لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 3003 - 2010 / 5 / 13 - 03:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس ثمة من يستطيع القول ان الحرب العالمية الثانية وقعت عام (( 2000 )) م , وليس بمقدور احد ان ينسب ما اكتشفه اديسون الى بردناتشو , ولا احد بامكانه ان يزعم ان صدام حسين قتل ضربا بالعصي على رأسه حتى الموت , ذلك ان الالاف بل الملايين شاهدت عملية اعدامه على شاشات التلفاز , وبامكان المرء ان يسرد الكثير من هذه الوقائع والاشارة اليها وفقا لتواريخها او كيفية حدوثها وخلاف ذلك فسرعان ما يهب الاخرون لتصحيح اية معلومة قد ترد خطأ عند كاتب او مدون او ناقل حديث او الواقعة ... فالاحداث المهمة مثبتة وليس بمقدور احد ان يجرؤ التلاعب فيها ...
جاء الاسلام بعد حوالي ستمائة عام من مقتل او وفاة عيسى بن مريم , وقد انصف الاسلام الديانة المسيحسة وكذلك اليهودية بالاعتراف بهما , باعتبارها ديانتين منزلتين من عند الرب , وان اتباعهما هم من اهل الكتاب ... وجغرافيا , كان المسلمون ومن قبلهم اعراب الجاهلية قريبين من اليهود , الامر الذي هيأ لهم الاطلاع على كل ما ورد في التوراة وعلى عاداتهم وتقاليدهم , فالجزيرة العربية كانت موطنا للعديد منهم لذلك نرى كثرة الحروب التي نشبت بينهم والمسلمين والتي كانت تنتهي بسبي نساء اليهود وسلب ممتلكاتهم وقتل اعداد غير قليلة منهم , خلافا للمسيحيين الذين لم يكن لهم وجودا واسعا في الجزيرة .
لقداكد الدين الاسلامي ان الديانات الثلاث منزلة كتبها من ربنا على موسى وعيسى ومحمد , مما يتيح لاي متحدث او كاتب ... ان يصرخ باعلى صوته , ان ما ورد في التوراة والانجيل والقرأن هو كلام الله , ولا يحق لنا ولا لغيرنا ان يحرف او ينقل نصا او حدثا خلافا لما ورد في النص لاي منها , وهنا لابد ان اشير الى اني لا ازعم ولا ادعي ان التحريف لم يقع الا ان لكل حادث حديث , وان المهتمين بالامر لم يغفلوا ذلك وكانوا بالمرصاد الى كل من كان وما زال يسعى الى تشويه او الاساءة الى التعاليم والقيم السمحاء التي جائت بها الديانات .
غير ان المشكلة لاتكمن عند هذا النفر او ذاك بل فيما ورد من عدم تطابق في العديد من النصوص في تلك الكتب , واني لاحسبها ثغرة بل هوة واسعة تحتاج الى وقفة تأمل وسعي حثيث وباخلاص لوضع النقاط فوق الحروف ومعالجة الامر بشكل موضوعي , علمي لا عاطفي , غيبي .
ليس مستغربا ان تحوي الكتب الثلاث ذات التعاليم والنصح والتهديد والوعيد , ايضا احتوت كثير من الحوادث ذات مضامين مشابهة واحيانا مختلفة شيئ ما او لنقل قليلا او نسبيا تتطلبتها ظروف الحياة والتغييرات الكبيرة التي طرأت عليها خلال الفترة مابين ديانة واخرى , الا انها تتفق في الجوهر , وهذا لعمري امر طبيعي اراد ربنا ان يفهم عباده من خلاله امرا الا وهو ان اليوم هو غير الامس وان الحياة لايمكن ان تكون على ذات الخط الى ما لا نهاية , غير انه يجدر بي ان اضيف الى ان ما اشرت له من تلك الاحداث لم تكن جوهرية او اساسية بل تحتمل ذلك , خلافا لغيرها ممن يفترض بها ان تحافظ على وقائعها كما سردت اول مرة , فليس لاحد ان يقول ان نوحا وقومه استقلوا طائرة او منطادا , لا , انها كانت سفينة , وهي سفينة نوح الشهيرة .
هنا اعتقد اصبحت قريبا مما اردت الاشارة اليه , الا وهو ان ثمة مسألتين من بين العديد غيرها , اعتبرهما مهمتين , اختلف في سردها القرأن عن الانجيل ... الاولى ان الانجيل يشير الى ان يسوع كان ابن الرب , بل هو الرب , وهذا معتقد ثابت لدى جميع المسيحيين ولن يجادلوا فيه , ولن يرضوا ان يسمعوا خلافه , غير ان القرأن يشير الى ان عيسى بن مريم لم يكن ابننا لله , فهو لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد , ومن يقول غير ذلك فهو يفتري على الله , ويصفه القرأن بانه نبي مرسل حاله حال بقية الانبياء والرسل الاخرين , باستثناء طريقة ولادته التي كانت سابقة لم ولن يشهد التاريخ مثيلا لها منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا باستثناء عملية خلق ادم وحواء ...هنا اقف حائرا , وربما كثيرين غيري , امام سبب الاختلاف بين الروايتين وهما نقلتا عن الرب , ولن اريد ان اطيل اكثر .
المسألة الثانية ... يشير الانجيل الى ان المسيح صلب , وبعد الوفاة اخذ فدفن , وفي صبيحة اليوم الثاني وعندما ذهبن النسوة من اهله وقريباته لزيارة القبر فوجؤا بخلو القبر من صاحبه باستثناء كفنه , وعبثا حاولن ان يجدن له اثرا , وفي خضم دهشتهن تلك يظهر لهن يسوع كملاك بملابسه الناصعة البياض ليخبرهم انه كان عند ابيه الرب وسيبقى هناك , وقد تكررت هذه الحادثة بعد ان هرولن النساء ليخبرن الرجال بما شاهدن , وهنا يظهر المسيح ثانية ليتحدث عما جرى له ولماذا وكيف يجب ان يكون الحال مستقبلا ... وهذه الرواية متفق عليها في اناجيل متى , يوحنا , لوقا ومرقص ... الا ان القرأن جاء برواية تختلف تماما عن ذلك , اذ يشير الى ان المسيح لم يصلب ولم يدفن ... بل شبه له ... وان من صلب كان شخصا اخر شبيها لعيسى , ارسله الرب ليخلص المسيح , كما خلص قبله اسماعيل من الذبح عندما ارسل كبشا الى ابيه الذي كان يهم بذبحه نزولا عند رغبة الرب , الا ان الله فداه في اللحظات الاخيرة بهذا الكبش ... عموما فرواية الشبيه لا علاقة لها بتاتا برواية الانجيل وكأن المرء يقرأ روايتين مختلفتين ولشخصين لا شخص واحد ... كيف ذلك والرب سارد الرواية وكيف صارت روايتين ولحدث ثابت ومؤرخ وامام شهود كثر ... انها حقا لمسألة شائكة , انا شخصيا اعتقد بأن ما جاء في الانجيل اقرب الى الواقع , ذلك ان عملية الاعتقال والتعذيب التي تعرض لها الرجل , ومن ثم صلبه جرت امام اعين اناس كثيرين , شهدوا الجريمة , اضافة الى ان الانجيل كتبت بعد فترة غير بعيدة عن الحدث , وكتابه نقلوا الواقعة عن قرب , سواء بالنسبة للزمان او المكان ... ((ربما تكون معلوماتي غير دقيقة ))
حاشى لله ان نقول انه اخطأ او سهى , وهو الذي لا تغمض له جفن وعين وهو العليم بكل شيء , هنا تبرز امامنا مسألة مهمة اذا اردنا ان نغور اكثر في اعماق هذه المعضلة ... الا وهي ان الانجيل والقرأن كتبا بعد وفاة عيسى ومحمد , اذن فثمة احتمال ان يكون الرجال الذين كتبوا الانجيل غير امينين , وانا استبعد ذلك , كونهم كانوا قريبين من عيسى بن مريم ومن الحدث ذاته , او ان الرجال الستة الذي جاء بهم عمر بن الخطاب لكتابة القرأن , لم يلتزموا بالنصوص بشكل دقيق , وهذا الامر مستبعد ايضا , ذلك ان القرأن وعن لسان الرب يقول (( انا انزلنا الذكر وانا له لحافظون )) .
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟