أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسين السلطاني - نحو قراءة وسطية لظاهرة الحجاب















المزيد.....

نحو قراءة وسطية لظاهرة الحجاب


حسين السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 14:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


( 1 )
لا تنوي هذه القراءة تقديم ذلك النمط من التصور الافقي لظاهرة الحجاب بل تسعى الى ذلك النوع من الاستغوار العمودي كطريقة لفهم هذه الظاهرة وتحليلها استنادا لمعطيات سيسيولوجية صرفة اننا والحالة هذه لا نملك بدا غير اختيار السؤال الاتي وما يترتب عليه من اسئلة مستولدة تمثل بمجموعها الاطار الذي تنطلق منه هذه القراءة والسؤال هو : ما دلالة التنامي المتزايد لظاهرة شيوع الحجاب في مجتمعنا العراقي؟ فاذا كان الحجاب ظاهرة ايجابية فهل السياق الذي انبثق منه كان سياقا حضاريا ؟! وما دور التراكم التاريخي الذي اسهم بانجازه ثم ما مدى صموده كظاهرة تبدو ظاهريا ذات فعالية تاريخية امام التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي سيشهدها العراق في ظل الديمقراطية التي غدت واقعا لا سبيل لانكاره او الالتفاف عليه.





( 2 )
ان المتتبع لسير الحياة العراقية منذ مطلع الخمسينيات مرورا بالعقد الستيني وانتهاء بالعقد السبعيني يستطيع ان يلاحظ وبكل بساطة هامشية ظاهرة الحجاب لا من خلال اتساعها العددي من عدمه بل من زاوية كونها ظاهرة لم تحتل مساحة كما الان في نقاشاتنا الثقافية المدونة منها والشفاهية اذ كان الامر محسوما بذلك النوع من الغياب التام لاي حساسية تدشن خلافا عبر التعاطي مع موضوعة الحجاب فاذا كانت المؤسسة الدينية انذاك ومازالت تؤمن بضرورة الحجاب ويتبعها عدد واسع من الناس في ذلك فان هذه المؤسسة لم تفرض في يوم من الايام هذه الظاهرة الا من خلال طروحات لا تتعدى النصح والوعظ والارشاد وهذا ما جعل منها ظاهرة شخصية تتصل بارادة الفاعل كذات مفردة ولم تقو على البروز والتمركز في قلب الفاعل الاجتماعي الا مع الانهيار العام الذي مهد له نظام البعث منذ مطلع السبعينيات ونفذه طوال فترة حكمه والسؤال هنا كيف حدث ذلك ؟ ان الانحدار الحضاري والانهيار الاقتصادي وتنامي التخلف وشيوخ الامية وتوالي الحروب وزيادة معدلات الفقر والانغلاق على الذات وزيادة نسبة الارامل والمعاقين والتقوقع داخل هويات العشيرة والطائفية والمنطقة والنفور من قيم الحداثة وغيرها كانت جميعها تشكل سمة الازمنة المنغلقة التي اوصدها "صدام" على الذات العراقية وجعلها تعيش في ظلام دامس لا ترى غيره ولا تشعر الا بوجوده كمهيمن متعال يطوح بمقدرات الشعب متى اراد وكيفما اراد حتى حلت ثقافة البندقية بدلا من ثقافة القلم وثقافة الموت بدلا من ثقافة الحياة وتم وضع الشعب العراقي في دائرة الالم الطويل فشاعت مظاهر الجوع بمعناه الواقعي لا المجازي في حين ظلت السلطة تهذي عن نصير كاذب وعن ناصر استحق انجاز حملة ايمانية قادها وعاظ السلاطين حتى غدت تلك الحياة الجميلة التي عاشها الناس قبل ثلاثين عاما ضربا من الحلم المتواري فيالها من طرفة مؤلمة عندما يمزح الرئيس والناس تموت بجدية!.
في حاضنة كهذه يصير فيها اللون الاسود هو الطاغي فلم يعد من مجال امام احد ليمارس احتفالا بالحياة وقد ذوت وشحب لونها وغدت صورة اخرى من صور الموت في مشهد كهذا ومن حاضنة كهذه قدم الحجاب مثل كلمة حق ساقتها صدف باطلة فبدأ ارتداؤه نوعا من استدال الستار على الجمال ولم يكن انبثاقا حضاريا فرضته تحولات حضارية بعينها فالحجاب هنا اصبح نوعا من التكتيم والاخفاء لقيم لم يعد مناسبا ولا منطقيا الاحتفاء بها انه احتجاج صارخ وتماه مع درجة واقعية من اليأس والاحباط فالمراة هنا تمارس ترميل ذاتها واختصار عالمها والحجاب هنا يتعادل سيميائيا مع مدلول التكفين انه تماه مع فكرة الخلاص والبحث عن منقذ انه خيار دفعت به عوامل انثربولوجية ليعلو كقيمة تعويضية جراء الافراط من تعاطي البؤس والحرمان هذا احد مستويات القراءة لهذه الظاهرة.

( 3 )
وفي مستوى اخر يمكن الركون من خلاله الى موضوعة الحجاب بوصفها ظاهرة تعكس ذلك التوائم بين الذات المرتدية للحجاب وبين مضمونه الاجتماعي والديني ففي هذه النقطة تحديدا لا يملك السؤال الثقافي الا الوقوف مناصرا لظاهرة الحجاب لا لشيء الا لكونه يمثل خيارا شخصيا بعيدا عن الفرض و الاكراه وبوسع الخطابات وبشتى انواعها الدينية منها والاجتماعية والثقافية ادامة هذا الزخم من خلال اساس نظري مفاده توسيع المصالحة بين ثقافة الحجاب كمعطى دينيا واجتماعي وبين الذات التي اختارته طوعا لا اكراها ليصير لونا من الوان المكاشفة المعرفية وبعدا يؤكد حضور الحرية من خلال الحجاب لا حضور الحجاب على حساب الغياب التام للحرية، الحرية التي اعطاها الاسلام بعدا ستراتيجيا وجعل منها سياقا لا يشكل فيه الحجاب سوى نقطة فيه، فهل من الصائب اضاعة السياق من اجل ادامة النقطة؟! فاذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان موضوعة الحجاب ظلت من المواضيع الخلافية فقهيا تراوحت بين الجواز والوجوب وشكل الحجاب، لكن تحديدا قاطعا ومتفقا عليه لم يحصل لحد الان، ذلك ان الحجاب لا يمثل ركنا اساسيا كالصوم والصلاة والحج والزكاة بل هو مظهر تم اشتقاقه من مجموعة التصورات التي تريد ان تعطي للمرأة طابعا شكليا يتواءم مع التصور الاسلامي وهذا التصور يظل قابلا للتأويل والاجتهاد واعادة النظر.
بيد ان الملاحظ وعلى الجانب الاخر يظهر الحجاب سيما في الاوساط الاسلاموية الراديكالية المتطرفة ذا طابع مقدس، اذ ما انفكت هذه الخطابات تلهبه وجوبا وتقديسا حتى صار علامة المسلمة الفارقة بل وعلامة المجتمع لذلك فهم يريدون فرضه حتى على غير المسلمين الذين يعيشون كأقليات في المجتمعات الاسلامية، ولا يأتي هذا الفرض بالتثقيف والاقناع بل غالبا ما يجري فرضه بالقوة.

( 4 )
اذا كان النظام الدكتاتوري قد ذهب والى الابد بعد ان كان يمثل احد ارتسامات الظاهرة فان الساحة العراقية لا تخلو من هذا الطرف او ذاك الذي يحاول بسط ايدلوجيته على المجتمع وهو خارج السلطة، فالسلطة التي انتخبها الشعب قالت بأنها تريد خلق عراق ديمقراطي تعددي واقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية وصولا لاقامة دولة عصرية حديثة تتسم بالانفتاح والتعايش السلمي القائم على اساس الحرية والمساواة وضمان حقوق الاقليات لا بوصفهم اقليات محمية بل بوصفهم شركاء اساسيين في هذا الوطن، هذه الدولة الان اصبحت واقعا وعليها تقع مسؤولية معالجة كل الاضرار التي سببتها حقب الدكتاتورية سيئة الصيت، وبتر كل الثقافات الفاسدة التي عمل على تأسيسها من هنا يغدو لزاما على الدولة الجديدة الاصغاء بجدية لكل ما يرد في متن الثقافي العراقي فقد ذهب الزمن الذي كان الثقافي فيه معبرا عن الايدلوجي، فعلى الايدلوجي هذه المرة الاصغاء للثقافي الذي من ضمن ما يريد التعبير عنه ترك الناس احرارا في اختيار ما يرونه مناسبا في ممارسة حياتهم اليومية وبالذات حرية ارتداء الحجاب من عدمه،انه رهاننا الجديد الذي يجب حمايته لا تأجيجه كأحد ادوات الصراع.



#حسين_السلطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاف ياوثري ج3
- كاف ياوثري.. نص البديعة .. ج2
- كاف.. يا وثري ... نص البديعة
- أمشي مع النفري
- كلمات ساتركها على الارض
- جدل
- حمل في مرايا الذئاب
- وصية ماركيز الأخيرة
- كلمات سأتركها على الارض
- إبعدوا الصخرة عن سيزيف
- ياقوت الحيلة
- أمرأة الدهليز


المزيد.....




- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسين السلطاني - نحو قراءة وسطية لظاهرة الحجاب