أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لا حضارة من غير بشر حضاريين














المزيد.....

لا حضارة من غير بشر حضاريين


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3003 - 2010 / 5 / 13 - 10:20
المحور: كتابات ساخرة
    


ما زال الدخول إلى أي مطعم أو مقهى أو مكان عام، في مدينة اللاذقية، بمثابة كابوس ومغامرة ثقيلة لكل مواطن سوري، بسبب روائح التدخين والروائح الأخرى العفنة لما يسمى مطاعم التي تنفث دخان "الشواء" وتضع "المناقل" في الشارع العام، حيث دخانها يملأ أرجاء المكان، وخاصة للعائلات والأطفال، وبسبب "همجية" المدخنين، الذين لا يراعون حرمة لأي ضيف في المكان، ويستمرون في نفث سمومهم في وجه كل من يحل بمطعم أو مكان عام. وقد استبشر كثير من السوريين خيراً بصدور المرسوم رقم 62 القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة نظراً لما سيحققه هذا المرسوم من نقلة حضارية ونوعية في سلوك المدخنين تجاه الآخر ويظهر البلد ومطاعمه ومنشآته ومرافقه بمظهر حضاري. وهذا القرار الحضاري معمول به في معظم الدول والمدن الأوروبية، وفي بريطانيا يتم منع حضانة أي طفل لأبوين مدخنين إذا ما دخنوا بوجوده، نظراً لما لهذا التدخين من أثر سام وخطير على صحة الأبناء وخاصة الصغار منهم.

وقد سرى تطبيق هذا المرسوم اعتباراً من 21 نيسان/ أبريل الماضي، في كافة المدن السورية. غير أن جولة سريعة وفاحصة على بعض المقاهي والمطاعم في مدينة اللاذقية، بينت نسبة من عدم الالتزام الحقيقي بهذا المرسوم الحضاري. وحين سألت أحد أصحاب المقاهي الذي كان جالساً بجوار ضيف لديه وينفث دخان النرجيلة السام في وجهي ، ووجه بعض الحاضرين في المقهى، وكأنه في عرس قومي ووطني، وبدبلوماسية، عن سبب عدم التزامه بالمرسوم، فأجاب بأنه حصل على ترخيص بذلك، فاستغربت للإجابة وسكت. وبالأمس عدت أدراجي للبنك العقاري، إياه، الذي "سلبني"، وعائلتي وأطفالي الصغار، آخر قرش كان في جيبي، وبدل أن يقرضني هو، كان المهندس "المثقف" الفهمان، ينفث دخان سيجارته في الأعالي، مع فنجان قهوة أمام جميع المراجعين وكأن شيئاً لم يكن، وكأنه لا يعيش تحت ظل القانون السوري، في استهتار واضح،ولكن حين يتعلق الأمر بمعاملة بسيطة تنهي معاناة وتساعد المواطن الفقير والمسكين تراه أصبح، ويا عيني عليه، "نمراً" قانونياً حريصاً على تطبيق القانون وتعقيد المواطن المعثر البسيط، فيما كان مديره الهمام عابس الوجه و"عاقد الحاجبين على الجبين اللجين" مقطب المحيا، لاهياً وساهياً، عن تطبيق هذا المرسوم. حصل هذا في دائرة حكومية وليس في مقهى شعبي من إياهم.

ولا أدري كيف يتم خرق مرسوم تشريعي بهذه الجرأة والعلانية، وعدم الالتزام بتطبيقه هكذا، وعلى عينك يا "محافظ"، وسلطات تنفيذية أخرى، وأين هي سلطات المحافظة، التي لا تتواني عن "تطبيق" القانون بحذافيره، حين يتعلق الأمر بسحب آخر قرش من جيب أي مواطن معثر ومسكين؟ ولماذا هي نائمة عن هذا الخرق الفاضح للقانون وهي المؤتمنة عليه واعتباره "مصدر ترزق" وتكسب جديد للجان وللمكلفين بتطبيق هذا القانون من خلال "غض الطرف" عن تطبيقه والتجاوزات مقابل "المعلوم" والسمسرة المعروفة، وتجاوز القانون العلني كما هو معمول به في مجال البناء، رغم وجود قانون هام وعصري أيضاً بقمع المخالفات إلا أنني أرى أمام عيني يومياً مخالفة تنتصب وسطواً على أسطح مباني، ويبدو أن المحافظ هو محافظ لمدينة كوالامبور، ومجالات أخرى عدة، حيث يتم خرق القانون على عينك يا "محافظ" وسلطات أخرى من دون أن يكلف أحد نفسه عناء تطبيق هذا القانون الحضاري الذي يعتبر فريداً ورائداً في المنطقة.

هذا الأمر يطرح تساؤلات هامة على صعيد مدى تقبلنا وتكيفنا مع القيم الحضارية السائدة عند العالم المتحضر والقوانين الحضارية والعصرية التي استنها ووصل لها بني البشر وكأنها لا تعنينا بشيء. وهل لدينا فعلاً الإنسان الحضاري القابل على التعايش مع القيم الحضارية تطبيقها والالتزام بالسلوك الحضاري الذي يعني بالمطلق احترام الآخر وعدم المساس به وإزعاجه والتسبب بأي أذى له. حين نصل لهذه المرحلة من التفكير بالآخر باعتباره قيمة مقدسة لا يجوز المساس بها، أعتقد أنه لن يكون ثمة داع للتغيير. إذ لا يكفي "التنظير" البلشفي العقيم للتغيير، ما لم يكن لدينا بالفعل إنسان حضاري يواكب قيم التغيير المطلوب.

لا يكفي أن يكون لدينا قوانين وتشريعات حضارية فقط، ولا يكفي أن نصدرها، والقوانين والتشريعات الحضارية ومع احترامنا الشديد لها ولكل من ساهم بإصدارها ولكل نية صادقة وطيبة، لا تعني شيئاً إذا لم نعد أنفسنا مسبقاً كي نكون شعوياً متحضرة، بل إن طرف المعادلة الآخر، وهو من سيلتزم بهذه القوانين، ومن سيقوم على تنفيذها، هو الأهم، إذ يجب أن يكون أكثر حضارة وتفهماً وعصرية من القوانين ذاتها. وبكل أسف فإن هذا الطرف الآخر ما يزال بعيداً عن الالتزام الطوعي بالقوانين وحتى مجرد تقبلها أو فهم المغزى والجدوى والمراد منها. وها هي السجائر والنرجيلات تنفث دخانها بكل فخر واعتزاز في مقاهي ومطاعم مدينة اللاذقية، وعلى عينك يا "محافظ" الذي لا أدري أين هم موظفوه من هذا الخرق الفاضح لمرسوم تشريعي عصري وراقي، حاول أن يضع حداً لاعتداء المدخنين على صحة وراحة غير المدخنين في الأماكن العامة.

ألا من سبيل كي نكون متحضرين ونحترم القوانين؟ وألا من سبيل بالنسبة للمسؤولين والمؤتمنين على القانون لتطبيقه بحذافيره ودونما إبطاء أم أن اقوانين العصرية والحضرية لا تعني لهم شيئاً، وتراهم ملتزمين بتطبيق القوانين العصملية والقراقوشية البدائية على المواطن المسكين؟ هل من مجيب؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلاق الصغيرات
- هزيمة النقاب ومشروع بدونة أوروبا
- لول: وأعداء الضحك والابتسام
- أجب عن الأسئلة التالية: امتحان كتابي لإرهابي
- الله يستر: مقال يزلزل كيان أكاديمي عروبي
- زلزال الكلمة الحرة يصيب أكاديمياً سورياً !!!!
- أيهما أفضل استعمار البدو أم استعمار الرومان؟
- العربان وهمروجة حزام الأمان
- رحلة مع فكر الظلام وأهله
- هل العالم بحاجة اليوم للحضارة العربية؟ إشكالية العقل والعقال
- لماذا يحتقر البدوي المهن الإنسانية النبيلة؟
- الخطاب البدوي العنصري
- من المئذنة إلى شاشة التلفاز
- لماذا لم يعتذر المؤذن السابق من السوريين؟
- مليونيرات الحوار المتمدن
- هل يحرر حزب الله المقدسات الإسلامية؟
- شيوخ التكفير والإرهاب على القوائم السوداء
- وصفة حزب الله
- منطق العصور الحجرية
- السيد المدير العام لجرّات الغاز المحترم


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لا حضارة من غير بشر حضاريين