أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عصام البغدادي - أم فراس















المزيد.....

أم فراس


عصام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 916 - 2004 / 8 / 5 - 11:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أول ضحايا النظام القمعي السابق كانت :الام العراقية ، وبدلا من ان يقدم لها حزب البعث ، كل ما تستحقه من ثناء وتقدير ، ناصبها العداء منذ اللحظة الاولى التى شرعت فيها اجهزته الامنية باعتقال ابناءها فلذات اكبادها ، الذين سهرت وتعبت وكابدت لكي يصبحوا شبابا ورجالا ، توقفت مليا أمام القصيدة الجميلة لكاتبها رباح الفتلي التى نشرها موقع البديل مشكورا في السابع والعشرين من شهر تموز الماضي.

وهي قصة الام العراقية التى تجلس على دكة بابها تنظرالطريق تترقب عودة وحيدها الغائب منذ عشرين عاما ، تسال عن ابنها فراس كل صباح ومساء:

عشرون عاماً

تجلس أم عراقية

على دكّة باب دارها

تنظر إلى الطريق

تترقب عودة وحيدها

الغائب عنها منذ سنين

تتفرس وجوه القادمين إلى الحي

تسألهم عن (فراس) كلّ صباح ومساء

أم فراس هذه هى أمنا جميعا ، أم كل العراقيين وهي الرمز الحي لكل أم عراقية ، فقدت وليدها وبقت عشرين عاما تجمع ملابسه القديمة
ترتبها ... تشمّ بقايا رائحته الزكيّة تقبّل صورته المعلّقة على صدرها ليل نهار: عشرون عاماً تنام في غرفته تراه في المنام يطوف بثوب أبيض في حديقة المنزل تكلّمه ... تسأله عن عودته ... عن مصيره عن طول سفره لا تعلم إنّه دفن بلا تغسيل ولا كفن بالصحراء.

لقد برعت القصيدة عبرانسيابية هادئة وجميلة مفعمة بالحس الانساني الرقيق ان تعبر عن معاناة الام العراقية ، الاسلوب الشعري فيها يتسلل الى مشاعرنا ويمتزج بها بكل حنين ، هذا الاسلوب يذكرني بشعر الشاعر السوداني المبدع جيلي عبد الرحمن في قصيدته الجميلة " اولاد حارة الزهور" .

اعتقد ان هذه القصيدة هي اجمل ما قراته على مواقع الانترنيت العراقية خلال هذا العام ، قصيدة مؤثرة واحدة اجدها خير من الف مقالة مما نكتب ونقرأ ومما نتشدق به جميعا ، وتعجز كل الكلمات ان ترسم لنا تلك الصور الجميلة البارعة التى تدق الاجراس في ذاكرتنا ، وتوقظنا من سباتنا العميق ومن استرخاءنا على شواطىء هذه المحنة التى يمر بها الوطن .

هنئيا لنا ، ان نجد انسان عراقي بيننا يضع امام اعيننا هذه الابيات التى تغني عن الكثير من الكلمات ، احي كاتب القصيدة وابارك فيه هذه الموهبة الثرية واشكره من كل اعماقي اذ ان قصيدته تركت في نفسى اثرا بالغا وعميقا للغاية لا أستطيع ان اصفه بسهولة.
يكفي انها جعلتني ابكي بحرقة وبدموع غزيرة في مساء كان المطر فيه يهطل بغزارة على نوافذ داري وازهار حديقتي وتاريخي وكل ذكرياتي.

اترك لكم اعادة قراءتها وتأمل مفرداتها والحكم على مدى جماليتها وسحرها.

انتظار أُمّ فراس ؟!



رباح الفتلي- البديل

عشرون عاماً

تجلس أم عراقية

على دكّة باب دارها

تنظر إلى الطريق

تترقب عودة وحيدها

الغائب عنها منذ سنين

تتفرس وجوه القادمين إلى الحي

تسألهم عن (فراس) كلّ صباح ومساء



******

عشرون عاماً

تجمع ملابسه القديمة

ترتبها ... تشمّ

بقايا رائحته الزكيّة

تقبّل صورته المعلّقة

على صدرها ليل نهار

تحتضنه ... تناغيه ... تردد قولها القديم:

((دلل لول يا الولد يابني دلل لول

عدوك عليل وساكن الجول ))

تغفو على صوته ... على ضحكة

مرتسمة على شفتيه

رغم العذاب ورغم الشقاء

******

عشرون عاماً

تنام في غرفته

تراه في المنام

يطوف بثوب أبيض

في حديقة المنزل

تكلّمه ... تسأله

عن عودته ... عن مصيره

عن طول سفره

لا تعلم إنّه دفن

بلا تغسيل ولا كفن بالصحراء



******

عشرون عاماً

تحلم بعودته

تقفز متلهفة ... مسرعة

كلما طرق باب الدار

تصيح بصوت عال:

(منو فراس)

فتحنّ كلّ دقيقة إلى اللقاء



******

عشرون عاماً

تذهب كلّ ليلة جمعة

إلى كربلاء

تنذر النذور

تشعل الشموع

تتذرع بدعاء خاص

رافعة يديها إلى السماء



******

عشرون عاماً

ولم تدرك يوماً

إنّ وحيدها (فراس)

عذب .. علّق في السقف من قدميه

قطعت أجزاء منه

أو ربما أصبح حقل تجارب

في حقول عالمة العصر الجرثومة (رحاب)

أو هدف لتعليم رماية

أحفاد القائد رمز الحبّ والعطاء



******

بعد عشرون عاماً

وفي ليلٍ عاصف

تصحو (أُم فراس)

على صوت قذائف

صوت بيان

تصريح لعلوج (الصحاف)

كذب آخر ... نصر مزيف

صوت مجنزرات ... تدخل بغداد

رايات غريبة ... شعارات

أقوال ... تصريحات

سُلّمت بغداد

دون قتال ... دون دفاع

هربوا ... فروا

في الحواري والأزقة

واختبئوا قواد الأمة

خلف دبابة أمريكية

تركوا الشارع للفوضى

تركوا الشعب للقتل والدماء

وسلّموا الوديعة للغرباء



******

بعد عشرين عاماً

من رحيل (فراس)

تسمع صوت

هتاف يعلو في الأفق

عاش الشعب

يسقط النظام

ذهب الخوف الأزلي

عن الحناجر

عن القلوب ... عن العقول

وكتبوا على الحيطان

لا للبلاء لا للشقاء



******

بعد عشرين عاماً

من رحيل ( فراس)

تبتسم أُمّه بخوف

تتذكر وحيدها لم يأت

لم يطرق باب الدار بعد

تفرّ من الدار مذعورة

تجول بالطرقات

ترفع صورته ... تصرخ

تسأل عنه الرجال والنساء



******

بعد عشرين عاماً

من رحيل (فراس)

تسمع عن فتح السجون

تشدّ الرحال ودموعها على خديها

وحسرات السنين

في صدرها

تدخل من سجن إلى سجن

من زنزانة إلى أُخرى

تصيح بصوت مخنوق بالعبرات :

( يمه فراس جاوبني آني أُمّك)

لم تسمع إلاّ صدى صوت

فتعود بعد تعب وتجوال

وتُمسي وتصبح على عويل وبكاء



******

بعد عشرين عاماً

من رحيل (فراس)

تسمع عن مكرمة للسلطان

عن مقابر في الصحراء

دفنوا بلا لحد ... بلا تلقين

وهل شاهدت (رغدة )الشقراء

صاحبة العينين الخضروات

مكرمة الديناميت

مكرمة تفجير الأجساد

هل صدّق هذا الزعماء والأصدقاء ؟!



******

عشرون عاماً

تنتظر ( أُمّ فراس)

حلم عمرها ... وحيدها

فلم تجد منه

علامة ... رسماً ... خيطاً

بل رأت أكياساً

عظاماً ... جماجماً

تحسرت ... نحبت

لطمت خديها

حثت التراب على رأسها

عادت إلى الدار مثقلة بالأحزان

رفعت النداء إلى السماء

لم يبق لنا سلطان العصر المخلوع

سوى النكبات والأشلاء



#عصام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة المجلــة العلميـــة العراقيــة للصدور على شبكة الانترني ...
- كيفية التعامل مع المصاببن بالايدز
- شهر تموز- الشهر الميلادي السابع
- تايلاند والايدز-ج2- المرض واسبابه
- تايلاند والايدز-ج1- نظرةعامة للمرض
- أكاذيب ايران النووية-ج4-المستقبل
- أكاذيب ايران النووية-ج3-الواقع الحالي
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج 10- قصص من الواقع
- أكاذيب ايران النووية-ج2- المنشآت
- أكاذيب ايران النووية-ج1-الطموحات
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج 9- الوعي بأهمية الثقافة الجنسية
- محنة العلم والمتعلمين في العراق
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج 8- التحرش الجنسي بالطفل داخل الأ ...
- من نوري الباشا الى القائد صدام : انا في انتظارك
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج 7- المفاهيم الغربية
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج6 – أسباب الشذوذ
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج5- مفهوم الديانة المسيحية
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج 4 – المفهوم الاسلامي
- خطاب الدموع والدم والنار
- العلاقات الجنسية الشاذة – ج3 – الجانب العلمي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عصام البغدادي - أم فراس