أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الأولى














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة الأولى


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


ثمة احلام تمنع عنها الحياة. احلام ممزّقة, مقطّعة, محطّمة. احلام تموت مجهضة لتفادي الفضيحة. احلام تنبت بين ضلوعنا فتقتلعها رياح العاصفة التي لا تهدأ. هكذا كان حبي الأول. حبي لمنى.
كانت فتاة من أجمل ما رأت عيناي. قوامها رشيق جميل, عيناها زرقاوان ساحرتان, شعرها ذهبي ناعم, بشرتها فاتحة صافية. وكانت تجلس دوما في المقعد الثالث وراء السائق بالقرب من النافذة. رأيتها, اول ما رأيتها, جالسة هناك تتأمل نحو النافذة الى الخارج, والمقعد المجاور لها خال.
"هل لي ان أجلس هنا؟" سألت.
التفتت اليّ بعينيها الساحرتين, وقالت بأدب: "بالطبع," وأخذت حقيبتها من المقعد ووضعتها فوق ركبتيها.
جلست بجانبها وأخذت أتأمل الناس وهم يتقدّمون الى داخل الباص, واحدا تلو الآخر, ويتّخذون مجالسهم.
"الباص ممتلئ اليوم, لا أدري لماذا," قلت بتساؤل متوجّها اليها, ولكن دون التأمل فيها.
سمعتها تقول بعد برهة: "فعلا. ربما لأنه الأحد."
فقلت وانا أمدّها بنظرة: "نعم. أظن ان ذلك هو السبب. سأحاول ان لا أركب الباص ايام الأحد بعد اليوم."
فقالت: "لا أظن ان احدا يريد ركوب الباص في كل الأيام اذا كانت هناك وسيلة اخرى للسفر."
"معك حق. ولكني احيانا اجد احدهم ليوصلني معه الى الجامعة بسيارته."
"هل تدرس في الجامعة؟" سألتني.
"نعم. وانت؟"
"وانا ايضا."
وهكذا فهمت منها انها تذهب الى نفس الجامعة التي اذهب اليها وتدرس نفس الموضوع الذي ادرسه, وهو الحقوق, ولكن بفارق سنتين. فقد كانت هي في السنة الأولى من دراستها وانا في الثالثة. وخلال الدقائق التي جلست فيها بجانبها وجدت نفسي مستغرقا في الحديث معها عن الجامعة والتعليم وعن الحياة الجامعية. وكنت مأخوذا بسحر جمالها ورقة حديثها ودماثة طبعها. الا اني لم اعرف عنها شيئا سوى ان اسمها منى وانها من سكان الناصرة.
وصلنا الى الجامعة وافترقنا, كل الى طريقه, ولم تفارق منى تفكيري طوال ذلك اليوم. ظلّت صورتها منحوتة في ذهني وتظهر بمخيلتي اينما ذهبت, تفقدني تركيزي وتحلّق بي بعيدا الى عالم آخر.
استغربت في داخلي كيف لم أرها من قبل, رغم مرور شهرين على بداية السنة الدراسية! كيف لم ألمحها في اي مكان في انحاء الجامعة او الباص, الى ان شاءت الظروف ان نلتقي وسط ازدحام الباص الذي اكرهه؟!
تمنيت لو اراها مرة ثانية وشرعت ابحث عنها في كل مرة اركب فيها الباص وفي انحاء الجامعة. ولكن عبثا. لم تظهر منى في اي مكان.
مر اسبوع وعاد الأحد وازدحام الأحد ولكنه, للأسف, لم يجمعني بها مرة ثانية ولم أرها في اي مكان. حتى كان ذلك اليوم الذي جلست فيه الى احدى الطاولات في مكتبة الجامعة أقرأ كتابا الى حين موعد وصول الباص. وعندما قمت للذهاب لمحتها فجأة من ورائي, جالسة الى طاولة قريبة وتقرأ. أحسست بقلبي يخفق فرحا لرؤيتها. ثم رأيتها ترفع الي نظرها وترسل بابتسامة عذبة مشيرة الي بالتحية. رددت لها بنفس الشيئ وأحسست برغبة قوية في البقاء والتحدث اليها. ولكن الكلمات احتبست في حلقي. شعرت بإحباط شديد. ها هي الفتاة التي أبحث عنها منذ اكثر من اسبوع في كل مكان دون جدوى, ها هي جالسة امامي على بعد مترين ولا استطيع التفوّه بكلمة واحدة!
تركت المكان وعدت لوضع كتبي في حقيبتي. عندها, أدركت فجأة ان محفظتي ليست معي. فخطر لي في الحال اني نسيتها في المكتبة. وحين استدرت للعودة الى هناك... فوجئت بها واقفة امامي.
"اظن ان هذه لك," قالت وهي تمد لي المحفظة.
"نعم. انها محفظتي. اين وجدتها؟"
"على الطاولة التي كنت تدرس عليها."
"شكرا لك." قلت لها بامتنان. وعندها... لمحت بعقد الصليب الذي على رقبتها. أحسست بشيئ غريب وأرخيت نظري عنها في الحال.
ثم سمعتها تسألني: "هل انت ذاهب الى المحطة؟"
أجبتها بالإيجاب, وهكذا ذهبنا الى محطة الباص وبقينا معا طوال طريق العودة نتبادل اطراف الحديث, فتعرّفت عليها اكثر وازداد اعجابي بها.
في المساء, حين كنت في غرفتي مع أخي أكرم, الذي يكبرني بسنوات, أخبرته عن تلك الفتاة الجميلة التي تشغل بالي وتفكيري منذ ايام. حدّثته عن لقائنا الأول في الباص ثم كيف بقيت ابحث عنها طوال ايام دون ان افلح في رؤيتها, الى ان التقيتها اليوم بمحض الصدفة. ووصفت له جمالها الخلاب وطبعها الرقيق الذي اثار اعجابي الشديد بها.
فسألني أكرم مبتسما: "وهل تظن انها معجبة بك؟"
اجبته: "لا ادري. ولكنها لطيفة معي جدا. وقد طلبت مرافقتي اليوم الى المحطة..."
انقطعت عن الكلام على نحو غير عادي وانسرحت افكر.
"ما بك؟" سألني اكرم بفضول.
"لا, لا شيء." قلت ساهما.
"هل هناك ما تخفيه عني يا عمر؟" ألحّ بأن يعرف.
"لا, ولكن..."
"ولكن ماذا؟"
فقلت له بعد شيء من الصمت: "انها... مسيحية."
تقلّصت ملامح وجهه بشكل مفاجئ. "مسيحية؟؟" اندهش, ثم اضاف بعد برهة: "ألم تجد في كل الجامعة سوى مسيحية؟!"
"هذا ما حصل."
فقال فجأة دون ان ينظر الي: "أظن انها, على الأرجح, ليست معجبة بك بالشكل الذي ظننت."
صدمت بقوله, وعرفت في نفسي مغزى كلامه. يجب ان ابتعد عنها.

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الأولى