أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هاشم البطاط - العربية سبعة وعشون حرفا















المزيد.....

العربية سبعة وعشون حرفا


محمد هاشم البطاط

الحوار المتمدن-العدد: 3004 - 2010 / 5 / 14 - 11:42
المحور: الادب والفن
    



ما ظلم علي حد علمي أحد في اللغات كظلم العربية للهمزة، علي الرغم من وفرة استخدامها في النطق فلا تعرّف الأسماء الا بها وبشقيقها اللام، وهي أول ما ينطق به بنو البشر، ومن أراد نطق حرف بصوته فيبدأ بها او ينتهي، ولا تخلو مائدة النحاة منها فهي وصل تارة وأخري قطع وحينا استفهام، وفضلها اكثر من ان يعدّ. ومع كل ذلك لاتجد لها مكانا بين اخوتها من حروف العربية فأبي أئمة اللغة الا ركلها خارجا، فابتدؤا بالألف وانتهوا بالياء!
وبالمقابل هناك حرف دخل عنوة في(بيت الحروف) رغم ندرة استعماله في الكتابة والنطق علي السواء ولما لم يجدوا له اسما نعتوه او نعتوها بأخت الطاء وعندما تسأل عن المعيار في جعله بديلا عن أخت الصاد يقولون هو سماعي، شاذ، لا قاعدة له، ارجعوا الي المعاجم تجدوه، أي هو حرف (تاريخي) موجود فقط في بطون الكتب، حاله حال الموميائات و(الانتيكات) في المتاحف. وربما يحلو للبعض ان يتهمني باني سأضرب العرب في الصميم عندما اشكك في إحدي نفائسهم ومفاخرهم الا وهي اللغة، التي بها يفخرون او بمعني أدق بحرف واحد او حرفين فنسبوا إليهما وسموا بأهل الضاد، ولم يقولوا أهل الظاء!
وإني لأعجب من الشاعر حين قال :وآني لآت بما لم تستطعه الأوائل، فأفحمه صبي حين طالبه بان يزيد في العربية حرفا! وعجبي من حيرة الشاعر لا من ذكاء الصبي، فلو كنت مكانه لقلت ان الزيادة كالنقصان فلا أزيدها حرفا بل انقص منها حرفا!
فاللغة لسان وليست كتابة (ولقد انزلناه بلسان عربي مبين) وما الكتابة الا دلالة علي المنطوق فلا يمكن ان نكتب ما لا ينطق لذلك اختلفت صورة الحروف من لغة الي اخري بل داخل اللغة الواحدة حتي اتخذ الحرف شكلا معينا يختلف قليلا او كثيرا عن سواه لدرجة ان الحرف مر باشكال شتي قبل ان يصل الي صورته الحالية . ولكن علي أية حال يبقي صوت واحد للحرف وان تعدد شكله وقد يأتي للشكل الواحد اكثر من صوت كالألف والهمزة ويختلف في الشكل قليلا حسب موضع الحرف من الكلمة، وهي طريقة تتسم بالتعقيد نسبيا لكن فيها جمالية تنسيك تعقيدها .
الا ان هناك حرف واحد له شكلين مختلفين، ويدعي أرباب اللغة ومن يقدس أقوالهم يدعي هؤلاء ان هذا الحرف هو حرفان شكلا وصوتا، اعني به حرف الضاد او الظاء. وأنا اطلب ممن يقرأ هذا المقال ان يجري تجربة بسيطة وهي كالتالي: يطلب من أصحاب النطق السليم (ان لم يكن منهم طبعا) ان يقرؤأ عندي بيض دجاج وبيظ نمل شرط ان يخفوا الدجاج والنمل!وبعدها يطلبوا من الحاضرين ان يخبروهم أيهما جاء أولا بيض الدجاج ام بيظ النمل؟ والنتيجة لا تحتاج الي فراسة كبيرة في معرفتها ببساطة سينقسم الحضور الي فريقين أحدهم يقول ان الأول للدجاج والآخر العكس أي أصبحت (حزورة) بل حتي الكاتب نفسه يكاد لا يميز بين الحرفين في حالتي النطق والاستماع!
والحقيقة ان التمييز بينهما لا يلقاه الا من أوتي من(رهافة السمع) حظاً او(حضأ)عظيما. وقد اتهم مجددا باني افتقر الي الكثير من الإلمام بلغة الضاد وهذا شئ صحيح، فعلوم العربية كالنحو والصرف وغيرها أعجزت أئمة اللغة ولم يبلغوها حتي قال أحدهم انه قضي شطرا من عمره او ربما كل عمره في(حتي) وسيموت وفي نفسه شئ من (حتي)!!!
والشيء باشئ يذكر أجابني أحد مدرسي العربية عندما سألته عن الفرق بين الضاد والظاء فقال ان العربية فيها الكثير من المفردات المتشابهة في الرسم المختلفة في المعني مثل : الضلال ضد الهدوء الظلال الفيء، وظل بمعني بقي او دام وضل بمعني لا يهتدي، وضفر أي فتل وظفر بمعني فاز، وظن بمعني الاعتقاد مع احتمال النقيض وضن أي بخل، وظهر كل شئ الا الجبل فان ظهره بالظاء!، وبيض للطيور وغيرها باستثناء النمل فهو بيظ. . . . وهكذا. . . فعليه وجب تغيير الشكل ليتضح المعني، كما ان هناك فرقا في مخرج الحرفين فأحدهما يطبق اللسان بسقف الحلق والآخر بأعلي الأسنان السفلي. فقلت له يا سيدي ان كان كما تقول فما رأيك في العلم أي المعرفة، والعلم (الراية)، وشهد أي حضر او رأي وشهد (العسل)، وذهب (راح) وذهب أي معدن، ؟قال : الفرق في تشكيل الحركات
فقلت: ان لم يوجد تشكيل قال فسياق الكلام يوضح المعني فقلت: وفي مخارج حرف اللام حين تفخم وحين ترقق لماذا لا يختلف رسمها قال سياق النطق يستلزم التفخيم والترقيق. . . الخ
فقلت يا سيدي لماذا لا نضع الضاد والظاء موضع ما سبق وكان الله يحب المحسنين! فان لم نفهم بالشكل فهمنا بالمعني أما قضية مخارج الحروف فأنا واكثر العرب لا يفرقون بين الحرفين ولا قيمة للغة لا تتداول!فعلم العربية ما شاء الله تبارك الرحمن في غني عن هذه المعمعة، ففيه منها الكثير. أليس في ذلك مدعاة لتبجح وتنطع البعض ممن يعشق قول ضليع او( ظليع )فيه فيضفي عليها ما شاء من الأسرار التي لا يعرفها الا هو فيزيد في الإرباك إرباكا والطين بلة، واغلب الظن ان ما ادخل الظاء الي صفوف الحروف هو أمرين أحدهما : هؤلاء المتنطعين ومدعي المعرفة فكما لا يخفي ان في بناء أية حضارة يبرز دور العلماء والمفكرين وتنهال عليهم المنح والعطايا وجوائز التكريم فتسمح بذلك لحشر البعض من المتطفلين بينهم وبما انهم لا يعرفون الكثير فأوجدوا لأنفسهم حقولا من المعارف لا أساس لها أصلا وقدموها علي إنها من جليل العلوم التي لا تدرك . ومن يقرأ التاريخ يجد من قبيل هذا العجب العجاب! فتراهم أما اشتغلوا بعلم الجن والأرواح او الفلسفة او اللغة وأي من هذه العلوم لا يسمن ولا يغني من جوع، إضافة لكون معلوماته تفتقر الي الأدلة الملموسة-أي يصعب برهانها- فمصاديقها أما قال الراوي او قال الإعرابي او كلام في كلام لا يعرف أساسه من أعلاه. وما يشبه هذا المعني ما قال صديق لي وهو ضابط في البحرية (عميد بحري) قضي سنين من عمره في إيطاليا قال ان الطليان (نسبة الي إيطاليا وليس للخراف) يقولون نحن مثلكم معاشر العرب الا تري الفرق بين الواقع الإيطالي والواقع الألماني مثلا! السبب في هذا الفرق انهم (أي الألمان) اشتغلوا بالصناعة والأبحاث العلمية ونحن شغلنا أنفسنا بالرسم والموسيقي أي الفنون فكانت النتيجة ما تري! وهذا الاستنتاج قد يحل الأحجية وبعض طلاسم التخلف الذي اشتهر به العرب فعندما كانوا يتكلمون فقط ويسرحون ويمرحون في ميادين الشعر لقبوا بالجاهلية وعندما اهتموا بالأخلاق والعدل والعلوم بنوا حضارة والملفت في نوع المعارف لدينا فحتي وقت قريب خصوصا في الأرياف تجد الحضور يتلهفون لسماع بطولات وخوارق من أحد يدعي انه قال كيت وكيت ويزعم ان فلانا (رحمه الله) له صولات وجولات مع (الطنطل) والمصيبة ان الشهود دائما أموات!!كذلك الحال مع أسلافنا فيغدق الأمراء والولاة علي الألسن والألسن فقط فثلاثة أرباع الهدايا منحت للشعراء والقصاصين أي ثلثي المنافع الاجتماعية-بمفهومنا الحالي- تذهب لعدد محدود من الشعراء وإضرابهم والبقية العارمة من الرعية يعانون شظف العيش وسوء الطالع.
رأي النبي محمد(ص) أناسا مجتمعين حول رجل فسألهم عنه فقالوا انه علامة فقال بماذا؟ فأجابوه: بعلم الأنساب عندها قال الرسول الكريم(ص) هذا علم لا ينفع من تعلمه ولا يضر من جهله، خير العلوم ما نفع الناس. فنقرأ في كتب التاريخ ان يتخاصم الخصمان وهما من أساطين اللغة فيؤتي بأعرابي من البادية فيكون قوله فيصلا بينهما! وأي قيمة لعلم ينسفه أعرابي لا يقرأ او يكتب!وأيضا نقرأ ان أحدا قام بمصائب وجرائم(ضد الإنسانية) تنجيه من العقاب كلمة استحسنها جناب الحاكم او بيت من الشعر! وغير هذا الكثير ما يجعلنا نعيد النظر الف مرة في ما نسميه جزافا بالعلوم. فعندما امتد جناحا العرب يوما ما شرقا وغربا وفتحت أبواب العلوم علي مصاريعها وصار العالم يشار إليه بالبنان ويبالغ في تكريمه فكان ولا بد للذين لم يكن لديهم حظ او(حض)وافر من العلم بل لهم الوفير من الطموح ان شرعوا في تفسير المفسر وتبسيط البسيط والدخول في شعوب شتي واختلاق الأسرار فيعجز الكل عن فهمها لينبري هؤلاء بحلها وبالتالي يشار إليهم بالبنان ويصفق لهم القاص والداني كالساحر يوهم الناس بأشياء فيصفقون علي إيهامهم.
فكان لابد من وجود جديد أي جديد تستوجبه الحضارة فأوجدوا في العربية كباقي العلوم وأضيف حرف حشر حشرا وسط اخوته وان كان لقيطا. والسبب الثاني هم أصحاب (حساب الجمل) فأبوا الا ان يتمموا النصاب فانفجرت كنانتهم عن الحرف التاسع والعشرين فاكملوا به الألف. وإلا ما الداعي الي هذه المعمعة ونحن تعلمنا ثماني وعشرين او- سبع وعشرين- حرفا بنينا بها جميع المفردات، وبالمناسبة فان حرف الظاء هو الحرف الوحيد الذي لا يمكننا خلق مفردة جديدة منه لأنه وببساطة حرف ميت كباقي اللغات الميتة وعلامة موته جموده وعدم تخطيه التاريخ والمفردات التي تحتويه هي هي لا تزيد ولا تنقص



#محمد_هاشم_البطاط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصوص المطلقة
- الديمقراطية بين المناخ سياسي والحاضنة الشعبية
- صراع القوى بين سلطة العشيرة وسلطة الدولة
- هل كنا مخطئين


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد هاشم البطاط - العربية سبعة وعشون حرفا