أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - تساؤلات على هامش واقع لا يرتفع














المزيد.....

تساؤلات على هامش واقع لا يرتفع


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 15:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هو الانطباع الذي يمكن أن يوجد عند المسؤولين المغاربة الذين تعاقبوا على تدبير شؤون البلاد، منذ الاستقلال إلى الآن، حينما يتأملون الحالة التي انتهت إليها وانتهى إليها المواطن بفعل "سياساتهم"، إن كان لهم وقتئذ، أو إن كان لهم حتى في وقتنا الحاضر، شيء يمكن أن نطلق عليه تجاوزا اسم سياسة، دون أن نضعها بين قوسين؟.
وما هو الإحساس الذي يحسونه وهم يتأملون مثلا عدد المهاجرين المقيمين بأوربا وأمريكا وكندا والدول العربية في الخليج؟. وكيف ينظرون لهذا الهروب العظيم وهذا الشتات من الناس، ممن أرغموا قسرا على الهجرة والاغتراب والفرار، وكأنهم مطرودون من جحيم حرب أهلية أو جائحة وباء، في سبيل كسرة خبز بسيطة وبحثا عن أسباب أولية للحياة لم تتوفر لهم في وطنهم الأم؟.
ألا يعتبرون أنفسهم مسؤولين مسؤولية مباشرة عما عاناه ويعانيه هؤلاء هنا أو هنالك في كل بقعة من بقاع العالم وأوطانه؟.
ثم ماذا يمكن أن يكون التفسير الذي قد يعطيه، مثلا، وزراء السكنى الذين أنيطت بهم مهمة تدبير هذا القطاع في المغرب، للوضع المزري الذي آلت إليه المدن والقرى الكبيرة والصغيرة؟..
هل يتفقون بأجمعهم على النظر بعين الرضى لهذه العلب الكبريتية المتراكمة التي يسمونها مدنا، وهذه الشوارع المحتقنة كأوردة دموية مصابة بالدوالي؟.. هل يوجد بين هؤلاء المسؤولين من أنبه ضميره، ذات صحو عابر، عن خيانته لأمانة الوطن ومشاركته في المصير الجحيمي الذي يعيشه سكان الدواوير ومدن الصفيح وأحزمة الفقر حول المدن؟.
هل فيهم من يعترف بينه وبين نفسه، صدقا، بأي نوع من التقصير أو الفشل؟. وهل يربطون بين عجزهم وفسادهم وقصور نظرتهم، واستفحال الظاهرة عبر السنين؟. وهل يعتبرون أنفسهم مسؤولين بشكل أو بآخر على تقهقر المواطن المغربي الذي يعيش حاليا في عالم الألفية الثالثة بعد الميلاد فيما يجد نفسه مضطرا إلى تدبير حياة الجحور والمغاور؟.
كيف يفهم وزراء التربية والتعليم الذين مروا من مناصب المسؤولية درجة التردي الشنيع الذي آلت إليه السياسة التعليمية بعد نصف قرن من الاستقلال؟.. كيف يقرؤون الأرقام المهولة والإحصاءات المحبطة لآفة الأمية؟.. وكيف يبررون انحدار التعليم إلى مجرد مفرخة عبثية للبؤس والبطالة والضياع؟..
كيف ينظر وزراء الداخلية، على قلتهم يا حسرة، ممن ساسوا البلد أمنيا إلى المآل الذي انتهت إليه سياستهم من تدهور أمني خطير وتفشي للجريمة وانتشار للعصابات المنظمة وتجار المخدرات؟..
ثم، كيف يا ترى انتهت أرض البنائين العظام الذين شيدوا المدن والقصور والصوامع الشامخة التي لا زالت تشهد على عبقريتهم وعظمتهم المتفردة في كل أرجاء المغرب وربوع الأندلس، إلى السقوط في يد هدامين لا يتقنون بناء مرحاض على قارعة الطريق فأحرى بهم أن يشيدوا جسرا فوق بحر أو نفقا يخترق جبلا أو طريقا يتحدى صحراء؟..
هل أرادت لنا الأقدار ألا تصادف دورة التاريخ منذ الاستقلال إلى الآن إلا عينة واحدة ووحيدة من المسؤولين ممن لا يبحثون إلا عن مصالحهم وامتيازاتهم ولم تصادف غيرها؟..
ألم يحدث أن جلس على كراسي ومناصب المسؤولية غير فاقدي الضمير وقصار النظر ممن لا يخططون لأبعد من بطونهم ولا يتطلعون لأبعد من أنوفهم؟.. هل هناك ضمن هؤلاء الذين مروا، من يمكنه اليوم أن يفاخر أمام المواطنين بأنه كان صاحب سياسة ما أثبتت نجاحها وأتت أكلها دون أن يكذبه الواقع وتصدمه الأرقام والإحصائيات؟..
لماذا لازلنا نراوح مكاننا كل هذه السنين، ولماذا نتحرك طول الوقت، إن تحركنا، "محلك سر"، وكأننا بدأنا بعد الاستعمار لا نتقن شيئا وانتهينا بعد التخلص منه بنصف قرن لا نتقن شيئا غير الفشل والتراجع؟..
لماذا نضطر الآن إلى القيام بما كنا ملزمين بالقيام به قبل عقود من الزمن؟.. ولماذا نقوم به بكل هذا الارتجال والترقيع لتضطر أجيال ما بعدنا لإعادته والبدء من حيث الصفر دائما؟..
لماذا ظللنا كل هذا الوقت نحلم بالمستقبل المشرق والغد الأفضل وظللنا بعد كل حقبة نستفيق على واقع بئيس يكرر نفسه أمامنا من سيء لأسوأ؟.. ولماذا دبجنا كل تلك الخطب العصماء والشعارات الكبيرة حول التحديات والرهانات ولم نجن على أرض الواقع، في الأخير، إلا الخيبات المتوالية والنتائج الهزيلة؟
ما هو العيب الجيني الذي تقاسمه كل المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير شؤوننا في فكرهم وممارساتهم وأسلوب عملهم ولم يفرز في المحصلة إلا كيمياء وحيدة هي كيمياء الفشل والنكوص؟
ما هو الخلل الموضوعي "الخفي" الذي هيمن على آلية فرز النخب السياسية والإدارية حتى ابتلينا بكل هذه الكائنات العدمية التي قادتنا لما نحن عليه الآن؟
إلا تنتهي كل هذه الأسئلة التي طرحنا إلى نقطة واحدة هي الغياب الشنيع والمقصود لما يمكن أن نسميه بعدالة الحساب وديموقراطية العزل؟..
ألا يجدر بنا، إن كنا نريد أن نتقدم فعلا، أن نحاكم الماضي وسياسة الماضي ورجال الماضي بشجاعة صارمة وبلا رحمة ولا تساهل ولا مجاملة؟..
ألا يتعين علينا، أن نتخلى نهائيا عن سياسة الإفلات من المراقبة والعقاب التي سادت لعقود، وأن نقطع دابر ثقافة الحصانة والاطمئنان التي يركب عليها كل فاسد لتحقيق مآربه الشخصية على حساب الوطن والأجيال القادمة؟..
أليس من العار علينا، في هذا الزمن الذي يدور بسرعة الضوء، أن نظل مرهونين فقط لذكاء الفساد والهدم والفشل؟..
أهناك بيننا من لازال لم يشبع فسادا؟..
أهناك بيننا من لازال لم يشبع حد التخمة من الفشل؟
أهناك بيننا من لازالت تستهويه رياضة "محلك سر" منذ خمسين سنة؟..
أليست نقطة البدء هي أن نقلع جذريا عن عادة دفن الماضي وطي صفحاته دون محاكمته وتصفية الحساب معه؟..
أليس دفنه هكذا بكل هاته الأريحية والتسامح هو في نفس الوقت دفن للحاضر والمستقبل من حيث لا ندري؟..



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطباخ والطنجرة
- حتى لا يتسع المضيق بين المغرب وجاليته في أوربا
- 8 مارس 8 مشاهد عادية
- موت المثقف المغربي المهموم
- الأحزاب المغربية وسؤال الإصلاح
- مدونة السير: طريق السوط أصبح من اليوم سالكا
- منطق السلطة ودينامية الخطاب السياسي
- من المثقف الحزبي إلى المثقف الحزبائي
- سينما الخيال المريض
- لا حزب الله لا حزب الوطن.. لاحزب الملك
- العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى
- أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا
- رسالة.. إلى من لا يهمهم الأمر
- لَوْلاَ التَّشهُّدُ لكَانَتْ لاؤُهُمْ نَعَمُ
- صبْراً آلَ غزَّةَ.. فأُمُّ الجُبْنِ فِينَا مَا وَلَدَتْ غيْر ...
- إلا الأمن..(!)
- الأحزاب المغربية.. تراجيديا السقوط نحو قمة الحكومة
- انتخابات 2009 للجواب على رسالة الناخب الغاضب
- الهيبهوب ظاهرة صوتية.. لا غير
- أبا الخيزران.. إنهم يطرقون الجدران فعلا (!)


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - تساؤلات على هامش واقع لا يرتفع