغيير الشرق الأوسط بواحد جديد, ولماذا كان من حقنا أن نظن ولو للحظة إن الأنظمة المجاورة سوف تبقى تنتظر السقوط دون فعل مقابل للدفاع عن نفسها وبدء من خلال التمسك بإستراتيجية الهجوم كخير وسيلة للدفاع.
إنني هنا لا أدافع عن تلك الأنظمة, وإنما أنا بصدد وصف الحالة. لقد وضعت أمريكا العراق في فم المدفع, وطلبت من مريض يحتضر أن يقوم بدور الطبيب, وفي أيام معدودات أنكشف المستور: لقد قبلت تلك الأنظمة دعوة المنازلة, وماذا كانت النتيجة, لقد بدى الطبيب مشلولا في حين كان المرضى من حوله يتقافزون كما الأرانب ويرقصون كما الذئاب. وانهارت بعد شهور قليلة نظرية الشرق الأوسط الجديد, كما تكشفت نظرية الفوضى الخلاقة عن مؤامرة أمريكية كان هدفها أن تجعل العراق ساحة لتدخل إقليمي, ولمعركة يتم من خلالها استدراج الإرهاب لأراضيه على حساب أمنه وأمن أهله ضحايا كل العصور.
بهذا لم يعد من السهولة تحديد من يتخل في شؤون من.. العراق أم جيرانه ؟!!
على السطح لم تكن الإجابة صعبة, فلقد كان بإمكان سيارة مفخخة واحدة أن تجيب على الأمر, لكن إجابة من هذا النوع ستكون بحد ذاتها إجابة مفخخة لأنها ستساهم على بقاء الوضع المؤلم على حاله وستؤدي إلى مزيد من التفاقم لأنها سوف تؤدي إلى التعتيم على سبل المعالجة. إن السذج فقط وأولئك السياسيين التي تنتهي بصيرتهم عند بؤبؤ العين سوف يؤمنون بتلك الرؤيا, ولكن قليلا من التبصر مع حد أدنى من البصيرة سوف يجعلنا نرى الأمر بما يتجاوز ما على السطح لنصل إلى قناعة بأن تلك السيارة المفخخة لم تكن لتصل إلى شوارع العراق لو أن الوضع فيه لم يكن يحمل تهديدا حقيقيا للآخرين ولو كانت عضلات ساعدي العراق بالقوة التي عليها عضلة لسانه.
ولا يمكن أن ينتهي حوارنا بدون أن نطرح السؤال التالي: هل أن من الممكن تجزئة الأمن الإقليمي أو الدولي .. ؟! بطبيعة الحال, إن ذلك لن يحدث حتى ولو كنا نعيش في القرون الوسطى أو حتى في عهود ما قبل الإسلام, فالعالم وأقاليمه المختلفة تعيش توازنات لا يمكن الاقتراب منها بعبثية. إن الضعف الأكثر من اللازم لآية دولة إقليمية من الممكن أن يكون تأثيره كما القوة المفرطة لدولة أخرى, وحينما يضعف العراق أكثر من اللازم فإن ذلك سيغري الدول المجاورة للتدخل بشؤونه لكي لا تنفرد واحدة منها بفائدة ذلك الضعف على حساب الدول الأخرى.
إن ضعف دولة سيؤدي إلى زيادة في قوة دولة أخرى وستؤدي هذه الزيادة الأخيرة إلى ضعف في قوة ثالثة, إنها إذن قوانين اللعبة التي تقول: غير مسموح لك أن تكون أضعف من اللازم أو أن تكون أقوى من اللازم. كلا الحالتين هما تدخل بشؤون الجيران, والتدخل بالضعف قد يكون أمضى من التدخل بالقوة, خاصة حينما يكون اسم البلد الضعيف العراق وتكون إسم المنطقة التي من حوله الشرق الأوسط. هذه المنطقة هي أرض للرمال المتحركة حيث العصف فيها والرياح قادرة أن تنقل تلا من الرمال, من مكان إلى آخر في وقت محدود جدا.
إن كثيرا من المتغيرات على الأرض العراقية قادرة على أن تفجر أوضاع المنطقة, وفي أبسط الحالات قادرة على أن تغير التوازنات بالاتجاه الذي يبقي أبوابه مشرعة لتدخل الدول المجاورة. ولنسأل بعد ذلك بعض أسئلة بسيطة: لماذا يكون من حق إيران أن يصير لها نفوذا مؤثرا في العراق ولا يكون للسعودية نفس الحق, الأن الشيعة أكثر في العراق أم ماذا, وحتى في حدود ذلك سوف يكون من حق السعودية أن تخاف أكثر لأن انضمام العراق إلى منطقة النفوذ الإيراني سوف يعني انهيارا سعوديا عاجلا أو على دفعات, وسترى السعودية عند ذلك إن من حقها أن تتدخل بالشأن العراقي الداخلي أيضا لضرورات أمنها الداخلي الذي يتغذى من أمن المنطقة ويغذيه.
فإذا كان هناك من يضع نفسه في خدمة الإستراتيجيات الأخرى فإن عليه أن يفهم أنه يعرض المصلحة الوطنية العراقية لأن تكون ضحية صراع الإرادات الإستراتيجية التي تتقاتل الآن بينها على مناطق النفوذ سواء في لبنان أو في غزة أو في العراق.
والذي يذهب بعيدا في مشاريع التقسيم عليه أن يحسب تأثير ذلك على دول مجاورة تكاد أن تفعل المستحيل من أجل حماية خرائطها السياسية والجغرافية.
والذي يحلق عاليا في فضاء الطائفية عليه ان يعلم بأن ذلك يشكل لوحده حالة تدخل مباشر في شؤون كل الدول المجاورة لما يسببه ذلك من إختلال في التوازنات الاجتماعية والسياسية.
والذي يخطط لتغيير الخارطة القومية العراقية عليه ان يعلم ما يعنيه ذلك على صعيد التأثير على الخرائط القومية للدول المجاورة بدء من تركيا وليس انتهاء بإيران وسوريا.
فإذا كان قد حسب حساب كل ذلك وآمن به فإن عليه أن يتوقف فورا عن لعب دور الضحية, وليعلم إن ما من دولة في المنطقة ستقف على الحياد حينما ترى إن العراق أو جزء منه قد أصبح حصة لغريمه أو دائرة من دوائر نفوذه.
وبالأمس وضع صدام العراق في فم المدفع حينما حاول من خلال مغامرات طائشة أن يجعل العراق أقوى مما يجب فأثار بالتالي حفيظة كل العالم وليس دول المنطقة لوحدها, واليوم يضعه الحكام الجدد مرة أخرى في فم المدفع حينما يجعلوه أضعف مما يجب.
إن الحالتين, القوة أكثر مما يجب, والضعف أكثر مما يجب, هما تدخل في شؤون الدول المجاورة. وإن حماية البلد من أخطار جيرانه إنما تبدأ من خلال ترتيب وضعه الداخلي بالاتجاه الذي يعيد عافيته الوطنية ويجعل أهله صفا واحدا كالجدار المرصوص.
عندها سيكون صعبا على دول الجوار أن تجد عذرا للتدخل أو أن تعثر على بوابة للتسلل.
وقد تبدو المشاكل معقدة لكن الحلول بسيطة..
وإن أبسط الأمور هي التي تحمل أدق المعاني.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة اليشماغ... حول رسالة معد فياض إلى مام جلال..
- الديمقراطية وأخطار المثقفين
- الإسلام السياسي أقصر الطرق لتقسيم العراق
- هل تخلى المالكي عن ناخبيه
- الشعب على حق ولو كان على خطأ
- لو ظهر عبدا لكريم قاسم الآن لسانده ( السنة ) وقاتله ( الشيعة ...
- القلم.. قدس الله سره, والكاتب.. حفظه الله ورعاه
- ليس هناك حل للعراق سوى أن تديره شركة أجنبية
- عن تشكيل الحكومة .. أزمة دولة وليست أزمة حكومة
- العراق ... وفرصة الخروج من المأزق الجديد.
- الديمقراطية العراقية... صح ولكن في المكان الخطأ
- التاسع من نيسان ...لا تخافوا, التأريخ لم يعد يُكْتَبْ بنفس ا ...
- من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا
- كلام حق عن علاوي
- علاوي والمالكي ... وبيضات ألقبان
- لا تدوخونه ولا ندوخكم
- يا لها من وطنية رائعة
- أياد علاوي ... هل تكون الديمقراطية عون بدلا من فرعون
- صدمات انتخابية
- لماذا سقط صدام حسين


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!