|
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3006 - 2010 / 5 / 16 - 18:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في الحياة الديموقراطية الحقيقية ، يعبر المنتمي الى الموقع الذي يعيش فيه عن ارائه و مواقفه و اعتراضاته بكامل حريته، و هو يحس بالمواطنة التامة و حقوقها و واجباتها، و لا يمكن لاحد ما ان يسرق منه حرية التعبير مهما كانت، و ان انتقد اعلى سلطة حكومية او اجتماعية او دينية، فلا توجد مقدسات خاصة و انما المصالح العليا و الامن القومي يحددان اطر العمل و الخطوط التي لا يمكن تجاوزها، ان كانت عبورها يعود بالضرر الى الجميع و يفرز حالات سلبية معوقة للتقدم و التطور المنشود من جميع النواحي. في مجتمعاتنا الشرقية، هناك محددات تفرضها السلطات المتعددة و من ثم العادات و التقاليد و الاعراف الاجتماعية ، و تدخل ارشادات و تعليمات و فرضيات العقائد و الاديان و المذاهب و مَن خلفهم ضمن المقاييس المفروضة لتقييم الاراء و المواقف التي تطرح، لذلك نلمس خلطا واضحا في الامور بين الممنوعات و جهة المراقبة و العقليات التي تحكم. فالسلطات تفعل ما تشاء هنا وفق مصلحتها فيما لو استوجبت تضييق الحريات ان لم تكن مقومات تجسيد الحرية متوفرة، في ظل انعدام المؤسساتية في الحكم و خضوع السلوك و تصرفات و احكام السلطة التنفيذية لرحمة المزاجات الشخصية و مصالح القوى المتنفذة و القادة و عقلياتهم. اما من الجانب الاخر و الاوامر الصادرة من مَن يُحسبون على المحافظين على العادت و السمات السائدة و المتزمتين و المتحفظين من خلال الالتزام بالدين و المذهب و مرتكزاتهما و احكامهما، فانهم يمكن ان يكونوا اشد وقعا و تاثيرا على الحرية العامة، و يدعون الى الالتزام بالقواعد و السلوك التي تحددها العقائد و الفلسفات الدينية، و خاصة في الشرق المسلم المتشدد المانع لاي حديث عن الممنوعات العديدة التي توارثتها الاجيال تاريخيا و تُكم افواه من يقترب من تناولهاعلنا باية طريقة كانت. ما نلمسه هذه الايام من تدخل المتزمتين من الملالي و اتجاهات الاسلام السياسي في منع الانتقاد في الادب و الفنون في اقليم كوردستان امر لا يطاق، و نحن في القرن الواحد و العشرين، و لا يحسون بوجود اي خط احمر امامهم عند تماديهم على العلماء و الادباء و الشعراء و الرموز و العقليات المتنورة بينما هم يصرخون باعلى اصواتهم عندما يُنتقدون و بالاسس العلمية الحديثة، من خلال الحوار و اثارة المواضيع التي يريدون بقاء الابواب مقفلة عليها لاخر الدهر، انها حقا الموانع العلنية امام همة المعنيين للتنوير و الحداثة و التطوير في مجالات الحياة كافة، مستندين على اعتقادات و احكام اديان و ايمان مطلق، و مقولتهم الشهيرة و ما يطلقون من احكام حقهم المطلق في الامورالتي يطرحون و التي لا يمكن تناولها من قبل احد اخر، و هذا واضح في نظرتهم الضيقة فقط!! هذا ما يصنع الموانع و السدود المنيعة امام نقد العقل الديني و المذهبي بشكل حصري و لم يدع التعمق في نقد الفكري و الفلسفي ان ياخذ مجراه الصحيح ، و ليس لهم اي تفهم لشروط الانتقاد و تحليل و تفسير المواضيع القابلة للبحث. انهم حقا لا يعلمون ان اي انتقاد في المواضيع المثالية لا يشمل الدين و المذهب و الطرق و الفروع المنطلقة منهما فقط و حصريا، و يمكن ان تكون الانتقادات في هذا الاتجاه هي الانتقاد للوعي العام و تحليل للافكار و العقليات في الازمنة المختلفة بما فيها الحالية، و لا يقصد اي نقد نفي و الغاء من و ما ينتقد من جانب واحد دون ان يقتنع المقابل، كما فعل و يفعل هؤلاء في كل زمان و مكان، و يهدفون الى السيطرة و الاحتكار على كل شيء و منع المقابل من التفوه بما يعتقد، و يكتمونه. ما نصبو اليه هو ضمان حرية التعبير و طرح الاراء باي شكل كان، سوى كان هن طريق النقد او التحليل او التفسير او بكتابة ما مهما كانت، و هذا لا يعني اننا مع ما يطرح بشكل مطلق، بل مع حرية ما يطرح و حتى من قبل المقابل، هذه هي النظرة و فحوى كلامنا و يهمنا الدفاع عن الحرية قبل اي شيء اخر. يصح هذا الكلام ايضا ان وجهنا كلامنا الى الجهات الاخرى غير الدينية ايضا و منها السلطة السياسية، و هي تتصرف وفق ما تراه هي صحيحا من جانب واحد و بشكل مطلق و تتعامل مع الراي الاخر بشدة و تمنع التعبير عن الراي المخالف حول ما تجري على الساحة السياسية من التناقضات في ادارة الامور و الازدواجية في التعامل مع المواضيع و الاحداث و الامور ، و ما تمنعه السلطة من الحراك السياسي الاجتماعي الهادف الى التغيير و الاصلاح في الحياة العامة من كافة جوانبها السياسية الاقتصادية الثقافية هو الخطوة الاولى للدكتاتورية بذاتها، و هي تضع الختم الاحمر على الممنوعات التي توارثناها منذ عهود و التي لا يمكن التطرق اليها من اجل الحفاظ على سلطتها فقط، انها لا تختلف من حيث طريقة اداء الواجب في تحقيق مصالحها عن الاخرين و لكن الفرق هو اختلاف الخلفية التي تحملانها، السلطة كانت ام المنابر الدينية العقيدية، و لابد من فك عقدتهما و اجبارهما على الانفتاح على ضرورات العصر و التمدن، و عليهما تقبل الانتقاد و بحث كافة المواضيع ، و انهاء الممنوعات من كافة النواحي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
-
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
-
السيناريوات القابلة التطبيق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
-
اهم نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث
المزيد.....
-
مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه
...
-
-أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
...
-
يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات
...
-
سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
-
سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
-
أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
-
البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
-
قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو
...
-
ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
-
رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ
...
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|