أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إسكندر - علمانيون دون أن ندري!!















المزيد.....

علمانيون دون أن ندري!!


أحمد إسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 3004 - 2010 / 5 / 14 - 16:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما تجد نفسك واقع بين متاهات مفهوم غير مفهوم(واضح) ؛فالطبيعي انك لن تتوقف عن السؤال للخروج من هذه المتاهة خصوصا اذا سبب لك هذا المأزق قلقا (وقليلا من يقلق الان) ،لكن ليس من الطبيعي ان الاجابات التي حصلّتها تسقطك في دوامة أكبر ليس لها حدود.
نعم؛ هذا ما سيحدث معك اذا قررت ان تعرف شيئا عن مفهوم العلمانية خاصة لو انك دخلت في غيابات الحوار مع أفراد الشباب المصري والعربي بل والمسلم أجمع المعبأ برؤى خرسانية عن ماهية مفهوم العلمانية.
ان قُدّر لك ان تستمع الى هذه الرؤى حول العلمانية؛ فلا تنزعج اذا قلت لك انك ستصطدم بجدارين فولاذيين من أصحاب المواقف والرؤى حول العلمانية ..إسأل مجرب!
الاول: ستسمع أول كلمة منه "إنها الكفر والالحاد" ومحاربة الله انها بدعة غربية وانها مؤامرة ضد الدين والاسلام و..... .
اما الثاني: فقبل ان تكمل سؤالك عليه فيقاطعك "أين هي" وستفاجأ بديوان من المديح للعلمانية وربما بكاء على غيابها فهي الحرية ،الليبرالية،ونبذ التعصب و.... .
ألم أقل لك لا تنزعج ؟! فصبرا جميل.
دعنا نقول أن كلا أصحاب التيارين السالفين بنى رؤيته وفق التعريف الكلاسيكي للعلمانية وهو فصل الدين عن الدولة .
أصحاب التيار الاول يقررون من هذا المدخل فسق الدولة بل قد يصل الامر الى تكفير الحاكم والدولة؛ أما أصحاب الرؤية الوردية للعلمانية (على حد تعبير الدكتور عبدالوهاب المسيري) يروا في فصل الدين عن الدولة ؛النزعة الليبرالية وحرية العقيدة وحرية الارادة في إتخاذ القرار.
لكننا دوما نسمع ان العلمانية هي فصل الدين عن الدولة سواء من الاعلام، المدرس،أستاذ الجامعة ،فضيلة الشيخ،او من المناقشات الدورية اليومية.
هذا التعريف "فصل الدين عن الدولة" ظهر في أواخر القرن التاسع عشر واصفا حالة الصراع الدموي بين سلطة الكنيسة وسلطة الحكام التي ظهرت في أوروبا خلال فترة الاصلاح الديني في القرن السادس عشر مرورا بحرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت (1618-1648) والتي أسفرت عن توقيع إتفاقية وستفاليا التي أقرت بإبعاد الدين عن الممارسة السياسية وما تلاها من عصر النهضة الاوروبية؛وعليه فان هذا التعريف هو نتاج مرحلة سياسية من الصراع على السلطة.
لم تكن لتلك الاجراءات العلمانية وقتئذ أي مدلول إجتماعي وفلسفي كما الان؛ لكنها-على حد تعبير راشد الغنوشي- كانت حلا إجرائيا يتمثل في تحرير العقول من كل وصاية وإطلاق عنانها بلا حواجز وقيود .ظهرت الفلسفات الاوروبية الحديثة (الحداثة) والتي خرجت من باطن الصراع الديني ورات ان العقل هو المقدس دون سواه الذي يتولى تنظيم الافراد في المجال العام من خلال ادوات الديمقراطية في مقابل حصر سلطان الكنيسة في المسائل الروحية في المجال الخاص للافراد.ثم ما لبث ان تجاوز الحل العلماني هذا المستوى الاجرائي الى مستوى فكري فلسفي نقيض للدين من كل وجه وليس مجرد تخصيص له كما بدأ.وهذا ما أطلق عليه الدكتور المسيري أسم "العلمانية الشاملة" في مقابل العلمانية الجزئية التي هي مجرد فصل الدين عن الدولة.
ومن هنا شهدت العلمانية ثلاث صيغ كما صورها د.معتزبالله عبدالفتاح :-
1-علمانية الحرية ضد الدين التى ترى في الدين افيونا ضارا على الافراد سواء في المجال العام او الخاص كالعلمانية السوفيتية أوالالحادية بوجه عام
2-علمانية الحرية من الدين التى تقر بوجودية الدين في المجال الخاص للافراد دون ان يتعرض للمجال العام كالتي نراها الان في أوروبا بمنع ارتداء النقاب في الاماكن العامة
3-علمانية حرية الدين حيث تحترم الدولة الدين في المجالين العام والخاص للافراد دون الاخذ بالدين في المجال التشريعي او القضائي كالعلمانية الامريكية
غير ان العلمانية اخذت مسارات اخرى غير الدين واتجهت نحو شخص الفرد نفسه ؛وان ما يتشكل على ارض الواقع –كما يرى المسيري- أبعد ما يكون عن فصل الدين عن الدولة بل إن آليات العملية العلمانية تفصل الانسان عن اي دين وعن المقدس وتحويل كل ما في هذ العالم الى مجرد أدوات إستعمالية بما فيها الانسان.
هذه العلمانية الشاملة التى تتحقق في الواقع العياني تعني الانتقال من التمركز حول الانسان الى التمركز حول الطبيعة والمادة فبدل من تاليه الانسان وخضوع البيئة له أصبح الانسان مجرد ترس في الة المجتمع المادية ؛أي نزع القداسة تماما عن الحياة العامة والخاصة للانسان وقد أصاب الدكتور مصطفى محمود في تعبيره عنما قال ان الانسان اصبح يُنظر اليه ببهيمية (كما يعتقد فرويد) واصبح التاريخ يُفسر ببهيمية أيضا (كما يتصور ماركس) ؛حتى أصبحت صيرورة الحياة خاضعة لقوانين العقل والمادة دون اى مستلزمات ميتافزيقية. العلمانية الشاملة بطبيعة الحال لا تؤمن بأية معايير أو مطلقات أو كليات، فهي لا تؤمن إلا بالنسبية المطلقة
العلمانية إذن ليست ظاهرة واضحة المعالم ،ولا فكرة او أيدلوجية صاغتها عقلية فلسفية ؛ولا العلمانية هي مدرسة يمكن صياغة تعاليمها في قضايا محددة ؛بل هي تطور فكري وحركي لفلسفة الحداثة والنهضة الاوروبية التي أعطت الاولوية للعقل مع إسقاط المرجعية الدينية تماما عن الانسان؛ ثم أعطتها للمادة بعد ذلك فيما يعرف بمرحلة ما بعد الحداثة مع نهاية القرن التاسع عشر.
وللتعرف على مدى علمانية اي مجتمع يجب رصد وتتبع أليات العلمنة ومؤشراتها الظاهرة التي تظهر من خلال الدولة المركزية والسوق والاعلام وهي بالطبع مؤشرات مادية أو قد تكون علقية صرف دون اي مرجعيات ينية او اخلاقية بل هي مؤشرات تعمل وفق قوانين المكسب والخسارة.أما اذا تعاملنا معها كفكرة محددة سنتجاهل الكثير من جوانبها وبالتالي نفشل في رصدها.
يقول –المسيري - فالعلمانية ثمرة عمليات كثيرة متداخلة بعضها ظاهر واضح والآخر بنيوي كامن، وتشمل كل جوانب الحياة العامة والخاصة، الظاهرة والباطنة، وقد تتم هذه العمليات من خلال الدولة المركزية، بمؤسساتها الرسمية، أو من خلال قطاع اللذة (السينما-وكالات السياحة، وأشكال الترفيه المختلفة مثل التلفزيون) أو من خلال مؤسساته الخاصة، أو من خلال عشرات المؤسسات الأخرى (ومنها المؤسسات الدينية) أو من خلال أهم المنتجات الحضارية أو أتفهها.
إجمالا ؛ يجب تتبع سلوك مجتمع ما حتى يتبين ما اذا كان علمانيا أم إيمانيا ،وعدم الاخذ بالدساتير والقوانين كمرجع أصيل في تصنيف أي مجتمع ،فالعلمانية ما هي إلا سلوك يظهر من خلال مؤسسات الدولة أو المجتمع إلى ان يضفوا هذا السلوك على المجال الخاص للافراد ؛كذلك قد نجد هذا السلوك العلماني قد تفشى في المؤسسة الدينية أيضا.
نصل هنا الى اهم نقطة وهي؛طالما أن السلوك هو محور القياس ؛فمن الواجب علينا رصد عدد من المؤشرات والظواهر العلمانية في مجتمعنا المصري أو العربي أو المسلم أجمع من الفترض أو- كما يدعي- بأنه مجتمعا إيمانيا:-
-إن بنية العلاقة بين الدولة والمجتمع في مصر، مع تعميم مقبول علي معظم المجتمعات العربية، تقوم علي منطق «مستبد...لكن» والمقصود بهذه العبارة أن السلطة الحاكمة في مصر طوال تاريخها، مع استثناءات قليلة مثل فترة ما بين ثورتي 1919 و1952، كانت تخلق شرعية وجودها ليس علي أساس شرعية الانتخاب وإنما علي أساس شرعية الضرورة. فالحاكم مستبد، نعم، لكنه بطل الثورة، و/أو بطل الاستقلال و/أو بطل القومية العربية و/أو نصير الفقراء و/أو بطل الحرب والسلام وكلها كما يبدو حجج «علمانية» لا يتدخل فيها الدين.
-إن الرداء الذي كان يُوظَّف في الماضي لستر عورة الإنسان ولوقايته من الحر والبرد، وربما للتعبير عن الهوية، قد وُظِّف في حالة التِّيشيرت بحيث أصبح الإنسان مساحة لا خصوصية لها غير متجاوزة لعالم الحواس والطبيعة المادة.ثم تُوظف هذه المساحة في خدمة شركة الكوكاكولا (على سبيل المثال) وهي عملية توظيف تُفقد المرء هويته وتحيّده بحيث يصبح منتجاً بائعاً (الصدر كمساحة) ومستهلكاً للكوكاكولا أي أن التِّيشيرت أصبح آلية كامنة من آليات العلمنة إذا حولت الإنسان إلى مادة استعمالية، ومع هذا لا يمكن القول إن الكثيرين يدركون ذلك
-العلاقات الاجتماعية التي تنشىء في الغرب يغلب عليها طابع "ذوق الجمال" أكثر من المبدأ الاخلاقي(فالقوة والثروة من عناصر الجمال أيضا) وهذا الطابع هو الذي يحدد إتجاه الحضارة ؛وعليه يمكن رصد نوعين من المجتمعات _كما حددها د.مالك بن نبي_مجتمع أخلاقي ومجتمع جمالي ؛من هنا يمكن رصد مؤشر علماني واضح في مجمعاتنا ؛إن تطور الملابس في المجتمع الغربي قد إانطلق من نقطة معينة وهي إبراز جمال المرأة ؛أما في في الجتمع الاسلامي فالتطور يخضع لمبدأ سد العورات والستر (لكننا لا ننفي غياب عنصر الجمال من المجتمع الاسلامي ولكن له مكان آخر) .حاليا إتخذ زي المرأة المسلمة وخاصة الفتاة مبدأ جمالي أكثر من كونه أخلاقي أسوة بالغرب وبالموضة الحديثة؛وكذلك الشباب ايضا في طريقة ملبسه واكله (التيكاواي) وحركاته حتى في فنونه.
-الفرد في المجتمعات العربية والاسلامية أصبح يتجاذبه أسلوب التملك من أجل الوجود اي التملك المادي والقوة
وهو نمط سلوكي علماني محض ؛وقد إختار طريقه في الاجابة على سؤال الوجود ؛نمتلك او نكون؟ كما رصدها أريك فروم في أطروحته عن ماهية الوجود الانساني؛لقد اختارنا الطريق الاسهل وهو أسلوب التملك لكنه أسلوب يدفع العالم والانسانية كلها على حافة الهاوية ؛وتناسى الفرد المسلم القيم الخلقية والوازع الديني والروحاني التي هي من اسمى مكونات الوجود ان لم نقل انها هى الوجود كله، ووضع كينونته في بوتقة المادة قاضيا على إنسانيته.
من خلال الحيثيات العديدة التى نتلمسها في الاشارة على الظواهر العلمانية يمكنك انت القاريء رصد العديد من الظواهر والسلوكيات العلمانية في مجتمعاتنا ،ومن خلال إسقاطاتك ستحصر ظواهر علمانية عديدة.

ألسنا علمانيون دون أن ندري؟!

أخيرا؛لقد تعاملنا مع ظاهرة العلمانية من منطلق رؤية واحدة وللاسف رؤية شوفينية حادة ؛فنحن مازلنا ننظر للعلمانية إما بإعجاب مفرط أو بإستهجان حاد ؛هناك من قال ان العلمانية هي الحرية والليبرالية وان التقدم منوط بها لا محال غافلا عن الطابع المادي الحاد للعلمانية الذي يسلب الإنسان كينونته وإنسانيته ،وهناك من نظر للعلمانية باعتبارها بدعة ومؤامرة غربية تاركا الجوانب الايجابية من الظاهرة المتمثلة في فصل الدين عن السلطة وهي التي أطلق عليها المسيري "العلمانية الجزئية" أو العلمانية المؤمنة كما سمتها الدكتورة ريتا فرج ؛أي التي تفصل الدين عن الدولة (اي السلطة) ولا تفصل الدين عن المجتمع أو الفرد.


هوامش:-
1-بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة؛د.عبدالوهاب المسيري؛الجزيرة نت
2-الاسلام والعلمانية ؛راشد الغنوشي؛الجزيرة نت
3-ما بعد الحداثة وموت الانسان ؛الطيب بوعزة ؛الجزيرة نت
4-لا للعلمانية نعم لليبرالية؛ د. ﻣﻌﺘﺰ ﺑﺎﷲ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح؛وجهات نظر ؛يونيو 2007
5-شروط النهضة؛مالك بن نبي؛دار الفكر للطباعة والنشر ؛دمشق؛1986
6-الانسان بين الجوهر والمظهر؛أريك فروم؛عالم الفكر ؛أغسطس1989؛الكويت



#أحمد_إسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك أن تتصور رمزية هذا الجدار!


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إسكندر - علمانيون دون أن ندري!!