أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - حنان الهوني ونزف الأرق الجميل















المزيد.....

حنان الهوني ونزف الأرق الجميل


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 01:27
المحور: الادب والفن
    


غريب عسقلاني – مقاربة نقدية

حنان الهوني ونزف الأرق الجميل

في مجموعتها القصصية الأولى "لا يسع اثنين" تأخذنا الشاعرة الليبية الحالمة حنان الهوني إلى مراياها, حيث تمارس اللهاث والدهشة للانفلات من عالم ذكوري صارم يستمد سلطته من مواريث وأعراف تراكمت عبر مئات السنين في وأد أحلامها..
وتضم المجموعة قصصا قصيرة, وقصيرة جدا, تحيل الكاتبة من خلالها المعاش اليومي إلى واقع فني, على ضوء ما يتفاعل داخلها من أرق وصراع واشتباك مع واقع لا يتوقف عن فرض شروطه وبقسوة..

عين راصدة ومحاكمات صارمة
تشتبك الكاتبة مع الحياة من حولها حتى ذروة الانفعال, في محاولة ماراثونية لترشيد القيم من جديد, فنراها في قصة "حلول" ترصد التشظي والتبعثر الذي يأخذ الإنسان إلى متاهات تفصله عن كيانه الفيزيقي, من خلال تداعيات الراوي /بطل القصة الذي يصحو, وقد تلاشى جسده, ولم يتبق منه سوى حواسه الخمس تقوم بوظائف الحياة, فيعيش مستلبا غائبا, يتحرك بين المرئي معنويا واللا مرئي ماديا, فيقع في لجة العجز عن التأقلم من المتغيرات السريعة التي باتت تقود وتوجه الحياة في عصر انفجار المعلومات, ما يأخذه إلى غربة في عالم تحركه بديهيات تستعصي عليه, وكأني بالكاتبة تشير إلى البلبلة والحيرة التي يعانيها الإنسان العربي في هذا العصر, ما يجعله يلوذ بأبجديات الفطرة الأولى, ويطرح السؤال حارقا, حول العودة إلى البداوة الأولى هروبا من مواجهة الواقع سريع التغير!!
وفي قصة "الضمير" تشير إلى دور الفرد في مواجهة أصحاب الضمائر الغائبة, فالمعلمة تتأخر عن الدوام خمس دقائق, فيحرمها الناظر من الدوام اليومي, ولكنها تكمل يومها مع طالباتها, وتشرح الدرس وتستفيض متسلحة بعلمها الغزير, فتضيف إلى الموجود في المنهاج, ما يجعل الدرس سياحة تخلب لب الطالبات, فيما السيد الناظر/ القانون, يغادر المدرسة طوال فترة الدوام المدرسي, لقضاء حاجاته الخاصة!!
فهل يشبه الناظر بطل قصة "فنجان قهوة" ذلك المخادع الذي تكتشف عروسه التي تنتظر الزفاف بعد أيام, والمشغولة معه في لتجهيز بيت الزوجية, انه متزوج من امرأة أخرى.. فتنجو من المصيدة في اللحظة الأخيرة,
وهل في توظيف انسكاب القهوة على قميصه الأبيض أشارة معكوسة لمفهوم الموروث الشعبي, وهل في الأصبع المبتور للزوج المخادع أشارة أخرى أيضا؟؟
وهل ينتمي هذا الزوج الى فصيلة بطل قصة "مفارقات" الذي يحاول التقرب من زميلاته الجامعيات, بذريعة الرغبة في الزواج, للإيقاع بهن وإقامة علاقات عابرة معهن, فيكتشفن أنه يمارس اللعبة مع أكثر من واحدة في نفس الوقت..
وهل تستمر حنان الهوني على توجسها من الرجل؟ وهل هو الحذر المشوب بالريبة دائما؟؟
ربما ولكن ليس عن موقف مسبق, فهي الأكثر وعيا بذاتها وقدراتها, لذلك نراها تذهب مشتاقة الى الصفحات البيضاء لتستعيده في مشاغباته البريئة, كما في قصة علكة حيت تلتقي صدفة بصديق الطفولة وقد أخذتهما هموم الحياة كل في اتجاه فيحضر ذلك الزمن الجميل, الذي ترك ألما لذيذا لا ينمحي منذ, رفضت تزويده بإجابة السؤال في اختبار ما, فألصق العلكة في شعرها, وجعلها تتألم منتصرة, عندما قامت أمها بنزع العلكة من ضفيرتها, وكأني بها تريد ان تظل علكته/ أثره معها كعنوان براءة..

والقصص القصيرة جدا
في قصصها القصيرة جدا, تلوذ حنان الهوني بلغتها وأدواتها الشعرية, وتتكئ على التضمين والترميز والمفارقة, واصطياد اللحظة الفارقة, واللعب على الزمن بتحريك الأفعال بين الماضي والحاضر والأتي, كما تجسر الهوة بين الأمكنة في فضاء القص لبن المادي والمعنوي.. فهي تحافظ على الوحدة العضوية في مساحات سردية بحجم الكف او أصغر, مع الامتثال لشروط القص كما في قصة "ابن الطين" ترصد اكتشاف معنى الخلق, عندما يجبل الطفل حفنة من الطين على صورة إنسان بانتظار تحوله إلى كائن بشرى, فقد لقنته معلمة التربية الدينية أن الإنسان خلق من الطين, ولكنها لم تتمكن من تعليمه كيف وجدت الروح في عناصر الطين الأول..
ذات الأمر في قصة "ولد أبيض وولد اسود" حيث يقف طفلان عند سر تمايز لون البشرة, ولكنهما يتوصلان الى فكرة صيرورة الكون بتوازن المتضادات مثل تعاقب الليل مع النهار وتعاقب الضوء مع العتمة وكذا وجود البشرة البيضاء ولبشرة السوداء!!
وفي قصة "شبكة" ترصد الكاتبة انبهار البعض بالشبكة العنكبوتية والهروب إليها ملاذا من الواقع المعيش, دون ان يدركوا أنهم يعيشون في عالم افتراضي هو إلى الخيال/الوهم اقرب, رغم اعتماده على القدرات البشرية واقعية..
وفي قصة "شهرزاد" تستدعي القاصة شهرزاد العصرية, فتعلن أنها تعاني من الإقصاء والاضطهاد منذ خمسة عشرة قرنا مضت, رغم التشدق بحقوق المرأة في عصور الازدهار والانفتاح!!
وفي قصة "الخيال اللذيذ" تستدعي اللذة على ضفاف شهوات, فتعب حتى الثمالة من حليب الحقائق الأولى..
وفي قصة "وصمة عار" تستنكر تسليع الثقافة عندما تجد ملصق ثمن ديوان نزار قباني قد على صورة الشاعر الساحر, ما يشير إلى أولوية الربح على أهمية الشاعر..
وفي قصة "ادخار" ترصد ثرثرة المثقفين العبثية, وكيف يهدرون الوقت في التأفف السلبي كمظهر من مظاهر الانسحاب والهزيمة.

كالومض الخاطف
تلمع الفكرة مثل وهج برق خاطف, تأخذ الكاتبة إلى مدار الصدمة أو الدهشة, أو تسحبها بين حدي المفارقة الجارحة.. كالومض تنبثق المفردات وتصطف لاهثة في بنية قصصية تحمل لذة كشف أو اكتشاف, فتصبح اللغة زمانا ومكانا لفضاء فكرة تترنح برقص مختلف..
في قصة "لسع مختلف" تأمل بين المعذب أملا والميت قدرا..
" سألت المنفضة السيجارة:
- لماذا تصرين على حرقي كل مرة؟!
- لأنكِ وجدت من أحلي..
ودفنت رأسها في المنطفئة.. لتعذبها وتموت!!"
وفي قصة "رقص الفراشة" رصد للموت عند ذروة الرغبة اشتعالاً
" تتنقل الفراشة فرحة بين الأزهار.. تعلق بين أصابع عابثة تبدد ألوانها البديعة.. "
وفي "قصة تواقيع" إصرار على اقتراف القتل مع سبق الإصرار!!
" وقع بحذائه على الأرض فسحق نملة.. ووقع بقلمه على ملف فسحق إنسانا!!"
وفي قصة "خيبة" نرى كيف تقتل القوانين الجائرة وهج الطموح..
" انتظرت إكمال أخاها لدراسته الجامعية حتى يرافقها لإكمال دراستها العليا خارج, ولكنهم وبعد طول انتظار سمحوا لها بالسفر بدون مرافق لبلوغها سن الأربعين.. "
وفي قصة "لا يسع اثنين" مناجاة ما قبل الهزيمة والحيل عن الحبيبة لقصر ذات اليد حاملا معه حقيبته التي تسمرت فيها روائع الفراق
" أنه صغيرُ لا يسعني وذلك الطارق الجديد,أؤثث غرفتي الصغيرة في قلبي اليتيم,وأضعُ في الحقيبة شيئاً من خيبةٍ وكثيرا من شجن, وبقايا ثياب بدون رائحتكِ, وسأجتهد في أن أتركك بسلام.. لأرحل كما دخلتُ"
ذات الهزيمة تظهر في قصة "ثقب الإبرة" ولكن على لسانها هي/ المرأة هذه المرة
" وخزتكَ بإبرة اختاطت مشاعرنا.. وها أنا اخرج إبرة عريانة رأسها بدون خيط!!"
وفي قصص الومضة تكون المرأة شديدة الحضور, تنفصل عن واقعها لتستعيده من جديد فتجد أنها المحاصرة بالفقد والخسارة الى حد الفجيعة, تلوك أوجاعها وتنفث زفرات الأسى والفقد, تصف في قصة "زوال" لحظات السعادة الهاربة
" كأثر الكحل في عيون رائعة, تركوا علامات في داخلي سرعان ما انمحت"
وفي قصة "فقد" تلوذ بعتمة الليل من رجع الذكرى..
" قال
- يأتي الليل فأفتقد شيئا منك كان لي محراب الروح"
- وعندما يتأكد شعور الفقد يكون طعم الخسارة مضاعفاً "
وفي قصة "يباب" تقف دامعة لاستحالة اللقاء
" أرفع سمائي بسحابكَ, وأعلن يقينا بأن المطر لا يزور الصحراء في الصيف.. "
وفي قصة" نزق" رصد لضجيج الشهوات وعذاب الفقد..
" ينضجني الليل رطبا جنيا لوحدتي, فيشتهيني الوقت لموعد آخر.."

أما بعد:
فالشاعرة حنان الهوني تدخل مدار القصة القصيرة والقصيرة جدا, وهي على أدراك تام بمتطلبات هذا اللون الابداعي المراوغ, وتستجيب لمتطلباته بيسر وسلاسة, ما يؤهلها لخوض مغامرات جديدة, وخاصة في مجال القصة القصيرة جدا, فهي الأقرب الى أدواتها الشعرية والى روحها المؤرقة باختبار الحياة من حولها, والباحثة عن ما بعد الظاهر باختبار جذور الحقائق..
غريب عسقلاني
غزة/ فلسطين



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام عصفورة صغيرة
- حصان أشهب بغرة بيضاء
- رواية جفاف الحلق – 17 - والأخيرة
- رواية جفاف الحلق – 16 -
- رواية جفاف الحلق – 15 -
- رواية جفاف الحلق – 14-
- شهادات محمد أيوب في الجبهة الموازية
- رواية جفاف الحلق – 13 –
- رواية جفاف الحلق – 12 –
- رواية جفاف الحلق -11 –
- رواية جفاف الحلق – 10 –
- رواية جفاف الحلق -9 –
- رواية جفاف الحلق -8 -
- روية جفاف الحلق -7 -
- رواية جفاف الحلق – 6 –
- رواية جفاف الحلق – 5 –
- رواية جفاف الحلق -4 –
- رواية جفاف الحلق – 3 –
- رواية جفاف الحلق – 2 –
- رواية جفاف الحلق – 1 -


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - حنان الهوني ونزف الأرق الجميل