أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - نحن يوسف يا أبي..!















المزيد.....

نحن يوسف يا أبي..!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3005 - 2010 / 5 / 15 - 11:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


نحن يوسف يا أبي..!
جواد البشيتي
ذكرى نكبة، أو اغتصاب، فلسطين. وقبلها ذكرى تقسيم فلسطين, وقبلها ذكرى وعد بلفور المشؤوم.. بلفور الذي اعْتَدْنا أن نَلْعَنه ووعده، فكفانا الله شرَّ لَعْن أنفسنا، فنحن "الضحية"؛ أمَّا مأساتنا التي تَعْظُم سنوياً فليست من صُنْع أيدينا في المقام الأوَّل، وقد يشتد قنوطنا ويَعْظُم، فَنَشْرَع، بَعْدَ أن نصنع بأيدينا "إسرائيل الكبرى"، نَرْجُم بلفور كما نَرْجُم إبليس!
سنوياً، يغتنم أهل الفكر والقلم الفرصة، فيكتبون، متذكِّرين ومذكِّرين إنْ نفعت الذكرى، وهي لا تنفع إلا المؤمنين "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ".
كلام تمجه الأسماع، وما عاد يؤثِّر في العقول والقلوب؛ لأنه يقع على أسماع لا تشبه أسماع متكلميه.
الذكرى إنما هي في الأصل تجربة، والتجربة لا قيمة لها ولا أهمية تُذكر إن لم نخرج منها بما تستحق من دروس وعبر؛ ونحن حتى الآن لم نُظهر، في قولنا وعملنا، ما يؤكِّد ويُثبت أننا الأبناء الحقيقيين للتجربة الكبرى التي نسميها "نكبة فلسطين"، فميلنا إلى "القدرية"، تفسيرا وتعليلا، نراه في منتهى الوضوح في اتخاذ كلمة "نكبة" تسمية، أو وصفا، لهذا الذي حدث في فلسطين سنة 1948.
في تذكُّرنا وتذكيرنا، إنما أكدنا وأثبتنا أننا ما زلنا أبناء الوهم في انتمائنا إلى تلك التجربة، فلم نعللها، وإن عللناها لا نحسن التعليل، وكأن صناع النكبة ما زالوا فينا، يتحكمون في تفكيرنا، ويوجِّهون أبصارنا، ويمسكون بأقلامنا، حتى ننكب عن النطق بالحقيقة، ففي النكب عن الحقيقة، وعن النطق بها، تستمر "النكبة"، التي فيها من "الحاضر" أكثر كثيرا مما فيها من "الماضي"، فـ "النكبة"، التي تسمى "نكبة فلسطين"، أقرب إلى "المضارع" منها إلى "الماضي".
اذكروا لي سببا واحدا من الأسباب الحقيقية التي أنتجت "نكبة فلسطين" حتى أقيم لكم الدليل على أن هذا السبب ما زال على قيد الحياة، يؤدي عمله على خير وجه؛ وقد ولد العشرات من أمثاله، فأسباب "نكبة فلسطين" إنما هي غيض من فيض الأسباب التي أنتجت، وتنتج، نكباتنا اليوم.
في "النكبة الصغرى"، أي "النكبة التي بدأت سنة 1948 ولم تنتهِ فصولاً بعد"، والتي اليوم يحيي بعض حُكامنا ذكراها بإرسال برقيات التهنئة لإسرائيل، حدث الآتي: نشبت الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل، وجاء "جيش الإنقاذ العربي" ليقول للفلسطينيين: جئناكم لنقضي على الصهاينة ودولتهم، فاتركوا بيوتكم وقراكم، ولسوف تعودون إليها، بعد أيام، آمنين.. اتركوها حتى نؤدي مهمتنا على خير وجه، وحتى لا يصبكم مكروه.
وخرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين ومعهم المفاتيح، فنصرة الدول العربية لهم كانت الوهم الكبير الذي لم يصدِّقوا أنه وهما إلا بعد فوات الأوان.
وقاتلت الجيوش العربية وكأنها تقاتل من أجل صنع "نكبة فلسطين"، فالهُدَن والأوامر العسكرية لم تأتِ إلى لإنقاذ "الصهاينة" من هزيمة عسكرية مرجَّحة أو مؤكَّدة.
إنَّهم، وبلا حياء ولا خجل، يهنِّئون دولة نتنياهو وبيريز وليبرمان بـ "استقلالها"، أي يَدْعون لها، ولهم، بالهناء، وأن يكون هذا "الاستقلال" مَبْعَث سرور لها، ولهم.
يهنِّئون، ولا يُعَزُّون الضحية، فليس للشعب الفلسطيني من رئيس حتى يرسلون إليه "برقية عزاء" يُعزُّونه فيها بمصاب شعبه.. بنكبته!
والآن، لكم أن تقارنوا بين نكبتين: "نكبة فلسطين" تلك ونكبة الاعتراف العربي بأن لإسرائيل الحق في العيش في أمن وسلام حتى في الأرض الفلسطينية التي احتلتها في حرب 1948.
النكبة الثانية إنما هي خير دليل على أن أسباب النكبة الأولى قد زادت واتسعت وترسَّخت.
الذكرى تنفع "المؤمنين" الذين لن يتأكد إيمانهم ويظهر إلا إذا فهموا "نكبة فلسطين" وفسَّروها على أنها "إنجاز عربي" في المقام الأول، فالدهر العربي نكب فلسطين، فكانت "نكبة فلسطين".
وعلى هؤلاء "المؤمنين" أن يكفروا بـ "سورة نكبة فلسطين" التي أنزلها علينا أرباب النكبة من أبناء جلدتنا، والذين لم يبدأوا عملهم في فلسطين لينهوه فيها، فعملهم ما زال مستمرا في فلسطين، وفي خارج فلسطين، فما الفرق، في المهمة والعمل، بين "جيش الإنقاذ" وبينهم؟!
ولو مرَّة واحدة فقط..
لو مرَّة واحدة فقط، رأيْنا الدول العربية، أو دولاً عربية، تُرْسِل "قوة عسكرية مشترَكة" إلى حيث يجب أن تُرْسِل، أي إلى حيث يَقَع إرسالها موقعاً حسناً من نفوس العرب من الشعوب، لَقُلْنا، ولو على مضض، لكل "قوة عسكرية عربية مشترَكة" تُرْسِل، بعد ذلك، إلى حيث نَسْتَكْرِه إرسالها، "أهلاً وسهلاً"!
مرَّة واحدة فقط كانت كافية لتخرسنا إلى الأبد، ولتَجْعلنا نُحْسِن الظن كل مرَّة، ولو ذهبنا ضحية حُسْن ظنِّنا.
عودوا إلى تاريخ "القوى العسكرية العربية المشترَكة المُرْسَلة"، أو إلى الحروب الخارجية (أي الحروب في خارج حدود الوطن) التي شاركت فيها قوى عسكرية عربية، واسألوا "متى"، و"أين"، حتى تقفوا على الحقيقة، وترونها عاريةً من كل لبوس مُجمِّلٍ لها.
واليوم، نَنْظُرُ إلى "البوَّابة العربية" للسجن الإسرائيلي الكبير في قطاع غزة، أي إلى "معبر رفح"، فنقرأ فيها "إنْ لم تستحِ فافعل ما شئت"!
مليون ونصف المليون سجين فلسطيني، يحاصرهم، من كل حدب وصوب، الموت والدمار والجوع.. و"الأشقَّاء" العرب، لا يطمعون إلاَّ في شيء واحد هو الدواء والعلاج و"فُتات الموائد العربية".. موائد الحُكَّام، والوزراء، وأثرياء العرب الذين يجوبون بلاد الغرب طولاً وعرضاً لعلَّهم يعثرون على كلب، أو قِطٍّ، يرفقون به، فإسرائيل لا تردع "إنسانيتهم" هناك؛ أمَّا الجياع والمرضى من أطفال غزة فلَهُم "دواوين الشِعْر (الركيك)" الصادرة عن القِمَم العربية!
طُلاَّب وتلاميذ غزة يطلبون العلم ولو في غزة. إنَّهم يوقدون ما بقي لديهم من شموع من أجل الدراسة والامتحانات. لا يرون حروف الكتاب؛ ولكنَّهم يرون، بفضل ضوء الشموع، بحيرات النفط العربية في جوارهم؛ ويرون بعضاً من هذا "الأسود" على هيئة خزائن قارونية (نسبةً إلى قارون لعنه الله)" ممتلئةً من "الورقة الخضراء"، وبعضاً منه على هيئة ترسانة، فيها من السلاح والذخيرة ما يكفي لـ "فتح" ألف أندلسٍ.
ليس من أُمَّةٍ على وجه الأرض، وعبر التاريخ، أعَدَّت ما استطاعت من قوَّة أكثر من أُمَّتنا؛ ومع ذلك فإنَّ أحداً من أعداء الله وأعدائنا لم يُرْهب بهذه القوَّة، وكأنَّها ليست لنا، وليست ضدهم، ولو ظهرت على أنَّها في أيدينا!
اطلبوا كل شيء وأي شيء، ولكن لا تطلبوا سلاحا وذخيرة عبر الحدود، فلديكم، والحمد لله، من السلاح أفضله وأمضاه، وهو "سلاح الإيمان"، فلا تهابوا "جيش الدفاع"، وانتظروا طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، ولا تيأسوا إذا رأيتموهم يهدمون "الأقصى" ويبنون "الهيكل الثالث"، فان للبيت ربا يحميه!

اطلبوا دعاءنا؛ ولكن لا تطلبوا سيوفنا، فسيوفنا من خشب ولو كانت أعلى من قاماتنا.. لن نبخل عليكم بمزيد من "اضعف الإيمان"، ولسوف ندعو أئمة الجوامع إلى أن يُكْثِروا، في هذا الوقت العصيب الذي تجتازون، من سؤال الله تعالى أن يهلك دولة اليهود ويمحق نسلهم ويبدد شملهم ويرمِل نساءهم ويجعلهن غنيمة لنا.. ولسوف نستمر في هذا الجهاد شاء من شاء وأبى من أبى؛ ولكن ينبغي لكم ألا تحوِّلوا الجهاد من فرض كفاية إلى فرض عين، فلا يكلّف الله نفسا إلا وسعها!

قلنا لكم: لقد أسمعتم لو ناديتم حيا؛ ولكن لا حياة لمن تنادي، فاذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ها هنا قاعدون!

إنَّا ها هنا نتلو على مسامعكم "سورة العزاء": لقد أبليتم بلاء حسنا .. ونحن لم ندخر جهدا ، ولكن، أين الملايين؟!

نحن يوسف يا أبي..

إنَّهم عشرة ملايين فلسطيني، ثلاثة أرباعهم في "خُلْد المنافي" يعيشون؛ حياتهم
كلها هي انتقال من تهجير إلى تهجير، فمن وطنهم هُجِّروا أوَّلاً، ثمَّ هُجِّروا، بـ "قوَّة الخوف منهم"، من "دنيا حقوق الإنسان"، ومن "دنيا حقوق المواطِن"، فهم بشر لا حقَّ لهم في التمتُّع بـ "حقوق الإنسان"؛ أمَّا "حقهم في العودة" إلى حيث كانوا فتلاشت "واقعيته" بـ "قوة منطق القوة"، وأصبح القول به قولا بـ "الوهم" و"الخرافة"، بحسب "منطق السياسة الواقعية". وقد طُعِنَ هذا "الحق" بـ "خنجر بروتوس" إذ اتَّهموا اللاجئ الفلسطيني بأنَّه شُغِلَ بالخُلْدِ عن وطنه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الطوارئ- هي طريقة في الحكم!
- تفويض مباشر.. ومفاوضات غير مباشرة!
- العابسون أبداً!
- متى يأخذ عمال العالم مصيرهم بأيديهم؟!
- هل التاريخ يعيد نفسه؟
- في عبارة -ذات الحدود المؤقَّتة-!
- ساركوزي في ثياب نابليون!
- في مواجهة -قرار الترحيل-!
- العالم في مسارٍ نووي جديد!
- الدولة العربية ليست فاشلة!
- ما لم يقله فياض!
- مصطلح -الدول الفاشلة-!
- ميلاد فيزياء جديدة.. في -سيرن-!
- عندما يساء فهم -الرأسمال- و-الرأسمالي-!
- قِمَّة -الإسراء- من سرت إلى القدس!
- في عقر دارك يا أوباما!
- أنا المالك الحقيقي لكنيس -الخراب-!
- الذهنية التلمودية.. ليبرمان مثالاً!
- مفاوضات صديقة للاستيطان!
- -أزمة الفهم والتفسير- في عالَم السياسة!


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - نحن يوسف يا أبي..!